الحمل بعد التكميم ونصائح للحمل بعد تكميم المعدة
ينصح الأطباء مرضاهم الذين يعانون من الوزن الزائد بتجربة وسائل طبيعية لخسارة الوزن كالحمية الغذائية وممارسة الرياضة، ولكن في بعض الأحيان قد لا تنجح جميع هذه الوسائل في تحقيق خسارة الوزن المطلوبة، عندها يبدأ التفكير بالطرق الجراحية لخسارة الوزن، منها تكميم المعدة والتي تعتبر من الجراحات الحديثة نسبياً والتي تهدف لإنقاص الوزن عن طريق إزالة جزء من المعدة أو تقليص حجمها لإجبار المريض على تناول وجبات أقل حجماً من تلك التي كان يتناولها قبل العملية، لذلك أثبتت هذه العمليات من خلال ضبطها الجيد للوزن مساهمتها الفعالة في تحسين سير الأمراض المزمنة مثل: السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات شحوم الدم والكوليسترول ونقص الخصوبة أيضاً.
بسبب دور عملية تكميم المعدة في إنقاص الوزن بشكل كبير فإنها تؤثر على قدرة المرأة على الحمل والإنجاب، إذ يعزى التحسن في الخصوبة بعد العملية إلى تراجع كمية الشحوم والخلايا الشحمية في الجسم والتي تؤدي عند زيادتها كما هو الحال في السمنة إلى اضطراب التوازن الهرموني الطبيعي في جسم الإنسان بما فيها تلك الهرمونات المسؤولة عن الحمل.
تساعد عملية التكميم أيضاً في التقليل من المخاطر المتعلقة بالبدانة عند كل من الحامل والجنين، ومن فوائد عملية تكميم المعدة للحمل: [1]
- السكري الحملي: وهي حالة يرتفع فيها سكر الدم خلال الحمل فقط، حيث يبدأ الارتفاع عادة بعد الأسبوع 20 من الحمل ولا يستمر في معظم الأحيان أكثر من 6 أسابيع بعد الولادة، يرتبط حدوثه بمخاطر عديدة أكثر ما تكون على الجنين وأهمها زيادة الوزن عند الولادة بشكل شديد، مما يزيد من صعوبة المخاض ويطيل مدته ويعرض الجنين لنقص الأوكسجين خلال الولادة، كما يزداد خطر حدوث السكري عند الطفل في المستقبل.
- اضطرابات ضغط الدم: والذي قد يبدأ خلال الحمل فيسمى ارتفاع ضغط الدم الحملي، أو يكون موجوداً من قبل الحمل ويسمى ارتفاع توتر شرياني مزمن (مرض الضغط)، يمكن أن يؤدي ارتفاع الضغط إلى مضاعفات خطيرة جداً على الأم والجنين قد تنتهي بالوفاة لأي منهما.
- كبر حجم الجنين نسبة لسن الحمل: أو العملقة الجنينية بحيث يعتبر وزن الطفل الذي يزيد عند الولادة عن 4000 غرام غير طبيعي غالباً، وتنجم هذه الزيادة في كثير من الأحيان عن أمراض تعاني منها الأم مثل السكري والبدانة، وعليه فإن الضبط الجيد للبدانة والسكري من خلال إنقاص الوزن بعملية تكميم المعدة قد ساهم بشكل كبير في تراجع حدوث هذه المشكلة.
- تقلل عملية التكميم من الحاجة للولادات القيصرية: وتنقص من حدوث نزوف بعد الولادة، فكثيراً ما يجبر طبيب التوليد على إجراء العملية القيصرية بسبب كبر حجم الجنين وصعوبة توليده طبيعياً، كما يسبب ارتفاع الضغط والسكري الحملي صعوبة في إيقاف النزف بعد الولادة الطبيعية، مما يهدد حياة الأم والطفل.
على الرغم من الآثار الإيجابية الكبيرة لضبط الوزن الجيد من خلال عملية تكميم المعدة على كل من الحامل والجنين، إلا أن تكميم المعدة وفي ذات الوقت يعتبر عملية جراحية كبيرة لها اختلاطاتها وعواقبها أو مخاطرها، لهذا فقد يزداد حدوث بعض المشاكل خلال الحمل التي تؤثر سلباً على الأم وطفلها، مثل: [2]
- صغر حجم الجنين بالنسبة لعمر الحمل: مثلاً قد يكون عمر الحمل 34 أسبوعاً لكن حجم الطفل يوحي أن عمره 24 أسبوع، ويحدث هذا الأمر عند حصول أي مشكلة أثناء الحمل تؤدي لنقص وصول الغذاء والأكسجين من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، وأكثر ما تشاهد هذه الحالة عند النساء اللواتي لا يولين العناية لتغذيتهم خلال الحمل أو اللواتي يتناولن غذاءً فقيراً بالبروتين والسكريات، وتدعى هذه الحالة بنقص النمو داخل الرحم.
- الولادة الباكرة: مما يزيد من احتمال ولادة طفل خديج (الخديج هو كل طفل يولد قبل الأسبوع 37 من الحمل) والذي يكون غير مكتمل النمو في أغلب الأحيان، ويتطلب عناية خاصة مع معدل وفيات عالٍ خلال فترة ما بعد الولادة.
- يُعتقد أن هذه الآثار السلبية على الحامل والجنين ما هي إلا نتيجة لسوء التغذية التي تحدثه عمليات جراحة البدانة، لذلك يلجأ الأطباء إلى إجراء العديد من الفحوصات المخبرية للنساء اللواتي خضعن لعمليات تكميم المعدة قبل السماح للمريضة بالحمل، وذلك من أجل التأكد من العناصر الغذائية الناقصة مثل الفيتامينات والمعادن وتعويضها قبل حدوث الحمل.
عادة ما يبدأ الجسم بالتأقلم مع شكل وحجم المعدة الجديد بعد عملية تكميم المعدة بفترة قصيرة، ويبدأ الوزن بالانخفاض بشدة خلال هذه الفترة، حيث يقدر أن الجسم سيفقد أكثر من نسبة 70% من الوزن الزائد بعد عملية تكميم المعدة، وتكون ذروة خسارة الوزن خلال السنة الأولى التالية لعملية التكميم، وذلك بسبب الفرق الكبير بين عدد حجم الوجبات التي كانت تتناولها السيدة قبل العملية وبعدها.
يجمع الأطباء والباحثون على أن الحمل غير منصوح به إطلاقاً، بل ويجب تجنب الحمل بعد عملية التكميم مباشرة، وذلك لأن الجسم يكون في مرحلة فقدان سريع للوزن، حيث تزداد عمليات هدم الشحوم والخلايا الشحمية، الأمر الذي ينتج عنه اضطرابات في كميات الفيتامينات والمعادن في الجسم وعدم توازن وظائف الجسم المختلفة.
وينصح بترك الجسم يستعيد عافيته بعد العملية ويصل إلى مرحلة استقرار الوزن قبل التفكير بالحمل، فمخاطر الحمل وصعوباته تزداد عند حدوثه في فترة يكون فيها وزن الجسم غير مستقر أو ينخفض بسرعة ومن أهم المضاعفات هي سوء التغذية لدى الحامل وجنينها، وتترافق مع احتمالية أكبر لنقص وزن الولادة عند الجنين والتشوهات الجنينية [2].
إن المعيار الأهم في تحديد متى يسمح للسيدة التي خضعت لعملية تكميم المعدة بالحمل هو الوصول لمرحلة استقرار الوزن التام بعد العملية، وعادة ما يتم الوصول لهذه المرحلة بعد حوالي 18 شهر من العملية، ويجمع أغلب الأطباء أن هذه هي الفترة الآمنة للحمل، على الرغم من أنه قد يستغرق الوصول لمرحلة ثبات الوزن فترة أطول من ذلك، كما يفضل أن تبقى الحامل على تواصل مع طبيبها بانتظام طوال فترة الحمل. [2]
لحسن الحظ، عملية تكميم المعدة لا تسبب مشاكلاً في هضم أو امتصاص الطعام، ومع ذلك على النساء اللواتي خضعن لعملية تكميم المعدة ويفكرون في الحمل والإنجاب استشارة طبيبهم المختص للمساعدة في التخطيط لتوقيت الحمل المناسب لحالة جسمهن وصحته.
بعد خضوع السيدة لعملية تكميم المعدة، أو عند رغبتها بالحمل هناك عدة نصائح يمكن أن تقدم لها، وهي نصائح عامة تفيد جميع السيدات اللواتي يخططن للحمل، نذكر منها: [3]
- تناول وجبات صغيرة متعددة في اليوم الواحد: بعد عملية التكميم يصغر حجم المعدة فتقل قدرتها على استيعاب الطعام ومنه يصغر حجم وجبة الطعام التي يمكن للسيدة تناولها، ولكن خلال الحمل تزداد الحاجة للغذاء بأنواعه لذلك كان لا بد من تناول العديد من الوجبات صغيرة الحجم لتأمين الحاجة اليومية من الغذاء للأم والجنين حتى لا تتطور الحالة لسوء تغذية عندهما.
- تناول المكملات الغذائية الموصوفة من قبل الطبيب: إن تكميم المعدة بحد ذاته قد يسبب عوزاً في العناصر الغذائية الضرورية (المعادن والفيتامينات)، ولأن هذه العناصر ضرورية جداً لنمو الجنين وسلامة تكونه، يقوم الطبيب بوصف بعض المكملات الغذائية المحتوية عليها في حال ظهر لدى الحامل نقص فيها، إلى جانب النظام الغذائي المناسب، والذي يجب أن يحتوي على:
- يجب أن يحتوي غذاء الحامل حوالي 60 غرام من البروتين باليوم، وفي حال نقص الوارد يجب تعويضه بالمكملات الغذائية حسب ما يراه الطبيب مناسباً.
- تناول الحاجة اليومية من الكالسيوم وهي 1200 ميلي غرام باليوم، كما أن وجود الكالسيوم الوارد من الغذاء يجب أن يترافق بكمية كافية من فيتامين د الذي يمكن الحصول عليه من التعرض لأشعة الشمس بشكل منتظم.
- يعتبر فيتامين ب 9 وفيتامين ب 12 ضروريان لتطور الطفل وبخاصة الجملة العصبية لديه، لذلك يجب الحرص على توافرهما في الأغذية بكمية مناسبة وتناول المكملات الحاوية عليهما عند الحاجة ومن أشهر الأغذية الحاوية عليهما هي اللحوم الحمراء والخضراوات الورقية.
- تعويض الحديد في حال نقص مخازنه في الجسم لأنه عنصر ضروري لتكوين الدم ونقصه ينعكس سلباً على الأم والجنين وذلك عن طريق تناول الأغذية الغنية به كالكبدة والورقيات الخضراء كالسبانخ.
- تناول كميات كافية من الماء يومياً: وزيادة استهلاك الخضراوات والفواكه لاحتوائها على مضادات الأكسدة الضرورية لوظائف الجسم ومن أهمها الاستقلاب.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو): لمعرفة حالة الجنين ونموه داخل الرحم: أكثر ما يكون ذلك ضرورياً عندما تكون زيادة الوزن أثناء الحمل ضعيفة وأقل من المتوقع، أو عند حدوث الحمل خلال أقل من سنتين من عملية التكميم، عندها يجب إجراءه بشكل دوري طيلة فترة الحمل.
ختاماً.. تعتبر البدانة مشكلة صحية خطيرة يعاني منها عدد كبير من الناس حول العالم لذلك فإن جراحة البدانة بشكل عام، وجراحة تكميم المعدة بشكل خاص أحدثت ثورة هائلة في وسائل تخفيض الوزن، كما أن استخداماتها تعدت الجانب التجميلي لتشكل علاجاً جذرياً لارتفاع ضغط الدم (والذي قد لا يستجيب على العلاج بطرق أخرى) ولأغلب حالات السكري المرتبطة بالبدانة، وساعدت أيضاً في التخفيف من أمراض المفاصل، ولا يمكن نسيان العامل النفسي حيث أن تحسن ثقة الشخص بنفسه بعد تخلصه من الوزن الزائد بعد الجراحة أمر لا يمكن تجاهله وهذه الوسيلة قد تشكل علاجاً لبعض حالات الاكتئاب.