انخفاض ضغط الدم عند الحامل وطرق رفع الضغط المنخفض
يتعرض جسد الحامل لكثير من المتاعب والمشاكل المرهقة خلال فترة الحمل، حيث أن جسدها يحاول التأقلم مع وجود الجنين ويسعى لتأمين متطلبات غذائه ونموه، ومن تلك المتاعب تعرض الحامل لانخفاض في قيمة ضغط الدم، وهو يعد بشكل عام عرض طبيعي مرافق للحمل وخصوصاً في الثلث الأول والثاني منه ولا يحتاج للعلاج الطبي في أغلب الحالات، ولكنه قد يكون أحياناً غير طبيعي ويحمل معه بعض المخاطر، فما هي أسباب ذلك الانخفاض، وكيف يعالج، وما مخاطره المحتملة؟
أغلب مسببات انخفاض الضغط خلال فترة الحمل عبارة عن سلوكيات خاطئة لا تناسب جسد الحامل الذي يضعف نسبياً في هذه الفترة، وفي بعض الحالات تكون مشاكل صحية هي المسؤولة عن ذلك: [1-2]
- سوء التغذية: تحتاج المرأة الحامل لعناية خاصة بنوعية الغذاء الذي تتناوله وكميته، حيث أن جسدها بحاجة هنا لكثير من العناصر الغذائية الهامة ليس فقط لصحتها وإنما أيضاً لصحة جنينها، وحدوث نقص أو سوء في نوعية هذا النظام الغذائي سيولد عندها عدة مشاكل منها المعاناة من انخفاض في ضغط الدم الذي يتبعه متاعب جسدية أخرى كالدوخة والإنهاك الجسدي وغيرها.
- توسع الأوعية الدموية: وجود الجنين داخل جسد الأم الحامل يتطلب حدوث عدد من التغيرات الفيزيولوجية في جسمها، من أبرزها توسع الأوعية الدموية وخصوصاً تلك المتجهة نحو الرحم، حيث تتمدد بهدف السماح لوصول كمية أكبر من الدم للرحم وبالتالي القدرة على تغذية الجنين، ومن المعروف أن توسع الأوعية الدموية هي إحدى الآليات التي ينخفض على إثرها ضغط الدم في الجسم، ويحدث ذلك خصوصاً في أول 24 أسبوع من الحمل.
- الجفاف وقلة شرب المياه: من أهم الأمور أيضاً التي يتطلبها جسد المرأة خلال فترة حملها هو شرب الماء بكميات كافية، وهو أمر ضروري لأن جسدها يحتاج بشدة للسوائل للوقاية من الإصابة بالتجفاف، وليقوم بوظائفه في تغذية الجنين تغذية صحيحة والمحافظة على مستويات متوازنة من ضغط الدم، حيث أن التجفاف وقلة نسبة الماء في الجسم من أكثر الأسباب المؤدية لانخفاض ضغط الدم.
- الوقوف لفترات طويلة: الوقوف لفترات طويلة يسبب اضطراب في الدورة الدموية في الجسم وخصوصاً عند النساء الحوامل، وهو أمر يقود للإصابة بعدة مشاكل جسدية منها انخفاض ضغط الدم والإصابة بدوالي الساقين أيضاً.
- حجم البطن: الذي يصبح بارزاً ومزعجاً في الأشهر الأخيرة من الحمل، وبالتالي يمكن أن يسبب حدوث ضغط على الأوعية الدموية المحيطة به وتضعف بذلك قدرة القلب على ضخ الدم بشكل صحيح مما قد يؤدي لانخفاض ضغط الدم.
- الضغوط النفسية: تعرض الأم خلال حملها لضغوط نفسية وانفعالات معينة تسبب لها نوبات من الحزن والاكتئاب، مما قد يؤثر على ضغط الدم لديها مسبباً انخفاضه وتعرضها للتعب إثر ذلك.
- الاستلقاء لمدة طويلة: وخصوصاً في حالة النوم على الظهر خلال الحمل، مما يعيق تدفق الدم بشكل صحيح في جسم الحامل ويعرضها لانخفاض ضغط الدم.
- بعض المشاكل الصحية والأمراض: قد تؤدي بعض المشكلات الصحية الموجودة مسبقاً لدى المرأة الحامل لحدوث انخفاض في ضغط الدم لديها حيث لا يكون عرضي ويحتاج لمراقبة ومتابعة مستمرة مع الطبيب، منها أمراض القلب و اضطرابات الغدد الصماء و التعرض للالتهابات المختلفة، ومن أكثر الأمراض انتشاراً هو مرض فقر الدم الذي يسبب انخفاض ضغط الدم عند كثير من الحوامل ويتطلب عناية خاصة، وأيضاً من أخطر أسباب انخفاض الضغط المفاجئ والشديد عند الحامل هو التعرض لنزيف داخلي وهذا يحتاج لإسعاف فوري.
أعراض انخفاض الضغط عند الحامل تتجلى بالأعراض العامة لانخفاض ضغط الدم، وتختلف شدتها بحسب المسبب الذي أدى لذلك الانخفاض والقيمة التي انخفض بها ضغط الدم، ومن أبرز تلك الأعراض[2-3]:
- الدوخة: الدوخة من أعراض انخفاض الضغط بشكل عام، لذا عند هبوط قيمة الضغط عند الحامل قد تعاني من دوخة خفيفة أو قوية بحسب قيمة الانخفاض.
- فقدان التوازن أثناء الوقوف والجلوس: وخصوصاً أثناء القيام من وضعية الجلوس بشكل سريع، هذا يؤدي إلى الشعور بفقدان التوزان وربما التعرض لحالة إغماء تستمر عدة دقائق.
- غثيان: الغثيان من الأعراض المعروفة عن الحمل، له عدة أسباب تؤدي لحدوثة أثناء الحمل منها انخفاض ضغط الدم في بعض الأحيان.
- تعب جسدي: انخفاض ضغط الدم يعني ضعف الدورة الدموية في الجسم وبالتالي قلة النشاط الجسدي والشعور بالتعب والإرهاق إثر ذلك.
- اضطراب الرؤية: كالشعور بضبابية أو ازدواجية في الرؤية، وهي أيضاً من الأعراض العامة لانخفاض الضغط.
- التنفس بسرعة: وذلك بسبب قلة كمية الأكسجين في الجسم نتيجة انخفاض الضغط، فيزداد معدل التنفس عند الحامل لمحاولة الحصول على كمية أكير من الأكسجين.
- عطش شديد: فقد يلاحظ الشعور بالعطش بشكل زائد ومستمر حتى بعد شرب الماء، وهذه علامة على حدوث انخفاض في قيمة الضغط عند الحامل.
أغلب حالات انخفاض ضغط الدم التي تحدث خلال الحمل لا تتطلب العلاج الدوائي ويتم التخلص منها باتباع نظام صحي علاجي ووقائي في آن واحد خلال فترة الحمل بحيث يجنب الحامل المشاكل والمتاعب الجسدية المختلفة، ومن أساليب العلاج[2-3]:
- النوم بوضعيات صحيحة: وتتجلى بتجنب الاستلقاء على الظهر لمدة طويلة وخصوصاً في أشهر الحمل الأخيرة، ويفضل النوم بالنسبة للحامل على أحد الجانبين وخصوصاً الأيسر منهما، مع ثني الركبتين للأعلى بشكل خفيف، ووضع وسادة بين الرجلين.
- علاج فقر الدم: تصاب الكثير من النساء بحالة من فقر الدم في فترة الحمل، ويمكن أن يكون حالة موجودة أساساً قبل الحمل، ومن المهم جداً متابعة علاج فقر الدم أثناء الحمل بمختلف مسبباته مع الطبيب المختص سواء من خلال الحميات الغذائية أو من خلال بعض أنواع الأدوية المناسبة للحامل، حيث أن علاج فقر الدم يقي من حدوث انخفاض مفاجئ في ضغط الدم.
- الراحة وعدم الوقوف لساعات طويلة: بما أن المرأة مسؤولة عن عدد من المهام المنزلية والتي تضطر لإنجازها حتى خلال فترة حملها، قد تقع في خطأ العمل لعدة ساعات متواصلة في المنزل، وهذا أمر غير صحي يسبب لها إنهاك جسدي وتعب والتعرض لكثير من المشاكل منها انخفاض ضغط الدم بعض الأحيان نتيجة التعب الذي يسبب ضعف الدورة الدموية لديها، لذا يجب عليها أخذ فترات من الراحة في حال كانت تقوم بتلك الأعمال المنزلية وعدم الوقوف او الاستمرار في العمل لفترات طويلة.
- الإكثار من شرب السوائل: يوصى بشرب لترين من الماء وسطياً بشكل يومي من قبل الحامل، فهذا يدعم صحة جسدها ويحسن من الدورة الدموية لديها، ويمكن الحصول على تلك الكمية المطلوبة من الماء من خلال المشروبات المختلفة الباردة منها والساخنة والتي لا تضر بصحة الحامل.
- تحسين النظام الغذائي للحامل: وذلك بالإكثار من الأطعمة الصحية والتنويع فيها وأيضاً الاعتناء بتناول كميات كافية منها، وهذا يساعد الحامل في تجاوز العديد من المتاعب بما فيها الوقاية من حدوث انخفاض الضغط.
- الابتعاد عن التوتر والإجهاد النفسي: من خلال ممارسة النشاطات المختلفة، كالخروج للمشي أو ممارسة بعض أنواع الرياضة أو قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء، كل تلك الممارسات تساعد في تخفيف أعراض الإجهاد النفسي كالحزن والاكتئاب وبالتالي الوقاية من التعرض لهبوط مفاجئ في ضغط الدم.
- المتابعة مع الطبيب: يتابع الطبيب حالة المرأة الحامل بشكل دوري، حيث يستمر جسدها في التعرض للتغيرات طيلة فترة الحمل، ومن القيم التي يستمر في فحصها وتسجيلها هي ضغط الدم، حيث تعد من الأمور الروتينية الهامة التي يجب الحرص عليها لملاحظة أي مشكلة قد تحصل في الضغط تؤدي لانخفاضه والاستعلام عن سبب ذلك والسعي للعلاج إذا تطلب الأمر بأسرع ما يمكن بهدف عدم تعرض الأم وجنينها لأي مخاطر محتملة.
- العلاج الدوائي: وهو علاج يوصف بالحالات الشديدة أو الخطرة من انخفاض ضغط الدم عند الحامل، يوصف ويحدد من قبل الطبيب حصراً ويختلف بجرعته ونوعه بحسب القيمة التي انخفض فيها الضغط والسبب الذي أدى له.
انخفاض الضغط الشديد والمتكرر عند الحامل الذي لا يلقى رعاية طبية يمكن بالفعل أن يؤثر على صحة الجنين وسلامته، فيمكن أن يسبب: [4]
- سوء تغذية الجنين: قلة كمية الدم التي يتلقاها الجنين وبالتالي عدم حصوله على حاجته من الغذاء لينمو بشكل كامل وسليم، مما يتسبب بولادة جنين مصاب بعدد من المشاكل الجسدية.
- خطر السقوط المفاجئ: بما أن انخفاض الضغط يتسبب بحالات إغماء عند بعض النساء الحوامل فهنا يوجد قلق من خطر السقوط وتلقي صدمة قوية تسبب حدوث نزيفاً داخلياً في جسد الحامل مما يسبب مخاطر كبيرة على الجنين.
- تلف أعضاء الجنين: قد يؤدي انخفاض الدم عند الحامل إلى إصابة الجنين بتلف في الدماغ أو القلب.
- موت الجنين: في حالات قليلة يمكن أن يتسبب انخفاض الضغط عند الحامل الشديد بولادة جنين ميت.
انخفاض الضغط من الأمور الطبيعية التي ترافق الحمل نتيجة مجمل التغيرات الجسدية الحاصلة لدى الحامل، لكنه يمكن أن يصبح عامل خطر إذا كان غير طبيعياً، وطريقة التفريق بينهما تعتمد على فهم وتنفيذ عدد من الخطوات: [3]
- معرفة النسب الطبيعية لضغط الدم: القيم الطبيعية لضغط الدم عند الحامل قريبة لقيم الضغط العامة والتي تتراوح ما بين 80/120 كحد أعلى و60/90 كحد أدنى، وعندما تعطي القيمة المقاسة للضغط نسبة تقع ما بين القيمتين المذكورتين يعد ذلك انخفاض ضغط لكن في الحدود الطبيعية، أما الهبوط الملاحظ تحت القيمة 60/90 فهو انخفاض غير طبيعي يحمل مخاطر عديدة ويتطلب استشارة طبية فورية.
- قياس الضغط بشكل مستمر ومتكرر خلال اليوم: وهذا يعد من الروتين اللازم تكراره أثناء الحمل، فيتم أخذ قياس لضغط الدم عند الحامل أربع أو خمس مرات على فترات متفرقة من اليوم، كل 3 أو 4 ساعات مثلاً، ويتم تسجيل كل قيمة مع وقت القياس، وإذا لوحظ انخفاض مستمر في جميع قيم الضغط المقاس خلال اليوم حتى لو كانت ضمن الحدود الطبيعية فربما يكون هذا دليل على مشكلة ما لدى الحامل، وهنا يفضل مراجعة الطبيب وعرض القيم المقاسة والمسجلة لضغط الدم عليه، أما إذا كانت القيم تتضمن قيمة واحدة فقط منخفضة أو قيمتين بالأكثر وقيم أخرى طبيعية فهذا دليل على أن الانخفاض في الضغط كان عرضياً وطبيعياً ولا يدعو للقلق.
- فترة الحمل: ففي أول 24 أسبوع من الحمل، يلاحظ أن جسم الحامل أكثر عرضة لانخفاض الضغط الطبيعي وخصوصاً في الأشهر الأولى من الحمل، فالأوعية الدموية تتمدد بشكل مستمر لتغذية الجنين الذي ينمو داخل الرحم، لذا فملاحظة الانخفاض في هذه الفترة ضمن الحدود الطبيعية أيضاً لا يكون من عوامل الخطر، ولكن من الضروري أيضاً استشارة الطبيب في حال ملاحظة التعرض أكثر من مرة لانخفاض قيم الضغط لدى الحامل حتى ولو كان ذلك في الفترة الأولى من الحمل.