حكم الجماع أثناء الحيض وأضراره على الزوج والزوجة
الدورة الشهرية هي الطريقة التي يتبعها جسم المرأة استعداداً للحمل المحتمل كل شهر، وتبدأ عبر إطلاق أحد المبيضين بويضة (عملية الإباضة) وما يرافق ذلك من تغيرات هرمونية استعداداً للحمل المنتظر، وأخيراً في حال عدم حدوث الحمل فإنّ بطانة الرحم السميكة تتساقط مصحوبةً بنزيف قد يستمر وسطياً من 3 إلى 8 أيام وهذا ما يدعى بفترة الحيض.
يحرّم الإسلام الجماع خلال فترة الحيض لما فيه من أذى وضرر للمرأة والرجل، حيث قال تعالى في سورة البقرة الآية رقم 222 "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين" صدق الله العظيم.
وهذه الآية هي الدليل الشرعي على عدم جواز جماع الزوجة في فترة الحيض أو الدورة الشهرية، فيما ذهب بعض أهل العلم لإجازة المداعبة والعلاقة الحميمة غير الكاملة مع الزوجة الحائض، مع تجنب التلامس في منطقة الحيض وتجنّب الإيلاج.
أوضحت السنة النبوية الشريفة أن اعتزل الزوجة الحائض في فترة الدورة إنما يكون لموضع الأذى دون غيره، ومن أحكام التعامل مع الزوجة في فترة الحيض:
- تناول الطعام مع المرأة الحائض: عن أنس بن مالك أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يأكلون معها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل الأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" اصنعوا كل شيء إلا النكاح". وفي رواية أخرى إلا الجماع.
عن عبد الله بن سعد قال: " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مواكلة الحائض فقال: واكلها". - مداعبة الزوجين في فترة الحيض دون الإيلاج: فهو مباح باتفاق العلماء لما صح من فعله عليه الصلاة والسلام، لما ورد عن حكيم بن حزام عن عمه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزر" رواه أبو داود.
ولما رواه زيد بن أسلم أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها". - متى تصبح العلاقة الزوجية محللة بعد الحيض؟ قال تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ" أي فجامعوهن في المكان الطاهر من الحيض الذي أذن الله به وهو القبل (الفرج)، إذاً تحل الزوجة لزوجها عندما تتطهر بعد انتهاء فترة المحيض وتغتسل.
لا ينصح بممارسة الجنس مع المرأة خلال فترة حيضها نظراً لوجود مضار عديدة قد تنتج عن ذلك، ومن هذه المضار:
- التسبب ببعض الأمراض: في حال كانت المرأة مصابة بأي مرض أو التهاب جنسي قد ينتقل للزوج من خلال دم الحيض، ومن الأمراض الجنسية التي قد تنتقل بالممارسة الجنسية (السيلان، الكلاميديا، الزهري، داء المشعرات، فيروس نقص المناعة البشرية، والتهاب الكبد الوبائي).
- تسرب دم الحيض إلى أعضاء الرجل: الجماع أثناء الحيض يؤدي لتسرب دم الطمث والمفرزات المهبلية لداخل الإحليل وقد ينتج عنها حدوث التهابات عديدة مثل التهاب الغدد المنوية والبروستات والبربخ والخصية، تسفر عن الم شديد خاصة أثناء المشي والتبول والجلوس.
- الفوضى والاتساخ: أكبر عيب لممارسة الجنس أثناء فترة الحيض هو الفوضى حيث يمكن أن يتساقط الدم عليك وعلى شريكك وعلى الفراش.
- الإحراج أمام الزوج: إنّ نزول الدم ورائحته الكريهة قد يجعل المرأة تشعر بالإحراج ويشغلها عن المتعة أثناء ممارسة الجنس.
- الاشمئزاز عند الشريك: هناك احتمالية كبيرة بإصابة الزوج بالبرود الجنسي بسبب الاشمئزاز الذي سيشعر به لوجود الدم بداخل وخارج المهبل ورائحته غير المستحبة على الإطلاق.
كما الحال بالنسبة للرجل فقد تؤدي أيضاً ممارسة الجنس خلال فترة الحيض للعديد من المخاطر والمضار بالنسبة للمرأة وربما تعتبر المضار أكثر بالنسبة للمرأة، ومن هذه المضار:
- العدوى والأمراض الجنسية: حيث أن المرأة في هذا الوقت تكون ضعيفة جسدياً، كما أن حدوث الدورة الشهرية يؤدي إلى مجموعة من التغيرات من أهمها أن عنق الرحم يكون مفتوحاً، لذا يمكن لأي سائل المرور للداخل، مما يسهل إصابتها بالأمراض المنقولة جنسياً.
- زيادة احتمال الإصابة بالسرطان: يوجد بعض الدراسات الحديثة غير مؤكدة النتائج تبين وجود علاقة بين حدوث سرطان عنق الرحم وحدوث الجماع أثناء المحيض بكثرة.
- يؤثر على مناعة المرأة: السائل المنوي للرجل يحتوي على مادة البروستاغلاندين، وهذه المادة قد تدخل إلى الدورة الدموية للأنثى لعدم وجود أي مقاومة للجراثيم بالمهبل حيث تنتقل عبر عنق الرحم المنفتح خلال هذه الفترة منتقلة إلى باطن الرحم من خلال غشائه المتسلخ، وينتج عن دخول هذه المادة إلى مجرى الدورة الدموية للأنثى إلى إحداث نقص شديد في مناعتها وقد تتعرض بذلك للهلاك عند إصابتها بأي مرض، لكن من المطمئن أن بطانة الرحم تقوم بإفراز مادة مضادة للبروستاغلاندين، تعدلها وتمنع تسربها إلى جسم المرأة إذا حصل الجماع وقت الطهر.
- مخاطر انتقال بعض الجراثيم والبكتيريا: العديد من الجراثيم والبكتريا تعيش على العضو الذكري بشكل طبيعي، ويمكن أن تنتقل هذه الجراثيم لجسد المرأة أثناء عملية الجماع، وخلال فترة الحيض لا تجد هذه الجراثيم أي مقاومة من المهبل، فيزيد خطر دخولها إلى الرحم عبر غشائه المتسلخ النازف إلى مجرى الدم، وهذه المسألة قد تسبب التهابات خطيرة في الرحم ومنطقة الحوض والمبيض، وفي بعض الحالات قد تسبب العقم.
- زيادة نزف الدورة: وذلك لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزق وسريعة العطب.
- خطورة خدش جدار المهبل: كما يكون جدار المهبل شديد الحساسية والرقة بشكل يجعله رقيقاً جداً، وسهل الخدش أثناء عملية الجماع وقد يكون عرضة للالتهابات.
من المرجح أن يحدث الحمل أثناء الإباضة والتي تحدث قبل 14 يوم من بدء فترة الحيض، وفي حال كانت مدة الدورة الشهرية قصيرة فإن امكانية حدوث الحمل أثناء فترة الحيض تكون مرتفعة، لاسيما أنّ الحيوانات المنوية يمكن أن تبقى حية في جسم المرأة لمدة تصل إلى سبعة أيام.
لذلك إذا كانت الدورة الشهرية مدتها 22 يوماً وحدثت الإباضة بعد فترة وجيزة من فترة الحيض وكانت الحيوانات المنوية لا تزال حية بداخل الجهاز التناسلي فهناك احتمال كبير لحدوث حمل.
إلّا أنّ متوسط دورة الإناث الشهرية هو 29 يوماً لذلك من النادر حدوث الحمل إذا حدث جماع خلال فترة الحيض.
يرى البعض أنه يوجد بعض الفوائد للممارسة الجنس أثناء فترة الحيض، كما أنّ لديهم نصائح لممارسة جنسية أفضل خلال هذه الفترة، وتساؤلات حول إمكانية الحمل عند ممارسة الجنس خلال فترة الحيض وسنوضح ذلك فيما يلي:
- فترات دورة شهرية أقصر وألم أقل: قد تخفف النشوة (هزة الجماع) من التقلصات المؤلمة خلال فترة الحيض حيث تنقبض عضلات الرحم مطلقةً محتويات الرحم إلى الخارج بشكل أسرع، مما يؤدي لتخفيف الآلام، بالإضافة لإطلاق مواد كيميائية تسمى الإندورفين تساعد هذه المواد على التخفيف من الألم والشعور بالراحة.
- زيادة الرغبة الجنسية: تتغير الرغبة الجنسية لدى المرأة طوال الشهر نتيجة التقلبات الهرمونية، حيث أنّ بعض النساء تزداد لديهن الرغبة الجنسية أثناء الإباضة، بينما هناك نساء أخريات يشعرن بزيادة الرغبة الجنسية وإحساسهم بمزيد من الإثارة أثناء فترة الحيض.
- التخفيف من الصداع: حوالي نصف النساء يعانين من الصداع النصفي خلال فترة الحيض وأكدت العديد من النساء ممن يمارسون الجنس خلال فترة الحيض أنّ الممارسة تفيد بالتخفيف من الصداع بشكل جزئي أو كلي.