نسبة هرمون الحمل لغير الحامل وسبب ارتفاعه بدون حمل
من المعروف أنه خلال فترة الحمل تحدث تغيرات عدة في نسب الهرمونات الموجودة في جسم المرأة تناسباً مع وجود الجنين، ويكون هذا طبيعي وضروري خلال فترة الحمل، ولكن يحدث أحياناً اضطرابات معينة في جسم المرأة قد تؤدي لتعرضها لتغيرات هرمونية مشابهة لتلك الحاصلة أثناء الحمل على الرغم من عدم حملها، ونخص في هذا هرمون يدعى هرمون الحمل، فقد يحدث أحياناً أن تلاحظ بعض النساء ارتفاعاً في قيم هذا الهرمون لديهن بدون وجود حمل، والمفاجأة أن الرجال أيضاً يتعرضون لذلك بسبب حالات صحية معينة، فما أسباب حدوث مثل هذا الارتفاع وما أعراضه؟
هرمون الحمل HCG هو أحد أنواع الهرمونات الذي يفرز من المشيمة عند المرأة الحامل بهدف دعم الحمل وتثبيته، يدعى علمياً بهرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية واختصاره (HCG)، وهو الهرمون الأساسي الذي يعتمد عليه بتشخيص وجود الحمل سواء عن طريق تحاليل الدم أو تحاليل البول، أو باستخدام جهاز كشف الحمل المنزلي، حيث يرتفع هذا الهرمون بشكل واضح وسريع عند المرأة في أول 8 إلى 10 أسابيع من بدء الحمل، فتدلنا قيمه المرتفعة تلك على وجود الحمل.
النسبة الطبيعية لهرمون الحمل عند غير الحامل أقل من 10.0 ميكرومتر/ميليلتر، وإن القيم المقاسة التي تكون أعلى من ذلك عند المرأة غير الحامل تعني وجود خلل ما قد يكون له عدة أسباب ودلالات، فارتقاع هرمون الحمل ولا يوجد جنين يشير إلى تفاعل هرمونات الجسم مع بعض الأمراض أو الأدوية أو يدل على وجود حمل غير طبيعي مثل الحمل الهاجر والحمل العنقودي.
في الحالات الطبيعية يتواجد هرمون الحمل HCG عند المرأة غير الحامل بنسب ضئيلة جداً بحيث أنه لا يؤدي دور مهم في جسدها خارج فترة الحمل، وحتى أنه يتواجد عند الرجال الأصحاء أيضاً بنسب قليلة جداً. [1]
هرمون الحمل HCG يتعلق مباشرة بوجود حمل، فعند ملاحظة ارتفاعه عند المرأة المتأكدة من عدم وجود حمل لديها، فيمكن رد ذلك لعدة أسباب، منها ما يكون طبيعي ومنها ما قد يشير إلى مشاكل صحية معينة: [2]
- استخدام بعض الأدوية: كاستخدام حقن هرمون HCG التي تستخدمها النساء لعدة أهداف تتعلق بالحمل والإنجاب، منها علاج العقم أو الوقاية من حالات الإجهاض المتكررة وغيرها، بالإضافة لمجموعة من الأدوية الأخرى التي يمكن أن تستهلكها المرأة غير الحامل وتسبب لها ارتفاع في مستويات HCG، منها الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الذهان، وأدوية مرض باركنسون وأدوية المدرات البولية، بالإضافة لأدوية مضادات الهيستامين، ودواء ميثادون الذي يستخدم كمسكن قوي للآلام.
- بعض الأمراض: في حالات قليلة جداً يمكن أن تتسبب مجموعة من الأمراض في رفع مستويات هرمون ال HCG بدون وجود حمل، منها أمراض المسالك البولية، وبعض أمراض الكلى، أو الإصابة بتكيسات في المبايض وخاصة تكيسات الجسم الأصفر، في حالات نادرة جداً يمكن أن يكون ذلك بسبب مشاكل في الغدة النخامية.
- الحمل الكيميائي: وهي حالة من الإجهاض المبكر جداً الذي يحدث نتيجة عدم انغراس البويضة المخصبة بشكل كامل في بطانة الرحم، مما يؤدي لفقدان الحمل في الشهر الأول أو الثاني من الحمل، ونتيجة الفقدان المبكر للحمل في هذه الحالة لا تشعر المرأة أنها حامل، لكنها تلاحظ بعض الأعراض، كتوقف الدورة الشهرية مثلاً، مما يجعلها تقوم باختبار الحمل المنزلي، وستجد في هذا الاختبار نتيجة إيجابية للحمل تختفي بعد عدة أيام نتيجة حدوث ارتفاع في هرمون ال HCG لمدة قصيرة ثم انخفاضه.
- الحمل خارج الرحم: ويدعى أيضاً الحمل المنتبذ أو الحمل البوقي، وهو يعني عدم دخول البويضة المخصبة إلى تجويف الرحم ونموها خارجه، غالباً ما يحدث هذا النمو في قناة تدعى قناة فالوب، وهي القناة التي تنتقل عبها البويضات من المبيض إلى الرحم، ويمكن أن يحدث هذا الحمل في أماكن أخرى كالمبيض أو الجزء السفلي من عنق الرحم أو في تجويف البطن، وهنا أيضاً تظهر نتيجة إيجابية لاختبار هرمون (HCG) على الرغم من عدم وجود حمل طبيعي، وهذه حالة خطرة أعراضها تكون شديدة وتتطلب العلاج الفوري.
- الإجهاض منذ فترة قصيرة: ترتفع مستويات هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية بشكل طبيعي عند حدوث الحمل وتبلغ ذروتها في الأسبوع العاشر من الحمل، وعند حدوث إجهاض، وخاصة حالات الإجهاض الطبيعي التي تحدث في فترة ما قبل الاسبوع 20 من الحمل، ستبدأ مستويات هرمون الHCGبالانخفاض بشكل تدريجي، ولكن هذا الانخفاض لا يكون سريعاً لذا يمكن ملاحظة بقاء ارتفاع ذلك الهرمون بعد الاجهاض لمدة قد تصل لـ 6 أسابيع، وهذا يعني بقاء هرمون HCG في مستويات مرتفعة لمدة شهر تقريباً بدون وجود حمل.
- بعض أنواع الأورام والسرطانات: وهي الحالة الأكثر خطورة، حيث يمكن أن تترافق عدة أنواع من السرطانات بحدوث ارتفاع في نسبة هرمون ال HCG بشكل ملحوظ دون وجود حمل، أبرز تلك السرطانات سرطان المبيض أو سرطان الرحم، وحتى أنه يمكن تشخيص سرطان الخصية عن طريق ذلك الهرمون عند الرجال، ويمكن أن تكون تلك الحالات أحياناً عبارة عن أورام حميدة وليست سرطانية لكنها ستعطي غالباً نفس الأعراض.
بما أن ارتفاع هرمون الحمل في الدم لغير الحامل هو أحد الأعراض التي تظهر نتيجة وجود مشكلة ما في الجسم، فإن الأعراض الأخرى التي تظهر تكون متعلقة بنوع تلك المشكلة ومسبباتها، ونستنتج من ذلك أن أعراض ارتفاع هرمون الحمل تصنف ضمن مجموعة الأعراض الأخرى التي تظهر مع المشاكل التالية: [ٍ2-3-4-5]
- أعراض الحمل الكيميائي: يلاحظ في هذه الحالة ارتفاع نسبة هرمون ال HCG الذي نستدل عليه عن طريق إعطاء نتيجة إيجابية مبكرة في اختبار كشف الحمل المنزلي، وهذا الاختبار سيعطي نتيجة سلبية بعد عدة أيام أو أسبوع تقريباً، وهذا هو العرض الشائع، وعلى الرغم من عدم وجود أعراض أخرى في معظم الأحيان إلا أنه يمكن أن يترافق في حالات قليلة مع تقلصات في منطقة البطن وتكون مؤلمة بشكل خفيف بحيث تشبه آلام الدورة الشهرية، تأخر في الدورة الشهرية، حصول نزيف مهبلي بعد عدة أيام من أخذ النتيجة الإيجابية للحمل.
- أعراض الحمل خارج الرحم: حدوث حالة حمل خارج الرحم هي حالة خطرة، وتسبب عدد من الأعراض إلى جانب ارتفاع هرمون HCG، فقد يلاحظ حدوث بعض أعراض الحمل الطبيعية كالغثيان والتهاب الثدي، وأعراض أخرى غير طبيعية منها نوبات من الآلام الحادة والقوية في كل من الحوض وأحد الكتفين والرقبة، ألم قوي وشديد في إحدى جوانب البطن، نزيف مهبلي شديد أو خفيف وملاحظة نزول بقع دم، الشعور بحالة من الدوخة التي يمكن أن تتطور إلى إغماء.
- أعراض ارتفاع هرمون الحمل بسبب الإجهاض الطبيعي: العرض الأكثر شيوعاً هنا الذي يرافق ارتفاع هرمون الحمل، هو حدوث أشكال مختلفة من النزيف المهبلي، فيمكن أن يكون نزيفاً حاداً ولون الدم فيه أحمر فاتح، أو يكون عبارة عن بقع دموية خفيفة، أو إفرازات بنية اللون، وقد يكون هذا النزيف متكرر الحدوث لعدة أيام، أما الأعراض الأخرى فتشمل خروج إفرازات أخرى من المهبل تكون سائلة أحياناً، أو متكتلة بسبب خروج أنسجة، الشعور بتقلصات في منطقة أسفل البطن، اختفاء أعراض الحمل الشهيرة في حال كانت المرأة على دراية بحملها وهي الغثيان وألم الثدي.
- أعراض ارتفاع هرمون الحمل بسبب سرطان المبيض: لا يسبب سرطان المبيض أعراض واضحة في بدابة ظهوره وأعراضه المتقدمة تكون قليلة ومتشابهة مع أعراض الورم الحميد الحاصل في المبيض، وتتضمن علامته حدوث انتفاخ في البطن، ظهور حالة من الشبع السريع بعد تناول الطعام، فقدان الوزن أحياناً، المعاناة من مشاكل في الأمعاء أبرزها الإمساك، الشعور بحاجة متكررة للتبول.
ارتفاع هرمون الحمل دون وجود جنين لا يعتبر مرضاً بحد ذاته ولا يشكّل خطورة على المرأة، وإنّما يعكس ارتفاع هرمون الحمل بدون حمل وجود مشكلة أخرى مثل الإجهاض المنسي أو الحمل المهاجر أو الأمراض التي تؤثر على هرمون الحمل، وعادةً ما يلجأ الطبيب إلى تتبع سبب ارتفاع هرمون الحمل وعلاجه، ما يؤدي بالتالي إلى استعادة المستوى الطبيعي لهرمون الحمل خارج فترة الحمل.
يتواجد هرمون ال HCG الذي هو نفسه هرمون الحمل بشكل طبيعي عند الرجال بنسب منخفضة جداً، وتكون هذه النسبة ما بين 0.02 إلى 0.8 وحدة دولية/لتر، ويتعرض الرجال لحدوث ارتفاع في هذه النسبة في بعض أنواع سرطان الخصية وليس جميعها، ففي حال وجود ورم في الخصية يزيد من إفراز هرمون HCG ويمكن التحري عنه عن طريق إجراء تحاليل الحمل نفسها التي تجرى للتأكد من وجود حمل عند المرأة.
وعلى الرغم من ذلك فإن النتيجة السلبية لهذا الاختبار لا تعني بالضرورة عدم وجود سرطان في الخصية، فهناك أنواع لا تؤثر على نسبة هرمون HCG، لذا عند ملاحظة أي أعراض معروفة عن سرطان الخصية كالشعور بألم وتورم بأحد الخصيتين يجب فوراً مراجعة طبيب حتى لو كان اختبار HCG سلبياً. [1-6]