كيف أسعد نفسي بعيداً عن زوجتي؟
يعتمد الكثير من الرجال على زوجاتهم بشكل كبير جداً؛ فتراهم يعتمدون عليهن في كل كبيرة وصغيرة في حياتهم، كاتخاذ القرارات –حتى تلك التي تخصهم وحدهم- والإكثار من الشكوى بحثاً عن الدعم العاطفي. هؤلاء الأزواج يعتقدون أنهم لا يستطيعون أن يكملوا حياتهم دون زوجاتهم، وأن هذا الأمر هو دليل على حبهم لهن وإخلاصهم للعلاقة الزوجية، لكن هذا الأمر غير صحيح؛ "فالزايد أخو الناقص".
"كيف أسعد نفسي بعيداً عن زوجتي"... هذا هو السؤال الذي سنقوم باالإجابة عنه في هذا المقال لمساعدة هؤلاء الأزواج في التقليل من اعتمادهم العاطفي على زوجاتهم.
بالتأكيد أن زوجتك تقدم لك السعادة في كثير من الأحيان خاصة عندما تدعمك وتلبي احتياجاتك العاطفية، لكن عليك ألا تعتمد عليها أو على أي شخص ليسعدك، فأنت تستطيع أن تسعد نفسك بنفسك، وأن تتركها هي أيضاً تسعد نفسها بعيداً عنك... كيف؟ [1]
- الاعتراف بوجود المشكلة: عليك أن تعرف أولاً علامات الاعتماد العاطفي، وتعترف لنفسك إن وجدت أنها تنطبق عليك، لتتمكن من حل مشكلتك. أكمل القراءة لتتعرف على هذه العلامات
- معرفة السبب: عليك أن تسأل نفسك عن السبب الذي جعلك معتمداً عاطفياً على زوجتك بهذا الشكل؛ فهل السبب هو تجربة حب فاشلة تعرضت لها مثلاً؟! عليك أن تعيد كتابة تاريخك بشكل علاجي؛ فإن كنت قد أحببت امرأة مثلاً ولكنها قامت بالتخلي عنك، فعليك أن تشفى من هذا الجرح الذي لا يزال ينزف بداخلك، وتعيد تفسير ما حدث وتأخذ الأمر بإيجابية، أعد تربية نفسك وتخلص من الذكريات السلبية وكذلك من كل ما زرع في داخلك منذ طفولتك وجعلك معتمداً عاطفياً على زوجتك. سنتطرق لأهم أسباب التبعية العاطفية لاحقاً في هذا المقال.
- قرر أن تتخلص من هذه الاعتمادية العاطفية بنفسك: فبعد أن عرفت السبب في تبعيتك عليك علاجه والتعامل معه، عليك أن تصر على هدفك وأن تقول "أنا أستطيع أن أسعد نفسي بعيداً عن زوجتي"، انظر إلى علاقات حب نموذجية من حولك ولاحظ كيف تكون العلاقة الصحية المتزازنة، وكيف يكون الدعم بعيداً عن الاعتمادية، وكيف يكون لكلا الزوجين حياة خاصة، ومصادر متعددة للسعادة.
- اقنع نفسك أن في الحياة أمور سيئة كذلك: فليس كل ما في الحياة جميل وجيد، فهناك مشاعر سلبية وهناك انفصال وفراق وخذلان، ولولا هذه الأمور السلبية لما أحسسنا بحلاوة طعم الأمور الإيجابية، ولما طورنا من أنفسنا وأصبحنا أقوياء بشكل كافٍ لمواجهة الحياة. فماذا لو تعددت مصادر السعادة بالنسبة لك أو لزوجتك، كأن تستمدا سعادتكما من العمل أو الأصدقاء، فهذا لن يقف في طريق العلاقة بينكما، بل أنه سيقويها ويجعلها أكثر متانة. لنفرض أن زوجتك خرجت مع صديقاتها لشرب فنجان قهوة في إحدى الكافيهات، فما المشكلة في ذلك؟! استثمر أنت هذا الوقت للخروج مع أصدقائك أيضاً أو شاهد فيلماً ريثما تعود أو اجلس مع نفسك قليلاً وافعل ما يسعدك، هذا سيساعدكما على لقاء بعضكما بطاقة إيجابية بدلاً من الطاقة السلبية الناتجة عن الاستحواذ في العلاقة طوال الوقت.
- حاول ملاحظة علامات طلب دعمها عاطفياً: كأن تستشعر شعورك بالغيرة عندما تخرج مع صديقاتها، أو تمسك هاتفك النقال لتتصل بها كل فترة قصيرة... كن واعياً بنفسك وناضجاً في حبك وامنع نفسك وفكر في الأمر وتذكر أنك في طريقك لتقليل تبعيتك العاطفية لها.
- حاول أن تضع خطة لنفسك: تشمل التمرينات الرياضية وتمرينات الاسترخاء، فهذه التمرينات تريحك من الداخل وتخلصك من توترك.
- طور نفسك: يمكنك أن تقرأ العديد من الكتب والمقالات التي تساعدك على تقديم الدعم لنفسك وزيادة ثقتك بنفسك وتقديرك لها، وكيف تسعد نفسك بنفسك وبعيداً عن زوجتك، وكيف تتخلص من الطاقة والأفكار السلبية وتعيد تأطيرها وكيف تكوّن العلاقات الصحية.
- اطلب من زوجتك مساعدتك: فاطلب منها أن تتعامل معك بطريقة صحية وألا تسمح لك بالتبعية العاطفية إلى هذا الحد، اتفقا على حدود للعلاقة معاً، وقل لها أن تشعرك إن بدأت بتجاوز هذه الحدود من جديد لتنبهك. فإن كنت معتاداً مثلاً على الاتصال بزوجتك كلما واجهت مشكلة في العمل لتخبرها عن مشكلتك وتحدثها مطولاً طالباً دعمها، بينما تكون هي أيضاً في عملها مما يشكل خطراً عليها لئلا يراها رئيسها في العمل أو أنك بذلك تقلقها كثيراً وتؤثر على عملها، فاتفق معها أن تخبرك هي بتأثير هذا عليها، ويمكنكما الاتفاق على أن تؤجل التكلم في مشكلات العمل ريثما تعود للمنزل، أو أن ترسل لها رسالة نصية وهي تتصل بك عندما تستطيع.
- إن وجدت أن طريقك صعبة فلا تتردد بطلب المساعدة: يمكنك طلب المساعدة من اختصاصي نفسي أو أسري إن لزم الأمر.
عندما تجد شريكة حياتك وترتبط بها، فمن الطبيعي أن تكون هي مصدر رئيسي للبهجة والسعادة في حياتك، لكن الخطر يبدأ عندما تصبح هي المصدر الوحيد لسعادتك، وإن توقفت عن فعل الأمور التي ترضيك وتسعدك لأجلها، وأن تضيع ولا تجد سعادتك بدونها... تالياً أهم العلامات التي تدل على أنك معتمد عاطفياً على زوجتك: [2،3،4]
- تتبنى حالتها المزاجية دائماً: من الطبيعي أن تشعر بزوجتك وتفرح لفرحها وتحزن لحزنها، لكن من غير الطبيعي أن تتبعها في حالتها المزاجية ، فتغير حالتك المزاجية فوراً بناء على حالتها هي؛ فتحزن مثلاً عندما تواجه زوجتك مشاكل في العمل حتى لو كان يوماً رائعاً.
- تنتظر رضاها عنك أو عن إنجازاتك: كلنا يحب أن يثني عليه من يحب وأن يحتفل بإنجزاته، ولكن الزوج المعتمد عاطفياً على زوجته يتأكد من رضاها عنه وعن هذا الإنجاز قبل أن يفرح هو بنفسه حتى داخلياً. وكأن هذه الزوجة هي المسؤولة عن ثقته بنفسه وبقدراته ومسؤولة كذلك عن مشاعره الداخلية تجاه كل شيء.
- تشعر أن علاقتكما في خطر إن كانت زوجتك سعيدة بعيداً عنك: فتشعر بالتهديد والخطر إن خرجت مع صديقاتها وعادت للمنزل سعيدة، أو إن فرحت بإنجازاتها المهنية، لأنك تريد أن تبقى وحدك مصدر سعادتها.
- تكثر من سؤالها إن كانت سعيدة معك وبعلاقتكما معاً: فهذا دليل أنك تشعر بخطر داخلي من أن تتخلى عنك في يوم ما، كأن تسألها "هل أنتِ سعيدة معي؟" أو "هل يمكن أن تتركيني في يوم ما؟"، أو "هل تحبينني؟".
- تبني آراءك وقراراتك حسب رغباتها: فتكون تابعاً لها في الرأي في كثير من الأحيان، أو تتخذ قراراتك بما يتناسب معها، حتى لو أردت أن مكاناً لتناول العشاء فيه مع أصدقائك.
- تخشى من انفصالها عنك: فتخاف من الانفصال بشكل مستمر، فتتجاهل مشاعرك وآراءك وحياتك بأكملها في سبيل إرضائها لأنك تخاف أن تقع مشاكل بينكما فتنفصلا عن بعضكما، وهذا الأمر يذعرك لأنك تعتقد أن لا حياة بدونها.
- تطاردك الشكوك باستمرار بحبها لك: فعندما تكون معتداً عاطفياً على زوجتك بشكل كبير فهذا يجعلك في حالة دائمة من الشك في مشاعرها تجاهك، كما تشك في كل تصرفاتها وتنتابك الغيرة بشكل مبالغ فيه.
بالتأكيد أن هناك أسباب كامنة وراء ما جعل الزوج تابعاً عاطفياً لزوجته، ومعرفتك لأسباب هذه التبعية تضعك على الطرق الصحيح خلال رحلتك في التخلص من هذه المشكلة... من هذه الأسباب: [1]
- التبعية للوالدين والحب غير المشروط: فأحياناً يظلم الوالدان أبناءهما عندما يعودانهما على تلبية جميع احتياجاتهم منذ طفولتهم، وعندما يعودانهم على الاتكالية أو التفكير السلبي، فينشأ الأبناء معتمدين عاطفياً على من حولهم.
- الحرمان من حب الأهل غير المشروط في الطفولة: قد يحدث العكس؛ فيحرم الأهل أبناءهم من حبهم غير المشروط؛ فيظهرون حبهم لأبنائهم فقط عندما ينجزون أمراً ما مثلاً بدلاً من تقديم الحب غير المشروط، وقد لا يظهرون لهم مشاعرهم أصلاً، مما يجعلهم ينشؤون فاقدين للحب ويعانون من الفراغ العاطفي، فيسقطون هذا الفراغ على شركائهم عادة.
- التعرض لتجربة عاطفية فاشلة: كأن يكون الزوج قد مر بتجربة عاطفية أدت لانفصاله عن امراة كان قد أحبها، مما سبب لديه الخوف الدائم من الانفصال.
- ضعف الثقة بالنفس وتقدير الذات: فإن كان الزوج يعاني من مشكلة داخلية في شخصيته فإن من الصعب عليه الاعتماد على نفسه في أي أمر، وسيبقى تابعاً إلى أن يعمل على تقوية ثقته بنفسه ليستطيع تحمل مسؤولية نفسه وبالتالي إسعادها.
- سيطرة الزوجة: فقد تكون الزوجة مستمتعة بتبعية زوجها لها وأنه كالخاتم في اصبعها، بسبب حبها للسيطرة أو التباهي بهذا أمام صديقاتها أو لأي سبب كان.
إن الاعتماد العاطفي على الشريك يسبب شرخاً في العلاقة الزوجية، ويضر بالطرفين معاً... لماذا؟
لأن زوجتك سوف تمل من كثرة دعمها لك وسوف تشعر أنها مهما قدمت لك من الدعم العاطفي فأنت لا تزال تطالبها بالمزيد، كما ستشعر أنك تخنقها وتحجز حريتها، كما سيوتر العلاقة بينكما لأنك لن تحصل على الإشباع العاطفي منه مهما فعل معك، وستبقى أسير الحزن والقلق والغيرة والتوتر، كما سيبقى هو أسير لديك فتمحى حياته الشخصية وينعزل عن الناس ليبقى بقربك ليلبي احتياجاتك ويرضيك، كما سيؤدي هذا الأمر إلى تعب جسدي لدى كليكما كالصداع المستمر وآلام المعدة، ناهيك عن إشغال هذا الأمر حيزاً كبيراً من عقلك وتفكيرك مما يؤدي بك وبه للتقصير في العمل أو النجاح في الحياة بشكل عام. [1،3]
يقال في الأمثال "ابعد حبة تزيد المحبة" أي أن الاقتراب المبالغ فيه من الشريك والبقاء في وجهه طوال الوقت وحصاره بالأسئلة بشكل مستمر "هل ستتركني في يوم ما؟"، و"لماذا ذهبت بدوني؟"، و"لماذا تتكلم مع زميلك في العمل؟"، كل هذه الأفعال تؤثر على العلاقة بين الزوجين وتشعر الشريك بأنه محبوس ومفتقد لحريته. لذلك يجب عليك أن تخفف من هذا وأن تبتعد قليلاً عن زوجتك، عندها ستركض وراءك هي لتقول لك ما يحدث معها، ولتسألك عن يومك وما جرى معك وستترك لها المجال لتشتاق لك وبالتالي ستزداد المحبة بينكما. لكن احذر أن تبتعد كثيراً ويتحول الأمر لأن تتجاهلها تماماً؛ فالقصد هنا من البعد هو التخلي عن حصار الشريك والاعتماد العاطفي عليه، فكما قالت أحلام مستغانمي "الحب هو ذكاء المسافة؛ ألا تقترب كثيراً فتلغي اللهفة، وألا تبتعد طويلاً فتنسى".
السعادة قرار... فقرر أن تكون سعيداً بنفسك وستجد آلاف الطرق لتجيب فيها على سؤال "كيف أسعد نفسي بعيداً عن زوجتي".