أسباب استسقاء البطن وعلاج الاستسقاء البطني
استسقاء البطن ليس مجرد حالة انتفاخ عرضية للبطن، بل يعتبر الاستسقاء البطني من الحالات المرضية التي يمكن أن يكون لها مضاعفات خطيرة، ويحتاج استسقاء البطن إلى تدخل طبي مباشر للعلاج حسب تقدم الحالة وسببها.
الاستسقاء البطني Ascites هو حالة مرضية غير طبيعية يحدث فيها تجمع للسوائل في حيز معين من منطقة البطن، يدعى ذلك الحيز بالتجويف البريتواني أو الصفاقي، وهو حيز يقع بين طبقتي غشاء بباطن الأعضاء الداخلية للبطن يدعى الصفاق أو البريتوان، وهذا الحيز في الأحوال الطبيعية يحوي على كمية قليلة جداً من السائل تكون تقريباً بحوالي 50 ميليلتراً، لذا فإن حدوث تجمع للسوائل فيه لدرجة تتجاوز القيمة السابقة يعني وجود مشكلة مرضية قد تحمل مؤشرات خطرة.
تجمع السوائل في البطن عرض يرافق مشاكل أخرى في الجسم وليس مرضاً بحد ذاته، لذا يحتمل ظهور ذلك العرض عند الأشخاص المصابين أو المعرضين للإصابة بما يلي:
- تليف أو تشمع الكبد: هو السبب الأكثر شيوعاً لحدوث حالة تجمع للسوائل في البطن، وتشمع الكبد هو مرض يحدث نتيجة وجود ندبة في الكبد تتليف وتحل مكان النسيج السليم من الكبد مع الوقت، فيفقد الكبد القدرة على تأدية عمله ويتعرقل تدفق الدم إليه، وهذا سيؤدي لحدوث ارتفاع في ضغط الوريد الرئيسي الذي يغذي الكبد، والذي يدعى الوريد البابي، حيث يستقبل هذا الوريد الدم من الأمعاء ويمررها إلى الكبد ثم من الكبد إلى القلب، وفي حالة تشمع الكبد يصبح مرور الدم من خلاله بطيء جداً مما يسبب ارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي وبالتالي حدوث ارتجاع للسوائل وتجمعها في منطقة البطن.
- انسداد الوريد البابي: يحدث في عدد من الحالات انسداد للوريد البابي المغذي للكبد بغير حالات تشمع وتليف الكبد، يكون ذلك نتيجة تشكل جلطة دموية داخل الوريد أو نتيجة حدوث أورام معينة في منطقة البطن تضغط عليه وتسبب انسداده، هذا يؤدي لحدوث مشاكل عدة في الجسم أبرزها المعاناة من حالة تجمع للسوائل في تجويف البطن.
- إدمان الكحول: شرب الكحول بكميات كبيرة جداً هو من المسببات الرئيسية لتشمع الكبد وحدوث التهابات في البنكرياس، وبالتالي يحدث الاستسقاء كعرض من أعراض تشمع الكبد الناتج عن إدمان الكحول، أو بسبب إصابة غدة البنكرياس.
- سرطان الكبد: قد يكون تجمع الماء في منطقة البطن دليلاً أيضاً على حدوث سرطان في الكبد، والذي يترافق غالباً مع الشعور بالألم في أحد جوانب البطن.
- أمراض القلب: وخصوصاً مرض فشل القلب الاحتقاني، وهو يعني عدم قدرة القلب على ضخ الدم بشكل طبيعي، وأمراض القلب غالباً تكون أمراض مزمنة وخطيرة العواقب، ومن أبرز الأعراض التي ترافقها حدوث وذمة في عدة مناطق في الجسم، فيحدث تورم القدمين أو تجمع السوائل في البطن.
- قصور عمل الكلى: عندما تصاب الكلى بمشاكل مزمنة كالفشل الكلوي، ترتفع احتمالية الإصابة بحالة من استسقاء البطن عند بعض المرضى.
- انخفاض مستويات البروتين: وجود البروتينات في الدم يخلق نوعاً من الضغط يميل لسحب الماء إلى داخل الأوعية الدموية، وبالتالي لا يحدث تسرب للسوائل من الوعاء الدموي طالما أن البروتينات موجودة بنسب طبيعية، أما عند انخفاض مستوى البروتينات في الدم، الذي يحدث أيضاً في حالة تشمع الكبد، سيؤدي لميل السوائل للتسرب خارج الوعاء الدموي، ومن ثم تراكم هذه السوائل في الأنسجة وتشكيل الوذمات التي منها حالة استسقاء البطن.
- التهاب البنكرياس: على الرغم من أن استسقاء البطن عرض ليس كثير الانتشار لمرضى التهاب البنكرياس إلا أنه ممكن الحدوث، ويعتقد أنه يحدث بسبب تسرب عصارة البكرياس إلى الأنسجة والتجمع فيها، ويرافقها حدوث آلام عدة في منطقة البطن والشعور برقة عند لمس البطن، بالإضافة لاحتمالية حدوثه أيضاً عند الإصابة بسرطان البنكرياس أو صدمة البنكرياس.
- مرض السل: قد يحدث مرض السل في إحدى مناطق البطن كالأمعاء أو منطقة الصفاق، ويسمى حينها السل البطني، ومن الممكن أن يلاحظ من أعراضه حدوث تجمع للسوائل في البطن يترافق مع ألم في البطن وفقدان الشهية ومجموعة من الأعراض الأخرى.
- خمول الغدة الدرقية: يمكن أن يسبب قصور الغدة الدرقية تجمع السوائل في بعض تجاويف الجسم، منها تجويف البطن مما يؤدي لحالة من استسقاء البطن، لكنها حالات حالات قليلة الحدوث عند مرضى قصور الغدة الدرقية. [5-4-3-2-1]
الأعراض المرافقة للاستسقاء البطني تعتمد على المسبب الذي أدى لحدوثه، فكل مرض له أعراض مختلفة عن غيره، ولكن التورم البطني الحاصل عند تجمع السوائل في البطن سيسبب بحد ذاته أعراضاً معينة تتمثل في: [7-6]
- الشعور بالانتفاخ: عندما يكون الاستسقاء في بدايته وقبل ظهور انتفاخ واضح الغرابة، سيبدأ الشخص بالشعور بنفخة مستمرة ومزعجة.
- الشعور بالامتلاء والشبع: نتيجة الضغط الحاصل من تراكم السوائل في البطن على الأعضاء المختلفة بما في ذلك المعدة، سيصاب المريض بحالة من فقدان الشهية والشبع السريع.
- عسر الهضم: تجمع السوائل في حالة استسقاء البطن سيسبب حدوث انتفاخ في البطن يضغط على الأمعاء والمعدة، مما يؤدي لمشاكل عدة منها عدم القدرة على العمل بالشكل الأمثل لهما وبالتالي الإصابة بحالة من عسر الهضم.
- الغنثيان والتقيؤ: عندما يتعرقل عمل كل من المعدة والأمعاء بسبب ضغط السوائل المتجمعة في البطن، ربما يسبب ذلك حدوث حالة من الغثيان والتقيؤ أيضاً بسبب عدم القدرة على هضم الطعام وتمريره بشكل سلس.
- زيادة الوزن: ربما يلاحظ المريض زيادة في الوزن مفاجئة وغير مبررة مع تورم ظاهر ومستمر في البطن.
- ضيق التنفس: ورم البطن الناتج عن تجمع السوائل بشكل كبير وغير طبيعي فيه سيضغط أيضاً على الرئتين والحجاب الحاجز مسبباً صعوبة وضيقاً في التنفس.
- آلام الظهر: قد تمتد الآلام الحاصلة نتيجة استسقاء البطن أيضاً إلى منطقة الظهر مسببة حدوث آلام فيها بسبب الثقل الذي يسببه تورم البطن وانتفاخه بالإضافة للضغط الحاصل على أعضاء الجسم وأوعيته وأعصابه.
- أعراض أخرى: يمكن ملاحظة أعراض أخرى أيضاً أبرزها ملاحظة تورم أو وذمة حاصلة في الساقين، ظهور البواسير، الشعور بالتعب وعدم الراحة والثقل في الجسم، الإمساك، الشعور بحاجة متكرة إلى التبول، صعوبة الحركة والشعور بالانزعاج عند الجلوس.
هل استسقاء البطن خطير؟ يمكن أن يحمل الاستسقاء البطني بعض المضاعفات الصحية الخطرة على الصحة منها: [9]
- التهاب الصفاق: ويدعى أيضاً التهاب الصفاق الجرثومي العفوي، وهو مرض خطير إذا لم يتم علاجه بشكل فوري قد يسبب انتشار العدوى في الجسم كله وبالتالي حصول حالة مهددة للحياة.
- المتلازمة الكبدية الكلوية: وهي شكل من أشكال الفشل الكلوي، تتطور بشكل خاص عند المصابين بتليف الكبد في المراحل النهائية.
- الاعتلال الدماغي الكبدي: وهو يعني اختلال في عمل خلايا الدماغ نتيجة الإصابة بمرض مزمن أو حاد في الكبد، وقد ينتج عن ذلك تشوش ذهني واضطرابات سلوكية نتيجة تشوش حالة الوعي واليقظة عند الشخص، بالإضافة لاحتمالية التعرض لغيبوبة.
- نزيف هضمي: يمكن أن يحدث خطر حصول نزيف في القسم العلوي أو السفلي من الجهاز الهضمي.
- الانصباب الجبني: وهي عبارة عن حالة من تراكم سوائل في الفراغ بين الرئتين وتجويف الصدر، وهذا التراكم يعيق حركة الرئتين أثناء عملية الشهيق مما يؤدي لحالة من ضيق التنفس.
كما ذكرنا فإن الاستسقاء هو عرض لمرض ما، وعلاج هذا العرض يعتمد بداية على علاج المرض الأساسي المؤدي لظهوره، ثم اتباع بعض الاإجراءات لإخراج السوائل المحتبسة في البطن: [8]
- استخدام الأدوية المدرة للبول: المدرات البولية هي أدوية تزيد من طرح السوائل لخارج الجسم عن طريق البول، وهي فعالة في معظم حالات الاستسقاء البطني، وهي تعتمد على آلية زيادة إخراج الماء والملح من الجسم وبالتالي تقليل الضغط الحاصل في الأوردة الكبدية، ولا تستخدم بدون وصفة طبيب، بالإضافة إلى أن مستخدمي المدرات البولية يحتاجون لتقليل تناول الكحول وزيادة تناولهم للملح.
- بزل السوائل: البزل هو مصطلح يقصد فيه إخراج السوائل من منطقة ما من الجسم، ويتم اللجوء إلى هذا الإجراء عندما يكون الاستسقاء شديداً ولا يعالج بالمدرات البولية، يجرى عن طريق إدخال إبرة طويلة ورفيعة إلى تجويف البطن وسحب السوائل المتجمعة داخله من خلال تلك الإبرة، وقد يوصف مضادات حيوية للأشخاص الذين خضعوا للبزل وذلك بسبب خطر الإصابة بأنواع من العدوى بعدها.
- العمليات الجراحية: يتم في هذه الحالة زراعة تحويلة أنبوبية تقوم بإعادة توجيه تدفق الدم في الأوردة المحيطة بالكبد، وبالتالي يخف الضغط على الوريد الكبدي البابي مما يخفف من حالة الاستسقاء.
- زراعة الكبد: وهي الخيار الأخير الذي يتم اللجوء إليه عند عدم القدرة على إعادة وظيفة الكبد بسبب حدوث تشمع كامل فيه، وبالتالي عدم القدرة على علاج ومنع حدوث الاستسقاء.
الوقاية من الاستسقاء تعني حماية الكبد بشكل خاص والجسم عموماً من المخاطر التي قد تسبب الأمراض المزمنة والخطرة، يمكن أن تساعد بعض العادات الصحية على تقليل فرص الإصابة بذلك والوقاية من الاستقساء البطني: [8-6]
- عدم شرب الكحول: والخضوع للعلاج بالنسبة لمدنين الكحول، وهذا سيساعد في منع الإصابة بتشمع الكبد بشكل كبير.
- الجنس الآمن: اتخاذ إجراءات الأمان عند ممارسة الاتصال الجنسي عن طريق استخدام الواقي الذكري لمنع انتقال أنواع العدوى وأبرزها التهاب الكبد.
- الحفاظ على وزن صحي: فالوزن الصحي يساعد على حماية أعضاء الجسم المختلفة من التعب.
- عدم تناول الملح بشكل زائد: والتقليل منه قدر الإمكان في النظام الغذائي لأن الملح يسبب احتباس السوائل في الجسم.
- الابتعاد عن التدخين: للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية ومختلف أعضاء الجسم.
- ممارسة الرياضة: فممارسة بعض التمارين الرياضية يساعد في الحفاظ على قوة القلب والجسم عموماً.
- الحكمة في استخدام الأدوية: عند استخدام أي عقار أو دواء يجب الإطلاع على الآثار الجانبية له، فهناك أدوية يكون من تأثيراتها على المدى الطويل هو الضرر بالكبد، ومن ثم التخفيف من الدواء إذا كان يحمل ضرراً على الكبد ومناقشة الطبيب في طريقة استعماله أو إمكانية التقليل منه.