دراسة تخصص الإحصاء ومستقبل خريج الإحصاء في العمل

علم الإحصاء Statistical Science أحد أهم فروع الرياضيات وأكثرها استخداماً وتطبيقاً، يُعتمد عليه في مجالات دراسية وبحثية متنوعة، ويمكن أن تُلخَص فكرة علم الإحصاء ومبادئ العمل به بأنها مجموعة كبيرة من القوانين الرياضية التي تعد الأدوات الأساسية المساعدة في إنجاز بحث أو دراسة أو تجربة ما أو في التنظيم والتخطيط لمختلف المجالات الإنشائية والإدارية وتحليل الظواهر المختلفة.
 يعتمد علم الإحصاء على جمع البيانات حول موضوع ما ومن ثم تحليلها عن طريق ترجمة المعطيات الأولية التي جمعت إلى أرقام تطبق عليها القوانين المناسبة ومن ثم تستخلص منها معطيات رقمية جديدة يبنى على أساسها الاستنتاجات النظرية المراد الوصول إليها، ومن ثم يتم تقدير مدى منطقيتها وقربها من الواقع المدروس، وبهذا يكون لعلم الإحصاء أهمية تطبيقية عالية في عدد من مجالات العلوم الأخرى على اختلافها كالعلوم الاجتماعية والطبية والهندسية وعلم الفيزياء والكيمياء وغيرها الكثير. [1]
أما تخصص الإحصاء فهو فرع جامعي يهتم بتعليم الطلاب مهارات علم الإحصاء المختلفة، وتكون سنوات الدراسة الجامعية فيه ثلاث أو أربع سنوات، ويمكن الإكمال بنفس المجال في برنامج الدراسات العليا للإحصاء بعد إنهاء الدراسة الجامعية والحصول على شهادة البكالوريوس أو الليسانس، كالماجستير في تخصص الإحصاء والدكتوراه في الإحصاء.

تتطلب دراسة تخصص الإحصاء عدد من المهارات والشروط التي تضمن النجاح في هذا المجال، نذكر من أهمها: [2]

1. شهادة التعليم الثانوية: وطبعاً يشترط أن تكون الشهادة من الفرع العلمي وبمعدل عالي نسبياً.
2. درجة عالية ببعض المواد: يشترط أيضاً لدخول فرع الإحصاء الجامعي الحصول على درجات عالية في بعض المواد الأساسية في الشهادة الثانوية وهي الرياضيات وعلوم الفيزياء والكيمياء ومادة الحاسوب.
3. فطنة رياضية: صفة هامة جداً يجب أن يتمتع بها الطالب الجامعي الدارس في مجال الإحصاء الرياضي، فهو عبارة عن عالم من الأرقام والقوانين الرياضية التي يجب التعامل معها بشكل صحيح ودقيق جداً ومفهوم من كل النواحي، وأي طالب لا يمتلك قدرات وذكاء كافي في علم الرياضيات وسرعة بديهة في استخدام الأرقام وتطبيقها، لن يستطيع النجاح في دراسة تخصص الإحصاء.
4. حب لعلم الرياضيات: الطالب الذي يختار اختصاصاً جامعياً عن رغبة فيه سيتحقق له النجاح وربما الإبداع في ذلك التخصص، ودراسة تخصص الإحصاء تتطلب من الراغب في دراسته أن يكون ذو حب في التعمق بمفاهيم علم الرياضيات ويستمتع بدراستها لأنها في غير ذلك ستجلب التعب والملل للطالب الذي يدرسها.
5. مهارات حساب: يتعامل طالب الإحصاء الرياضي بشكل دائم ومستمر مع قوانين حسابية وأرقام كثيرة، وهذا يتطلب منه التمتع بمهارة عالية وسرعة ودقة متناهية في تطبيق العمليات الحسابية.
6. قدرة على الحفظ: على الرغم من أن علم الإحصاء يقوم بشكل جذري على الفهم الرياضي والقدرات العالية على التعامل مع الأرقام، إلا أن القدرة على الحفظ وتخزين المعلومات جانب هام للطالب الذي يرغب في دراسته، فكثرة القوانين وتعدد مجالات العمل بها والتشابه الكبير فيها يتطلب من الطالب الجامعي أن يكون ذو مهارة في ترتيبها وحفظها بالشكل المناسب الذي لا يوقعه بخطأ الخلط بينها أو نسيانها.
7. قدرة على التنظيم: العمل في المجال الإحصائي مرتب في عدد من الخطوات التي تعتبر جميعها خطوات هامة وحساسة في البحث أو التجربة الإحصائية، ومن الهام جداً الاعتناء بالترتيب الصحيح للخطوات وتنظيم كل خطوة على حدة بحيث لا يحدث ضياع لأي من المعطيات أو تلخبط فيها.
8. مهارات تحليل عالية: دوماً يكون الوصول إلى النتائج النظرية الأقرب إلى الصحيحة أو الواقعية يعتمد على عدد من الأساسيات والتي منها التحليل الدقيق وعالي الأداء، لذا فإن المهارات التحليلية جزء هام من المهارات المطلوبة من طالب تخصص الإحصاء.
9. مهارة العرض والتقديم: مهارة العرض والتقديم من المهارات الهامة لمستقبل طالب تخصص الإحصاء وحتى أنها ضرورية أثناء دراسته، حيث سيحتاج لعروض تقديمية عدة في مجال عمله يوضح من خلالها تفاصيل العمل الذي أنجزه وفائدته والعوامل التي اعتمد عليها في إنجازه وعدد من الأمور الأخرى.

المقررات الجامعية المعتمدة في مناهج تدريس تخصص الإحصاء الجامعي تختلف مسمياتها وترتيبها ضمن السنوات من جامعة لأخرى، وبشكل عام يمكن ذكر المواد الأساسية التي يقوم عليها هذا التخصص فيما يلي والتي منها ما له قسم عملي وقسم نظري، ومنها ما له جزئين أو ثلاثة أو أربعة:

• مبادئ عمل الحاسوب.
• نظريات الإحصاء.
• علوم الحاسوب ومبادئ البرمجة.
• الجبر الخطي.
• مبادئ التفاضل والتكامل.
• مدخل إلى علوم الإحصاء والاحتمالات.
• أسس ومبادئ الفيزياء العامة.
• أسس ومبادئ الكيمياء العامة.
• التحليل.
• نظريات الاحتمالات.
• هندسة رياضية وطوبولوجيا.
• الميكانيك.
• هندسة تحليلية.
• معادلات تفاضلية.
• برمجة وخوارزميات.
• الجبر التجريدي.
• نظرية القياس.
• نظرية العينات.
• التحليل العدد
• تحليل المعطيات.
• تحليل الانحدار.
• سلاسل زمنية وتنبؤ.
• بحوث العمليات.

هل تخصص الإحصاء له مستقبل؟ خريج الإحصاء مطلوب في جميع قطاعات سوق العمل تقريباً، الحكومية منها والخاصة بالإضافة للجامعات والمراكز البحثية وغيرها الكثير، لذا فإن فرصهم في سوق العمل واسعة المجال، حيث يمكن أن تتاح لهم أغلب المسميات الوظيفية التالية: [3]

1. باحث في العلوم البيولوجية: الكثير من الأبحاث الطبية والبيولوجية تتعلق بشكل مباشر بأساليب جمع البيانات الإحصائية حول الموضوع المراد البحث فيه ودراسته، وهذا ما يتطلب وجود الإحصائيين ذوي الخبرة في البحث لتقديم تقارير دقيقة ذات جودة عالية حول العينات والبيانات المطلوبة، وهذا ما يعني أن الإحصائيين المتخصصين في المجال الحيوي يمكن أن يعملوا في شركات الأدوية، وفي القطاعات الطبية على اختلاف أنواعها.
2. مسؤول قاعدة بيانات: العاملين في هذا المجال يتخصصون في تنظيم المعلومات وتخزينها وتنسيقها بما يتناسب مع بيئة العمل، وهم المسؤولون عن أمان هذه البيانات وتحديثها عند الحاجة، وهم الذين يقدمون الوصول إلى تلك المعلومات المخزنة بطريقة سريعة ومضبوطة عند احتياج شيء منها.
3. محلل أو مدير مالي: المحلل المالي هو شخص يقدم المساعدة في العديد من الشركات والوكالات والمؤسسات المختلفة لتقدمة وجهة نظر مالية تتعلق بالاستثمارات التي تسعى الشركة لإنجازها وتحقيق أرباح منها، فيعطون وجهة نظر تقييمية مبنية على أسس جمع البيانات الإحصائية وتحليلها فيما يتعلق بأداء الأسهم في السوق وميزانيات الشركة العمومية والبيانات المختلفة المتعلقة بها، أما المدير المالي فهو موظف ثابت في الشركة يقوم بالإضافة إلى المهام السابقة بإدارة كل ما يتعلق بأمور الشركة المالية المنفقة منها والواردة.
4. محلل أعمال أو مستشار إداري: يستعمل الأشخاص الذين يعملون كمحللين أعمال طرق جمع البيانات المتعلقة بأعمالهم ويدرسونها ويحللونها إحصائياً لفهم مشاكل العمل وحلها ورفع الكفاءة التنظيمية للأعمال، وهذا المسمى الوظيفي هو نفسه منصب المستشار الإداري.
5. مهندس برمجيات: يعمل مهندس البرمجيات على إنشاء برامج الكمبيوتر المختلفة وتطبيقاته التي يحتاجها العاملين في قطاع العمل، بالإضافة للإشراف على تطوير أنظمة الشبكات.
6. باحث سوق: يقدم باحث السوق خدمات تحليلية للقطاع الذي يعمل به، بحيث تهدف تلك الخدمات لدراسة ظروف السوق الصناعية والتنبؤ بمدى نجاح المبيعات والمنتجات المطروحة، يستخدم باحثوا السوق خبراتهم الإحصائية لتقدير ووضع توقعات لعدد من الخطوات الهامة لصالح القطاعات الصناعية، كتقييم مدى نجاح حملات الإعلانات والتسويق مثلاً، وهم يعملون على ترجمة توقعاتهم لتقارير ومخططات تنبؤية.
7. أعمال أخرى: مجالات عمل الإحصائي وخيارته في أسواق العمل متعددة جداً، ونضيف لما ذكرناه أعلاه بعض مجالات العمل الأخرى التي منها، الخبير الاقتصادي، المحاسب، عالم البيانات، مقدر التكلفة، الإحصائي وغيرها الكثير.

يشمل فرع الإحصاء الجامعي برنامجاً للدراسات العليا لكل من الماجستير والدكتوراه، ودراسة الماجستير تتطلب شروطاً معينة من الطلاب المنهيين للدراسة الجامعية نذكرها فيما يلي، بالإضافة لفكرة عن المواد ومدة الدراسة ومجالات العمل: [4]

1. شزرط ماجستير الإحصاء:

   شهادة بكالوريوس في الإحصاء أو الرياضيات، أو الحاسب الآلي، أو أحد كليات الهندسة، أو تخصص الاقتصاد أو تخصص المحاسبة، بمعدل 60% على الأقل، ويختلف هذا المعدل من جامعة لأخرى، بالإضافة لشرط الحصول على شهادة إتقان معترف عليها للغة الإنكليزية بمعدل مقبول.

2. امتحان قبول ماجستير الإحصاء:

   تجري أغلب الجامعات امتحاناً للطلاب المتقدمين لماجستير الإحصاء (الفحص المعياري) يُختبر من خلاله معلومات الطلاب في مجال الإحصاء ويحصلون فيه على معدل نهائي يقبل الطلاب في ماجستير الإحصاء بناءً عليه.

3. مواد ماجستير الإحصاء:

   هناك مجموعة من المواد التي تدرس في كل فصل، يكون منها اجباري ومنها اختياري، تختلف هذه المواد من جامعة لأخرى وتتمحور حول عدة مواضيع إحصائية أهمها المواد المتعلقة بالاحتمالات، التعمق أكثر في الأساليب الإحصائية والتحليلية، طرق استخدام الحاسوب لمختلف الدراسات والإجراءات الإحصائية، وطرق وقواعد البحث المختلفة، أساليب التعامل مع العينات الإحصائية المراد دراستها، وما ذكرناه ليست أسماء المواد المدرسة في ماجستير الإحصاء لأنها ليست موحدة في كل الجامعات، وإنما بعض المحاور الأساسية التي تدور حولها أغلب الخطط الدراسية المتبعة في دراسة ماجستير الإحصاء الرياضي.

4. مدة دراسة ماجستير الإحصاء:

   تكون مدة دراسة ماجستير الإحصاء سنتين في أغلب الأكاديميات، وقد تكون ثلاث سنوات في أكاديميات أخرى.

5. مستقبل ماجستير الإحصاء:

   يمكن أن يعمل الحاصل على شهادة الماجستير في عدة قطاعات منها، شركات الأدوية، شركات التأمين، القطاعات الصناعية، المعاهد التعليمية، القطاعات المصرفية، مراكز البحوث، منظمات البحث العلمي.