حدود المزاح بين الزوجين وتأثير المزاح على علاقتهما
للمزاح وحس الفكاهة تأثير كبير على صحتنا وعلاقاتنا فما بالك عندما يكون المزاح بين الزوجين؟ في الواقع تظهر دراسة جديدة أن المزاح بين الزوجين يزيد من الرضا في العلاقة ويساهم في عمر زواج أطول.. إذاً تعرف معنا على الفوائد والأضرار وحُكُم المزاح بين الزوجين في هذا المقال.
قد تجد أن روح الدعابة غالباً هي ما يجذب الناس لبعضهم البعض في البداية، لكن اتضح بعد الدراسات أن الموضوع أكبر من مجرد إعجاب مبدئي؛ بل يمتد ليؤثر إيجاباً على علاقة الأزواج ببعضهم.
فقد وجد باحثون من جامعة Appalachian State University أن "الأزواج الذين يمازحون بعضهم البعض يتمتعون بأسعد العلاقات والأوقات طالما أن المزاح يبقى ضمن الحدود الأخلاقية ولا يتجاوز احترام بعضهم البعض".
كذلك استعرض البروفيسور جيفري هول من جامعة كنساس نتائج البحث والدراسة قائلاً: "إن (الفكاهة) المشار إليها ليست فقط مدى ضحك الأزواج بشكل مستقل عن بعضهم البعض، بل المقصود هو المزاح والفكاهة التي يخلقونها معاً بشكل أساسي فالنكات بينهما والمزاح هي مفتاح العلاقة الصحية".
كذلك أظهرت الدراسة أنه من المهم للأزواج أن يكونوا قادرين على الضحك والمزاح دون أن يتضايق أي منهما من المزاح: [1]
- تكمن أهمية المزاح في إنشاء اتصال مريح وسهل بين الأشخاص فعندما تمازح شخصاً ما، فأنت تضع الأساس لتفاعلات وأريحية في العلاقة، مما يسمح لكما بالتعرف على بعضكما البعض بشكل أفضل وأسرع.
- لا ينحصر المزاح في العلاقة الأولية فقط على العكس فإن المزاح هو شكل من أشكال التواصل بين البشر والذي يستخدم غالباً أيضاً في العلاقات حيث يستخدم العديد من الأزواج المزاح في علاقاتهم ويستمرون بالمزاح من الشباب حتى الشيخوخة.
- كذلك يعد المزاح إضافة رائعة لأي علاقة، لأنه يزيد من مشاعر التقارب والحميمية والراحة والعلاقات الوثيقة إذ يتيح المزاح للناس التحدث مع بعضهم البعض بحرية وصراحة وصدق دون ضغوط المحادثات الجادة لذا يعد المزاح طريقة رائعة لإثبات مدى معرفتكما الوثيقة ببعضكما البعض، مما يبث الأمان والراحة في حياتكما الزوجية.
- إضافة إلى ذلك قيمت إحدى الدراسات المزاح في العلاقات الزوجية ووجدت أن الأزواج الذين يمازحون بعضهم بعضاً كانوا أكثر قدرة في التعبير عن الرضا من الأزواج الذين كانت تفاعلاتهم الودية والحميمة غائبة. [2]
على الرغم من أن المزاح عادة أمر إيجابي إلا أنه ككل شيء في حياتنا له حدود وآداب، حيث أن المزاح ضروري ومهم للزوجين بشرط ألا يتعدى خصوصية الشريك أو يقلل من احترامه وإليكما بعض القواعد وحدود المزاج بين الزوجين: [2,5]
- العلاقة غير المتكافئة: أي إذا كان شخص ما في علاقة يحب المزاح المزعج أو العنيف، لكن شريكه لا يحبه فهذا ليس مزاحاً على الإطلاق، بل يتحول إلى إزعاج وإهانة للشريك ونظراً لأن للمزاح أنواع كثيرة فإذا لم يكن الزوجان بنفس (الخندق) كما يقال أي أنهما يتفقان على نوع المزاح الذي يضحكهما سويةً؛ فقد يكون المزاح مؤلماً للغاية وحتى مسيئاً.
- استخدام المزاح كوسيلة لكسر الجمود فقط وعدم تجاوز الحدود: فمثلاً لا تعلق على مظهر الشخص، أو أي إخفاقات أو نقص محسوس. بدلاً من ذلك، ركز على الخبرات المشتركة كما يمكنك المزاح حول أمور سطحية مثل تعبير شريكك عن الملل الدائم أو اختيار بعض الملابس لكن انتبه فرغم ذلك، يمكن أن يسبب الأذى إذا لم تكونا على دراية ببعضكما البعض، فقد لا يكون لديكما الوئام للمشاركة في مثل هذه الطريقة المألوفة.
- استخدام المزاح كآلية دفاع: انتبه لما إذا كنت تستخدم الدعابة كآلية دفاعية لإخفاء مشاعرك الحقيقية.
- استخدام المزاح كذريعة: فمثلاً عندما تقول "كنت أمزح فقط،" للتستر على كونك مخطئاً، فإن روح الدعابة لديك هي تجنب للمسؤولية وهذا مؤذي لشريكك.
- عندما يتحول المزاح لسخرية فإنه يقتل الود بينكما: انتبه لنواياك عندما تمزح لأن السخرية من عيوب شريكك ليس أمراً ممتعاً على الإطلاق فإذا كنت تستمتع بالسخرية من شكل أو وزن شريكك أو أي صفة لديه، فهذه هي سمة المتنمر، لذلك قد يكون من الأفضل البحث عن حلول لتتخلص من هذا التنمر في حياتك الزوجية.
- التعليقات السلبية العدوانية: غالباً ما يكون الماهرون في الفكاهة العدوانية السلبية جيدين جداً لدرجة أن تعليقاتهم قد تبدو لطيفة في البداية لكنها مزعجة فعلى سبيل المثال، تخبرك زوجتك أنها فقدت خمس كيلو غرامات من وزنها وتجيبها "يبدو أنك فقدت الكثير من الوزن!" بينما هذا التعليق يبدو طبيعي من ناحية، فإنه قد يشعرها بالإهانة من ناحية أخرى لذا انتبه جيداً لما تقوله وما تعنيه فعلياً فقد تؤدي جملة "تبدين رائعة!" إلى نتيجة أقوى لبناء العلاقات.
الضحك دواء جيد بالمعنى الحرفي للكلمة له تأثيرات فسيولوجية مهمة عليك وعلى زوجك/زوجتك حيث كتب الفيلسوف الفرنسي فولتير : "يتكون فن الطب من تسلية المريض بينما تعالج الطبيعة المرض".
تشير الأبحاثُ الحديثة إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بروح الدعابة يعانون من أعراض مرض جسدي أقل من أولئك الذين لا يتمتعون بروح الدعابة، وكما قيل "القلب البهيج دواء جيد".
- المزاح يساعد على التأقلم: حيث يشير المحلل النفسي مارتن جروتجان، مؤلف كتاب ما وراء الضحك، إلى أن "امتلاك حس الدعابة يعني فهم المعاناة الإنسانية".
- تخفيف وطأة الحياة التوتر والقلق: حيث أن كل زواج له صعوباته فعندما تضيق الأمور المالية أو تواجه مشكلات في تصرفات أطفالك أو تزدحم حياتك بالمواعيد وتنسى ذكرى مهمة لكما كزوجين عندها صدقاني لا تُقدر الفكاهة بثمن، أثبتت الدراسات أن الأفراد الذين يتمتعون بحس دعابة قوي هم أقل عرضة للإرهاق والاكتئاب وهم أكثر عرضة للاستمتاع بالحياة بشكل عام وخاصة زواجهم.
- استمرارية العلاقة الزوجية: قالت الكاتبة وكاتبة السيرة الذاتية أغنيس دريبليير، التي كانت معروفة بحسها السليم وحكمها الجيد، "لا يمكننا حقاً أن نحب أي شخص لا نضحك معه أبداً".
- زيادة مشاعر الحب والود: فكلما ضحكتما معاً ستحبان بعضكما أكثر.
- المزاح يجعلهما يشعران بالراحة: عندما تمازح مع شخص ما فأنت تدعوه للتخلي عن حذره والتفاعل معك بطريقة توفر التقارب والألفة.
- بناء الثقة بين الزوجين: المزاح يساعد على التقارب بين الزوجين وزيادة فهم كل منهما للآخر بشكل أقرب، ما يؤثر مباشرة على تعزيز الثقة بينهما.
- يشجع على الاتصال: المزاح يشجع على الاتصال والحميمية في العلاقات الجديدة والقديمة والرومانسية والأفلاطونية، يمكن للمزاح أن يضيف بُعداً رائعاً لمحادثاتك، ويعزز الشعور بالألفة والقرب من زوجك / زوجتك.
- مواجهة الضغوط: يعتبر المزاح بين الزوجين من أنجح الاستراتيجيات للتغلب على المحن والمشاكل والمواقف الصعبة التي يمران بها.
- يخفف من حدة التوتر بين الزوجين: والسبب في ذلك هو تأثير الضحك على الجسم والعقل فعندما نضحك، يتم إطلاق مواد كيميائية في الدماغ تجعلنا نشعر بالراحة.
- إضفاء السعادة والبهجة للحياة الزوجية: فالضحك والابتسامة بين الزوجين تذكرهم بمدى سعادتهم في هذا الزواج وتساعدهم على تجديد أسباب السعادة والحفاظ عليها.
- التأثير الإيجابي للضحك على الدماغ: تقول الأخصائية الاجتماعية الإكلينيكية المرخصة في مركز روس في نيويورك باربرا والدفوغل: "من المعروف أن الضحك يحفز الإندورفين، وهو مادة أفيونية طبيعية للجسم". يزيد الإندورفين من تحمل الألم الجسدي والعاطفي. ويحفز إطلاق السيروتونين والدوبامين. وهما الناقلان العصبيان المسؤولان عن الفرح والمزاج العالي".
ينتج عن هذا تأثيراً بيولوجياً مشابهاً لمضادات الاكتئاب لكن بدون أي آثار جانبية سلبية، كذلك يساعد إطلاق هذه المواد الكيميائية أيضاً على استرخاء العضلات وإبطاء التنفس ومعدل ضربات القلب، مما يقلل بشكل فعال من بعض آثار الإجهاد. [2,3,4]
الفكاهة والمزاح اللاذع يمكن أن يؤذي الطرف الآخر حيث يمكن للمزاح أن يكون سلبياً مؤذياً ويترتب عليه أضرار مثل:
- فقد الأمان في العلاقة: عليك التركيز على النكات الخفيفة والمرحة دون إغاظة الشريك لأن الإزعاج والإغاظة سيشعره بعدم الأمان الشديد تجاهك.
- يمكن أن يكون المزاح ضاراً إذا تم استخدامه كمصدر للعقاب: يُقصد بهذا الشكل عندما تستخدم "المزاح" من خلال الإدلاء بتعليق غير لطيف، يتبعه دفعة صغيرة و "أنت تعرف أنني أمزح!" المزاح ينطوي على الأخذ والعطاء إذا لم يكن هناك أخذ وعطاء، فهذا ليس مزاحاً، بل إساءة لفظية.
- استخدام المزاح دائماً يسبب قلة الثقة: غالباً لا يمكن الوثوق بالأشخاص الذين يقولون النكات باستمرار ويكون المزاح أساساً أجوبتهم فهذا يبقي الشخص الآخر على مسافة بحيث لا يعرفك حقاً.
- الكزاج الثقيل يقتل الود والألفة: في حال استخدم المزاح بطريقة خاطئة يسبب النفور ومشاعر سلبية.
- الاستنكار الذاتي: ويقصد فيها النكات التي تقلل فيها من شأن نفسك أو عندما تمنح الآخرين الإذن بالسخرية منك مرة أخرى تسبب بهذا الأذى لذاتك. [2,5]
من الطبيعة البشرية الاستمتاع بالنكت والمزاح ولا يحرم الإسلام ذلك لكن هناك حدود، فقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن المزاح الشديد لأنه "يميت القلب".
وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تفرط في الضحك، فالضحك المفرط يقتل القلب". (ابن ماجه)، وبالتالي، فإن الاعتدال مطلوب حتى في الدعابة ومن الضروري أيضاً أن نعرف أوقات المزاح والفكاهة ونميزها عن وقت الجدية.
وسبب هذا التحريم أن الإفراط في الضحك يجعل الناس يأخذون الحياة أقل جدية ويبدأون في رؤية الفكاهة في كل شيء، كما نهى الرسول الكريم عن المزاح في أمور الطلاق لأنه يصبح حقيقة وعلى الزوجين احترام بعضهما البعض والمزاح بألفاظ لطيفة والابتعاد عن الاستهزاء والمزاح في أمور الشرف والعرض؛ حيث كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم الدعابة والضحك والابتسام على النكات الحلال. [6]
في نهاية المطاف المزاح وروح الدعابة بين الزوجين مهمة في تقريب القلوب وبث البهجة والسرور في حياتهما الزوجية مع الانتباه أن للمزاح أوقات علينا مراعاتها والانتباه إليها وعدم تجاوز حدود الأدب والاحترام بين الزوجين.