تأثير الخيانة الزوجية على المجتمع
قد تظن أن أثر الخيانة الزوجية مقتصر على الأطفال والأسرة فقط، إلا أن هذا التأثير ينعكس سلباً على المجتمع ككل، ويعتبر انتشار الخيانة الزوجية من الظواهر الاجتماعية التي تزايدت خطورتها مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما سنتحدث عنه خلال مقالنا.
الخيانة الزوجية أحد أبرز الأمراض الاجتماعية التي لا ينحصر تأثيرها على الخائن وزوجته / الخائنة وزوجها وأولادهما، بل يطال تأثيرها المجتمع ككل، وهذا ما سنوضحه تالياً: [1،2]
- ضعف الثقة في العلاقات الزوجية: تفشي ظاهرة الخيانة الزوجية تؤدي لفقدان الثقة بين الأزواج سيما إذا كان أحد من أقرباء الزوجين خان شريكه فيزداد القلق من أن يسلك الزوج/الزوجة السلوك ذاته.
- ارتفاع معدلات الطلاق وتفكك الأسرة: غالباً لا يحتمل أحد الزوجين الخيانة، فيقوم بطلب التفريق والطلاق ما يسبب بتفكك الأسرة وتشرذمها ويكون الخاسر الأكبر هم الأولاد الذين يفتقدون سند الأب وحنان الأم.
- وصمة العار: حيث تعاني عائلة الزوج الخائن أو إذا كانت الخائنة هي الزوجة؛ من وصمة عار في المجتمع تمتد لسنوات وأحياناً عقود.
- الضغوط الاقتصادية الناتجة عن الطلاق: فإذا حدث الطلاق يسبب بقاء أحد الشريكين مع الأولاد بانخفاض دخل الأسرة أو انعدامه، لاسيما إذا كانت الزوجة المطلقة لا تعمل، بالتالي ستحتاج إلى المساعدة مما يشكل ضغطاً على المجتمع سيما إذا ارتفعت نسبة الطلاق كثيراً.
- تؤثر الخيانة الزوجية سلباً على التنمية: فالزوج الخائن /الزوجة الخائنة، سيشعر بتأنيب الضمير لأنه يخون زوجه ويضيع جهده في الاهتمام بالشخص الآخر الجديد، مما يؤدي إلى قلة تركيزه على عمله، وانخفاض إنتاجيته، كذلك الأمر بالنسبة للزوج المخدوع /الزوجة ستتراجع ثقته بنفسه وسنشغل تفكيره بكيفية التعاطي مع هذه الخيانة ما ينعكس سلباً على عمله وإنتاجيته.. بالتالي كلما زادت الخيانة الزوجية تأثرت التنمية في المجتمع سلباً.
- انتشار الأمراض المنقولة جنسياً: كالإيدز، فممارسة الجنس خارج إطار الزواج ومن دون اتباع أساليب الحماية يزيد خطر الإصابة بمرض الإيدز وغيره من الأمراض، وقد ينتقل المرض إلى الزوجة والأولاد ما يسبب كارثة للأسرة، بالتالي كلما زادت حالات الخيانة الزوجية زاد احتمال انتقال الأمراض المنقولة جنسياً في المجتمع وهذا يشكل تحدياً لهذا المجتمع عليه مواجهته.
- زيادة حالات الاكتئاب والحزن: تترك الخيانة الزوجية آثارها على الزوجين الخائن والمخدوع، وقد يسبب لهما الاكتئاب فالمخدوع قد يغرق بتأنيب الضمير لتسببه بتفكك أسرته والمخدوع سيشعر بالاكتئاب وتنخفض ثقته بنفسه، وتختلف هذه الحالة باختلاف طبيعة الأشخاص فقد يتجاوزها بعض الأزواج فيما تصل بآخرين حد قتل الطرف الخائن أو الانتحار.
- الآثار السلبية على الأطفال: الخاسر الأكبر من أي خيانة زوجية أو طلاق هم الأطفال، قد يتخلى عنهم والديهم فيصبحوا عرضةَ للعنف والتحرش وقد يتم استغلالهم من قبل أشخاص منعدمي الضمير حتى من الأقارب ذاتهم، ليضيع مستقبل هؤلاء الأطفال.
تقرير عن الخيانة الزوجية على الانترنت في العالم العربي
في عام 2015، تمكن مجموعة من الأشخاص المجهولين (قراصنة أنترنت) من اختراق قواعد بيانات مستخدمي شركة آشلي ماديسون الجنسي AshleyMadison.com وهو الموقع الأول للأفراد المتزوجين الذين يبحثون عن شركاء خارج نطاق الزواج، حيث تصدر السعوديون قائمة زوار هذا الموقع بأكثر من 1230 مستخدماً، يليهم المغاربة ب 999 مستخدم، فالبحرين 730، فالأردن 685، ثم لبنان بأكثر من 359 مستخدماً، ويبدو أن العراقيين هم الأقل اهتماماً بممارسة علاقة خارج نطاق الزواج، حيث تم تسجيل 33 عنواناً فقط. [4]
لكن الدول العربية ليست ضمن العشر دول الأوائل للخيانة الزوجية في العالم
قام موقع "The Richest" بتحليل البيانات من مواقع المواعدة للكشف عن الجنسيات الأكثر عرضة وارتكاباً للخيانة الزوجية، ووضعت قائمة بأكثر من 10 بلدان ترتفع فيها نسبة الخيانة الزوجية حول العالم، والخبرالجيد ربما أن الدول العربية كانت خارج هذه الدول العشر، التي تصدرتهم تايلاند بنسبة 56%، وكانت آخرهم أي رقم 10 فنلندا بنسبة 36%. [5]
من أسباب انتشار ظاهرة الخيانة في المجتمع العربي
هناك الكثير من التقارير الإخبارية والدراسات التي تتحدث عن انتشار الخيانة الزوجية في مجتمع ما وفقاً لنسب وأرقام صريحة واضحة في محاول لفهم الظاهرة والحد من التأثيرات السلبية الناتجة عنها على الأسرة والأطفال والمجتمع ككل، لكن في الدول العربية لا توجد إحصائيات دقيقة منشورة عن حالات الخيانة الزوجية أو ارتفاع معدل الطلاق أو جرائم الشرف بسبب الخيانة الزوجية، والتي تحصل في العالم العربي لأسباب كثيرة منها: [3]
- عدم التكافؤ بين الزوجين: كأن يكون فارق العمر الكبير بين الزوجين أو الفجوة الكبيرة في التعليم أو حتى تفاوت الوسامة والجمال؛ دافعاً لأحدهما لارتكاب الخيانة الزوجية.
- قلة الاهتمام والمودة بين الزوجين: عندما يشعر أحد الزوجين بالإهمال وقلة الاهتمام من الطرف الآخر قد يدفعه ذلك للبحث عن شخص آخر يهتم به.
- الانتقام: إذا عرف أحد الزوجين أن الطرف الآخر يخونه، ولا يستطيع مواجهته أو الانفصال عنه، فقد يلجأ للانتقام من الزوج الخائن من خلال القيام بالمثل أي خيانته مع شخص آخر، وهكذا يصبح كل من الزوجين خائناً.
- عدم الرضا عن العلاقة الجنسية: إذا كان أحد الزوجين غير راضٍ عن العلاقة الجنسية مع الآخر فقد يدفعه ذلك للبحث عن شخص آخر ليمارس معه الجنس ويكون راضياً عنه.
- التسامح الاجتماعي مع الرجل: من أسباب انتشار الخيانة في الدول العربية التسامح مع خيانة الرجل والموقف السلبي الذي يتخذه المجتمع من خيانة الزوج لزوجته الذي يصل في بعض الثقافات إلى تبرير هذه الخيانة بشكل كامل.
الخيانة الزوجية ليست قدراً، يمكن الحد من الخيانة الزوجية ومنع انتشارها في المجتمع من خلال ما يلي: [7]
- تعزيز المنظومة الأخلاقية: انتشار الخيانة الزوجية ليس إلّا انعكاساً لضعف المنظومة الأخلاقية، وقد يكون تجنب الحديث المباشر عن الخيانة الزوجية مع الناشئين سبباً لفقدان الروادع الأخلاقية والدينية، لذلك يعتبر العمل على تنمية الروادع الدينية والأخلاقية لدى الأفراد والمجتمع أهم الإجراءات للحد من الخيانة الزوجية.
- تحقيق العدالة الاجتماعية بين الجنسين: التسامح الاجتماعي مع خيانة الرجل لزوجته أحد الأسباب الجوهرية لانتشار ظاهرة الخيانة، ليس فقط من قبل الرجال بل حتى من قبل النساء اللواتي يلجأن للخيانة كنوع من الانتقام الاجتماعي والانتقام من الزوج الخائن، ولذلك يجب أن يكون الرجل معرضاً للمساءلة عن ارتكابه الخيانة بنفس الدرجة التي تتعرض فيها المرأة للمساءلة والمعاقبة.
- تعزيز الحب والاهتمام بين الزوجين: من المهم أن يهتم الزوجان ببعضهما البعض وأن يحبا بعضهما، ولكن الأهم التعبير عن هذا الحب والاهتمام صراحة ومن خلال الأفعال والسلوك، كأن يقول أحدهما للآخر كم يحبه ويشعر بالسعادة معه وهذا يساهم في التقارب أكثر بين الزوجين ويبعد شبح الخيانة الزوجية.
- العلاقة الجنسية القائمة على المودة: من المهم أن تكون العلاقة الجنسية حميمية وبرغبة الطرفين، وهذا يقوّم العلاقة الزوجية ويجعلها أكثر متانة، وإذا لم يكن أحد الزوجين راضياً عن العلاقة فعليه أن يتحدث للطرف الآخر عما يزعجه علهما يجدان حلاً يلائمهما معاً.
- الاهتمام بالذات: من المهم أن يهتم كل من الزوجين بنفسه وبمظهره كي يكون بأبهى صورة بنظر شريكه فيتجدد الانجذاب بينهما وتصبح علاقتهما ببعضهما أقوى وأقوى، ومن مظاهر الاهتمام شراء الملابس الجديدة على سبيل المثال، تغيير تسريحة الشعر أو لونه، الاهتمام بالصحة الجسدية والنظام الغذائي.. إلخ.
- تبادل الهدايا: تعد الهدايا أهم الأدوات التي يمتلكها الزوجان لتقوية علاقتهما ببعضهما، مثلاً من الجميل أن تقدمي لزوجك هدية بمناسبة عيد ميلاده، سيما إذا نسي أن هذا اليوم يصادف عيد ميلاده عندها سيشعر كم تحبينه وتهتمين به وستزداد علاقتكما قوة، والأهم ستدفعه للرد على هذا السلوك الإيجابي بإبداء المزيد من الاهتمام بك.
لمعالجة ظاهرة الخيانة الزوجية والحد من تأثيرها على المجتمع لا بد من الحديث عن الدوافع وكشف الأسباب التي تؤدي إلى حالات خيانة بين الزوجين، وهي: [1و6]
- عدم الرضا عن العلاقة الزوجية: قد يشعر أحد الزوجين بأنه غير راضٍ عن علاقته بشريكه أو أن الشريك لا يلبي رغباته لا سيما الجنسية، فيبحث عما يلبي هذه الحاجات ا لجسدية ويشعره بالرضا خارج العلاقة الزوجية.
- التعاسة الشخصية والرغبة في الحصول على الاهتمام: قد يشعر أحد الزوجين بأنه تعيس وأن شريكه يهمله ولا يهتم به، فيبحث عمن يخرجه من هذه الحالة، وإذا وجده وتعلق به يكون وصل إلى الخيانة الزوجية.
- الملل والرغبة في تجربة جنسية جديدة: هناك أزواج يحبون الخوض في تجارب جنسية مع آخرين ولا يكتفون بشريكهم مهما لبى رغباتهم، لذا يبحثون دائماً عن شخص جديد يمارسون معه علاقة جسدية خارج إطار الزواج.
- إدمان الجنس: هناك أزواج يدمنون الجنس ويريدونه بشكل كبير، وهذا قد لا يكون ممكن دائماً مع شريكهم الزوجي، فيبحثون عمن يشبع رغباتهم الجنسية المتزايدة خارج العلاقة الزوجية.
- الهروب من المشاكل الشخصية: إذا كان أحد الزوجين يعاني من مشاكل شخصية أو من خلافات وتوترات متتالية ومتكررة من الشريك، فقد يهرب من هذه الحالة من خلال الارتباط بشخص آخر ليصبح خائناً.
- غياب الأنشطة بين الزوجين: عندما لا يقوم الزوجان بأنشطة مشتركة كالخروج معاً في نزهة أو تناول العشاء معاً أو ممارسة لعبة مفضلة لهما أو مشاهدة فيلم، فهذا يدل على تباعد بينهما يمكن أن يؤدي بأحدهما أو كليهما إلى الخيانة.
- عدم الانجذاب بين الزوجين: عندما لا يقوم الزواج على الحب والمودة وعدم ارتياح أحدهما للآخر فهذا دافع للخيانة الزوجية، حيث سيبحث أحد الزوجين أو كليهما عمن يجذبه خارج العلاقة الزوجية.
- الضغوط المالية: عندما تعاني العائلة من ضغوط مالية فقد يكون هذا كافٍ لبعض الأزواج لخيانة الآخر.
في النهاية.. لا شيء يبرر الخيانة الزوجية، حتى لو كانت الدوافع كبيرة، فهناك خيارات أخرى يمكنك القيام بها كان تحاول تحسين علاقتك بزوجك وأن تتواصل معه عما يزعجك به وأن تبدي المزيد من الاهتمام به وهذا أفضل بكثير من أن تغامر بخيانة زوجك ما يؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة وما ينتج عنها من تأثيرات سلبية على المجتمع ككل.