مساعدة مريض الوسواس القهري على العلاج والشفاء
من الممكن أن يتسبب تعرض الإنسان إلى فترة من التوتر والقلق نتيجة ضغوط الحياة أو نتيجة أمور معينة إلى الوسواس القهري، وهو من الاضطرابات التي تسبب تعب وإرهاق نفسي للشخص المريض وأيضاً للأشخاص المحيطين فيه خاصة أسرته وأصدقائه وتجعل الجو المحيط به مشحون ومتوتر، لذلك سنبين في هذه المقالة طرق مساعدة مريض الوسواس القهري ودور الأهل والأصدقاء في التخلص منه.
الوسواس القهري Obsessive-Compulsive Disorder (OCD) اضطراب قد يكون من منشأ نفسي أو عقلي ويحدث غالباً نتيجة خلل في كيمياء الدماغ يدفع الشخص إلى نمط معين من السلوك وتكراره بصورة غير طبيعية، ويعرف الوسواس القهري بأنه اضطراب يعاني فيه المريض من أفكار ملحّة أو هواجس متكررة وغير مرغوب فيها متعلقة بحالة توتر وقلق ومخاوف من الضرر أو الخطر.
هذه الهواجس والأفكار تسيطر على مريض الوسواس وتدفعه للقيام بسلوك معين بشكل متكرر وغير منطقي مثل القيام بغسيل اليدين بشكل متكرر جداً ومبالغ فيه، يهدف المريض من خلال هذا السلوك إلى التخفيف من التوتر والقلق ومحاولة الشعور بالراحة المؤقتة.
غالباً ما يعرف المصابين بالوسواس القهري بأن هواجسهم ليست واقعية ويحاولون التخلص منها ولكن يواجهون صعوبة كبيرة في ذلك مما يتطلب تدخل من قبل طبيب نفسي ومساعدة من قبل الأهل والأشخاص المحيطين لإيقاف هذه السلوكيات القهرية وعلاج المريض.
تعدد أنواع الوسواس القهري ومن أكثر الأنماط السلوكية القهرية شيوعاً هي قضم الأظافر، نتف الشعر، الاهتمام الشديد بالترتيب، غسل اليدين بشكل غير طبيعي، فحص الأقفال والأجهزة الكهربائية بشكل مفرط. [1]
كثيراً ما يتم التساؤل فيما إذا كان هناك علاج نهائي لاضطراب الوسواس القهري، وهنا سنوضح بعض النقاط حول هذا السؤال: [2]
- العلاج النهائي للوسواس: في الحقيقة لا يوجد علاج نهائي للوسواس القهري وذلك كما هو الحال مع جميع أشكال الأمراض العقلية فهو من الأمراض الحادة التي تحتاج للعلاج بشكل مستمر.
- فوائد الأدوية: على الرغم من أنه لا يوجد علاج نهائي للوسواس القهري إلا أن الالتزام بالأدوية الموصوفة من قبل الطبيب يساعد في التقليل أو إزالة أعراض الوسواس من قلق وتوتر ورغبة في تكرار السلوك القهري.
- دور الأسرة والمجتمع: لا يمكن التخلص من أعرض الوسواس القهري بدون اللجوء إلى العلاج الدوائي بالإضافة إلى دور الأهل والأصدقاء في مساعدة المريض في إعادة الاندماج مع المجتمع والشعور بأنه شخص طبيعي.
- زوال أعراض الوسواس والانتكاسة: قد تزول أعراض الوسواس القهري لمدة طويلة ولكن هذا لا يعني أنها لن تعود مجدداً فمن الممكن أن تحدث انتكاسة تتسبب في عودة السلوك القهري وعادة ما تكون الأعراض أكثر قوة.
- صعوبة ودرجة الحالة: يتوقف التخلص من أعراض الوسواس القهري على مدى سوء حالة المريض ونوع الوسواس الذي يسيطر عليه.
العيش مع مريض يعاني من الوسواس القهري يحتاج إلى صبر وقدرة على تقبل المرض والشعور بالمسؤولية تجاه المريض ومحاولة مساعدته في تخطي هذه السلوكيات القهرية، وهنا سنذكر كيفية التعامل مع مريض الوسواس القهري من قبل الأشخاص المقربين منه وخاصة أفراد أسرته: [3]
- التعرف على المرض: أول خطوة لمعرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع مريض الوسواس القهري هو التعرف على المرض والقراءة عنه وعن أعراضه مما يساعد على تفهم أفعال المريض ومحاولة مساعدته وتقديم الدعم له.
- الصبر والتفهم: مرض الوسواس القهري من الأمراض التي تحتاج إلى وقت طويل لتخطيها لذلك يجب على أفراد الأسرة التحلي بالصبر وعدم فقدان الأمل في التخلص من المرض.
- خلق جو مرح: يمكن أن تساعد الأجواء المرحة في التخفيف عن مريض الوسواس القهري وتخليصه من التوتر والقلق الذي يتسبب في تكرار السلوك القهري.
- تقديم الدعم: يساعد شعور المريض بدعم أسرته ومحيطه له في التخفيف من أعراض الوسواس القهري، ويتمثل تقديم الدعم بمرافقة الوالدين للمريض عند حضور جلسات العلاج وتقبل مشكلته وتشجيعه وإشعاره بالحب غير المشروط والمرتبط بالتوقف عن السلوك القهري.
- الثناء على المريض: إن التركيز على الأمور الإيجابية والثناء على قدرة المريض على التغيير يساعد في تشجيعه ودفعه للمثابرة في تقدمه والتوقف عن تكرار السلوك القهري.
- مساعدة المريض في الاندماج بالمجتمع: غالباً ما يتسبب الوسواس القهري في جعل المريض ينعزل عن المجتمع بسبب خجله من سلوكه وعدم قدرته على التخلص منه والخوف من تعرضه للمواقف المحرجة أو التنمر وشعوره بأنه منبوذ من أقرانه وهنا يأتي دور أسرته لمساعدته والتقليل من هذا المخاوف ودفعه للتواصل مع المجتمع كشخص طبيعي.
- محاولة رصد وتتبع الانتكاسة: كما ذكرنا سابقاً بأن التوقف عن السلوك القهري لا يعني أن الوسواس لن يعود مجدداً، فغالباً ما تحدث انتكاسة بسبب التعرض لموقف يصيب المريض بالتوتر والقلق ويدفعه إلى العودة للسلوك القهري للشعور بالراحة، ودور الأهل هنا يتمثل في رصد هذه الانتكاسات والسيطرة عليها وحث المريض على الذهاب للعلاج حتى لا تتفاقم الحالة.
تعامل الزوجة مع الزوج المريض بالوسواس القهري يختلف عن التعامل مع الأبناء أو الآباء المصابين به حيث يحتاج أسلوب خاص لتجنب شعور الزوج بالنقص أو الرفض من قبل الزوجة، وهنا نقدم بعض الطرق التي تساعد في التعامل مع الزوج المريض بالوسواس القهري ومساعدته في التخلص منه: [4]
- خلق جو من الألفة: يساعد خلق جو من الألفة خالي من النزاعات والتوتر على تهدئة الزوج المريض والتقليل من الوسواس القهري فالمشاكل العائلة تزيد من حدة المعاناة والقلق والتوتر والذي يدفع المريض تلقائياً لممارسة السلوك القهري بهدف الشعور بالراحة.
- اقتراح استشارة الطبيب النفسي: إن لجوء مريض الوسواس القهري إلى طبيب نفسي لحل المشكلة أمر ضروري جداُ، ودور الزوجة هو إقناع زوجها المريض بمراجعة الطبيب ولكن باتباع أسلوب خالي من النقد والتعليقات السلبية والشكوى لأن ذلك يدفع الزوج إلى الشعور بعدم الثقة بالنفس والنقص مما يزيد من تأثير المشكلة سلباُ على نفسيته ويفاقم الأعراض.
- زيادة ثقته بنفسه: غالباً ما يشعر مريض الوسواس القهري بعدم الثقة بالنفس والخجل من تصرفاته التي لا يستطيع التخلص منها وبأنه أقل من غيره وهنا يجب على الزوجة تعزيز ثقة الزوج بنفسه وجعله يشعر بأنه قادر على التخلص من المشكلة وحلها وأن هذه المشكلة لا تقلل من أهميته ومحبة الناس المحيطين له.
- الحث على مواجهة المشكلة: أكبر تحدي قد يعترض الشخص المصاب بالوسواس القهري هو مواجهة المشكلة بسبب الخوف من الفشل لذلك يجب على الزوجة تشجيع زوجها وحثه على مواجهة السلوك القهري كخطوة أولى لعلاجه والتخلص منه.
- تحجيم المرض: يمكن للزوجة أن تساهم في علاج السلوك القهري للزوج من خلال تحجيم المرض والقضاء على مخاوف الزوج المريض وبأن التخلص من هذا الوسواس ليس مستحيلاً.
- احتواء الزوج المريض: مراعاة الموقف الصعب الذي يمر به الزوج وتفهم سلوكه يساعد بشكل كبير في التخفيف من المشاعر السلبية التي يعاني منها ويزيد من ثقته بنفسه.
- عدم مسايرة الزوج في سلوكه القهري: غالباً ما تلجأ الزوجة إلى مسايرة زوجها المريض بالوسواس القهري اعتقاداً منها أنها تساهم في الحد من المشكلة والتقليل منها ولكن ما لا تعرفه أن ذلك يؤدي إلى نتائج عكسية وسلبية وتفاقم الأعراض بشكل أكبر، فمثلاً عندما تقوم الزوجة بمسايرة الزوج المصاب بوسواس النظافة والقيام بالتنظيف المتكرر بالشكل المبالغ فيه لجعل الزوج يشعر بالارتياح فذلك يؤدي بعد فترة إلى عدم اكتفاء الزوج بعدد مرات التنظيف المبالغ بها والمطالبة بزيادة عدد مرات التنظيف أكثر وأكثر وبالتالي تفاقم الحالة بشكل مرهق.
للأصدقاء والمجتمع تأثير قوي سواء كان سلبياً أو إيجابياً على مريض الوسواس القهري ويتمثل دورهم الإيجابي في إعادة المريض إلى حالته الطبيعية والمساهمة في تخليصه من مشاكله وإعادة اندماجه مع المحيط وذلك من خلال: [3،5]
- إشعار المريض أنه محبوب: يحتاج مريض الوسواس القهري إلى الشعور بالحب وبأن أفعاله القهرية لا تجعل منه شخص منبوذ وخاصة من قبل الأصدقاء المقربين، ولكن ذلك لا يعني إشعار المريض بالشفقة وإنما بالمساندة والدعم له.
- قضاء وقت أطوال مع المريض: من المهم جداً أن يحاول الأصدقاء البقاء مع المريض خلال اليوم وذلك لتشتيت انتباهه عن الفعل القهري ونسيانه وعدم تكراره بالشكل المبالغ فيه مما يساهم تدريجياً بالتخلص منه.
- تشجيع المريض: يحتاج المريض إلى تشجيع من قبل الأصدقاء والمجتمع وتعزيز ثقته بنفسه لتخطي هذا الوسواس القهري وذلك من خلال التركيز على قدرة المريض في التخلص منه وثقتهم بهذه القدرة.
- تجنب السخرية على سلوك المريض: أسوأ الأفعال التي قد يقوم بها الأصدقاء والتي قد تؤدي إلى تفاقم حالة المريض وانتكاسه هي السخرية من تصرفاته وإحراجه مما يساهم في توتره وقيامه بالسلوك القهري بصور أكبر.
- تجنب التعامل معه بشفقة: يجب على أصدقاء المريض التعامل معه على أنه إنسان طبيعي وعدم إشعاره بالشفقة على حالته فهناك فرق بين التعاطف معه والتعامل معه بشفقة.
في بعض الحالات يرفض مريض الوسواس القهري الخضوع لجلسات العلاج أو الذهاب إلى الطبيب النفسي أو حتى تناول الأدوية التي يصفها وهنا يمكن أن يكون للأسرة دور إيجابي في محاولة إقناع المريض بالعلاج من خلال التعامل معه بالشكل التالي: [5]
- عدم الاجبار على تلقي العلاج: الضغط على المريض ومحاولة إجباره على تلقي العلاج يتسبب في ردود فعل عكسية من قبله وزيادة عناده ورفضه للعلاج.
- عدم اشعار المريض بالذنب: لا تحاول إشعار المريض بالذنب وأنه سوف يتسبب بالحزن والألم للأسرة نتيجة تصرفاته لأن ذلك يزيد من توتره وقلقه وازدياد ارتكابه للسلوك القهري.
- طمأنة المريض: قد يكون سبب رفض المريض للعلاج هو خوفه من النتائج أو من اتهامه بالمرض النفسي وأخذه إلى مصحة نفسية مثلاً، لذلك يجب على الأهل أن يحاولوا طمأنة المريض وإقناعه بأهمية العلاج والأدوية الموصوفة.
- تغيير الطبيب المعالج: أيضاً قد يكون رفض المريض للعلاج هو عدم الارتياح للطبيب النفسي المعالج وهنا ممكن أن يساعد تغير الطبيب في حل المشكلة.
- التعاون مع المعالج النفسي: يمكن أن يساعد التعاون ومناقشة مشكلة الرفض مع المعالج النفسي في اختيار الطريقة المناسبة لإقناع المريض بالعلاج.