كيف أتخلص من التفكير بالانتحار والأفكار الانتحارية؟
عندما تسوء الأمور بالنسبة إليك بشكلٍ كبير وتُصبح عاجزاً عن إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تُواجهك من الطبيعي أن تفكر بالانتحار وأن تبدأ أفكار الانتحار بالتسلل إليك، التفكير بهذه الطريقة يكون غالباً علامة على شعورك بالاكتئاب والإحباط وحتى اليأس الأمر الذي قد يبدأ بتصوير الانتحار إليك على أنه الخيار الوحيد لمشاكلك.
ولكن.. عليك ألا تنساق وراء هذه المشاعر فليس صحيحاً أنك لا تملك خياراً سوى الانتحار أنت فقط غير قادرٍ على إيجاد الخيارات المناسبة، واعلم جيداً أنّك لست الوحيد هنا الذي مرّ بهذه التجربة وأنّ هذه المشاعر ليست دليلاً على وجود عيبٍ فيك. بعد أن تُدرك هذا عليك أن تُحاول محاربة هذه الأفكار دون أن تدعها تدفعك للانسياق وراءها وأن تُحاول طلب المساعدة لتجاوزها والتغلب عليها.
من المهم أن تعلم أنّ تفكيرك بالانتحار لا يعني أنك ستبقى كذلك دوماً فمن الممكن أن تعود لوضعك الطبيعي وتتحسن من جديد، ولحسن الحظ يوجد الكثير من الأشياء التي يمكن أن تُساعد في تسريع هذا التحسن، من أهمها: [4]
الاختلاط مع الآخرين والحديث مع شخص بشكل يومي
حاول أن تطلب من أحد أصدقائك الخروج معك وقضاء بعض الوقت معاً واستغل هذا الوقت في الحديث معه عن مواضيع مختلفة وأخبره عما تشعر به أيضاً.ضع مفكرةً لأعمالك
حاول أن تكتب قائمةً بالأعمال التي ترغب بإنجازها في كل يوم على ورقة والتزم بها مهما حصل وحاول أن تحصر يومك في روتين معين فهذا سيجعل تشعر بالسيطرة على حياتك بشكلٍ أكبر.تنزه في الطبيعة
الخروج من المنزل والسير تحت أشعة الشمس لمدة 30 دقيقة يومياً يمكن أن يكون مفيداً لك ويُساعد على تخطي أزمة التفكير بالانتحار.مارس الرياضة
مارس الرياضة بشكل مستمر واحرص على القيام بذلك يومياً مهما حصل، ممارسة الرياضة تؤثر بشكل كبير على حالتك المزاجية وتجعلك تشعر بالسعادة والراحة.خصص وقتاً للأشياء التي تجلب لك السعادة
فكر في الأشياء التي تستمتع بالقيام بها وخصص بعض الوقت لها ضمن روتينك اليومي، إن كنت تُحب القراءة فخصص بعض الوقت لمطالعة كتابٍ يُعجبك وإن كنت تُحب مشاهدة الأفلام فحاول أن تخرج وتُشاهد فيلماً في السينما أو مع شخصٍ تُحبه.استعد شغفك بالحياة
من خلال استعادة بعض الأنشطة أو الطموحات التي كانت تهمك سابقاً، ومحاولة العمل على تحقيق ما فاتك في الحياة، أيضاً يساعدك الانخراط في الأعمال التطوعية والجماعية على استعادة الشغف بالحياة.
في المقابل يوجد بعض الأشياء التي يمكن أن تجعل حالتك تنتكس من جديد وبالتالي عليك أن تتجنبها ومن أهمها:
الانعزال والوحدة:
يمكن أن يجعلك البقاء لوحدك أكثر تعاسةً ويزيد من سوء الأمور، لذلك عليك أن تتجنب البقاء وحيداً.التواصل مع أشخاص سلبيين:
أول ما يجب فعله عندما تحاول الخروج من وسواس الأفكار الانتحارية هو الابتعاد عن الأشخاص السلبيين الذين يغذون لديك المشاعر السلبية أو يشاركونك الميول الانتحارية، اقترب من الأشخاص الناجحين والمنطلقين في الحياة والذين يمنحوك طاقة إيجابية.القيام بأنشطة تزيد من كآبتك:
بعض الأنشطة مثل الاستماع لموسيقا حزينة أو النظر لصور تُعيد إليك ذكريات مؤلمة هو أمرٌ يجب عليك التوقف عنه.تعاطي الكحول والمخدرات:
على الرغم من أنّ أفكارك ستزين لك شرب الكحول وتناول المخدرات وتُصورهما كحلول للراحة إلا أنّ الواقع مختلف حيث أنّ كلاهما يمكن أن يزيدا من سوء الحالة ويجعلانك أكثر اكتئاباً.الشروع بالانتحار:
لا تسمح لنفسك أن تصل لمرحلة الشروع بالانتحار مثل تجهيز أدوات معينة أو شراء أدوية أو تخيّل ما سيكون عليه الوضع وأنت تقتل نفسك أو كيف سيتلقى الآخرون خبر انتحارك؛ جميع هذه السلوكيات مؤشرات خطيرة لا يجب أن تصل إليها، وبمجرد الوصول إلى هذه المرحلة أنت بحاجة للمساعدة فوراً.
عندما تسأل "كيف أتخلص من التفكير بالانتحار؟" فأنت ستكون قد بدأت بالسير في طريق العلاج حيث أنّ أولى الخطوات هي الاعتراف بالأمر والبحث عن حلّ، ما يجب عليك أن تُدركه هنا هو أنّ طبيعة علاج الفكر الانتحاري يُحدده الطبيب بناءً على الحالة ولذلك يكون من الضروري عليك أن تستشير طبيباً نفسياً.
وفي حال كنت غير قادرٍ على الذهاب لرؤية طبيب فمن الممكن أن تتواصل مع طبيب نفسي عبر الانترنت. يمكن أن تتضمن وسائل علاج التفكير بالانتحار أحد أو بعض الخيارات التالية: [4]
العلاج النفسي أو العلاج بالكلام:
يتضمن الأمر الحديث مع معالجٍ نفسي خبير تُخبره بما تشعر به ويُساعدك على استكشاف أسباب رغبتك بالانتحار وكيفية التعامل مع الأمر.العلاج الأسري التعليمي:
يتضمن هذا إشراك أفراد عائلتك أو شريكك في العلاج ويُساعدهم هذا العلاج على فهم ما تمر به بشكلٍ أفضل وتحسين العلاقات ضمن الأسرة.علاج الإدمان:
يمكن أن يُستخدم هذا العلاج في حال كانت أفكارك الانتحارية قد دفعتك للاتجاه لشرب الكحول أو تعاطي أدوية مخدرة معينة دون وصفة طبية.تغيرات في نمط الحياة:
من المحتمل أن ينصح الطبيب بإجراء بعض التغييرات في نمط الحياة بهدف التقليل من التوتر وتحسين نومك وبناء علاقات اجتماعية أقوى.تناول الأدوية:
يمكن أن يصف لك الطبيب النفسي بعض الأدوية لعلاج حالة الاكتئاب المسببة للأفكار الانتحارية، وقد تتضمن الأدوية المضادة للذهان الأدوية المضادة للقلق أيضاً.
من الضروري أن تُدرك مسبقاً أنّ علاج الأفكار الانتحارية يمكن أن يحتاج إلى الوقت حتى تظهر النتائج وتشعر بالتحسن ولهذا من الضروري أن تستمر بالعلاج حتى يؤكد الطبيب أنّك قد أصبحت بحالٍ أفضل.
يمكن أن يجد البعض طلب المساعدة أمراً شديد الصعوبة وخاصة عندما يتعلق الأمر بموضوعٍ حساسٍ مثل التفكير بالانتحار وذلك لأسبابٍ مختلفة كالخوف من نظر الآخرين لهم كمجانين.
لكن من الممكن القول إن المجتمع اليوم بدأ يتفهم المرض النفسي بشكلٍ أفضل من السابق ويعترف بتأثيره الكبير وأنّه ليس مختلفاً عن المرض الجسدي ولهذا أصبح طلب المساعدة أسهل ولكن الشخص الذي تختار طلب المساعدة منه يجب أن يكون شخصاً بالغاً تثق به وهذا يمكن أن يتضمن أحد أفراد أسرتك أو أصدقائك وفي حال اعتقدت أنّك غير قادر على طلب المساعدة من أحدهم فمن الممكن أن تطلب العون من طبيبٍ نفسيٍ مختص.
عندما تطلب المساعدة من المهم أن تُعبر بوضوح عن مقدار المعاناة التي تتعرض لها وتتحدث عن الصعوبات التي تُواجهها في الوقت الراهن وأن تشرح أيضاً آثار هذه المعاناة على حياتك.
إضافة لذلك من المهم للغاية أن تُصرّح بوضوح أنك تفكر بالانتحار فهذا سيوضح أنّك في أزمة حقيقية وأنك بحاجة للمساعدة الفورية.
وكمثالٍ على الطريقة التي يمكن أن تتحدث فيها مع الشخص المقرب: "أنا بحاجةٍ لأن أخبرك بشيءٍ بالغ الأهمية، إنّ حياتي صعبةٌ في هذه الفترة وأنا لست بخيرٍ فأنا أمر بالكثير ولست واثقاً أنني أستطيع التعامل مع الأمر، وقد بدأت أفكر بالانتحار بشكل متكرر في الآونة الأخيرة". [1]
على الرغم من أنّ التفكير بالانتحار والرغبة بقتل النفس يمكن أن تحدث لأي شخص إلا أن هناك بعض العوامل أو الحالات التي يُسبب التعرض لها شعوراً باليأس وقلة الحيلة ويدفعك للتفكير بهذا الشكل، بعض الأسباب الشائعة للتفكير بالانتحار يمكن أن تتضمن: [2]
- مشاكل واضطرابات نفسية: بعض المشاكل النفسية مثل القلق أو الاكتئاب يمكن أن تؤثر عليك وتجعلك أكثر عرضةً للتفكير بالانتحار.
- التعرض للتنمر والاضطهاد: يمكن لأي شكل من أشكال التنمر أن تدفع الضحية للانتحار في حال ازدياد الضغط عليه واضطهاده لمدة طويلة.
- التعرض للعنف والإساءة: سواء كان ذلك إساءةً نفسية أو جسدية من أحد أفراد العائلة أو غيره أو حتى الإساءة الجنسية من الشريك يمكن أن تكون عاملاً يدفعك للتفكير في الانتحار.
- نهاية علاقة عاطفية: مهما كان سبب انتهاء العلاقة يمكن أن يجعلك الأمر ضحية للحزن الشديد وحتى الاكتئاب.
- التكيف مع تغيرات كبيرة في حياتك: بعض التغيرات الكبيرة في الحياة مثل التقاعد قد تؤثر بشكل كبير على نفسيتك وتشعرك بالفراغ.
- مشاكل مالية: رغم أنّ المال ليس كل شيء إلا أنّ عدم القدرة على توفير المال الذي تحتاجه لحاجاتٍ معينة يمكن أن يكون سبباً في الشعور بالتعاسة ويقودك لأفكارٍ سلبية قد توصل للتفكير بالانتحار.
- الوحدة: يحتاج الجميع لعلاقات اجتماعية ولكن الوحدة يمكن أن تجعلك منعزلاً عن الآخرين فتكون أكثر عرضةً للاضطرابات النفسية.
- الشعور بالفشل: من الطبيعي أن تشعر بالسوء عندما لا تسير الأمور كما ترسم لها مسبقاً ولكن الأمر قد يصل إلى حالات شديدة من الإحباط والشعور بالضآلة.
- تناول بعض الأدوية: من الممكن أن تصيبك الأفكار الانتحارية كعرض جانبي لبعض الأدوية مثل: الأدوية المضادة للذهان وبعض مثبتات المزاج، من الضروري أن تُخبر الطبيب الذي وصف لك هذه الأدوية حالاً في حال شعرت بميولٍ انتحارية بعد تناولها.
خلال فترة الحمل من السهل أن تنشغل الأم بالتحضير لقدوم الطفل ورعايته والحرص على صحته لدرجة نسيان الاهتمام بنفسها والحفاظ على صحتها وهذا يتضمن الجانبين الجسدي والعقلي، فمن الشائع أن تُعاني المرأة الحامل من اكتئاب الحمل والذي يمكن أن يجعلها تعاني من بعض الأفكار الانتحارية.
في الحقيقة.. الشعور بميولٍ انتحارية خلال الحمل شائعٌ أكثر مما قد تعتقد ولكن الكثيرات لا يعرفن عن الأمر لأنّ العديد من النساء لا يجرؤن عن الحديث في الأمر، ويمكن أن يتخفى التفكير بالانتحار في أشكالٍ مختلفة مثل فقدان الرغبة في الوجود في مكانها الحالي أو الرغبة في الاختفاء وعدم التواجد مع من حولها وقد أفكار الحامل الانتحارية صريحة وتعبر عنها بالكلام.
يزداد خطر التعرض لاكتئاب الحمل والتفكير بالانتحار أثناء الحمل بشكل خاص لدى النساء اللواتي يُعانين أساساً من الاكتئاب وأولئك اللواتي أصبحوا حوامل دون تخطيط كما أنّ تعرض المرأة لتجربة صادمة في الماضي أو في الفترة الحالية يمكن أن يزيد من خطر الميول الانتحارية خلال فترة الحمل.
في حال انتابتك المشاعر السلبية خلال الحمل من الضروري أن تتواصلي مع أحدٍ وتُخبريه بذلك بدلاً من إخفاء الأمر، يمكن أن تُخبري زوجكِ أو فرداً من العائلة أو صديقةً ما.
كما يمكنك إخبار طبيبتك المشرفة على الحمل، حيث تكون الطبيبة عادةً مدركة لأعراض اكتئاب الحمل ويمكن أن تُساعدك أو أن تُقدّر ما إن كنتِ بحاجة إلى التواصل مع طبيب نفسي أم لا للتخلص من هذه الأفكار. [3]
في الختام من الضروري أن تتذكر أنّ التفكير بالانتحار لا يعني النهاية ولا يعني بالضرورة أنك وصلت إلى طريقٍ مسدود، فالحل وإن كان مخفياً عنك الآن سيظهر لاحقاً وستتمكن من البدء من جديد والوقوف على قدميك، لذلك احرص على عدم الاستسلام لليأس والمحاربة حتى النهاية لاسترجاع سعادتك وراحتك النفسية.