كيف تواسي زوجتك في وفاة والدها وتخرجها من حزنها؟
عندما يفقد أحدنا شخصاً عزيزاً وخاصة إذا كان أحد والديه فإن الحزن يفتح الباب أمام فيضان المشاعر المتضاربة في الوقت نفسه؛ من الصدمة والحزن والشعور بالذنب والخوف والوحدة واليأس والغضب والإحباط والعجز، ففقدان شخص محبوب يؤثر بشكل مختلف من شخص إلى آخر ويعتمد ذلك على قدرة الشخص نفسه على مواجهة الصدمة العاطفية.
كيف يكون الأمر إذا كانت زوجتك هي من تعرضت للخسارة، فأنتم شركاء الحياة الطويلة وقد قطعتم الوعود بأن تكونوا معاً في السراء والضراء. فما هي المشاعر التي تواجهها زوجتك؟ وكيف يمكنك أن تقف إلى جانبها وتكون سنداً لها وتخفف مصابها؟ نجيب عن هذه التساؤلات في مقالنا هذا ونقدم لك بعض النصائح التي تساعدك على دعم زوجتك بعد خسارة والدها ومواجهة التحديات التي قد تتعرض لها علاقتك الزوجية.
كي تتمكن من مساعدة زوجتك للخروج من حزنها وتخفيف معاناتها، عليك أولاً فهم مشاعرها المتضاربة ومعرفة ماذا يمكن أن يحدث للشخص إذا ما تعرض لفاجعة فقدان الأحبة، لهذا يجب أن تكون على دراية تامة بماهية الحزن التي قد يمر به الشخص على فقدان الأحبة فلا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للحزن، كما أنه لا توجد مدة زمنية له، واعلم أن هذه المشاعر التي تشعرها زوجتك أمر طبيعي، وتلك المشاعر هي :
- الغضب: أو مرحلة من مشاعر الفقدان، وقد يكون الغضب من الميت لأنه تركها، أو من الحياة غير العادلة، أو حتى معاتبة الله لأنه أخذ منها والدها.
- الإحباط والعجز واليأس: فموت والدها قد أحدث فراغاً كبيراً عندها ولا تعلم كيف يمكن تجاوز هذا الألم.
- الصدمة والخدر: وهي ردّ الفعل الطبيعي ويصاب بها الشخص الذي تعرض للخسارة وما تتضمنه من الدخول في حالة من الذهول وعدم إدراك المحيط.
- الشعور بالذنب بسبب شيء لم تتمكن من قوله أو قالته: أو الشعور بالذنب لعدم تواجدها مع والدها لوقت أطول أو لعدم قدرتها على شفائه وتأخير موته.
- الارتباك والتشويش وفقدان التركيز: وعادةً ما تستمر هذه المرحلة حتى وإن استطاعت زوجتك استعادة بعض نشاطها.
- قد تشعر بآلام جسدية: الآلام الجسدية من الأعراض الشائعة للحزن الشديد والتعب والإرهاق النفسيين، ومن الأعراض المتوقعة التي قد تشكو منها زوجتك بعد فقدان والدها.
- الاكتئاب: الكثير من الأشخاص يستطيعون تجاوز ألم الفقد بعد فترة بمساعدة المحيطين بهم، لكن العلاقة التي تربط المرأة بوالدها قد تقودها إلى الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية، لذلك عليك مراقبة سلوك زوجتك جيداً في هذه الفترة.
قد يتجاوز حجم الفاجعة تصوراتك فالحزن على الأهل والأحباب من أشد الأمور صعوبةً على المرء، وزوجتك التي فقدت والدها قد لا تتحمل تلك الصدمة، لذا فمن واجبك كزوج وشريك لها؛ مساعدتها لتخطي هذه الأزمة النفسية والعاطفية، وهنا نقدّم لك بعض النصائح لمساعدة زوجتك على تجاوز ألم الفاجعة والحزن: [1،2]
- المساعدة في القيام بواجبات العزاء والدفن: عندما تلمّ فاجعة الموت بأحدهم لا يكونون في حالة عقلية سليمة فإن الصدمة قد تنسيهم ما يمكنهم فعله لذا عليك الإسراع للتكفل بأمور الجنازة والدفن والقيام بواجبات العزاء.
- امنحها الوقت والمساحة: إن إعطائها المساحة الخاصة بها لا يعني أن زوجتك لا تريدك بالقرب منها أو أنه لا يمكنك مساعدتها لتخفيف معاناتها بل على العكس، فأنت تحترم خصوصيتها وتعطي لحزنها قيمة، دعها تمر بفترة الحزن ولا تضغط عليها لتستمر في حياتها المعتادة أو تحاول التسريع للتخلص من الحزن، اترك الألم يأخذ وقته حتى تستوعب المَصَاب، قد يستغرق الحزن ما بين 18 و24 شهراً، ولكن يمكن أن يكون أقصر مدةً أو أطول.
- لا تسمح لها بالانعزال كلياً: من الطبيعي أن تحتاج زوجتك البقاء بمفردها ولكن لا تتركها تختلي بنفسها كثيراً، بل شجعها على الانضمام إلى العائلة والأحباب والأصدقاء، قد لا يستطيعون مواساتها بالكلمات المعتادة إلا أن وجودها بينهم يقلل من شعورها بالوحدة.
- قل شيئاً لطيفاً: لا شكّ أنك تعلم كيف تواسي الآخرين وتعزيهم بعبارات وكلمات مواساة عند فقدان أحبائهم، ولكن يختلف الأمر عندما يكون الشخص المعني هو زوجتك، لا يخفى على أحد مدى تعلّق الفتيات بآبائهن، ولا يمكنك تصوّر الصدمة التي قد تتعرض لها عند خسارتها لوالدها لذا عليك أن تنتبه إلى أقوالك، فاختر كلمات لطيفة ومليئة بالحب.
- أحضر زهوراً إلى المنزل: بينما تمرّ زوجتك بحالة الحزن والخسارة على مصابها اسمح لها لتتعايش مع حزنها كيفما تشاء. فهي ستحتاج إلى البقاء بمفردها غالباً لتذكر مأساتها، ومواجهة آلام الخسارة وهذا حقها الطبيعي.
ولكنك قد تشعر كما لو أنك تنأى بنفسك عن زوجتك أو تتخلى عنها في هذا الوضع العصيب، لذا يمكنك القيام بأشياء بسيطة وملفتة تشعرها بأنك إلى جانبها دائماً وأنك موجودٌ لأجلها إذا ما احتاجت إليك، كأن تجلب أزهاراً إلى البيت أو تحضر نبتة لتهتم بها، أو تقومان معاً بزرع شجرة لأجل والدها. - كن كتفاً تستند إليه وعوناً لها: هذا هو الوقت الذي ستكون زوجتك بأمس الحاجة إليك ولو لم تكن قادرة على التعبير عن ذلك، فعندما يحزن أحدنا يفقد السيطرة على أقواله وأفعاله وقد يقول شيئاً جارحاً دون وعي وإدراك، لذا حاول أن تتفهم الأمر وتبقى إلى جانبها ولا تظهر ردّ فعل عكسي على تصرفاتها، لأنها ببساطة فقدت الإحساس بمن حوالها.
- لا تحكم على زوجتك أثناء فترة حزنها: زوجتك قد تهمل المنزل وتفقد الاهتمام بأولادها وقد يتعدى الأمر لأن تهمل نظافتها الشخصية أيضاً، فعندما يخسر المرء أحباءه يشعر بالخواء والفراغ بعد الخسارة، ويفقد الشعور بأهمية تفاصيل حياته، لذا عليك التحلي بالصبر، حاول أن تقوم أنت بتلك الأعمال تعويضاً عن النقص، هذا قد يساعد ليس فقط على سير الأيام بهدوء بل هو نوع من الدعم والتضامن معها في محنتها مما يجعلها على صلة أقوى بحياتها.
- ابتعد عن تقديم المشورة: لا تتحدث عن الموت أو فقدان الأحباء أمام زوجتك، فإذا لم تطلب منك التكلم في الأمر تجنبه كلياً. في الوقت الذي تكون زوجتك في حالة الانهيار والصدمة واليأس؛ ليس الوقت المناسب لمناقشة أمور الحياة والموت والتكلم عنها، كما أنه ليس الوقت المناسب للنصح.
- خذ المبادرة وحافظ على أسرتك: إن زوجتك تعاني من قلة التركيز والتشتت لا تدرك محيطها بشكل جيد بسبب انغماسها في وحدتها وحزنها على خسارتها، لذا قم أنت بالمبادرة في كل الأمور، إنه الوقت الذي عليك تحمّل مسؤولية الأولاد والمنزل لتتولى شؤونهم من إطعام الأطفال وتجهيزهم للمدرسة، ومساعدتهم في حل الواجبات المدرسية إلى التكفل بأعمال المنزل من تنظيف وترتيب وطبخ بالإضافة إلى قيادة السيارة والتكفل بتوصيل أفراد الأسرة إلى أعمالهم ومدارسهم.
- امنحها حبك ودعمك: الصدمات النفسية لا يمكن تجاوزها بين عشية وضحاها، لذا أظهر لها ما يعنيه وجودها في حياتك وما الفارق الذي تشكله لأسرتكما، كن لها الأب والزوج والأخ والصديق، أشعرها بحبك، أظهر احترامك لها وتقديرك غير المشروط، فهذا هو السهل الممتنع في العلاقة الزوجية لذا قد يكون من الأفضل التحدث إليها بشكل مباشر عن ما يمكنك فعله أو هل يعنيها ما تفعله حقاً.
- إحياء الذكريات الجميلة: كأن تحيي ذكرى معرفتك بوالدها وتذكر الأوقات السعيدة التي كنتم تقضونها معاً عند الاجتماع على العشاء، أو عند القيام بزيارات والخروج معاً ومدى حبك أنت وأولادك له، تحدث عن ما خلفه من سمعة جيدة وذكريات طيبة مع الآخرين، فهذا سيخفف عنها بعض العبء لأنك تشاركها مصابها وحزنها بتقديرك لشخصية والدها وأهميته في حياتكم كأسرة. لذا ذكرها بالدعاء له والتصدق عنه عوضاً عن البكاء والانعزال.
عادةً ما يكون لحالة الحزن وألم الفقدان تأثيراً كبيراً على الحياة اليومية والصحة الجسدية، عليك أن تخصص وقتاً لرعاية زوجتك، وهو نوع من الإلهاء قد يخرجها من حزنها وهذه بعض النصائح التي يمكنك أخذها بعين الاعتبار:
- الحصول على قسط كاف من النوم، خصص من 7 إلى 9 ساعات للنوم يومياً.
- احرص على تناول الوجبات بشكل منتظم حتى ولو لم تكن زوجتك تشعر بالجوع فإن تناول وجبة خفيفة ومغذية تعزز من حالتها المزاجية.
- شجعها على التحرك لتبقى نشيطة كالمشي معاً كل صباح الأمر الذي يرفع معنوياتها ويذكرها بضرورة العودة إلى إكمال حياتها الطبيعية.
- قدّم لها الكثير من الماء، حيث ستنسى في غمرة حزنها جوعها وعطشها.
- اقترح عليها القيام ببعض الأمور التي تمنحها طاقة إيجابية كالدعاء للوالدها المتوفى والصلاة والتصدق باسمه وفعل الخير له والأعمال التطوعية بالإضافة إلى القيام بأمور أخرى كالبستنة والقراءة.
بغض النظر عن مدى قدرتك على مواساة الآخرين فإن الأمر يختلف مع شريكتك، كلما زاد قربك من الشخص كلما صعب التعبير في هذه المواقف العصيبة، لذا عليك تجنب الأقوال التي اعتدت قولها للآخرين مثل:
- "الحيّ أبقى من الميت" فهذه العبارة التي تبدو من باب المواساة قد تكون مؤملة بالنسبة للزوجة عندما يتعلق الأمر بوفاة والدها.
- "كلنا على هذه الطريق" فلا تستغرب إن كان ردها "إذاً دعنا نلحق بهم!".
- "لا أحد يأخذ عمر غيره" هذه العبارة قد تجعلها تتمنى لو أن والدها أخذ عمرها.
- "أعرف ما تشعرين به" لأنك لا تعلم حقاً ما تشعر به.
- "يكفي حزناً وغيّري الأسود".
- "احمدي الله أنه استراح".
إن مواجهة الأمر معقد وقد يكون صعباً عليك أن تقوم بكل ذلك وحدك، فلا ضير من أن تستشير المختص للمساعدة، أو أن تشجع زوجتك على مراجعة المعالج النفسي.
لأن البعض لا يستطيعون مشاركة ذكرياتهم ومخاوفهم مع المقربين منهم ظناً منهم أنهم لا بد أن يعلموا أو أنهم لا يستطيعون المساعدة.
كما أن حزن الزوجة قد يطول ويتحول إلى اكتئاب والذي لا بد من علاجه، لذا فإن التحدث مع طبيب مختص يخفف العبء عليك وقد يساعد لتسريع عملية الشفاء من الصدمة والمضي قدماً.
أخيراً... عندما تفقد المرأة والدها تتصادم مشاعرها وتصبح شديدة الحساسية تجاه كل ما يُقال وما يُفعل، فلا تأخذ الأمر على محمل شخصي، بل اعلم أن الحزن الشديد هو الذي يجعلها تتصرف خارج نطاق سيطرتها، لذا عليك التحلي بالصبر والرحمة فهما أمران أساسيان يساعدانك على دعم زوجتك ومساندتها كي تتجاوز ألم خسارتها.