تعريف الآفات الاجتماعية وأنواعها وأسباب انتشارها

كل ما تريد معرفته عن الآفات الاجتماعية وأسباب انتشارها في المجتمع وكيفية مواجهة الآفات المجتمعية وعلاجها
تعريف الآفات الاجتماعية وأنواعها وأسباب انتشارها
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

مثلما تأتي قوة الشخص من قوة الجسد السليم تأتي قوة المجتمع من القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية، حيث أنها اللبنة الأساسية التي تبني مجتمع متماسك وقوي وعند تزعزع هذه القيم والتخلي عنها يبدأ المجتمع بالتصدع والانهيار فتنتشر فيه الفوضى والفساد والجريمة وسائر الآفات الاجتماعية الأخرى، كما تنتشر الأمراض في الجسد فتفتك به، فما معنى الآفات الاجتماعية، وماهي أنواعها وأسباب انتشارها، وكيف تؤثر على المجتمع، وما هي الحلول للقضاء عليها؟ هذا ما سنتحدث عنه في هذه المقالة.

الآفات الاجتماعية مصطلح يعبر عن القضايا التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على أفراد المجتمع بشكل سلبي، كما يطلق على مجموعة التصرفات والسلوكيات الشاذة التي تخترق معايير المجتمع وتهدد نسيجه، وتنتشر بين أفراده حتى تتحول إلى ظاهرة، مثل انتشار التحرش أو التنمر أو العنصرية في مجتمع من المجتمعات.
ويعود سبب تسمية هذه المشاكل الاجتماعية بـ "الآفات" لأنها كالمرض إذا أصابت الفرد أفسدته وانتقلت العدوى والفساد للمجتمع، فتأثيرها السلبي لا يقتصر على الفرد فقط بل على المجتمع كاملاً.

animate

ليس أي مشكلة عارضة في المجتمع يمكن وصفها بأنها آفة اجتماعية، فمصطلح الآفة مفهوم يحتاج لشروط وأسباب لنتمكن من اطلاقه على بعض الظواهر وهنا بعض الخصائص التي تميز الآفات الاجتماعية وبعض المشاكل العرضية أو البسيطة:

  • الآفات الاجتماعية عامة: تتواجد الآفات الاجتماعية في كل المجتمعات مهما كانت درجة تطورها وتحضرها، فلا يوجد مجتمع أفلاطوني مثالي، لكن قد تختلف درجة ونوع هذه الآفات من دولة لأخرى وذلك بحسب المنظومة القانونية والاجتماعية السائدة في المجتمع، كما تختلف طريقة تعاطي المجتمع مع هذه الآفات.
  • قد تكون نسبية وقد تكون مطلقة: يمكن التمييز بين نمطين من تصنيف الآفات الاحتماعية، النمط الأول هو الآفات الاجتماعية المطلقة التي تنظر إليها جميع المجتمعات البشرية بوصفها آفة اجتماعية تهدد أمن المجتمع، مثل السرقة والعنصرية والاغتصاب وإدمان المخدرات.
    والنمط الثاني هو الآفات الاجتماعية الخاصة أو النسبية والتي ينظر إليها مجتمع بعينه كمشكلة، فيما يتعامل معها مجتمع آخر بحيادية وقد ينظر إليها كميزة إيجابية، مثل تعدد الزوجات الذي يعتبر جزءً من الشرع الإسلامي لا يشكل خطراً على المجتمع الإسلامي، فيما ينظر إليه الغرب كآفة اجتماعية.
    فيما يعتبر الغرب أن التحرر الجنسي من مبادئ المجتمع الأصيلة التي يجب الدفاع عنها، وينظر إليه المجتمع العربي والإسلامي كنوع من الانفلات والآفة الاجتماعية الخطيرة.
  • الآفات الاجتماعية ليست ثابتة: الآفات الاجتماعية ليست ثابتة فهي تتغير مع تغيّر الزمان والمكان والتغيرات في القانون والعادات والتقاليد، فمثلاً تختلف الآفات الاجتماعية الموجودة في عصر التكنولوجيا الحالي عما كان موجوداً قبل هذا العصر بسبب تأثير التكنولوجيا الكبير على حياتنا وشخصيتنا وسلوكنا.
  • لا يمكن حصر الآفات الاجتماعية بظواهر محددة: الآفات الاجتماعية ظواهر منتشرة بين أفراد المجتمع ولا يمكن تحديدها في إطار معين، لأن مصطلح الآفة الاجتماعية مصطلح مرن يشمل كل الأفعال السلبية غير الأخلاقية والتي تتفاوت في درجة خطورتها على المجتمع تبعاً لتقاليده وعادته التي تميزه عن مجتمع آخر.
    كما تتفاوت الآفات فيما بينها من حيث تأثيرها كالفرق بين الفساد بوصفه آفة اجتماعية وبين المخدرات أو الاغتصاب أو الجريمة المنظمة، ويمكن بروز آفات اجتماعية جديدة لم تكن موجودة تبعاً لحالة المجتمع أو التطور الحاصل في أي مجال.
  • الآفات الاجتماعية معقدة وصعبة العلاج: أي مشكلة اجتماعية يكون لها سبب واضح ومعروف فالنزعات أو الحروب مثلاً يمكن إيجاد اتفاقيات تعالجها، كما انتشار بعض الإشاعات أو الأخبار المغلوطة يمكن أن تذهب بشكل تلقائي مع الوقت، أما الآفة الاجتماعية تكون متعددة العوامل متشعبة التأثير وقد يولد من رحمها آفات أخرى.
  • الآفات الاجتماعية تؤثر وتتأثر ببعضها: فانتشار البطالة مثلاً قد تسبب انتشار الفقر والفقر يزيد نسبة الأمية والجهل وقد يسبب انتشار السرقة والجريمة وزيادة هذه العوامل قد تسبب زيادة انتشار البطالة وهكذا.

تتعدد أنواع الآفات الاجتماعية التي تهدد سلامة الفرد والمجتمع ولا يمكن حصرها، فكما ذكرنا سابقاً أن هذا المصطلح مرن ويطلق على كل ظاهر سلبية تنتشر في المجتمع، ولكن يمكن ذكر أهم أشكال الآفات الاجتماعية: [2،3]

  • التحرش: التحرش آفة تنتشر في أغلب المجتمعات ولاسيما الفقيرة منها، وتعتبر آفة خطيرة بجميع أشكالها وأنواعها سواء التحرش الجسدي أو اللفظي أو البصري أو الإلكتروني وأصبح يترافق مع الكثير من الاضطرابات النفسية، فأصبح المتحرش لا يفرق بين البالغ والطفل أو الذكر والأنثى، وله العديد من الأسباب منها غياب التربية والفساد الأخلاقي، كما ساهمت غياب القوانين الرادعة أو التساهل بتطبيقها في انتشار هذه الظاهرة بشكل كبير.
  • البطالة: من الآفات الاجتماعية ذات التأثير الشامل على المستوى الفردي من حيث نمط حياته وعلى المستوى الاجتماعي من حيث نمط الحياة فيه والصعيد الوطني من حيث تقدمه وتطوره.
  • التدخين والمشروبات الكحولية: يمكن اعتبار التدخين والكحول من الآفات الاجتماعية الأكثر انتشاراً في المجتمع بين الأطفال والمراهقين والبالغين وهي من الآفات ذات المضار الصحية والتي قد تؤدي على المدى البعيد لحدوث مشاكل صحية خطيرة وخاصة في الرئتين وغالباً ما تبدأ هذه الآفة بدافع الفضول وحب التجربة وخاصة عند المراهقين وفي حال التعود عليها فمن الصعب الإقلاع عنها.
  • إدمان المخدرات: تعتبر المخدرات بأنواعها إحدى أكثر الآفات الاجتماعية خطورة على الفرد والمجتمع والدولة فهي تهلك جسم المدمن وتدمر حياته لما لها من تأثير على وظائفه النفسية والعقلية والبدنية كما أنها من العوامل القوية التي تدفع الفرد للسرقة وانتشار الجريمة والفساد في المجتمع وغالباً ما يحتاج التخلص من هذه الآفات إلى اللجوء لمراكز خاصة لعلاج الإدمان.
  • الاستخدام السلبي للتكنولوجيا: لا تعتبر التكنولوجيا بحد ذاتها آفة ولكن استخدامها بصورة سلبية قد يحولها إلى آفة فمثلاً الكثير من مستخدمي الانترنت استعملوا التكنولوجيا في التحرش الالكتروني والاعتداء على خصوصيات الآخرين والتنمر ونشر الفضائح والإشاعات والقيام بعمليات نصب واحتيال.
  • التسول والتشرد: أصبحت ظاهرة التسول والتشرد من الآفات المنتشرة والمألوفة والتي نشاهدها بشكل يومي، غالباً ما يتم استغلال الأطفال للقيام بهذه المهمة والحصول على المال دون جهد، وغالباً ما يعود ذلك إلى انتشار الفقر والبطالة وعدم تطبيق القوانين التي تحمي الأطفال وحقوقهم وتحتاج هذه الآفة لتدخل الدول لعلاجها من خلال تأمين العمل والمأوى للأشخاص المشردين وسن القوانين التي تعاقب على استغلال الأطفال في أعمال التسول.
  • انتشار الجريمة: الجريمة بجميع اشكالها ومستوياتها واسبابها تعتبر من الآفات الاجتماعية الأكثر خطورة كونها تهدد سلامة المجتمع وأمانه واستقراره وراحة أفراده.
  • الفساد الإداري: من الآفات الاجتماعية التي تؤثر على المجتمع وهو يقوم على استغلال أصحاب النفوذ لمناصبهم وذلك للقيام بمعاملات غير نظامية وغير سليمة أو استغلال الموظف لمركزه لتسيير معاملات نظامية ولكن بمقابل مادي أو رشوة وذلك تحقيقاً لمصالح شخصية، وهذا ما يؤثر على أفراد المجتمع فيفقدون الثقة بمؤسسات الدولة ويؤدي إلى انتشار الظلم، مما يوجب على الدولة سن قوانين تعاقب الراشي والمرتشي كوسيلة ردع خاصة وعامة.

هناك العديد من العوامل التي تساهم بشكل رئيسي في انتشار الآفات الاجتماعية على اختلاف أنواعها، ومن هذه الأسباب: [3]

  • غياب الرادع: يعتبر غياب الرادع والوازع الديني والأخلاقي والقانوني الناتج عن تفكك الأسرة واهمال التربية والفساد الحكومي أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار الآفات الاجتماعية، فهذه الحالة تؤدي للفوضى بشكل عام في المجتمع وغياب ما يمنع انتشار أي آفة اجتماعية.
  • الفقر والتشرد: يعتبر الفقر والتشرد أحد أنواع الآفات الاجتماعية الأكثر انتشاراً حيث يعيش أكثر من ربع سكان العالم في ظروف سيئة وهي أيضاً تعتبر سبب لآفات أخرى، فهذا الفقر قد يجعل الفرد يحاول الهروب من واقعه إلى بعض الآفات الاجتماعية التي قد تكون في بعض الأحيان خطيرة وقد تهدد حياته ومستقبله كالمخدرات أو التسول أو السرقة.
  • البطالة: تعتبر البطالة أيضأ من أنواع وأسباب انتشار الآفات الاجتماعية فهي تزيد من الفقر والجهل والأمية وترسيخها في المجتمع وبالتالي سد الفراغ الناتج عن هذه البطالة بأساليب منحرفة تتحول لآفات اجتماعية.
  • غياب التشريعات الرادعة: عندما يغيب القانون والتشريع المنظم لحياة البشر والحامي لحقوقهم والذي يكفل العدالة الاجتماعية للأفراد، يؤدي ذلك إلى انتشار الآفات الاجتماعية عل نطاق واسع لعدم وجود الرادع وخاصة انتشار آفات مثل زواج القاصرات والفساد الإداري والتسول وغيرها.
  • العادات والتقاليد: يمكن أن تتسبب العادات والتقاليد البالية في المجتمع في انتشار الآفات الاجتماعية على نطاق واسع مثل الختان للإناث وزواج القاصرات والعنف ضد المرأة.
  • فساد الأجهزة الحكومية: فساد الأجهزة الحكومية أحد الأسباب المهمة التي تؤدي إلى انتشار الآفات الاجتماعية وازدياد خطرها فهي تؤدي إلى انتشار الرشوة والمحسوبيات واستغلال المنصب والوظيفة لتحقيق منافع شخصية وهذه من أنواع الآفات الاجتماعية.
  • زيادة النمو السكاني: يؤدي ازدياد عدد السكان في المجتمع وخاصة في المجتمعات النامية إلى ازدياد الضغط على ثروات وموارد الدولة بحيث لا تستطيع الدولة اشباع حاجات الأفراد من خلال الموارد المتاحة لديها مما يؤدي إلى انتشار البطالة والفقر والأمية والجهل وهي أخطر الآفات الاجتماعية على المجتمع.

تعد الآفات الاجتماعية ذات تأثير شامل على جميع الأصعدة الاجتماعية والفردية اقتصادياً وأخلاقياً وفكرياً وثقافياً، وحتى على الأمان الاجتماعي من جميع جوانبه، ومن أضرار الآفات الاجتماعية على اختلاف أنواعها وأشكالها:[4]

  • التدني بمستوى معيشة المجتمع والفرد: فانتشار مشاكل مثل البطالة والفقر أو الجريمة بكافة اشكالها أو الفساد الحكومي والاجتماعي يؤثر بشكل سلبي على طريقة حياة الفرد والمستوى المعيشي للمجتمع ككل.
  • الانحلال الأخلاقي: بعض الآفات الاجتماعية المرتبطة بالأمور الأخلاقية مثل انتشار الفواحش وتجاوز القوانين والعادات الاجتماعية أو الآفات المرتبطة بالأمور المادية مثل الفقر والبطالة تؤدي لبيئة اجتماعية ومنظومة بعيدة عن الدين والقانون والمبادئ الإنسانية وبالتالي الانحلال الأخلاقي في المجتمع.
  • انتشار الأمراض والأوبئة: كما ذكرنا فإن الآفات الاجتماعية تؤثر وتتأثر بعضها وانتشار آفات مثل الجهل والأمية والفقر والانحلال الأخلاقي يتبعها نماذج حياتية غير مضبوطة وغير مستقرة ولا تراعى فيها شروط الحياة الصحية وهذا ما يسبب انتشار بعض الأمراض والأوبئة.
  • الإنحسار والتراجع الاقتصادي: تساهم الآفات الاجتماعية الخطيرة في دمار اقتصاد الدولة في حال انتشارها خاصة الرشوة والفساد والسرقة والاختلاس هذا على صعيد المجتمع، أما على الصعيد الفردي فقد يقوم الشخص بالإنفاق على بعض الآفات الاجتماعية فتتسبب في ضياع ماله وازدياد فقره وخاصة المشروبات الكحولية والدعارة والمخدرات والقمار هذا بالإضافة للبطالة التي تؤثر على الإنتاج الفردي وبالتالي الاجتماعي وقد ينتج عنها مشاكل مثل هجرة العقول وتراجع الاقتصاد العام للبلد.
  • التفكك الاجتماعي: على الصعيد الاجتماعي تؤدي بعض الآفات الاجتماعية إلى تفكك الأسرة والعزلة والوحدة والابتعاد عن العلاقات الاجتماعية والبطالة وإهدار الوقت دون الاستفادة منه، كما أنها قد تصل إلى تفكير الفرد في إنهاء حياته والانتحار بالإضافة إلى انتشار ظواهر مثل التشرد والتسول والجريمة والفوضى الاجتماعية.
  • انتشار الجهل والأمية: من النتائج الخطيرة التي تساهم فيها الآفات الاجتماعية على اختلاف أنواعها فالفساد الحكومي يساهم في انتشار الجهل والفقر أيضاً والانحلال الأخلاقي والتفكك الاجتماعي كلها عوامل تسبب في عدم الاهتمام بالأمور الثقافية والتعليمية وبالتالي تصبح الصفة العامة للمجتمع الجهل والتخلف وهذه الصفة أيضاً بدورها تتحول لعوامل في انتشار آفات اجتماعية أخرى.

لا يوجد مجتمع خال تماماً من الآفات الاجتماعية، ولكن يمكن التقليل قدر الإمكان باتباع خطوات جدية من قبل المجتمع والدولة ككل من خلال: [5]

  • التربية والتوعية: يجب أن يقوم الأبوين بتربيتهم أبنائهم وتوعيتهم وترسيخ الأسس والقيم والأخلاق لديهم والتفريق بين الخطأ والصواب وتعليمهم كيفية العناية بالصحة والنظافة و كما للمدرسة دور أيضاً في نشر الوعي بين الطلاب الأطفال والمراهقين وحتى الإعلام بنوعيه التقليدي والجديد يقع على عاتقه هذا الدور التوعوي.
  • خلق فرص عمل: يمكن أن يساعد خلق فرص للعمل في التقليل من مشكلة البطالة والفقر والتي تعتبر إحدى المسببات الأساسية لانتشار الآفات الاجتماعية.
  • الرقابة: تعتبر الرقابة إحدى أهم الوسائل التي تساعد في وقاية الفرد والمجتمع من الآفات الاجتماعية ومحاولة علاجها كرقابة الدولة على مؤسساتها منعاً من انتشار الفساد والتقليل من المحسوبيات والرشاوي والرقابة على المراكز الطبية والصيدليات لمنع بيع الأدوية المخدرة بدون وصفة طبية والرقابة على محلات بيع المشروبات الكحولية.
  • الاستعانة بمختصين اجتماعيين: يمكن أن يساعد اللجوء إلى مختصين اجتماعيين من قبل مؤسسات الدولة عند دراسة أي آفة اجتماعية لإيجاد الحلول المناسبة والتخلص من هذه الآفات وحماية الفرد والمجتمع من خطرها والحد من انتشارها.
  • سن القوانين الرادعة: يمكن أن يساعد سن الدولة للقوانين الصارمة التي تواجه الآفات الخطيرة وخاصة المخدرات والتسول والعنف وتعاقب مرتكبيها في التقليل من انتشار هذه الآفات.
  • دورات محو الأمية: يعتبر العلم السلاح القوي الذي يساعد في محاربة الآفات الاجتماعية بأنواعها والقضاء عليها فانشغال الفرد بالتعلم وتنمية طموحاته وقدراته تجعله يبتعد عن هذه الآفات ويتجنبها.

المراجع