النوم على الظهر للحامل ووضعيات نوم الحامل حسب الشهر
تسعى الأم بشكل دائم لتوفير وتأمين أفضل ما يمكن لطفلها في كل مراحل حياته وتربيته، فمنذ لحظة حصول الحمل عند الأم تبدأ رحلة الأمومة ورحلة السعي الدائم للاهتمام بالطفل وتقديم كل ما يلزم من أجل ولادة الطفل بسلام وبصحة جيدة.
هذا الاهتمام الذي تسعى اليه الأم يشمل كافة التفاصيل مهما كانت صغيرة أم كبيرة، ولعل أحد أهم الأسئلة التي تخطر على بال الأم بعد الحمل هو كيف ستنام وماهي الوضعية الملائمة للنوم، وهل النوم على الظهر ممكن أم خطير؟ هذا ما سنعرضه في مقالنا.
يعتبر النوم على الظهر للحامل في الأسابيع الأولى من الحمل آمناً وقد ينصح به الأطباء لاستقرار الحمل خلال أول أربعة أسابيع، ولا يوجد أي ضرر من النوم على الظهر للحامل في الشهور الأولى، لكن مع تقدم الحمل والدخول في الثلث الثاني يجب على الحامل تغيير وضعية نومها وتجنب النوم على الظهر.
النوم على الظهر للحامل من الشهر الثالث
اعتباراً من الشهر الثالث يصبح النوم على الظهر للحامل وضعية غير مفضلة وقد تحمل الكثير من المضار والمخاطر على الأم والجنين، تتعلق هذه المخاطر بكبر حجم الرحم وحجم الجنين الأمر الذي ينعكس على جسم الأم أولاً من خلال الضغط على الأحشاء الداخلية والأوعية الدموية وبالتالي سينعكس على توفير التغذية وتروية الدم المناسبة للطفل، إضافة لزيادة العبء على عضلات الأم نتيجة نمو الجنين وزيادة حجمه وبالتالي تصاب عضلات الأم بالإرهاق وتعاني من آلام وتشنجات مستمرة وخصوصاً عضلات الظهر والحوض.
تتضمن مخاطر النوم على الظهر عند الحامل في الشهر الخامس والسادس وحتى الولادة ما يلي: [5]
- ولادة طفل خمول: الضغط على الأوعية الدموية الناجم عن النوم على الظهر عند الحامل يعيق وصول الدم والأوكسجين للطفل، وبالتالي نقص كميات الأوكسجين للطفل قبل الولادة قد يتظاهر بعد الولادة بخمول في نشاط الطفل وحركته.
- انضغاط الوريد الأجوف السفلي عند الأم: يعتبر الوريد الأجوف السفلي الوريد الأساسي الذي يحمل الدم العائد من معظم انحاء الجسم إلى القلب، وبالتالي عند انضغاط هذا الوريد ستقل كمية الدم العائدة للقلب عند الأم، وستنقص كمية الدم التي يضخها القلب.
هذا الأمر يحدث في حالة النوم على الظهر عند الحامل في الأشهر الأخيرة، حيث يضغط الرحم والجنين على الوريد الأجوف السفلي، ويسبب إعاقة في عودة الدم للقلب، ويتظاهر هذا الأمر عند الحامل بشكل انخفاض في الضغط، دوار، تسرع ضربات القلب، إضافة لوذمة وتورم في القدمين. - ارتفاع حالات حدوث انقطاع النفس اثناء النوم: وذلك نتيجة الضغط الذي يسببه الرحم والجنين على البطن والرئتين نتيجة النوم على الظهر.
- ازدياد شدة الآلام العضلية: وخاصة آلام أسفل الظهر بسبب الضغط الكبير لوزن الحمل على العمود الفقري، حيث يكون هذا الضغط مركّزاً أكثر عند نوم الحامل على ظهرها.
- تفاقم وتكرار حدوث الحرقة في رأس المعدة والمري: بسبب ضغط الرحم على المعدة وهذا يسبب عودة عصارة المعدة الهاضمة ودفعها إلى رأس المعدة والمري، فيظهر شعور بالانزعاج والحرق والألم نتيجة تخريش عصارة المعدة للمري ورأس المعدة.
- ولادة جنين ميت: وجدت العديد من الدراسات ارتباط النوم على الظهر في أشهر الحمل الأخيرة بارتفاع معدل ولادة الطفل ميتاً، والسبب في ذلك هو أن النوم على الظهر يجعل من الطفل والرحم يضغطون عل الأوعية الدموية الكبيرة (الأوردة والشرايين) وهذا الأمر يعيق وصول التغذية والتروية الدموية والتزود بالأوكسجين للرحم وبالتالي للطفل داخله.
تختلف وضعيات النوم المسموحة والمتاحة حسب المرحلة من الحمل، فهناك وضعيات قد تكون ملائمة خلال فترات الحمل الأولى وتصبح مزعجة أو خطرة خلال مراحل الحمل التالية وذلك بالطبع نتيجة للتغيرات التي تحدث في جسم الحامل ونمو الطفل في الرحم مع الوقت، وتكون وضعيات النوم المفضلة حسب عمر ومرحلة الحمل هي: [2،3،4]
وضعيات النوم في الأشهر الأولى من الحمل (الثلث الأول)
في هذه المرحلة والتي تمتد حتى الأسبوع 12، يكون الحمل في بدايته ولم تظهر علامات الحمل بشكل واضح على جسم الأم، حيث حجم الرحم والبطن عموماً لا يكون كبيراً، والجنين لا يزال في مراحل نموه الأولى.
وبالتالي في هذه الفترة لا مشكلة بأي وضعية نوم ترتاح بها الحامل، سواء على الظهر أو على البطن أو على الجانب.وضعيات النوم للحامل في الشهر الرابع والخامس والسادس (منتصف الحمل)
فترة منتصف الحمل هي الفترة الممتدة بين الأسبوع 12 للحمل حتى الأسبوع 28 تقريباً، في هذه الفترة تبدأ علامات الحمل بالظهور بشكل واضح على الأم، حيث يصبح الرحم أكبر ويبرز البطن، تبدأ آلام أسفل الظهر والاحساس بثقل وتشنجات في القدمين عند الحامل، وقد يظهر شعور بالحرقة في المعدة مع الاستلقاء.
هنا يصبح النوم واختيار الوضعية المناسبة أمراً أصعب، حيث لا ينصح بالنوم على الظهر لأنه يؤدي الى آلام وإزعاجات عند الأم، يفضل التدرب على وضعيات نوم أخرى كالنوم على الجانب.
وبالنسبة لموضوع النوم على البطن فهو آمن تماماً، لأن الجنين محمي في البطن بواسطة الرحم وبالتالي لا يتأثر بالنوم على البطن، لكن تكمن المشكلة في النوم على البطن بأن البطن يبرز ويزداد حجماً وبالتالي مع الوقت تصبح وضعية النوم على البطن غير مريحة للأم فتتجنبها.وضعيات النوم في الأشهر الأخيرة من الحمل (الثلث الأخير)
الثلث الأخير هو الفترة الممتدة من الأسبوع 28 حتى الولادة، وضعية النوم في هذه الفترة مهمة نظراً لأن الجنين يكون في مراحل نموه الأخيرة وبحاجة للحصول على التغذية والراحة المناسبة لاستكمال عملية نموه وتطوره على أكمل وجه.
في هذه المرحلة يجب تجنب النوم على الظهر بشكل كامل، لأنه مؤلم ومضر للأم والجنين على حد سواء، وتكون أفضل وضعية في هذه المرحلة هو النوم على الجانب ويفضل الجانب الأيسر تحديداً لأنها الأكثر أماناً للأم والطفل.
على الرغم من الحامل تستطيع أن تختار وتبدل عدة وضعيات للنوم خلال الحمل وذلك اعتماداً على ما يريحها وعلى مرحلة الحمل، ولكن هناك وضعية أثبتت أنها الأفضل والأكثر أماناً خلال كل مراحل الحمل عموماً وخلال أشهر الحمل الثلاث الأخيرة على وجه الخصوص، هذه الوضعية هي النوم على الجانب وبشكل أخص النوم على الجانب الأيسر.
يخفف النوم على الجانب الأيسر من ضغط الرحم على الأوعية الكبيرة وهذا يقلل من المشاكل الناجمة عن انضغاط هذه الأوعية، حيث يخف الضغط عن الشرايين وبالتالي لا تتأثر التروية الدموية للرحم والجنين وبالتالي يبقى الطفل بصحة جيدة، وأيضاً يخفف النوم على الجانب الأيسر من الضغط على الوريد الأجوف السفلي عند الأم وبالتالي يتم تفادي حالات هبوط الضغط عند الأم، والتقليل من حدوث تورم القدمين والبواسير.
أيضاً تساعد وضعية النوم على الجانب الأيسر بتخفيف حدوث إحساس الحرقة في المري ورأس المعدة، إضافة لتخفيف الضغط عن عضلات الظهر والحوض. [6]
بالنسبة للحامل تزداد أهمية النوم والحصول على أوقات نوم كافية، وذلك لأن الحامل تمر بالعديد من التغيرات الجسدية والنفسية نتيجة الحمل، من الناحية الجسدية فجسم الحامل يخضع للعديد من التبدلات حيث تحدث تغيرات هرمونية، إضافة لازدياد حجم الرحم مع نمو الجنين مما يسبب وزناً زائداً على الحامل وانضغاط لبقية أحشاء البطن وغيرها من التغيرات.
وعلى الصعيد النفسي تصاب نسبة كبيرة من النساء الحوامل بالأرق والقلق، وهذا يكون ناجماً عن الحمل والقلق على الجنين والتفكير بمراحل نموه، إضافة لضغط العمل في المنزل والعائلة في حال وجود أطفال أخرين وغيرها من الضغوط النفسية.
كل ما سبق يؤثر ويعيق عملية الحصول على نوم كاف وجيد عند الحامل، وبالتالي فأن موضوع حصول الحامل على أكثر وقت ممكن من النوم هو أمر مهم جداً، وذلك لتستطيع التأقلم والحفاظ على صحة جيدة وجسم متوازن عضوياً ونفسياً، وهو ما سينعكس بشكل جيد على صحة الأم والجنين. [1]
هناك مجموعة من النصائح والعادات والطرق الصحية التي يمكن للحامل من خلال اتباعها أن تحسن من نومها خلال فترة الحمل، وتضمن أبرز النصائح ما يلي: [1]
- استعمال ما يلزم من المخدات وخصوصاً عندما لا تكون الأم معتادة على النوم على جانبها، تساعد عندها المخدات في اراحة الظهر والبطن والحصول على وضعية نوم مريحة.
- المحافظة على روتين نوم محدد سواء موعد النوم والذهاب إلى السرير خلال الليل أو أخذ قيلولة خلال النهار، هذا يساعد على النوم بشكل أسهل.
- ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة خلال اليوم.
- تجنب المنبهات والوجبات الكبيرة، والطعام كثير البهارات قبل النوم لتخفيف حدوث حرقة المري.
- الابتعاد عن شاشات الهاتف والتلفاز في الفترة التي تسبق النوم لإراحة العينين وتصفية الذهن من التنبيه الخارجي.
- شرب الماء جيداً خلال النهار والتقليل منه قبل النوم لتجنب الاستيقاظ المتكرر للدخول للمرحاض.
إذاً يمكننا القول نهاية.. إنه على الحامل تجنب النوم على ظهرها ما أمكن والبدء بالاعتياد والتدرب على وضعية النوم على الجانب منذ مراحل الحمل الأولى حتى لو اخذت منها بعض الوقت، بالإضافة للالتزام بنظام نوم وحياة صحي، وذلك لتضمن الحصول على نوم كاف وحمل آمن وطفل بصحة جيدة عند انتهاء الحمل.