أسباب وأضرار ارتفاع هرمون الكورتيزول وعلاجه

تعرف إلى عمل ووظائف هرمون الكورتيزول وأعراض ارتفاع الكورتيزول ومخاطره وقراءة تحليل مستوى الكورتيزول
أسباب وأضرار ارتفاع هرمون الكورتيزول وعلاجه
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

هرمون الكورتيزول يعتبر واحداً من أهم الهرمونات نظراً لدوره المهم في تنظيم الكثير من العمليات الحياتية في الجسم كالاستقلاب، ضغط الدم، والاستجابة المناعية، وغيرها من الوظائف الهامة، وبالتالي عند حدوث أي اضطراب في مستويات وافراز هذا الهرمون سواء كانت زيادة أو نقصان، ستظهر العديد من الأعراض والمشاكل في الجسم.
وفي هذا المقال سنعرض أسباب ارتفاع هرمون الكورتيزول وما هي أعراض هذا الارتفاع وتأثيراته على الجسم وكيف يمكن التعامل مع ارتفاع هرمون الكورتيزول.

الكورتيزول Cortisol هو هرمون ستيروئيدي يتم صنعه في الغدة الكظرية (Adrenal gland) وهي غدة صغيرة مثلثة الشكل تتوضع فوق النهاية العلوية للكلية في الجانبين، ويتم تنسيق إفراز هرمون الكورتيزول من خلال ثلاث أعضاء وهي الوطاء (Hypothalamus)، الغدة النخامية (Pituitary gland)، والغدة الكظرية، حيث تتم الاستجابة بحسب تركيز هرمون الكورتيزول في الدم، فيزداد إفرازه أو ينقص.
يمتلك هرمون الكورتيزول تأثيرات على كل خلايا الجسم تقريباً، حيث توجد مستقبلات للهرمون في معظم خلايا الجسم، ويؤدي ارتباط هرمون الكورتيزول بالمستقبلات لإحداث استجابة من قبل الخلايا، تختلف هذه الاستجابة بحسب نوع الخلايا التي يرتبط بها هرمون الكورتيزول. [1]

animate

يتدخل هرمون الكورتيزول في الكثير من الوظائف والعمليات التي تقوم بها أجهزة الجسم، حيث يملك وظيفية تنظيمية الهدف الأساسي منها هو توازن عمل أجهزة الجسم، وتشمل الوظائف والتأثيرات الأساسية لهرمون الكورتيزول ما يلي: [2]

  • الكورتيزول والسمنة: تنظيم الاستقلاب من المهام الأساسية لهرمون الكورتيزول، حيث ينظم هرمون الكورتيزول عملية استهلاك وتوزيع المواد المغذية وكيف يستعمل الجسم الكربوهيدرات، الدسم، والبروتين، لذلك يسبب الخلل في مستويات الكورتيزول خللاً في الوزن وتوزيع الدهون في الجسم.
  • تنظيم ضغط الدم: يمتلك هرمون الكورتيزول تأثير مباشر على ضغط الدم حيث يسبب ارتفاعه أو انخفاضه.
  • ضبط الاستجابة المناعية: يؤثر الكورتيزول على استجابة مناعة الجسم لحالات المرض والالتهاب، حيث يخفف من اثارها ويساهم في السيطرة عليها.
  • التحكم بمستوى السكر في الدم: حيث يرفع هرمون الكورتيزول نسبة السكر في الدم في حال نقصها.
  • تنظيم دورة النوم والاستيقاظ: من خلال اختلاف تركيز هرمون الكورتيزول خلال فترات النهار والليل، يساهم في تنظيم أوقات النوم والراحة وأوقات الاستيقاظ والنشاط.
  • التأثير على حيوية وطاقة الجسم: حيث يرفع هرمون الكورتيزول من نشاط وطاقة الجسم عند الحاجة.

لماذا يسمى هرمون الكورتيزول "هرمون الشدة والتوتر"

هناك وظيفة إضافية وأساسية تميز وتخص هرمون الكورتيزول وهي التصرف في حالات التوتر والشدة، وهو السبب الذي من أجله يطلق على هرمون الكورتيزول أحياناً اسم هرمون الشدة أو هرمون التوتر.
تفعل هذه الوظيفة عند تعرض الانسان لموقف شدة وتوتر وخطر، كأن يتعرض للمطاردة من كلب مثلاً، أو أن يدخل في عراك أو مشكلة، عندها يزداد افراز الكورتيزول بشكل كبير ويحفز الجسم ويفعل آليات للاستجابة والنجاة من هذا الخطر.
تشمل هذه الآليات زيادة معدل ضربات القلب، رفع ضغط الدم، تركيز جريان الدم على الأعضاء الأساسية كالدماغ، زيادة مستوى السكر في الدم، وتنشيط العضلات وتقوية رد الفعل والاستجابة العضلية.

هناك العديد من الأسباب والأمراض والاضطرابات التي تؤدي لارتفاع تركيز هرمون الكورتيزول، بعضها يكون له علاقة مباشرة بالغدة الكظرية، في حين أن البعض الآخر يكون خارج الغدة الكظرية، وأهم أسباب ارتفاع هرمون الكورتيزول: [3]

  • ورم الغدة الكظرية: تصاب الغدة الكظرية بالأورام وبالتالي تسبب هذه الأورام زيادة في حجم وعدد خلايا الغدة الكظرية، وبالنتيجة يحدث افراز مستمر وأعلى من الطبيعي لهرمون الكورتيزول ويرتفع تركيزه في الجسم، ومعظم أوارم الغدة الكظرية هي أورام حميدة، في حين أو الأورام الخبيثة نادرة فيها.
  • ورم الغدة النخامية: ذكرنا سابقاً بأن تنظيم افراز هرمون الكورتيزول يتم بالتنسيق بين ثلاثة أعضاء هي الوطاء، الغدة النخامية والغدة الكظرية، وبالتالي اضطراب أي عنصر من هؤلاء سيؤثر على عمل الغدة الكظرية وهرمون الكورتيزول.
    تفرز الغدة النخامية هرمون يعرف بالهرمون الموجه للغدة الكظرية (ِACTH)، هذا الهرمون ينبه الغدة الكظرية لإنتاج هرمون الكورتيزول، وبالتالي عندما يزداد انتاج هذا الهرمون الموجه للغدة الكظرية نتيجة وجود ورم في الغدة النخامية، يزداد تنبيه وتحفيز الغدة الكظرية لإنتاج الكورتيزول بشكل مستمر، ويحدث ارتفاع هرمون الكورتيزول في النهاية.
  • ورم خارجي مفرز للهرمون الموجه للكظر (ACTH): في حالات نادرة قد تظهر أورام في أعضاء أخرى من الجسم تفرز هرمون شبيه بالهرمون الموجه للغدة الكظرية، يسبب هذا الافراز للهرمون تنبيه للغدة الكظرية ويحفزها لإنتاج كميات أكبر من الكورتيزول وبالتالي يرتفع تركيز هرمون الكورتيزول في الجسم، وأشيع الأماكن لظهور مثل هذه الأورام هي الرئة، البنكرياس والغدة الدرقية.
  • تناول الأدوية الستيروئيدية: تستخدم هذه الأدوية المصنعة لعلاج العديد من الأمراض والحالات الصحية، وخصوصاً الأمراض الالتهابية كالتهاب المفاصل والربو وغيرها، وتشابه هذه الأدوية في تركيبها تركيب هرمون الكورتيزول وتحمل نفس تأثيراته، وبالتالي عندما يتم تناول هذه الأدوية لفترات زمنية طويلة يحدث ارتفاع في تركيز هرمون الكورتيزول في الجسم.
  • عوامل الوراثة: حيث وجد أن ارتفاع هرمون الكورتيزول قد يحدث عند بعض العائلات بشكل متكرر وبأجيال مختلفة وذلك نظراً لوجود عوامل وراثية مشتركة فيما بينهم.
  • الكورتيزول والتوتر: يعتبر هرمون الكورتيزول هرمون الشدة أو التوتر، حيث يرتفع في حالات الضغط والخطر والقلق ويساهم في احداث تغيرات معينة في الجسم، وتعتبر حالة التوتر والقلق.

يؤثر ارتفاع هرمون الكورتيزول على الكثير من العمليات والوظائف الحياتية، وذلك بسبب تأثيره وتداخله في تنسيق هذه العمليات كالاستقلاب، المناعة، الضغط وغيرها، وبالتالي ارتفاع تركيزه بشكل مستمر سيسبب ظهور عدد كبير من الأعراض المختلفة، وبشكل عام تعرف الحالة المرضية المرتبطة بارتفاع هرمون الكورتيزول بتناذر كوشينغ (Cushing syndrome)، وتشمل أبرز الأعراض التي تظهر نتيجة ارتفاع هرمون الكورتيزول ما يلي: [4]

  • زيادة الوزن وبشكل خاص في منطقة الجذع والظهر والوجه.
  • ترقق الجلد.
  • التعب الشديد.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • عدم القدرة على التركيز.
  • ضعف العضلات.
  • بطء شفاء الجروح.
  • وجه أحمر لامع.
  • صداع متكرر.

استمرار ارتفاع هرمون الكورتيزول بدون ضبط ينعكس بعواقب سيئة على الجسم وقد تكون خطيرة، تكون هذه العواقب ناجمة عن تأثر خلايا الجسم واستجابتها باستمرار لهرمون الكورتيزول، وتكون محصلة هذه الاستجابة الدائمة ظهور اختلاطات وأمراض سيئة وخطيرة على الجسم.

وتشكل مخاطر ارتفاع هرمون الكورتيزول والاختلاطات الناجمة عنه ما يلي: [5]

  • متلازمة كوشينج Cushing Syndrome: هذه المتلازمة هي اضطراب يصيب الجسم نتيجة ارتفاع هرمون الكورتيزول إلى مستويات مرتفعة، تتجلى أعراضه بالتعب الشديد وظهور الكدمات وارتفاع السكر والضغط وغيرها، ويتم الكشف عن متلازمة كوشينج من خلال تحليل الكورتيزول ومثبطات الكورتيزول، كما يتم علاجها من خلال بطرق مختلفة حسب السبب.
  • ظهور الداء السكري: يزيد الكورتيزول من تركيز السكر في الدم، وفي حال استمرار ارتفاع هرمون الكورتيزول سيبقى تركيز السكر في الدم مرتفع، وسيفشل الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس في النهاية في كبح وخفض مستويات السكر المرتفعة بشكل دائم بسبب الكورتيزول المرتفع، وسيظهر في النهاية الداء السكري.
  • البدانة: تحدث نتيجة الشعور الدائم بالجوع الذي يكون ناجم عن ارتفاع تركيز هرمون الكورتيزول، حيث أن الكورتيزول يبقي سكر الدم مرتفع وهذا يستهلك الأنسولين بشكل كامل، وبالتالي يمنع وصول السكر إلى الخلايا المحتاجة له لتعمل، فتبقى الخلايا تصدر تنبيهات مستمرة بأنها بحاجة لطاقة وهذا ينعكس بتناول كميات أكبر من الطعام وحدوث البدانة.
  • اضطرابات هضمية: هرمون الكورتيزول هو هرمون يرتفع في حالة الشدة، ويؤدي لتأثيرات وتغيرات تسمح للجسم بالتأقلم مع هذه الشدة، أحد هذه التأثيرات هو تخفيف جريان الدم عن الجهاز الهضمي وتثبيط عملية الهضم.
    عند وجود ارتفاع مستمر في هرمون الكورتيزول سيستجيب الجسم ويعتقد بأن هناك حالة شدة وخطر مستمر، وبالتالي سيتسمر نقص جريان الدم وتثبط الجهاز الهضمي لفترة طويلة، وسيتظاهر هذا الأمر بظهور اضطرابات هضمية كحدوث اضطرابات معوية ونقص امتصاص وسوء هضم وغيرها.
  • اضطراب المناعة: يتصرف الكورتيزول في الحالة الطبيعية كمادة مضادة للالتهاب ومنظمة للمناعة، لكن عند الارتفاع المستمر له ينعكس تأثير هرمون الكورتيزول سلباً على المناعة، حيث يؤدي إلى اضطراب وضعف الاستجابة المناعية للجسم، وهذا يجعل الجسم ضعيفاً في مواجهة العوامل الممرضة.
  • أمراض القلب: يسبب هرمون الكورتيزول ارتفاعاً في ضغط الدم، وبالتالي ارتفاع تركيز هرمون الكورتيزول المستمر سيسبب ارتفاعاً مستمراً في ضغط الدم، وهذا سيسبب ضرراً على القلب والأوعية الدموية وظهور الاضطرابات القلبية التي تكون مهددة للحياة.

يتم إجراء تحليل الكورتيزول للكشف عن مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم والذي قد بفسر بعض الأعراض أو يرجح الإصابة بالأمراض التي تسبب ارتفاع أو انخفاض الكورتيزول وخصوصاً متلازمة كوشينج ومرض أديسون أو قصور الكظرية، ويتم إجراء التحليل من خلال سحب عينة دم أو بول، وتظهر نتائج التحليل خلال بضع ساعات حتى يوم واحد.
تتغير نسبة وتركيز هرمون الكورتيزول في الدم خلال أوقات النهار والليل وبحسب حالة الجسم وحاجته، لكن عندما يبقى تركيز الهرمون مرتفعاً في الدم لفترات طويلة دون أن تنخفض مستوياته أو تتغير تحدث عندها حالة ارتفاع هرمون الكورتيزول.

تحليل نتائج اختبار الكورتيزول والنسبة الطبيعية

  • النتيجة الطبيعية لاختبار الكورتيزول في الدم صباحاً هي 5 - 25 ميكروغرام/ ديسيلتر، أي أن النسبة تحت 5 ميكروغرام/ ديسيلتر تشير إلى انخفاض الكورتيزول، والنتيجة فوق 25 ميكروغرام/ ديسيلتر تشير إلى ارتفاع الكورتيزول.
  • نتيجة فحص الكورتيزول الطبيعية في الدم مساءاً 3 - 13 ميكروغرام/ ديسيلتر، أي أن النسبة تحت 3 ميكروغرام/ ديسيلتر تشير إلى انخفاض الكورتيزول، والنتيجة فوق 13 ميكروغرام/ ديسيلتر تشير إلى ارتفاع الكورتيزول.
  • النسبة الطبيعية لمستوى الكورتيزول في تحليل البول هي 4 - 40 ميكروغرام/ ديسيلتر في اليوم، أي أن النسبة تحت 4 ميكروغرام/ ديسيلتر تشير إلى انخفاض الكورتيزول، والنتيجة فوق 40 ميكروغرام/ ديسيلتر تشير إلى ارتفاع الكورتيزول.

يتم تحديد نمط علاج ارتفاع الكورتيزول بناء على التشخيص وتحديد السبب، وقد يشمل العلاج بعض الأدوية من مضادات الكورتيزول مثل كيتوكونازول و الميتيرابون وغيرها من أدوية علاج متلازمة كوشينج، كما يمكن أن يشمل العلاج الجراحي والإشعاعي في حالات ورم الكظرية، إضافة لتعديل أسلوب الحياة لتخفيض إفراز الكورتيزول، ويتضمن ذلك الحصول على نوم كافٍ وممارسة الرياضة ومحاربة التوتر والقلق إلى جانب التغذية الصحية.
ونهاية يمكن القول بأنه على الرغم من كون حالة ارتفاع هرمون الكورتيزول حالة سيئة عموماً، إلا أنه قابلة للضبط والتراجع واستعادة مستويات متوازنة لهرمون الكورتيزول، وذلك من خلال المراقبة الباكرة للأعراض والتنسيق مع الطبيب لتحديد السبب ووضع خطة العلاج المناسبة

المراجع