قوة الشخصية وتعزيزها
قوة الشخصية.. كلمات سحرية عند سماعها وأداة فعّالة لعيش الحياة، تتضمن قوة الشخصية نقاطاً كثيرة منها؛ الأمانة والشجاعة والأمل وحب التعلم والفضول لكل جديد، كذلك القدرة على المسامحة والتواضع والذكاء الاجتماعي والإبداع والحب والتنظيم الذاتي والالتزام والقيادية، بالإضافة إلى اللطف والمثابرة والامتنان والتعقل والروحانية وغيرها.
كل هذه الصفات المتعلقة بالشخصية القوية تساهم في تعزيز العطاء لديك، كما تعطيك معنى للحياة وغاية من الوجود والقدرة على مساندة الآخرين وإيجاد الحلول للمشاكل المختلفة، لكن ما الذي يعزز قوة الشخصية؟ كيف تؤثر فعلياً على حياتك؟.. إنه ما نناقشه ونتعرف عليه من خلال السطور التالية، بالإضافة إلى اختبار لقوة الشخصية؛ يساعدك في الإضاءة على أهم الإيجابيات التي تمتلكها.
ثلاثة أسئلة عليك أن تجيبها لتحدد نقاط وصفات القوة في شخصيتك
- أولاً: ما هو أصعب وقت وموقف مررت به في حياتك؟ كيف تجاوزته؟
مهما كان هذا الموقف سواء موت شخص محبوب أو نكسة مهنية أو مالية أو أكاديمية أو أزمة صحية أو انفصال وطلاق؛ حدد الأدوات العاطفية أو السلوك الاجتماعي والفكري، التي استخدمتها لتجاوز هذا الحدث في الحياة، حيث دعمت نتائج دراسة حديثة؛ العلاقة بين الذكاء العاطفي وقوة الشخصية كذلك تأثيرها الإيجابي. - ثانياً: ما هي أعظم نجاحاتك؟
يمكن تحديد هذه الإنجازات بسهولة مثل: الحصول على درجة أو ترقية في العمل، أو الوصول إلى هدف صحي مثل: اللياقة البدنية، أو النجاح في بناء الأعمال التجارية، اسأل نفسك: "ماذا فعلت في وقت لم يقم به الآخرون من حولي بفعله؟ ما الذي فعلته وكان مختلفاً عن سلوكي السابق، ما هي العادة أو السمة التي كانت بمثابة نقطة تحولي نحو النجاح؟".. هذا ووفقاً لدراسة حول قوة الشخصية والرضا عن الحياة والسعادة؛ فإن نقاط القوة كالحب والأمل والفضول والحماس، كذلك الامتنان والمثابرة والمشاركة وامتلاك المعنى، هي ما يدعم إمكانية عيش الحياة برضا وسعادة. - ثالثاً: ما الذي يمنحك السعادة؟
قد لا تكون إنجازاتك الشخصية وسبب سعادتك واضحاً للآخرين، قد ترعى شخصاً مصاباً بمرض عضال أو لديك علاقة خاصة ومميزة مع أطفالك، ربما الاجتماع مع الأصدقاء في أمسيات المحادثة الحيوية، أو تنظيم مجموعة أشخاص في مجتمعك لتحقيق مصلحة أكبر، هو ما يعطيك السعادة ففي رضاك الشخصي تكمن العبقرية، كما وجد باحثون في دراسة حول تأثير العلاقات المميزة المرتبطة بقوة الشخصية؛ أن التفاؤل والاستقلالية والحماس والثبات، كذلك نقاط القوة المتعلقة بالسعادة (الأمل والحماس والامتنان والفضول والحب)؛ ترتبط بالصحة النفسية ورضا المرء عن حياته، فاكتشاف قوتك الداخلية يكمن في الرضا عن الحياة، بالتالي استخدام نقاط قوتك في تحسين حل المشاكل.
علاقة قوة الشخصية بالتوتر والقلق وكيفية تجنب ذلك
بما أنه لم يتم تناول قوة الشخصية إلا من الناحية الإيجابية، فاعلم أن الإفراط أو النقص في استخدام بعض نقاط القوة مثل: الذكاء الاجتماعي والتواضع، كذلك الحماس والفكاهة والتنظيم الذاتي؛ يؤدي إلى نتائج سلبية تتجسد بالقلق الاجتماعي، حيث أشارت نتائج دراسة إلى أن نقاط القوة في الواقع متعددة الأوجه، مما يوفر رؤية جديدة لدور الإفراط أو النقص في استخدام نقاط قوة الشخصية في النتائج غير المرغوب بها مثل الاكتئاب، مما يوفر لمحة عن علم النفس المرضي من خلال علم النفس الإيجابي، ومثالنا على ذلك: أنت شخص متحمس في العمل وإيجابي بشكل دائم وذكي ومتواضع، لو حدث وكنت مفرطاً في هذه الجوانب وتتعامل مع الزملاء على نفس الوتيرة دوماً؛ سيقع على عاتقك استيعاب الجميع والتعامل معهم سواسية مهما كانت صفاتهم الشخصية ونظرتهم عنك، مما يسبب لك القلق وربما الاكتئاب مع مرور الوقت، ورغم هذه النتائج السلبية لاستخدام قوة شخصيتك بإفراط؛ ستكون مع نتيجة أسوء في حال الاستخدام الناقص لنقاط قوة شخصيتك، لذا تستطيع استخدام نقاط قوتك على النحو الأمثل لا سيما في العمل وهذا ما يقدمه لك أستاذ علم النفس بجامعة فيرلي ديكنسون بالولايات المتحدة الأمريكية روبرت ماكغراث (Robert McGrath):
- حدد نقاط قوة شخصيتك: من خلال الاختبار العالمي الأول والمجاني حول قوة الشخصية وباللغة العربية أيضاً؛ حيث يساعدك على اكتشاف نقاط القوة لديك والتي تساهم في تشكيل شخصيتك، كما تستطيع مقارنة النتائج التي ستحصل عليها مع نتائجك في اختبارات سابقة، كما ستكتشف التطور الذي طرأ على شخصيتك منذ آخر اختبار شخصي أجربته، إنه ممتع لقد جربته شخصياً فجربه الآن وباللغة العربية بالضغط على هذا الرابط.
- اسأل عن الآراء حول شخصيتك: قد يكون طلب التعليقات مفيد لأنه يتركك منفتحاً أمام كل التعليقات السلبية منها والإيجابية، حيث يمنحك فرصة لقياس كيفية رؤية الآخرين لك بأفضل ما لديك، قد ترغب في استخدام (استبيان) لمساعدة الآخرين على التعرف على نقاط القوة الخمس الأعلى لديك وإعلامك بكيفية رؤيتهم لها كي تتمكن من استخدامها بشكل جيد؛ بعيداً عن الإفراط.. أو ستتعرف على تلك النقاط غير المستغلة في شخصيتك لا سيما في العمل، مثلاً طلبت من أصدقائي ثم زملائي في العمل تقييم نقاط قوتي التالية: (القيادية- اللطف- فضولي لتعلم كل جديد- النقد الذاتي- العفوية والمرح)، وجدت أنني مفرطة في نقدي لذاتي كما أنني فضولية للتعلم بحيث أن أولوياتي غير مرتبة وكثيراً ما يؤثر ذلك على إنتاجي، كما أنني لا استغل عفويتي ولطفي في التعامل مع أعضاء الفريق بشكل جيد.
- تجنْب أو تجاوز نقاط قوة الشخصية لديك في بعض المواقف: هل تتذكر مثالي المذكور أعلاه حول كونك شخص متحمس في العمل وإيجابي بشكل دائم وذكي ومتواضع؟ اعتقد ذلك؛ انتبه إذا على كيفية استخدام نقاط قوتك في بعض المواقف، مثلاً: اعتدت على التعاطف مع زملائي في العمل في ظل ظروف الحياة القاسية، كنت لطيفة للغاية لدرجة أن بعض الزملاء بات يرمي مهامه على عاتقي بشكل يومي وبلا مبرر؛ هل تذكر المثال في الفقرة السابقة أيضاً بأنني كنت لا أستغل عفويتي ولطفي في التعامل مع أعضاء فريقي؛ كان ذلك ردّ فعل ونتيجة لإفراطي باللطف سابقاً، وصلت اليوم لقناعة بأنني سأكون لطيفة وعفوية سواء مع أعضاء فريقي أو زملائي في العمل، بشرط أن أكون حاسمة في إتمام المهام بعد توزيعها على كامل الفريق وليس رميها على عاتق شخص واحد.
انتبه جيداً هناك شعرة تفصل بين الإفراط والامتناع عن استخدام نقاط قوة الشخصية لديك في العمل أو في المنزل؛ فحاول أن تكون عادلاً مع نفسك بالدرجة الأولى، لتتجنب القلق والتوتر وربما الاكتئاب، ألا نعرف جميعاً شخصاً في حياتنا؛ تحول إلى عصابي وكثيب بسبب المحيطين به، ولأنه لم يعرف كيفية الاستغلال الأمثل لنقاط قوته الشخصية المميزة؟!
أهمية وكيفية تعزيز صفات قوة الشخصية
يرغب العديد من الأشخاص تطوير سمات القوة في شخصياتهم مثل: الحزم والقيادية والمرونة، هذه السمات التي يتصف بها المغامرون، كما يكونوا ودودين وعفويين وعادة ما يشغلون مناصب قيادية تبرز فيها آراؤهم، فكيف تعمل على تطوير صفاتك القوية:
- فهم صفاتك الشخصية وخصائصها الفريدة: التي تحدد كيفية استجابتك للمواقف المختلفة، وبعض سمات الشخصية تشمل: الصدق، المزاجية، الانفتاح، الودية، الاندفاعية.
- فهم نظريات تطور الشخصية: التي تدرس كيفية تطور الشخصيات ولماذا لدى بعض الناس خصائص معينة وليس غيرها، كما تعتمد العديد من هذه النظريات على المعتقدات القائلة: "إن الشخصية تتطور بيولوجياً أو بيئياً وبمجرد تطور الشخصية تكون الصفات مستقرة عادة"، كما أن بعض هذه النظريات تجادل بأن السمات الشخصية يتم تحديدها بيولوجياً، لكنها مكتسبة وأنه يمكن فهم الشخصية من خلال النظر إلى أبعاد سلوك الشخص بأكملها.
- تقدير صفات الشخصية الفريدة لديك: حيث تدرك أن جميع أجزاء شخصيتك لها قيمة، في بعض الأحيان قد يكون من الصعب التعرف على سمات الشخصية الدقيقة والخفية، حيث أن الخصائص القوية هي المهيمنة مثل القيادية، وهذه السمات الخفية، مثل قوة الحدس والكرم والتعاطف؛ لا تقل أهمية عن السمات البارزة، فالسمات الشخصية الأكثر هدوء قوية جداً في مواقف أو أدوار معينة مثل: التعاطف والضمير المهمان جداً والحيويان خلال أحداث الحياة الرئيسية، مثل الجنازات والأحداث القاسية التي يتعرض لها الشخص وعائلته.
- إدراك الصفات الشخصية للآخرين: إن تقدير الاختلافات في سمات الشخصية بين الأشخاص يمكن أن يفيد عندما تعمل مع فريق أو أن تكون مدير، إن التقييم الأكثر دقة للصفات الشخصية الخفية التي تحدثنا عن أهميتها مثل: التعاطف والكرم؛ يمكن أن يساعد في تقوية العلاقات وجعل العمل كفريق أسهل، حيث يستطيع القادة والمديرون الأكثر فاعلية تقدير أنواع واختلافات الشخصيات وتعزيز صفاتها واستخدامها بفعالية، حيث سنتحدث بتفاصيل أكثر عن دور قوة الشخصية في العمل خلال الفقرة التالي.
كيف تؤثر قوة الشخصية على العمل والحياة؟
إذا لاحظت أن شخصاً ما في فريقك يتكلم بطلاقة، ولديه دراية تامة بالموضوع؛ يجب أن ينشئ هذا الشخص مواد أو برامج مفصلة للمشروع، مما سيضع مهاراته في الاستخدام دون التسبب في قلقه، هذا ويمكن للأفراد كسب دخل إضافي أكثر من راتبهم الشهري، إذا كان لديهم وظيفة تناسب شخصيتهم، دعنا نطلع معاً على أحدث الدراسات حول هذا الموضوع:
- يعتمد النجاح الاقتصادي على بعض السمات المتعلقة بقوة الشخصية: ليس فقط على وجود "الشخصية الناجحة" ، لكن على إيجاد أفضل مكان لشخصية المرء، هذا ما وجدته دراسة حول دور قوة الشخصية في تحسين الدخل، كذلك تكون معرفة نقاط قوة شخصية العامل لربّ العمل؛ مفيدة أكثر في أداء العامل وفق دراسة أمريكية حول قوة الشخصية والعمل.
- ارتباط العمل الجماعي بأداء العامل لدوره: تكون أدوار الفريق مرتبطة بشكل إيجابي بالرضا الوظيفي ومعظم نقاط قوة الشخصية الممثلة في: (مبدع الفكرة - جامع المعلومات - صانع القرار - المنفذ - المؤثر - المحرك - مدير العلاقات)، حيث دعمت نتائج دراسة حول علاقة قوة الشخصية والدور الوظيفي للعامل بالعمل الجماعي؛ الدور الهام لنقاط قوة الشخصية في التحضير والإعداد المتعلق بالعمل ضمن فريق.
بعد أن تناولنا دور قوة الشخصية في العمل؛ دعنا نتحدث عن دور صفات الشخصية القوية في الحياة بشكل عام، وكيف يمكن أن يساهم الإفراط في استخدامها بتوتيرك:
- الذكاء الاجتماعي: أنت تحلل أفكارك ومشاعرك وتفكر وتحلل أفكار ونوايا الآخرين؛ قد يرتبط هذا بالقلق الاجتماعي؛ فمن المحتمل أنك تعطي اهتماماً مبالغاً لقلقك وأقل للأفكار الأكثر توازناً على سبيل المثال، قد ترى إيماءة أو تعبيراً على وجه شخص ما وتتوصل إلى استنتاج فوري مفاده أنهم يفكرون في شيء سلبي عنك، انتبه ودع عمق تفكيرك وحساسيتك الخلاقة تتجه نحو التفكير بإيجابية.
- التواضع: ليس لديك اهتمام كبير بالتحدث عن نفسك أو عن أي من إنجازاتك، وعندما يمدحك الناس لقيامك بشيء جيد؛ تشعر بعدم الارتياح والصعوبة في قول شيء، قد ترتبط هذه الصفة بالقلق؛ رغم أن التواضع قوة مهمة ويمكن أن يكون له فوائد اجتماعية، في أن التواضع الشديد في بعض الحالات قد يؤدي إلى حرمان الآخرين من معرفتك، حيث من الصعب عليهم التواصل معك، بالتالي ستشعر بالقلق في المناسبات والمواقف الاجتماعية.
- الإقبال على الحياة والاستمتاع بعيشها: ترتبط هذه الصفة بقوة الشخصية، وربما لا تستخدمها بالشكل الأمثل بسبب تواضعك!.. فانتبه لأن استخدامها يشكل نقطة إضافية لقوة شخصيتك لا سيما في إظهار مستوى الطاقة المطلوب في المناسبات الاجتماعية وعند لقاء الآخرين.
- الروح المرحة والفكاهة: من أكثر صفات الشخصية القوية حساسية؛ إذا لا يمكن استخدام حس الفكاهة والضحك في كل الأوقات لا سيما في العمل، كذلك في الحياة الخاصة، فرغم تفضيل الآخرين لشخصية مرحة وتمنح القدرة على الضحك؛ إلا أنك يجب أن تكون حذراً قليلاً بشأن صفتك هذه حسب المواقف التي تكون فيها، وبالطبع أنت أقدر مني على تحديد أوقات الضحك والمرح مع المحيطين بك.
في الختام.. عند البحث حول صفات الشخصية القوية وكيفية استخدامها الأمثل ودورها في حياتك المهنية والشخصية؛ حاول أن تدرك أولاً ما الذي تمتلكه من هذه الصفات الفطرية والمكتسبة، وكيف ساهمت تجاربك الغنية في تغذية بعض هذه الصفات أو حتى القضاء عليها، ستدرك عندما تنهي قراءة السطور السابقة أن موضوع قوة الشخصية هو البوصلة التي توجه سلوكنا بالدرجة الأولى، كما أنك قد تكون من أكثر الشخصيات قوة؛ إلا أن تواضعك هو ما يمنع استغلال نقاط القوة لديك في تسيير شؤونك اليومية. شاركنا برأيك حول هذا الموضوع من خلال التعليقات.. ولا تنسَ إجراء الاختبار المذكور أعلاه وبقية الاختبارات التي يطرحها موقع حلّوها؛ لما ستحمله نتائجها من توضيح للكثير من النواحي التي تدعمك في حياتك العملية والعائلية.