مفهوم وتعريف الصحة النفسية وطرق تعزيزها

تعرّفوا إلى مفهوم الصحة النفسية والفرق بين الصحة النفسي والمرض النفسي، مظاهر الصحة النفسية وطرق الحفاظ عليها وتعزيزها
مفهوم وتعريف الصحة النفسية وطرق تعزيزها
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة التي تتمتع بها فلا صحة بدون صحة نفسية، وهي بأهمية الصحة الجسدية.. فهل الصحة النفسية مجرد أن تكون خالٍ من الأمراض؟ ما هي مظاهر الصحة النفسية وكيف يمكن الحفاظ عليها؟ هذا ما سنعرفه في سياق هذا المقال. 

عرّفت منظمة الصحة العالمية الصحة في دستورها على أنها: حالة من الرفاه الجسدي والعقلي والاجتماعي الكامل وليست مجرد غياب المرض أو العجز.
من الآثار المهمة لهذا التعريف أن الصحة النفسية هي أكثر من مجرد غياب الاضطرابات النفسية أو الإعاقات، بالتالي الصحة النفسية وفق منظمة الصحة العالمية هي حالة من الرفاه يدرك فيها الفرد قدراته الخاصة، ويمكنه التعامل مع ضغوط الحياة العادية، كذلك يمكنه العمل بشكل منتج، ويكون قادراً على المساهمة في مجتمعه. [1]

animate

التمتع بالصحة النفسية لا تعني عدم إصابتك بمرض عقلي، صحيح أن كلاهما يتعلق بوظيفة الدماغ والعقل، لكن لكل منهما تعريفه المميز الخاص به.

  • المرض النفسي والعقلي: هو وجود خلل وظيفي في الدماغ يؤثر سلباً على أفكار الشخص وعواطفه وسلوكياته ويتدخل في قدرته على عيش حياة طبيعية في المجتمع، والمرض النفسي والعقلي قابل للتشخيص الإكلينيكي.
  • أما الصحة النفسية: فهي حالة الرفاهية العاطفية للشخص، إنها الشعور الذاتي بالرضا، والرضا عن الحياة على الرغم من مشاكل وتحديات واضطرابات العيش اليومية، ما يقود بطبيعة الحال إلى الخلو من المرض النفسي، لكن الخلو من المرض النفسي لا يقود بالضرورة إلى هذه الرفاهية العاطفية المسماة الصحة النفسية. [2]

لا تشير الصحة النفسية إلى الراحة والاستقرار العاطفي فحسب، بل تشير إلى كيفية تفكيرك وطريقة تصرفك أيضاً، سنتعرف فيما يلي على مظاهر الصحة النفسية الجيدة وهي: [4]

  • الرضا عن الحياة: كثيراً ما تُستخدم قدرتك على الاستمتاع بالحياة كمؤشر للصحة النفسية والعافية، غالباً ما يتم تعريفه على أنه الدرجة التي تتمتع بها بأهم جوانب حياتك، ومن العوامل التي وُجد أنها تلعب دوراً مهماً في الرضا عن الحياة ما يلي:
    1. غياب الشعور بالمرض.
    2. العلاقات الجيدة مع الآخرين.
    3. الشعور بالانتماء سواء للأسرة أو للمجتمع أو للوطن.
    4. النشاط في العمل والترفيه.
    5. الشعور بالإنجاز والفخر.
    6. التصورات الإيجابية عن الذات والشعور بالثقة بالنفس.
    7. الاستقلالية ومشاعر الأمل.
  • الصمود والتأقلم: هو القدرة على التعافي من الشدائد، إذا كنت مرناً فأنت تمتلك رؤية إيجابية لقدرتك على التعامل مع التحديات والبحث عن الدعم الاجتماعي عندما تحتاج إليه، لذا كلما كنت أكثر قدرة على الصمود كنت أكثر قدرة ليس فقط على التعامل مع الإجهاد ولكن على الاستمتاع حتى في مواجهته أيضاً.
  • توافر الدعم: الدعم الاجتماعي مهم لصحة نفسية جيدة، فقد ثبت أن للوحدة عدد من الآثار الصحية السلبية، وقد تم ربطها بمشاكل الصحة الجسدية والنفسية بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والاكتئاب ومشاكل الذاكرة وتعاطي المخدرات وتغير وظائف المخ.
    يمكن أن يكون لانخفاض الدعم الاجتماعي الناجم عن تغييرات الحياة مثل الذهاب إلى الكلية أو مواجهة المحن الاجتماعية أو تغيير الوظائف أو الطلاق؛ تأثير سلبي على الصحة النفسية.
  • المرونة النفسية والفكرية: يمكن أن يؤدي وجود توقعات صارمة وعالية غير واقعية في بعض الأحيان إلى زيادة الضغط، قد لا تقل المرونة العاطفية أهمية عن المرونة الإدراكية، فإذا كنت تتمتع بالصحة النفسية؛ ستعبر عن مشاعرك بصراحة وحرية وتتعامل مع الصعوبات التي تواجهك لا أن تقف مكتوف الأيدي حتى لو كنتَ حزيناً فلن يشلّ ذلك خطواتك لإيجاد الحلول.

هناك مجموعة من العوامل الرئيسية التي يمكن أن تشكّل تهديداً للصحة النفسية، أبرزها ما يلي: [4]

  • التعرض لصدمة: تعتبر الصدمات النفسية والعاطفية أبرز مهددات الصحة النفسية، وفي معظم الأحوال يحتاج الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات قاسية لعلاج مباشر وعلاج طويل الأمد للتخلص من آثار الصدمة؟
  • التعرض للتنمر والتحقير: خصوصاً في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعتبر التنمر المنتشر في المدارس والجامعات والوظائف وكذلك على صفحات الانترنت من المخاطر الأساسية التي تهدد الصحة النفسية للأفراد.
  • التمييز والعنصرية: يواجه الأشخاص الذين يعانون من التمييز العنصري في محيطهم الاجتماعي ضغوطات نفسية كبيرة قد تجعلهم عرضة للإصابة بالمرض النفسي، وفي أحسن الأحوال لن يتمتعوا برفاهية الصحة النفسية.
  • انخفاض تقدير الذات: الناتج عن التعرض للتنمر أو المقارنة المستمرة مع الآخرين، حيث تشير الدراسات أن معظم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يعانون من مشاكل نفسية بسبب مقارنة أنفسهم مع الآخرين ومقارنة حياتهم -البائسة من وجهة نظرهم- مع حياة الآخرين الوردية.
  • المشاكل الاجتماعية: والتي تضمن التمييز الطبقي وفقدان الدعم والانتماء الاجتماعي وربما فقدان المهارات الاجتماعية على مستوى الأفراد.
  • تاريخ عائلي للإصابة بمرض نفسي: فالأشخاص الذي يعيشون في أسرة لها تاريخ مع المرض النفسي أكثر عرضة لاختبار المشاكل والاضطرابات النفسية من غيرهم.
  • الأمراض الجسدية: وخصوصاً الأمراض التي تسبب آلاماً مبرحة أو تكون مستعصية ومزمنة، كذلك الأمر عند ضعف الوصول إلى الخدمات الصحية.
  • استعمال المواد والعقاقير المخدرة: أخيراً وليس آخراً؛ تعتبر المخدرات من أكبر التهديدات للصحة النفسية، سواء المخدرات الطبيعية والعشبية والكحولية أو العقاقير الطبية التي تتم إساءة استخدامها.

يمكنك الحفاظ على صحتك النفسية من خلال اتباع النصائح التالية:

  • احصل على قسطٍ كافٍ من النوم: النوم مهم جداً لصحتك الجسدية والنفسية، يساعد على تنظيم المواد الكيميائية في خلايا الدماغ، هذه المواد مهمة في إدارة مزاجك وعواطفك، إذا لم تحصل على قسط كافٍ من النوم يمكن أن تشعر بالاكتئاب أو القلق.
  • حافظ على التغذية الجيدة: إن الأكل الجيد ليس مهماً فقط لجسمك بل لعقلك أيضاً، فقد تؤدي بعض حالات نقص المعادن مثل نقص الحديد وفيتامين B12 ، إلى مزاج متدني وكآبة بدرجات مختلفة.
    حاول أن تتبع نظاماً غذائياً متوازناً، وإذا لاحظتَ أنك متوتر أو قلق كثيراً، يجب أن تحاول الحد من الكافيين أو الاستغناء عن تناله بشكل نهائي ريثما تتحسن حالتك المزاجية.
  • تجنب التدخين: قد يسبب لك القلق والغضب، خاصة في الفترة التي لا تدخن فيها.
  • احصل على الكثير من ضوء الشمس: هو مصدر كبير لفيتامين د المهم جداً لجسمك وعقلك ويساعد دماغك على إطلاق المواد الكيميائية التي تحسن مزاجك، مثل الإندورفين والسيروتونين.
    لذا حاول الخروج في الشمس عندما تستطيع، ولكن تأكد من الحفاظ على بشرتك وعينيك آمنين، 30 دقيقة إلى ساعتين في اليوم من ضوء الشمس وقت مثالي، فخلال فصل الشتاء، يصاب بعض الأشخاص بالاكتئاب بسبب عدم حصولهم على ما يكفي من ضوء الشمس - وهذا ما يُعرف بالاضطراب العاطفي الموسمي (SAD).
  • السيطرة على التوتر: غالباً ما يكون التوتر أمراً لا مفر منه، ولكن معرفة ما الذي يسبب توترك وكيفية التعامل معه أمر أساسي في الحفاظ على صحة عقلية جيدة، حاول إدارة مسؤولياتك ومخاوفك عن طريق عمل قائمة أو جدول زمني يمكنك فيه حل كل مشكلة، وفي كثير من الأحيان، إذا كسرت مخاوفك وضغوطك وكتبتها، فإنك تدرك أنه يمكن التحكم فيها.
  • النشاط والتمرين: النشاط والتمرين ضروريان في الحفاظ على صحة نفسية جيدة، كونك نشيطاً لا يمنحك الشعور بالإنجاز فحسب، بل يعزز المواد الكيميائية في عقلك التي تساعد لوضعك في مزاج جيد.
    يمكن أن تساعد التمارين في التخلص من الحالة المزاجية السيئة والقلق والتوتر والشعور بالتعب والكسل، كما أنه مرتبط بعيش حياة أطول، لست بحاجة إلى الجري في ماراثون أو لعب كرة القدم لمدة 90 دقيقة؛ يمكنك المشي لمسافة قصيرة أو ممارسة اليوغا لتشعر بالراحة .
  • افعل شيئاً يحقق لك المتعة: حاول تخصيص وقت للقيام بالأشياء التي تستمتع بها، إذا كنت تحب المشي أو الرسم أو عرض تلفزيوني معين، خصص وقتاً للاستمتاع به، وإذا لم تقضِ أي وقت في فعل الأشياء التي تحبها، فيمكن أن تصبح عصبي المزاج وغير سعيد.
  • تواصل مع الآخرين وكن اجتماعياً: ابذل جهداً للحفاظ على علاقات جيدة وتحدث إلى الناس كلما سنحت لك الفرصة، إن وجود أصدقاء مهم ليس فقط من أجل احترامك لذاتك، ولكن أيضاً لتقديم الدعم عندما لا تشعر بتحسن كبير، فالتحدث إلى الآخرين لمدة عشر دقائق فقط يمكن أن يحسن الذاكرة ويختبر ذكائك العاطفي ومهارات التواصل لديك أيضاً.
  • افعل أشياء للآخرين: مساعدة الآخرين ليست جيدة فقط للأشخاص الذين تساعدهم؛ إنه جيد لك أيضاً، ويمكن أن تساهم في مساعدة شخص ما في رفع مستوى تقديرك لذاتك وتجعلك تشعر بالرضا عن رسالتك في الحياة.
    إن الشعور بأنك جزء من المجتمع أمر مهم لصحتك النفسية والعقلية، كما يمكنك التطوع في مؤسسة خيرية لتحقيق مغزى ومعنى في حياتك.
  • اطلب المساعدة: من أهم الطرق للحفاظ على صحتك النفسية والعقلية هي التعرف على الأوقات التي لا تشعر فيها بالرضا، ومعرفة متى تطلب المساعدة، لا عيب في طلب الدعم من متخصص في العلاج أو الطب النفسي؛ إذا كنت تشعر بالإحباط أو التوتر. [7]

يمكن أن تؤثر القضايا المتعلقة بالصحة العقلية على مختلف الأشخاص بطرق مختلفة، إذا بدأت في رؤية تغييرات في سعادتك وعلاقاتك بشكل عام ، فهناك دائماً طرق للحصول على الدعم الذي تريده.

فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها الحصول على المساعدة: [6]

  • تواصل مع أفراد عائلتك وأصدقاءك المقربين: يمكن أن يساعد التواصل والانفتاح على الآخرين في حياتك في توفير الدعم العاطفي.
  • تعرّف على المزيد حول الصحة النفسية: هناك العديد من الطرق للحصول على معلومات كافية عن الصحة النفسية كالكتب ومواقع الانترنت.
  • قم بإجراء تقييم للصحة النفسية: يمكن أن يساعدك التقييم في تحديد ما إذا كان التوتر أو القلق أو الاكتئاب له تأثير على حياتك.
  • تحدث إلى متخصص: إذا بدأت تشعر أن صحتك النفسية العاطفية بدأت في التأثير عليك، فقد يكون الوقت قد حان للوصول للحصول على دعم إضافي متخصص من قبل معالج مؤهل.

هناك الكثير من الصعوبات التي تواجه تنفيذ برامج الصحة النفسية بسبب المعتقدات الخاطئة للناس عن الأمراض النفسية وإمكانية علاجها، وإليك أبرز هذه المعتقدات والصعوبات وتحديات تعميم ثقافة الصحة النفسية وضرورة الحفاظ عليها: [5]

  • وصمة العار: ترتبط وصمة العار بالأمراض العقلية والنفسية ويتم التمييز بين المرضى في المجتمع في جميع الجوانب مثل التعليم والتوظيف والزواج وما إلى ذلك، مما يؤدي إلى التأخير في طلب المشورة الطبية.
  • الغموض في مفاهيم الصحة النفسية والمرض: مع عدم وجود علامات وأعراض نهائية تؤدي إلى ارتباك في التشخيص.
  • ربط المرض النفسي بالضعف العقلي: يشعر الناس أن الأمراض العقلية تحدث لمن يعانون من الضعف العقلي أو بسبب الروح المعنوية المتدنية.
  • توقع استمرار المرض: يرى الكثير من الناس أن المرض العقلي لا يمكن الشفاء منه رغم العلاج.
  • فشل التدابير الوقائية: يعتقد الكثير من الناس أنه من غير المرجح أن تنجح التدابير الوقائية.
  • أدوية علاج الأمراض النفسية تسبب الإدمان: يعتقد الكثير من الناس أن الأدوية المستخدمة في علاج الأمراض العقلية قد تسبب العديد من الآثار الجانبية وتؤدي إلى الإدمان، إنهم يشعرون أن هذه الأدوية تسبب النوم فقط.

في الختام.. الصحة النفسية لا تعني أنك تشعر بالسعادة دائماً ولا تعاني من مشاكل أو أمراض نفسية، بل تعني قدرتك على فهم ذاتك ونقاط قوتك وتعزيزها ونقاط ضعفك وتقويتها وأن تعرف ما تريد وكيف تحققه.

المراجع