دور المدرسة في تكوين شخصية الطفل وتنميتها
تتظافر العديد من العوامل لتساهم بشكل مباشر في نمو الطفل وتكوين شخصيته سواءً كانت في المنزل أو في المدرسة أو في الحياة الاجتماعية اليومية، وفي هذا المقال سوف نوضح أهمية المدرسة في تكوين شخصية الطفل فما هو دور المدرسة في تربية الطفل اجتماعياً؟ وهل تؤثر على بناء شخصية الطفل وتطوير مهاراته وثقافته؟
لطالما كانت المدرسة المنزل الثاني للطفل الذي يقضي فيها وقتاً طويلاً، وتشكل حول الطفل مجتمع خاص فيه، فتؤثر المدرسة خلال الساعات التي يقضيها الطفل فيها على تربيته اجتماعياً من خلال: [1-2]
- تعليم الطفل التفاعل مع الآخرين: المدرسة هي المكان الأول الذي يحصل فيه الطفل على أصدقاء من عمره يستطيع التعامل معهم، وبناء علاقات بنفسه للمرة الأولى بعيداً عن والديه، حيث أن المواقف اليومية التي تحصل مع الأقران تعلّم الطفل كيف يتفاعل مع الآخرين بشكل عملي بعيداً عن التوجيهات التي يلقيها الأبوين.
- تعليم الطفل القيم الاجتماعية: إن وجود مجموعة من الأطفال في مكان واحد واللعب معاً وقضاء وقت طويل، هذا يعلم الطفل بعض القيم الاجتماعية التي يمكن أن يكون سمعها من والديه دون أن يفهم معناها، ولكن بوجوده مع أقرانه سوف يتعلم ألا يكون أناني ويقاسمهم الحاجات والألعاب وحتى الطعام وهذا بدوره ينمي لديه حب العطاء، كما أن وجوده في المدرسة يعلمه ألا يكذب ويقول الصدق بطريقة عفوية دون تفكير.
- تنمية المعارف العلمية واللغوية: من أهم أدوار المدرسة الاجتماعية هي تنمية معارف الطفل اللغوية، فهي المكان الأول الذي يتعلم فيه الطفل المحادثة والأسس العلمية والقواعد الأساسية لتطوير المهارات اللغوية لديه.
- تعلم النظام والالتزام بالقوانين: تعتبر المدرسة هي المكان الذي يتعلم فيه الطفل كيف يتكلم بتهذيب مع المدرسات والأقران، كما يتعلم الانتظام والهدوء في التصرفات، ويفهم أهمية عدم التقصير بالواجبات ويشعر بأهمية النجاح.
- اكتشاف المواهب وتنميتها: للمدرسة أيضاً الدور الكبير في اكتشاف مواهب الطفل سواءً كانت في الرسم أو في الرياضة أو في العزف أو في أي مجال آخر، حيث تتيح للطفل التعبير عن ذاته بالطريقة التي يرغب فيها تاركة المجال لخياله لنسج ما يهوى، وهنا يكون دور المعلمات اللواتي يراقبن الأطفال في اكتشاف مواهب الأطفال وتنبيه الأهل عليها للمساهمة في تنميتها.
تؤثر المدرسة بشكل كبير على بناء شخصية الطفل، وتؤمن له الجو الاجتماعي الذي يزرع في داخله العديد من الآثار النفسية التي يتعلمها من خلال قضاء الوقت مع المحيط، نذكر منها: [1-2]
- تعلمه الثقة بالنفس: يعتمد الطفل منذ بدء وعيه على والديه اعتماداً كلياً، وخوف الوالدين يؤثر بشكل أو بآخر على ثقة الطفل بنفسه فهو دائماً ما يشعر بأنه تحت حماية والديه ويخاف من قول أو فعل أي شيء لوحده، ولكن فيما بعد تقدم له المدرسة الفرصة التي من خلالها يتعلم أن يثق بنفسه فقط ويقول ما يريد بصوت مرتفع دون خوف أو اعتماد على أحد.
- الاحترام والمسؤولية: تزرع المدرسة في نفسية الطالب الاحترام تجاه الآخرين وتعمله بنظامها معنى المسؤولية وأن يكون مسؤول عن أشياءه في المرحلة الأولى على الرغم من بساطتها إلا أنها تعلمه كيف يكون طفلاً محترماً ومسؤولاً بعيداً عن أي دعم خارجي.
- الاعتماد على النفس: تعلّم المدرسة الطفل منذ نعومة أظافره الاعتماد على نفسه في طعامه ولعبه وكتابته، على الرغم من أنه تحت أنظار المعلمين في كافة الأوقات لحمايته لكنه يشعر بأنه هو المسؤول عن نفسه ولا يوجد أي أحد قادر على مساعدته.
- تكوين الشخصية المستقلة عن الأهل: تساهم المدرسة بتكوين الشخصية المستقلة للطفل بعيداً عن أهله نتيجة تعليم الطفل جميع مبادئ الاعتماد على النفس سواء كانت عند تناول الطعام أو خلال الكتابة أو الدروس، بالإضافة إلى أنها توفر له مساحة بالتعبير عن أفكاره وخياله، وتعطيه القدرة على الاختيار بنفسه.
- تنمية الدوافع والاتجاهات الشخصية: توّجه المدرسة الأطفال بلا وعي نحو اختيار الاتجاهات الصحيحة وتزرع بداخلهم القيم الإنسانية، وتترك لكل طفل مجال للتعبير عن شخصيته ورأيه كما تدعم مواهبه وتحفزه على تطويرها.
تؤثر المدرسة بشكل إيجابي على شخصية الطفل من خلال تعامله مع أقرانه في كل يوم، ومن خلال المواقف التي يتعرض لها الطفل ويكون مجبر على أن يتعامل مع هذه المواقف لوحده فهذا يعلمه الكثير من القيم التي تعود على شخصيته بشكل إيجابي، وسوف نذكر بعض من آثار المدرسة على الطفل: [1-3]
- القدرة على تحديد الهدف: إن الدروس والتحفيز الدائم من قبل المعلمين وتنمية الثقافة لدى الأطفال تجعلهم قادرين على تحديد هدف معين في حياتهم وتنمي لهم الطموح بلا وعي، وتجعل كل طفل يفكر ويسرح في خياله عما يجب أن يكون عليه في المستقبل وأن يعمل بكل طاقته للوصول لهذا الهدف.
- تؤثر على شخصية الطفل بشكل إيجابي أو سلبي: إن المدرسة تؤثر بشكل مباشر على شخصية الطفل ففي حال كان مستقراً مع الأطفال الآخرين ومتجاوب مع المعلم سوف يقوم بجميع واجباته دون ملل أو ضعف، ويسعى دائماً للتطور استجابة للتشجيع من المعلم، وهذا يقوي شخصيته وينمي لديه مهارات التواصل مع الآخرين، أما في حال كان الطفل غير منسجم مع الأطفال من حوله أو لم يشعر بالحب والألفة تجاه المعلم خاصة إن تغلبت عليه مشاعر الخوف منه، فهذا سوف ينعكس بشكل سلبي ويضعف من شخصيته ويضعف مهارات التواصل لديه.
- تعلّم الطفل معنى الصداقة: المدرسة هي المكان الأول الذي يبدأ الطفل فيها يفهم معنى الصداقة ولو بدرجة قليلة من الوعي ولكن فيما بعد يرى أن أصدقاء المدرسة هم من أكثر الأصدقاء الحقيقيين الذين تستمر صحبتهم لسنوات طويلة، ففي هذه المرحلة تكون الصداقة قائمة على تشارك اليوميات دون أهداف أو مصالح وهذا ما يجعلها تدوم لسنوات.
- تعلم الطفل الاهتمام بنظافته: الطفل ما قبل المدرسة يكون معتمد بنظافته الشخصية على أمه بشكل كامل، ولكن في المدرسة وعندما يبدأ بقضاء وقت طويل لوحده بعيداً عن أمه يجبر الطفل على الاهتمام بنظافته الشخصية وهذه أحد الآثار الإيجابية للمدرسة والتي تعلم من خلالها الطفل الاعتماد على نفسه والاعتناء بنظافته.
- تدعم الطفل صحياً: المدرسة لا تعلّم الطفل الدروس فقط، وإنما يكون لها دور بتقويم السلوك عند الأطفال، ودعم الطفل صحياً أيضاً فالمعلمين يحرصون على تعليم الطفل كيف يجلس بطريقة صحيّة، بالإضافة إلى إدخال التمارين الرياضية إلى الروتين اليومي للأطفال والتي تجعلهم نشيطين وتجعل أجسامهم مرنة وقوية.
بعد أن تعرفنا على الأدوار الاجتماعية والنفسية والسلوكية التي تقدمها المدرسة سوف نوضح أيضاً بعض من المهام الثقافية والتي تهدف إلى بناء قاعدة ثقافية عند الأطفال مثل: [3-4]
- تعلم القراءة والكتابة: الهدف الأهم من ذهاب الأطفال إلى المدرسة هو إتقان القراءة والكتابة والتعرف على اللغات الأخرى وفهمها وفهم كيفية التعامل معها بالإضافة إلى التعرف على ثقافات أصحاب هذه اللغات وسلوكياتهم من خلال الدروس التي يتلقونها الأطفال.
- تعلم المهارات الحسابية الذهنية: من مهام المدرسة الثقافية أيضاً هي تعليم الأطفال وتطوير مهارات الحساب الذهني لديهم فهذا يجعلهم يفكرون بسرعة ويطورون من قدراتهم الرياضية.
- التعرف على معلومات جديدة: المدرسة هي الباب الذي من خلاله يتعرف الأطفال على معلومات جديدة في جميع المجالات، وشيئاً فشيئاً تتطور معلومات الطفل الثقافية فيصبح لديه معلومات تاريخية وفنية ودينية وغيرها العديد من المعلومات الثقافية التي يتعلمها الأطفال في المدرسة.
- تنمية ميول الطفل تجاه اختصاص معين: المعلم هو الشخص القادر على اكتشاف ميول الأطفال نحو اختصاص معين، لذلك من مهام المدرسة تنبيه الأهل بشكل دائم من خلال اجتماعات أولياء الأمور على الجوانب التي يجب تطويرها عند كل طفل والمجالات التي يمكن لكل طفل أن يبدع فيها، وذلك يتم اكتشافه من قبل المعلم خلال الدروس وميل كل طفل نحو مادة معينة أو موهبة معينة.
- توفير بيئة تعليمية لهم: من المهام التي تقدمها المدرسة هي توفير البيئة الثقافية التي يتعلم فيها الطفل، وتأمين الجو الذي يجعل الطفل يرغب في التعلم ويستمتع بالدراسة دون أن يشعر بأنه مجبر على أداء الواجبات لأنها مطلوبة منه وليس ليتعلم منها ويطور من نفسه.
مسؤولية بناء شخصية الطفل المستقلة وتطويرها هي مسؤولية مشتركة بين المعلمين والأهل، لذلك لابد من بعض النصائح التي يستفيد منها الأهل عند التعامل مع أطفالهم: [4]
- الاهتمام بالطفل: من واجبات الأهل نحو طفلهم الاهتمام فيه وبدروسه فلا يجب إهمال الأم لواجبات الطفل حتى ولو كان هنالك من يساعده في دروسه في المنزل، لأنه يبقى للأم الدور الأهم في معرفة هل يستجيب الطفل للدروس وللمعلمين وهل هو مستقر نفسياً في هذه المدرسة وهل يحب معلمته أم أنه غير مستقر وغير قادر على التعبير، فالاهتمام بدروس الطفل هي الطريقة الوحيدة لمعرفة الآثار النفسية للمدرسة على الطفل.
- عدم السماح للطفل بالتكلم عن المعلمة: في بعض الأحيان الدلال الزائد المقدم للطفل وتلبية جميع رغباته قد يكون له أثر سلبي على تربية الطفل، وجعله يتطاول على معلمته، وهنا يكون دور الأهل بتوعية الطفل وترغيبه بالمدرسة والمعلمين وعدم السماح له بالكلام بشكل غير محترم عن المعلمة، ويجب ألا يتم الكلام عن المعلمة بشكل غير محترم من الأهل أمام الأطفال، وفي حال معرفة الأهل بأن الطفل لا يتطور مع هذه المعلمة يمكن ببساطة تغييرها ولكن باحترام دون إساءة.
- ترغيب الطفل بالمدرسة عن طريق المكافأة: من أهم طرق ترغيب الأطفال بالمدرسة هي المكافآت التي من خلالها يشعر الطفل بأن له رغبة بالتفوق والمثابرة وقد تكون المكافأة بهدية جديدة أو الذهاب لمكان ما يرغب فيه.
- تشجيع الطفل على بناء صداقات: من المهم تشجيع الطفل على بناء صداقات جديدة في المدرسة من أجل إعطاء الطفل شعور بأنه يذهب لقضاء وقت ممتع مع الأصدقاء، وليس للتعلم فقط ويمكن تطوير هذه الصداقات عن طريق التعرف على أهالي الأطفال وبناء علاقة جيدة معهم.
- الاهتمام بالمناسبات: يجب على الأهل أن يزيدوا من اهتمامهم بالمناسبات التي تجعل الطفل يحب المدرسة والمعلمين من أجل تشجيع الطفل، وقد يقوم الأهل بحفلة صغيرة بعيد ميلاد الطفل في المدرسة أو في عيد المعلم هذه الطريقة تجعل الطفل يشعر بأن المدرسة هي منزله الثاني وليس مكاناً غريباً عنه.