كيف تسامح نفسك على أخطاء الماضي؟

تعرف إلى أهمية التصالح مع الماضي وكيف تسامح نفسك على أخطاء الماضي، إيجابيات المسامحة الذاتية وأهم خطواتها
كيف تسامح نفسك على أخطاء الماضي؟
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

كلنا ارتكبنا أخطاء في الماضي، وما زلنا نخطئ لأن هذه هي طبيعة النفس البشرية، منا من أخطأ بحق نفسه ومنا من أخطأ بحق الآخرين، لكن ما فائدة جلد الذات والندم على ما فات إن لم يترافق مع الإصلاح ولم يتبعه مسامحة النفس؟! فنفسك تستحق أن تسامحها وتصفح عنها، لذلك خصصنا هذا المقال لك.

أن تسامح نفسك لا يعني أنك راضٍ عن أخطائك وغير معترف بها، ولا أنك شخص بلا ضمير تسمح لنفسك أن تخطئ وتؤذي الناس وتتأذى دون أن تحاسبها.
فمسامحة النفس هي عكس هذا تماماً؛ فهي خطوة لا يتقنها إلا الشخص الواثق بنفسه والمقبل على الحياة والذي يمتلك شخصية قوية وناجحة وعادلة، ولا يقبل عليها إلا بعد قيامه بالاعتراف بأخطائه التي ارتكبها في الماضي وتعهده لنفسه ألا يكررها وأن يصلح ما يمكن إصلاحه منها.
فما فائدة الندم واجترار الأفكار السلبية وجلد الذات؟! هل ستعيد الزمن فيك وتصلح ما حدث؟! بالطبع لا.
الشخص الذي يسامح نفسه على أخطاء الماضي بعد أن يحاسبها سيكون هو الفائز في النهاية على الشخص الذي لا يعترف بأخطائه أصلاً ولا يتحمل مسؤوليتها، وكذلك على الشخص الذي يقضي عمره بائساً ونادماً دون أن يفعل شيء.

animate

قد يعترف البعض بأخطاء ارتكبوها في الماضي لكنهم يسامحون أنفسهم عليها وينتهي الأمر، لكن هناك الكثيرون من يجد صعوبة في مسامحة أنفسهم على أخطاء الماضي، الخبر السار هو أنك تستطيع أن تسامح نفسك حتى لو لم تستطع تغيير نظرة الآخرين إليك، كيف؟

  • اعلم أن الشعور بالذنب أمر محمود: فمن يشعر بالذنب يعترف بأخطائه، ويكون لديه نية لإصلاحها وعدم تكرارها، وهذا أمر جيد حتى لو بدا مزعجاً بعض الشيء.
  • حاسب نفسك وأعد السيناريو في عقلك: فأعد شريط ما حدث وتحمل مسؤولية خطئك دون أن تختلق لنفسك الأعذار، فأنت تواجه حقائق وأمور حدثت فعلياً وانتهت، هذا يساعدك على المضي قدماً.
  • اعترف بمشاعرك السلبية وتقبلها: فلا تنكر أخطاءك ولا حتى غضبك وخجلك من نفسك وحزنك بسب ما حصل، تقبل كل هذه المشاعر السلبية وتعامل معها بشكل سليم، واعلم أن تجاهلك لمشاعرك السلبية سيزيدها ويفاقمها بدلاً من أن يقللها.
  • تعامل مع نفسك كما تتعامل مع صديقك: تخيل أن صديقك قد أخطأ في الماضي وهو الآن لا يستطيع أن يسامح نفسه ويشفي جروحه، فكيف ستتعامل معه؟! تخيل أنك أنت ذلك الصديق الذي يحتاج مساعدتك وكن لطيفاً معه ولا تلمه، وفضفض لنفسك واسألها بماذا تشعر ولماذا، وما هي خططها المستقبلية لإصلاح الخطأ، وامنع نفسك من الحديث السلبي واللوم؛ فلا يمكنك التشافي في بيئة عقابية.
  • لا تكرر خطأك وصححه قدر المستطاع: فهناك الكثير الكثير من الفرص لإصلاح الأخطاء، وليس هناك خطأ لا يصحح، فحتى لو تسبب خطأك بوفاة أحد فيمكنك إصلاحه من خلال الإحسان لأهل الميت ومساعدتهم والعطاء عن روح الشخص.
  • اعتذر لمن أخطأت بحقه: فقد تكون قد أخطأت بحق أحد، هنا عليك الاعتذار لأنه جزء من الاعتراف بالخطأ، ومن حق من أخطأت بحقه عليك أن تعتذر له وتطلب منه السماح. فاذهب واعتذر واشرح موقفك دون أن تجمل الحقائق، فحتى إن كنت مقتنعاً في الماضي بما فعلت ولكنك ندمت الآن فقل له هذا، أو قل ببساطة أنك أخطأت واطلب السماح منه دون أن تزيد في الشرح والكلام. ولا تتوقع دائماً أن يسامحك على الفور، لكن تذكر أن هذا خياره وحقه؛ فأنت من أخطأ وليس هو، وعليك أن تحسن إليه وتتحمله وتتذكر أنك بذلك تدفع ثمن خطئك.
  • أعط من قلبك: ففي العطاء شفاء ورحمة لنفسك وللناس، وهو يولد طاقة إيجابية كبيرة في النفس تريحك.
  • تعلم من أخطائك: ما الهدف من الشعور بالذنب إذا لم نغير الطريقة التي نتعامل بها في المستقبل؟ خذ العبرة والدرس مما حصل، واحمد الله أنه حصل معك ليعلمك.
  • سامح من أخطأ بحقك: فحتى تستطيع أن تسامح نفسك عليك أن تمارسك السماح ليعتاد قلبك عليه، فسامح من أخطأ بحقك.
  • تعلم فنون الاسترخاء والتأمل: لست مضطراً أن تتعلم اليوغا، فالتنفس البطيء يفي بالغرض، فقط اهدأ واغمض عينيك واستنشق الهواء من أنفك لـ 5 ثوانٍ ببطء وهدوء وكأنك تشم رائحة تحبها، ثم احبسه لـ 3 ثوانِ وأطلقه ببطء في 7 ثوانٍ من فمك وكأنك تطفئ شمعة.
  • اقضِ على وقت الفراغ: فالفراغ يولد الأفكار السلبية ويجر الحديث السلبي مع النفس، مارس هواياتك وتواجد مع أهلك وأصدقائك.
  • ابحث عن مساعدة: فإن لم تنجح في شفاء جرح الماضي، عليك أن تبحث عن صديق يساعدك أو حتى عن مختص نفسي. [2]

لا بد أنك تعرف عن أهمية التسامح في تقريب القلوب وبناء جسور المحبة والتفاهم بين الناس، ونحن هنا بصدد الحديث عن مسامحة النفس وأهميتها في الحياة، فلماذا عليك أن تسامح نفسك على أخطاء الماضي؟

  • لأنك الإنسان خطّاء: فالخطأ مسموح ومردود في عالم البشر، وأنت لست ملاكاً، ولأن جلد الذات لن يعيد الزمن ولن يصلح الأمر.
  • لتتطور على الصعيد الشخصي: فخلال قيامك بالأمور التي تسبق مسامحة نفسك على أخطاء الماضي، ستراجع ما حدث معك عندما ارتكبت الخطأ ومشاعرك حينها ودوافعك، ما يجعلك تفهم نفسك أكثر وتؤدبها وتتعاطف معها وتحترمها وتثق بها، فتدير غضبك وتفهم مشاعرك أكثر وتتطور شخصيتك.
  • لتتطور على الصعيد المهني: فكثرة لوم الذات على أخطاء الماضي تضيع وقتك وجهدك الذي يجب أن يخصص للعمل وزيادة الإنتاجية.
  • لتطور وتحسن علاقاتك: فعندما تطلب السماح ممن أخطأت بحقه سيقدرك وتتحسن علاقتك معه، ومع الآخرين. كما أن تركيزك على علاقاتك بشكل عام وأنت متحرر من الشعور بالذنب والخزي ستكون صحية أكثر.
  • للابتعاد عن الاكتئاب والإدمان: يعتبر الشعور بالذنب أمرًا صحيًا لأنه يمكنك أن ترى نفسك كشخص جيد لكنه قد ارتكب خطأً. في حين أن الشعور بالخزي يجعلك ترى نفسك كشخص سيء لا فائدة منه بسبب هذا الخطأ. العار والخزي يجلبان مشاعر غير مرغوب فيها قد تؤدي إلى الاكتئاب أو الإدمان.
  • لتنقذ جسدك من الآلام والأمراض: فمسامحة الذات مفيد لصحتك؛ فمن يجلد نفسه باستمرار يعاني عادة من آلام جسدية كالصداع المتكرر وآلام المفاصل والعضلات، كما يعاني من ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول وأمراض القلب. [1]

المسامحة الذاتية على أخطاء الماضي جزء أساسي من التصالح مع الماضي وتقبله بما فيه من أحداث وذكريات سلبية أو مؤلمة، إليك هذه النصائح للتصالح مع الماضي وتقبله:

  • تعلّم عيش الحاضر: أولى قواعد تقبل الماضي والتصالح معه أن تستطيع عيش وقتك الراهن، أن تنظر إلى الوقت الحاضر بوصفه الوقت الأنسب لفعل شيء جيد ومفيد وممتع، لا يمكنك بطبيعة الحال تجاهل ماضيك أو مستقبلك، لكن يجب أن يشغل الحاضر تفكيرك بالدرجة الأولى.
  • سامح الآخرين على أخطائهم: التسامح مع أخطاء الماضي يتضمن أيضاً التسامح مع أخطاء الآخرين، والتسامح لا يعني أن تنسى الإساءة التي تعرضت لها، ولكن أن تطرد الكره والرغبة بالانتقام من قلبك، وأن تتوقف عن اللوم أو لعب دور الضحية.
  • تذكر الأحداث الجيدة: عندما تحاول تقبل الماضي والتصالح معه عليك أن تتذكر الأحداث الجيدة التي حدثت فيه، حاول أن تستحضر إيجابيات الماضي وتتخيلها لتتمكن من التصالح معه.
  • أعد تكوين الماضي: من الاستراتيجيات الفعالة للتصالح مع الماضي وتقبله أن تبدأ بإعادة تكوين ماضيك، من خلال استعادة بعض الأحداث المؤلمة والسلبية وتحوليها إلى إيجابية، يتضمن ذلك الاعتذار من أشخاص أخطأت بحقهم، والتسامح مع الذين أخطأوا بحقك، واستعادة بعض الهوايات القديمة أو المشاريع التي لم تتمكن من تحقيقها.
  • انطلق نحو مستقبل أفضل: هناك ارتباط كبير بين نظرتك إلى الماضي وبين ما تخطط له في مستقبلك، يجب عليك الاستفادة من جميع أحداث الماضي لترسم مستقبلاً أفضل، حاول أن تجعل الماضي دافعاً للتخطيط والعمل ليكون المستقبل مختلفاً.

كلنا نخطأ بحق أنفسنا أو بحق الآخرين، وقد تكون أخطاؤنا هذه مقصودة أحياناً، لكن قد نكون طائشين أو غير واعين بما فيه الكفاية وقتها، وقد نكون في قمة وعينا لكننا ندمنا عليها فيما بعد، وقد لا نندم أصلاً ونمضي في طريقنا، وقد يكون الأمر أكثر بشاعة فنستمر في ارتكاب نفس الخطأ في كل مرة. فما الفرق بين الشخص الذي يندم على أخطاء الماضي وبين من يمضي في طريقه دون أن يقف لحظة ويحاسب نفسه على أخطاء الماضي؟
اعلم عزيزي القارئ بداية أنك إن قررت أن تتوقف للحظة عند ماضيك وتحاسب نفسك على ما فعلت، ومن ثم تقرر أن تسامح نفسك على أخطاء الماضي، فهذا يدل أنك شخص تملك ضميراً حياً، وأنك لا تقبل الخطأ على نفسك، وتسعى دائماً للأفضل لنفسك وللآخرين.
وهذا هو الفرق بينك وبين من لا يأبه بأخطائه في الماضي، فعندما تحاسب نفسك فإنك بذلك تساعدها على التطور في المجالات المتعددة، وتتفادى التصادم مع الآخرين لأنك أنت من تحاسب نفسك قبل أن يحاسبك أحد.
فهذا النوع من الأشخاص يمتلكون رقابة ذاتية وضميراً حياً يؤهلهم ليكوّنوا علاقات صحية مع الأصدقاء وزملاء العمل والمسؤولين وحتى مع أنفسهم إن استطاعوا أن يتصالحوا مع أنفسهم ويسامحونها على أخطاء الماضي.

المراجع