اختبارات الشخصية في علم النفس
. يتم وضع اختبارات الشخصية في علم النفس بناء على دراسة معمّقة لأنواع وأنماط النفس البشرية، وتعتبر اختبارات الشخصية أداة لمعرفة شخصيّة الإنسان وتقييمها، وذلك عبر تقنيّات مصممة لتقييم الأشخاص من سلوكهم وأفكارهم وطريقة تصّرفاتهم عند تعرّضهم لمواقف مختلفة.
تعرّف الشخصية بأنها صيغة منظّمة لجميع القيم والمعتقدات ونماذج السلوك التي تتحكم بتصرّفات الإنسان والصفات النفسيّة والجسدية المكتسبة والموروثة والاتجاهات المتعلّمة والمحفوظة عند شخص معيّن والتي يعرف بها أمام الآخرين.
تناول علم النفس الشخصيّة وتعريفها استناداً إلى اختبارات تحليل الشخصية حينئذٍ، وبالتالي فقد اختلفت المفاهيم باختلاف العلماء النفسيين ومن أبرزها نذكر:
- تعريف جليفورد للشخصية: عرّف جليفورد الشخصيّة أنّها جملة الصفات والسلوكيات والطبيعة الموروثة التي يتميّز بها الإنسان عن غيره.
- تعريف الشخصية حسب واتسون: ركّز واتسون على ملاحظة التصرّفات والمواقف التي يبرزها الشخص أمام الآخرين والتي من خلالها يتم التعرّف عليه، ولكن يحتاج هذا المفهوم لوقت طويل مع الشخص لفهم شخصيّته بشكل كامل.
- تعريف حامد زهران: يعرّف زهران الشخصيّة بأنّها مجموعة المعتقدات والمظاهر الاجتماعية والعقلية والنفسية والصفات الموروثة التي يمتلكها شخصاً ما ويتميّز بها عن الآخرين.
- تعريف سكنر: لقد كان مفهوم سكنر للشخصية بعيداً نوعاً ما عن أقرانه النفسانيين، فقد عرّفها بأنها مجموعة الأنماط والسلوكيات القابلة للملاحظة بشكل تدريجي، مع إمكانيّة التنبؤ بها وبمدى شدتها بالإضافة إلى إمكانيّة التحكّم بها وضبطتها بوساطة مبدأ تعديل السلوك.
- تعريف إيزنك للشخصية: أما إيزنك فقد قام بتعريف الشخصيّة على أنّها الجانب الذاتي من الفرد الذي يستطيع أن يتوافق بها مع بيئته والتي تظهر في أخلاقه ومزاجه وقواه العقلية.
صنّفت أنواع الشخصيّات بناءً على الاختبارات التي أجريت لتحليل الشخصية ضمن عدة مجموعات، إذ تمتلك كل مجموعة صفات بارزة تمنحها طبيعة خاصّة تتميّز بها عن غيرها ولمعلومات أكثر عن أنواع الشخصيات في علم النفس، نذكر: [2-3-4-5]
- الشخصية الإيجابية: تعني الإيجابيّة في الأمور أن يتم اتخاذ القرارات بعد تفكير جدّي وعاقل وبموقف منفتح وإيجابي، كما يتّصف صاحب الشخصيّة الإيجابية بأنه ذكيّ ومتحمّس يناقش الامور ببراعة، هادئ وذو ابتسامة عريضة، نظرته إيجابية دوماً للأمور وذو وجه بشوش ومتسامح ويندرج تحت مفهوم هذه الشخصية، الشخصية العطوفة، الشخصية المتعاونة، الشخصية المرحة.
- الشخصية السلبية: تعتبر الشخصية السلبية النقيض للشخصية الإيجابية، وتتميز الشخصية السلبية بموقف انهزامي أو انطوائي وحاد من الأشخاص والأحداث، وغالباً ما تمر الشخصية السلبية بأوقات عصيبة اجتماعياً، وأبرز أنماط الشخصية السلبية هي الشخصية الانطوائية، الشخصية الساذجة، الشخصيّة الاكتئابية، الشخصية الضعيفة أو المستسلمة، والشخصية الاعتمادية.
- الشخصية المرضية: وهي شخصية مضطربة تتصف بتصّرفات غير عقلانية مع علامات على اضطراب فكري أو عقلي، ونذكر من أنماطها، الشخصية السيكوباتيّة، الشخصية الاضطهادية، الشخصية القهريّة، الشخصية الوسواسيّة، الشخصية القاسية، الشخصية النرجسية.
تلعب اختبارات الشخصية دوراً ملحوظاً في التشخيص السريري واقتراح العلاج المناسب للاضطرابات والمشاكل النفسية، ومن أهم اختبارات الشخصية في علم النفس نذكر: [6]
- اختبار التعرّف على الشخصية: يمسح هذا الاختبار جميع ما يمتلكونه الأشخاص من قدرات ومهارات شخصيّة طبيعية، ويعرف باسم مكتشف القدرات ويقوم على الركائز الإيجابية في علم النفس التي تقتضي إصلاح ما يجيده الفرد بشكل أفضل وجعله مفيداً وصحيحاً.
- اختبار مؤشر نوع مايرز بريجز: تم إعداد هذا النوع من الاختبارات على يد كاثرين كوك بريجز وإيزابيل بريجز مايرز مستخدمين بها مجموعة من الوظائف النفسية مثل الإحساس والتفكير والإدراك في معرفة شخصيّة الفرد فيما إذا كان ذي شخصية متحضّرة أو انطوائية غير اجتماعية، وتحديد الأساس الذي يطلقون عليه الأحكام والقرارات الخاصّة بهم، مثل التفكير بالشيء ونتائجه المستقبلية أو الاعتماد الكامل على الحدس والإحساس.
- اختبار الميول: يقيّم هذا الاختبار توجّهات الأشخاص ومدى نجاحهم في الحياة بناءً على مجموعة من الأسئلة التي تحدد الأهداف الرئيسية والقيم والدوافع والرغبات التي يسعى الإنسان لتحقيقها، على سبيل المثال: ميل شخص معيّن لدراسة الهندسة بينما ميل أخوه لدراسة الفن المسرحي.
- اختبار جرد شخصية مينيسوتا متعدد الأطوار: يقيّم هذا الاختبار شخصية الفرد البالغ ويبحر في علم الأمراض والاضطرابات النفسية عبر عدة مقاييس من بينها: الفصام الشخصي، الهوس، الانطوائية الاجتماعية، القلق وغيرها. كما أنه يقدّم العلاج المناسب لكل حالة بعد تشخيصها وأكثر استخداماته لكشف شخصيّة المرشّحين العاملين في مختلف المهن مثل مجالات الاتصال والكهرباء فيما إذا كانت مرضية أم لا.
- اختبار جرد شخصيّة وهيكل الشخصيّة: أنشئ هذا الاختبار في عام 2000 م لتوضيح وإظهار ما تحمله الشخصيّة من الصفات الإيجابية مثل التواضع والصدق والقبول وتقبّل الآخر والعمل الجيد.
يوجد بعض الاختبارات التي أجريت على شخصيّة ما تم اعتمادها من قبل علماء النفس لتحليلها ومعرفة أيّ نوع من الأنواع تلك هي، ومن هذه الطرق نذكر: [7]
- اختبار القيادة: وهنا يتم اختيار شخصيّات ذات مستوى عالٍ لإشغال منصب إداري هام في المجتمع ويعتمد اختبار القيادة على الشخصيّة التي كوّنها هذا الشخص في حياته ويصنّف منصب القيادة إلى عدة تصنيفات، هي: المدير الليبرالي وهو شخص ديمقراطي ويحب التجارب العملية، أما المدير السلطوي لا يسمح بتعدد الآراء إنما لرأيه السلطة الأولى والأخيرة ونذكر المدير الديمقراطي، وأيضاً المدير الكاريزماتي وهو ذكيّ جداً وقادر على إقناع الآخرين بوجهة نظره في العمل، وأخيراً المدير المحفّز وهو ذو همّة ونشاط عالٍ يحثّ العمال على العمل.
- اختبار التساعية الشخصية: يقوم هذا الاختبار على اعتقاد أنّ لكل إنسان تسع شخصيات وإن للمجتمع والمحيط دوراً في منح الشخص إحداهنّ، ويذكر العلماء أن تلك الشخصية قد تكون: شخصيّة المصلح، أو شخصيّة المنجز، أو أنها قد تكون شخصيّة الخدوم، أو شخصيّة المتفرّد، وربما تكون كشخصيّة الباحث أو المخلص أو المتحمّس وتبقى شخصيتين فإما الشخصيّة المتحدية أو المسالمة.
- اختبار المزاج: يسأل مجموعة من الأشخاص عن مشاعرهم وآرائهم حول بعض المواقف التي يمرّون بها ومن خلال إجابتهم يتم تحديد درجة المزاج لديهم والذي صنّفه علماء النفس إلى:
- المزاج الحاد: هم أشخاص ذوو مزاج عالي العصبية والرغبة في الثورة على أيّ أمر وهم يعقّدون الأمر البسيط ويعتبر علماء النفس الأشخاص ذوو المزاج الحاد متحمّسين وشديدي التفاؤل لأيّ تجربة أو مغامرة
- المزاج المسالم: هم أشخاص لطفاء وودودين جداً يهدفون إلى إقامة السلام الاجتماعي وحلّ مشاكل الآخرين وسيطرة الأمن والدفء والحنان في المجتمع، ناظرين إلى الآخرين نظرة حب وتسامح.
- المزاج التقليدي: هم الميّالون للاستقرار الداخلي والخارجي والذي يسعون لعيش حياتهم كما أجدادهم رافضين فكرة كسر أي قواعد أو قيم موروثة لديهم،
- المزاج الحكيم: هم أفضل الأشخاص حيث يتّصفون بالبساطة والبراعة في حلّ الخلافات وإيجاد الطرق المناسبة لأداء عملهم.
- اختبار الإنتاجية: يعتمد هذا الاختبار من قبل الشركات العالمية والمؤسسات الكبرى حيث يركز على مجموعة من الأسئلة وبناءً على إجابة المشتركين، يتم تقييمهم إلى إما أشخاص ذو إنتاجية عالية تقوم بالعمل على أكمل وجه أو منخفضة غير قادرة على العمل.
- اختبار تحليل الذات: يستخدم هذا الاختبار من قبل الشركات الكبرى خاصّةً لتحديد الأشخاص الصالحين للعمل ضمن فريق ما من ناحية الصفات الشخصيّة، حيث يقوم الاختبار على مجموعة من الأسئلة التي تظهر ردود فعل الشخص وإجاباته التي تقسمه إلى أحد الصنفين التاليين: إما الموظف القادر على العمل ضمن فريق وصاحب الشخصيّة التشاركية والتفاعلية والمحبة لتحقيق الذات، أو القسم المخالف الذي يحب أن يقوم بعمله لوحده كالانطوائي أو الشخصيّة الأنانية.
عمل العلماء النفسيون على وضع اختبارات لتحليل الشخصية، وكان ذلك ليس بهدف تحليل ومعرفة الشخصيّة فحسب، بل لوضع معالجة للاضطرابات التي يمكن أن تشاهد عند حصد النتائج، ومن أهميتها أيضاً نذكر:[8]
- فهم الطبيعة الشخصية: وذلك باختبار شخصيّته وهنا تكمن أهميّة الاختبارات في معرفة الشخص لمواقفه وسلوكه والعمل على تحسينها وفهم احتياجات الفرد من خلال آراءه وسلوكه.
- معرفة نقاط القوة والضعف لدى الإنسان: تظهر الاختبارات الشخصية سلوك الأشخاص وتفسّر أفكارهم بما تراه مناسباً، وتكشف لنا تلك الاختبارات مجموعة من نقاط القوة والضعف التي نمتلكها وتحاول وضعها في المواقف التي تناسبها، فنقاط القوة في بعض المواقف تظهر كنقاط ضعف في مواقف أخرى.
- علاج الأمراض النفسية: تعتمد فكرة الاختبارات على جمع بيانات مختلفة من قبل المعالجين النفسيين عن حالات مرضية مشاهدة عند الأشخاص وإيجاد طريقة للعلاج المناسب لكل حالة.
- تحديد العقوبات القانونية في المجتمع: وتفيد تطبيق الاختبارات على معرفة الحالة النفسية التي دفعت شخصاً ما لارتكاب جرم، ومن هنا أتى دور الاختبارات لوضع العقوبة التي تناسبه ومنع الظلم عنه.
- تحسين الرعاية الصحيّة: عند اكتساب الفرد لمهارات معينة فإن ذلك يحسّن من مستواه المعيشي وقد تكون الاختبارات مهمة كونها تكشف تأقلم أو عدم تأقلم شخص ما مع حالة مرضية يعاني منها وذلك من خلال مراقبته، أو تسليمه لمهمة أو منصب ما تناسب شخصيّته.
تشاهد أغلب عيوب وسلبيات الاختبارات في ردود الفعل التي يصدرها الأشخاص التي أجري عليهم الاختبار ويسبب هذا في إتاهة الطريق وضياع الهدف الأساسي من الاختبار، ومن أبرز تلك السلبيات:
- ليست دقيقة بالضرورة: قد لا تكون اختبارات الشخصية دقيقة بنفس الدرجة عند الجميع، فبعض الاختبارات قد تمتلك معايير واسعة ومتنوعة لا تعطي نتيجة دقيقة، كما أن بعض اختبارات الشخصية تعمل عوامل أخرى في الإجابة على الأسئلة، مثل المعتقدات الدينية أو الاجتماعية.
- قد تكون بعض الاختبارات الشخصية طويلة: يبعث طول مدة الاختبار الشعور بالملل واليأس أو الإحباط وهذا ما يدفع المشاركين إلى تضليل الإجابة المرادة وذلك عبر الرد بسرعة على الاختبار دون فهم أو قراءة الاختيارات.
- المبالغة في الاختيار: قد يميل بعض الأشخاص في اختبار تحليل الشخصية إلى بعض الخيارات المرغوبة اجتماعياً لإبراز الذات وإهمال الخيارات الأخرى، وهذا يؤثر سلباً على دقة الاختبار.
- الخداع أثناء الاختبار: قد يحاول بعض المشتركين أثناء إجراء الاختبار إلى تقديم أجوبة خاطئة في محاولة للسخرية أو تضليل الإجابة قصداً وضياع المعرفة المطلوبة.
- ذاتية نتائج بعض الاختبارات: قد لا تقدّم بعض الاختبارات تقدماً أو فائدة من تطبيقها وذلك نظراً لأنها ذاتية التعبير وذات وجهات نظر متعددة ومختلفة لا تتطابق مع أفكار صاحب الاختبار.
- مكلفة مادياً للبعض: وهذا مهم جداً في تحديد عدد المشاركين في التجربة، وفي حال كانت الكلفة عالية فقد يفشل الاختبار لعدم حصوله على نسبة محددة من جمع البيانات المطلوبة.