ما هو الزواج الأبيض وما حكمه في الإسلام؟

تعرف إلى معنى الزواج الأبيض وهل هو نفسه المساكنة أو زواج المتعة وما هي سلبيات الزواج الأبيض
ما هو الزواج الأبيض وما حكمه في الإسلام؟
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الزواج هو قيود والتزامات ومسؤولية كبيرة تُفرض على كل من الزوجين، وقد يرى العديد من الأشخاص أنهم غير مؤهلين لحمل هذه المسؤولية، ومع ذلك يرغبون في البقاء من يحبون، فيختارون الزواج الأبيض وهو ظاهرة منتشرة في الآونة الأخيرة بتعبير (المساكنة)، فما هو الزواج الأبيض، وما حكم الشرع في الزواج الأبيض، وما هي سلبياته؟ 

ظهر الزواج الأبيض في إيران وأثار جدلاً في الدول العربية، والزواج الأبيض هو عبارة عن اتفاق أو علاقة شفهية بين شاب وفتاة بالعيش ضمن منزل واحد بصفة دائمة أو متقطعة، تجمعهما علاقة عاطفية وجسدية دون قيود دينية أو قانونية بينهما أو أي عقد مكتوب يوثّق زواجهما، وبالتالي لا يتوجب عليهما الالتزام بأي واجبات ولا يستطيع أي طرف في العلاقة مطالبة الطرف الآخر بأي من الحقوق الزوجية التي يكفلها الزواج الشرعي.

هل الزواج الأبيض نفس المساكنة؟

المساكنة هي اجتماع الرجل والمرأة في المسكن دون زواج شرعي أو عقد زواج مكتوب من أي نوع سواء عرفي أو مدني أو غيره، ويعتبر الزواج الأبيض شبيهاً بالمساكنة المتعارف عليه في الدول الغربية، لكن ليس بالضرورة أن يسكن المتزوجان زواجاً أبيضاً في مسكنٍ مشترك، كما أن المشافهة أو الزواج الشفهي بينهما يعطي العلاقة من -وجهة نظرهما- بعداً رسمياً!
ويمكن القول أن الزواج الأبيض يجمع بين المساكنة من حيث عدم وجود عقد زواج، وبين زواج المسيار الذي على الرغم من وجود العقد لا يجتمع الزوجان في مسكن مشترك بصفة دائمة وعلنية، وبين زواج المتعة الذي على الرغم من وجود العقد الشرعي لكنه يعفي الزوجين من الحقوق الواجبات على الأمد الطويل لأنه عقد مؤقت ينتهي بمدة معلومة. [1-2]

animate

يعتبر الزواج الأبيض محرم شرعاً في الإسلام حرمة عيش الرجل والمرأة دون أي عقد ديني وزواج محقق، ولما له من مخالفة لأحكام الزواج الإسلامي القائم على التعاقد والإشهار ثم التوثيق في العصر الحديث، والمتفق عليه عند أهل السنّة والجماعة أن للزواج الصحيح شروط هي الإيجاب والقبول اللفظي، وموافقة ولي الفتاة، والإشهار بحضور الشهود، والاتفاق على المهر.
ومن الأدلة الشرعية التي تثبت تحريم الزواج الأبيض ومعه المساكنة ما قاله الرسول ﷺ بحرمة الخلوة مع امرأة دون محرم "لا يخلونّ رجٌل بامرأةٍ إلّا ومعها ذو محرم" صحيح البخاري، وبناء على هذا الحديث لا يجوز بقاء امرأة مع رجل من غير المحرمين عليها في شقة واحدة لوحدهما دون أن يكون بينهما عقد زواج شرعي.
وفي حديث رواه أحمد والحاكم أن رسول الله ﷺ قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن ثالثهما الشيطان" وهذا الحديث يثبت ألا يجوز البقاء مع سيدة في منزل واحد دون أن يكون معها أحد من المحرمات.

العيش المشترك لرجل وامرأة ضمن زواج شرعي وقانوني يفرض على الزوج العديد من المسؤوليات، والتي قد لا يرغب بعضهم في التقيد بها، وهنا بعض الأسباب التي تجعل بعض الشباب تلجأ للزواج الأبيض: [5]

  • تخفيف النفقات المالية: لعل أبرز أسباب عدم قدرة الشباب على الزواج الشرعي هو نفقات المهر وتأمين السكن وما يليه من نفقات لبدء تأسيس عائلة مستقرة، وقد يعتقد بعض الشباب بأن الزواج الأبيض لا يجبرهم على تأمين هذه النفقات ويؤمن لهم الحياة المشتركة دون الحاجة للزواج وتربية الأطفال وتأمين النفقات لهم.
  • عدم الرغبة بتحمل مسؤولية الزواج: مسؤوليات الزواج تقع على عاتق الذكور بنسبة كبيرة، وقد يلجأ الشباب للزواج الأبيض للتخلص من بعض هذه المسؤوليات والواجبات التي يفرضها الزواج الشرعي، بالإضافة إلى أن الزواج الأبيض يجعل السيدة تشارك بجميع الواجبات وخاصة المالية، فمثلاً قد يتقاسمون أجار المنزل ومصاريف الطعام وكل ما يتعلق بالمصاريف المشتركة.
  • وجود سبب يمنع الزواج: قد يكون هنالك عائق اجتماعي يمنع زواج الشاب بالفتاة التي يحبها كاختلاف الدين أو مشكلة بين العائلتين أو عدم موافقة الأهل على الزواج وغيرها العديد من الأشياء التي تمنع الزواج الشرعي وفي هذه الحالة قد يلجأ البعض للزواج الأبيض بشكل سري للعيش مع من يحب.
  • إعطاء فرصة لمعرفة الطرف الآخر: يلجأ بعض الشباب للزواج الأبيض من باب إعطاء فرصة لمعرفة طباع الطرف الآخر، وهل يستطيع مقاسمته بقية حياته؟ وهل سيتقبلون طباع بعضهم أم لا؟ وفي حال فشلت التجربة لا يكون هنالك ما يقيد أي من الطرفين ويجبرهم على البقاء مع بعضهم ويمكنهم ببساطة الانفصال دون أي عائق اجتماعي أو ديني أو التزام مالي.
  • إشباع الرغبات العاطفية والجنسية: قد يلجأ أيضاً بعض الأشخاص للزواج الأبيض تلبية للرغبة العاطفية والجسدية، ففي بعض الأحيان يكون الشخص عاجز عن الزواج الشرعي وغير قادر على تحمل مسؤولياته وفي نفس الوقت يريد تلبية رغباته وغرائزه فيلجأ لمن تقاسمه الزواج الأبيض تلبية لهذه الرغبات دون مقابل.
  • الهروب من الوحدة: في بعض الحالات قد يلجأ الأشخاص للزواج الأبيض كنوع من الهروب من الوحدة، فمثلاً تكون هنالك سيدة لم تتزوج ولا يوجد من يؤنس عليها وحدتها فقد تقرر بأن تعيش زواج أبيض مع شاب وقد يكون أصغر منها سناً لمجرد أنها تهرب من وحدتها دون أن تقيده بعقد زواج يجبره على واجبات لا يريد فعلها تجاه هذه السيدة، وفي حال العكس قد يكون رجل مسن قد هجره أبنائه او اغتربوا عنه وبقي وحيداً فيقرر أن يقاسم حياته مع سيدة ترعاه ويشاركها ما تبقى له من سنوات دون أن يقيدها ضمن زواج رسمي.

مهما تعددت الأسباب التي تدفع الشباب للجوء للزواج الأبيض يجب أن يكونوا واعيين بقدر كافِ لسلبيات هذا الزواج على الفرد نفسه، فمثلاً: [6-7]

  • مخالفة الشرع: الزواج الأبيض وسكن الرجل مع امرأة لا يجمعه بها عقد زواج شرعي يعتبر محرم في الدين، وتكون العلاقة بمثابة الزنا.
  • فقدان العلاقة مع الأصدقاء والأهل: من سلبيات الزواج الأبيض على الفرد أنه يورط أصحابه بمشاكل مع أصدقائهم الرافضين لفكرة الزواج الأبيض، كما أنه قد يجعل الأهل يتخلون عن أبنهم أو ابنتهم عندما يعلمون أنه متزوج زواجاً أبيضاً، فقد يخسر أصحاب هذا الزواج عائلتهم بشكل نهائي ويبقون وحدهم دون أي سند لهم.
  • عدم وجود الألفة بين الزوجين: الواجبات الزوجية في الزواج الشرعي لا تقتصر على النفقة والواجبات المنزلية بل أيضاً تعزز من الروابط العاطفية والأمان والألفة بين الزوجين، وهذا الشيء لا يوجد في الزواج الأبيض فلا يوجد أمان بين الطرفين فقد يتعرض أحدهما للخيانة دون أن يكون قادر على ردع الطرف الثاني وفي النهاية لا يوجد ما يجبر أحد الطرفين على الوفاء المطلق للعلاقة.
  • عدم الشعور بالاستقرار على المستوى الفردي: من سلبيات الزواج الأبيض والتي تعود على الفرد هو عدم الشعور بالاستقرار وعدم القدرة على تشكيل عائلة بدءً من الفرد، ففي النهاية يجب ألا ينتج عن الزواج الأبيض أطفال، وهذا ما يَحرم الطرفين من الشعور بالاستقرار العائلي، فعلى الرغم من صعوبة بناء عائلة في الزواج الشرعي والمواجهات الكبيرة والتنازلات التي يقدمها الزوجين لبناء عائلة ولكن مع الوقت يشعر كل الزوجين بالاستقرار العائلي مع الأطفال وهذا ما يتم فقدانه في الزواج الأبيض.
  • الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً: قد ينتقل عن طريق الزواج الأبيض بعض الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس كفيروس نقص المناعة البشرية والكلاميديا والمشعرة المهبلية، وهنا قد يكتشف أحد الطرفين أن الطرف الآخر له علاقات أخرى، ولكن دون القدرة على وضع أي حدود لهذه العلاقات.
  • الاستغلال العاطفي والجنسي: بعض ضعفاء النفوس قد يستغل مشاعر الطرف الآخر ويقنعه بالزواج الأبيض فقط بدافع اشباع الرغبة الجنسية والتسلية، وأغلب ضحايا هذا النوع من الاستغلال يكون من الفتيات.
  • الوقوع بالمشاكل: قد يحدث حمل نتيجة الزواج الأبيض ومع عدم وجود قوانين تشرع هذا الزواج أو تسمح به فقد تترك المرأة الحامل وحدها لمواجهة مصيرها أو قد تضطر للإجهاض بالوسائل غير المشروعة أو قد يأتي الطفل ويرمى ليصبح من اللقطاء أو المشردين.

لا تقتصر سلبيات الزواج الأبيض على الأفراد أنفسهم، وإنما على المجتمع بشكل كامل عندما يتم فيه انتشار ظاهرة غريبة مثل ظاهرة الزواج الأبيض، ومن سلبيات هذا الزواج على المجتمع نذكر: [6-7]

  • مشاكل النسب: إن إحدى ركائز الزواج بالأصل تضييق فرص ضياع النسب، وعندما كان الزواج الأبيض بغير وثيقة تثبت الزواج فمن السهل على الرجل أن ينكر نسب الأطفال له، ولن يكون أمام الأطفال إلّا ملاجئ الأيتام والعيش مكتومي القيد ومجهولي النسب.
  • انتشار الظاهرة يؤدي لتراجع الزواج الشرعي: من أهم السلبيات التي تعود على المجتمع من انتشار ظاهرة الزواج الأبيض أنه قد يؤدي لتراجع الإقبال على الزواج الشرعي والقانوني للهروب من المسؤولية، وهو أمر خطير في المجتمعات العربية التي تحافظ على العائلة كوحدة البناء الرئيسية لمجتمع مستقر.
  • مخالفة العادات والتقاليد: من أهم السلبيات التي تنتج عن الزواج الأبيض هي مخالفة التقاليد المتعارف عليها في البلاد العربية، وهذا يجعل أصحاب الزواج الأبيض منبوذين في المجتمع وخاصة في حال نتج عن هذا الزواج حمل وأطفال فلا يوجد أي قواعد شرعية تحمي هؤلاء الأطفال في المجتمع.
  • عدم حفظ حقوق الطرفين: من السلبيات الهامة أيضاً هي أن هذا الزواج لا يضمن حقوق أي من الطرفين في ظل عدم وجود أي عقد زواج يضمن الحقوق المتعارف عليها للزوجين، فمثلاً في حال حصل حمل وأنكر الأب علاقته لا يوجد قانون قادر على حماية الأم وطفلها فالزواج من الأساس ليس قانوني ولا يوجد ما يحمي حقوق أي من الطرفين.
  • حياة اجتماعية غير مستقرة: من السلبيات الاجتماعية للزواج الأبيض هو عدم قدرة أطراف الزواج على العيش بحياة اجتماعية مستقرة بين الأصدقاء وحتى في مكان العمل فهذا النوع من الزواج غير مقبول في البلدان الإسلامية.
  • يسبب اضطراب عائلي: يتميز الزواج الشرعي بالاستقرار العائلي واستقرار العائلة يعود بالاستقرار على حياة جميع أفرادها وعلى المجتمع بشكل عام لأن العائلة هي جزء من هذا المجتمع، ولكن مع افتقاد الزواج الأبيض لروح العائلة تجعل أصحابه يقعون في العديد من الاضطرابات والخلافات على مستوى العائلة الصغيرة أو مع عائلات الزوجين.

المراجع