ما أسباب عدم القدرة على البكاء؟
يعتبر البكاء من طرق تفريغ الإرهاق النفسي وهو أحد الرابط بين المشاعر والسلوك، يساهم في تحسين الحالة النفسية والتخلص من التوتر، ولكن هنالك بعض الأشخاص الذين لا يستطيعون البكاء سواءً كان السبب نفسي أو جسدي، فما هي تلك الأسباب وما هو علاجها؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال التالي.
- عدم القدرة على إظهار المشاعر: قد يعتاد الشخص على إخفاء مشاعره وعدم إظهارها حتى أمام أقرب الأشخاص لديه، وهذا ما يجعل الجسم يتأقلم مع هذه الحالة العامة ويصبح غير قادر على التعبير عن مشاعره وقد يصل لمرحلة عدم الشعور بالمتعة بأي شيء أو عدم القدرة على البكاء، وهو ما يصنفه علماء النفس تحت مسمى متلازمة أنهيدونيا.
- التعرض لصدمات متكررة: من الأسباب الهامة النفسية لعدم القدرة على البكاء هي التعرض لصدمات نفسية متكررة كوفاة بعض الأشخاص المقربين في فترات متقاربة، أو الصدمات العاطفية التي تستنزف مشاعر الشخص، وهذا يجعله يبكي في أول صدمة وثاني صدمة وهكذا إلى أن يعجز بعدها عن البكاء أمام أي ظرف آخر مهما كانت قسوته.
- الاكتئاب: يندرج تحت مفهوم الاكتئاب العديد من الحالات النفسية مختلفة الدرجات، وفي حالات متطورة من هذا الاضطراب النفسي قد يكون المريض عاجز عن ذرف الدموع والبكاء نتيجة استمرار حالته الكئيبة في كل الأوقات إلى أن يصل لوقت لا يشعر فيه بتغيير في مشاعره وكل الأوقات مثل بعضها تماماً وهو ما يجعله غير قادر على البكاء أو تغيير المزاج.
- التربية منذ الطفولة: تلعب التربية دور مهم في منع الشخص نفسه من البكاء فمثلاً بما يخص الرجال على وجه التحديد ينشأ الطفل منذ صغره على جملة انت رجل لا يجب أن تبكي، والبكاء لم يخلق للرجال مما يجعله يمنع نفسه طوال حياته من البكاء إلى أن يعتاد على إخفاء مشاعره وكبتها فقد يرى الرجل أن البكاء دليل ضعف وهو ما يجعله يكبت هذا الشعور ولكنه أمر يضر بمشاعره ويفتك بصحته أيضاً.
- القلق: يعتبر الدخول في اضطرابات نفسية مثل اضطرابات القلق من الأسباب النفسية الهامة لعدم القدرة على البكاء، وقد يحصل نتيجة اضطراب ما بعد الصدمة وذلك عند التعرض لحادث صادم أو موقف قاسي مما يجعل الشخص غير قادر على تفهم ما حصل ويعيش حالة من القلق تمنعه من البكاء.
- اضطرابات المزاج: قد يبدو الأمر متناقض بعض الشيء ولكن بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في المزاج في بعض الأوقات قد يدخلون في حالات نفسية يكونوا فيها غير قادرين على البكاء على الرغم من أن بعض المرضى بنفس الاضطراب يعانون من نوبات بكاء هستيرية ولكن يبقى هنالك فئة من المرضى بحالات معينة يكونوا غير قادرين على البكاء وكلا الحالتين تندرج تحت اسم اضطرابات المزاج. [1-2-3]
هنالك بعض الأسباب الجسدية المرضية التي تجعل الشخص غير قادر على البكاء، ومن هذه الأسباب نذكر: [1-2]
- جفاف العين: من الأسباب التي تمنع الشخص من البكاء قد يكون جفاف العيون والتي تنتج عن جفاف بالغشاء الدمعي، ويحدث نتيجة الظروف المناخية المحيطة كالعيش في مكان جاف أو عاصف أو نتيجة التقدم في العمر أو نتيجة استخدام العدسات اللاصقة لفترات طويلة، وهذا ما يحتاج إلى قطرات مرطبة بشكل دائم.
- الاضطرابات الهرمونية: من الآثار الجانبية التي تنتج عن الخلل في الهرمونات وخاصة مشاكل الغدة الدرقية هو عدم القدرة على البكاء وغالباً ما يكون بسبب جفاف الجسم العام والذي ينتج عن الخلل الهرموني.
- الداء السكري: يعاني المصابين بالداء السكري بشكل عام من جفاف الجلد كاملاً ويشمل الأغشية المخاطية والقناة الدمعية، وهو ما يجعل المرضى غير قادرين على البكاء إلا في حال استقرار الحالة العامة بالعلاج.
- متلازمة سجوجرن: تنتج هذه المتلازمة عن مرض مناعي ذاتي يجعل كريات الدم البيضاء تهاجم الغدد المنتجة للرطوبة كالقنوات الدمعية والأغشية المخاطية، وقد تحدث الإصابة بهذه المتلازمة نتيجة عدوى فيروسية أو بكتيرية ويحصل بالنهاية جفاف العيون ومجرى الدمع وبالتالي يصبح المصاب غير قادر على البكاء.
- استخدام بعض الأدوية: قد تنتج عدم القدرة على البكاء كآثار جانبية لتناول بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات الهيستامين أو مضادات الاحتقان، أو أدوية تنظيم ضغط الدم.
- تعاطي المخدرات: قد يؤدي تناول المخدرات إلى جفاف الأغشية المخاطية كاملة، كما يؤثر على الأقنية الدمعية خاصة عندما يتناول المدمن المخدرات عن طريق الأنف.
- زيادة الأفكار السلبية: إن عدم القدرة على البكاء سوف تجعل الشخص يزيد من تفكيره بما يحدث معه، وبالتالي لا يكون قادر على التخلص من أفكاره السلبية التي تتبعه دائماً، وذلك يعود لأن الشخص عندما يبكي بشدة سوف يهدأ بعد مرور الوقت وقد يستسلم لنوم عميق وهذا يؤدي لتخلصه من التفكير في مشكلاته التي يواجهها، وعند كبت الدموع سوف يزداد التفكير السلبي بشكل كبير.
- زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم: إن المكابرة على الإرهاق النفسي تفتك بالجسد كما تفتك بالروح تماماً، حيث يتأثر القلب بالتعب الروحي ويعتبر البكاء طريقة لتفريغ الهرمونات التي تزيد من التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول فعندما يبكي الشخص بشدة تبدأ روحه بالسكون حتى ولو لم تنحل المشكلة التي يبكي من أجلها، ولكن عند عدم البكاء يتم كبت هذه المشاعر وسوف يزداد الألم لدرجة قد تؤثر بشكل مباشر على القلب، حيث أن زيادة إفراز هرمونات التوتر يسبب زيادة معدل ضربات القلب، كما يسبب ارتفاع ضغط الدم، وغالباً ما تحصل هذه الحالات عند تعرض الشخص لصدمة نفسية حادة تمنعه من البكاء وقد تودي به بالحالات الشديدة إلى أزمة قلبية .
- الصداع: الصداع من أكثر الأضرار الشائعة التي تنتج عند عدم القدرة على البكاء وذلك نتيجة زيادة التوتر والألم النفسي دون القدرة على تفريغ الطاقة السلبية.
- تعرض العين للإصابة البكتيرية: في بعض الحالات التي لا يتمكن الشخص فيها من البكاء بشكل نهائي، قد تحصل إصابة بكتيرية للعين نتيجة حبس الدموع والجفاف الذي يحصل، فالدموع أيضاً تعتبر بمثابة غسيل طبيعي للعيون فالدموع تحمل معها تراكيز معينة من الملوحة التي تعمل كعامل وقائي للعين من البكتريا وتقضي عليها.
- التأثير على تنظيم سكر الدم: بآلية فيزيولوجية غير مباشرة قد يؤدي كبت البكاء إلى التأثير على تنظيم سكر الدم حيث أنه خلال الإجهاد العاطفي والنفسي وعدم تفريغ الطاقة السلبية بالبكاء وازدياد توتر الشخص، يحدث في الجسم زيادة بإفراز هرمون الكورتيزول والذي يرفع من مستويات السكر في الدم. [3-4]
- التواجد بمكان للتعبير عن المشاعر: يجب البحث عن أفضل الأماكن الآمنة نفسياً بالنسبة للشخص للتعبير عن مشاعره ومحاولة البوح بما يؤلمه أو مجرد الاستسلام للبكاء دون التفوه بأي كلمة، وقد يكون هذا المكان منزل أحد من المقربين أو قد يكون أي مكان فارغ لا يعرف فيه أحد.
- تكلم بما تشعر به بصوت عالِ: في بعض الأحيان يكون علاج عدم القدرة على البكاء هو التخلص من الصمت، فمثلاً عندما يبدأ الشخص بالكلام عما يضايقه ويتعبه بصوت عالٍ أمام شخص ما يثق به سوف يرى دموعه بلا شعور بدأت تنهمر.
- الصراخ في مكان فارغ: قد يكون أحد طرق علاج عدم القدرة على البكاء هو الصراخ في مكان فارغ دون أن يسمع أحد، فهذا يساهم بتفريغ الطاقة السلبية واستعادة الهدوء وهذه الطريقة تجعل الشخص يبكي بشدة وبعدها يهدأ ويستعيد توازنه النفسي.
- عناق المحبين: أحد طرق العلاج الفعالة الهامة التي تساعد الشخص على البكاء والتي تجعله يشعر بأنه ليس لوحده هو عناق الأحبة، حيث يساهم العناق بإفراز هرمونات السعادة التي تخلص من الألم والتوتر ويستطيع الشخص البكاء براحته عندما يشعر بالأمان.
- استشر معالج نفسي: عند استمرار عدم القدرة على البكاء لفترة طويلة بالترافق مع الإرهاق النفسي والألم من المهم أن يتم استشارة معالج نفسي ليساعد الشخص على مواجهة الواقع ومحاولة تقويته ليبوح بما يشعر به، وفي بعض الأحيان قد يكون البكاء أمام شخص غريب كالمعالج النفسي أمر مريح للشخص كونه لن يخاف أن يبكي أمامه مثل خوفه من عائلته وأصدقاؤه.
- تغيير نوع الأدوية: في حال لاحظ الشخص أن هذه الحالة تطورت معه بعد أن بدء بتناول أحد أنواع الأدوية يجب مراجعة الطبيب لتغيير نوع الدواء وبعد إيقافه سوف يقوم الجسم باستعادة الحالة الطبيعية بالتدريج.
- علاج الأمراض التي تسبب الجفاف: ذكرنا سابقاً أن هنالك بعض الأمراض الجسدية التي تسبب عدم القدرة على البكاء، وبناءً عليه يمكن البدء بعلاج الأمراض مثل تنظيم سكر الدم لدى المرضى المصابين بالداء السكري، أو استشارة الطبيب لمحاولة علاج اضطرابات الغدة الدرقية لتسمح باستعادة توازن الهرمونات وبالتالي يستعيد المريض بشكل تدريجي قدرته على البكاء.
- علاج الإدمان: عندما تنتج عدم القدرة على البكاء عن الإدمان على المخدرات يجب أن يتم العلاج في مصحات خاصة، ومع بدء الابتعاد عن التعاطي قد يستعيد الجسم قدرته على البكاء تدريجياً والتعافي هنا يعود لحجم الأذية خلال فترة التعاطي. [1-2-4]
ورد سؤال على موقع حلوها تسأل سيدة عن سبب عدم قدرتها على البكاء على الرغم من حاجتها للبكاء وأنها لا تستطيع أبداً البكاء بالوقت الذي تملّكها الحزن والأسى والتفكير بنظرة سوداوية وقد فكرت بالانتحار ولكنها تخاف من غضب الله وقالت ان عدم قدرتها على البكاء تنعكس على صحتها بشكل سلبي فتشعر بآلام في معدتها وغثيان وغيره من الأعراض.
وفي الرد من قبل الخبيرة النفسية سراء الأنصاري تساءلت عما إذا كانت تعرضت لصدمات معينة أودت بها إلى هذا التفكير فقد يكون عدم القدرة على البكاء رد فعل ما بعد الصدمة، وفي حال لم يكن هنالك صدمة نفسية نصحتها باستشارة طبيب نفسي فقد يكون ما تشعر به دليل على الاكتئاب الذي يحتاج إلى علاج دوائي ومراقبة.
لمراجعة الاستشارة وآراء الخبراء انقر على الرابط، كما يمكنكم في أي وقت طلب الاستشارة من الخبراء المختصين في موقع حِلّوها من خلال النقر على هذا الربط.