علاج التهاب الحلق عند الأطفال وطرق الوقاية منه
يعد التهاب الحلق عند الاطفال من المشاكل الشائعة جداً في فترة الطفولة ومن الممكن أن يكون هذا مرضاً بذاته أو قد يكون عرضاً من أعراض العديد من الأمراض الأخرى، وتختلف أسبابه بين طفل وآخر، لذلك لابد من التعرف أسباب ألتها الحلق عن الأطفال حتى نتمكن من وقايتهم من آلام هذه المشكلة وأعراضها وعلاج هذه الأسباب.
التهاب الحلق يشير إلى إصابة الجدار الخلفي للبلعوم بالتهاب متعدد الأسباب، ويتجلى الرد المناعي لهذه الإصابة بالشعور بعدم الراحة والألم عند البلع وهو شائع جداً عند الأطفال ولكنه يصيب جميع الفئات العمرية ويشكل خطراً على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر. [1]
وتتمثل الأعراض المرافقة لالتهاب الحلق عند الأطفال بالحرارة والسعال وسيلان الأنف مع الألم وصعوبة البلع، وقد يكون التهاب الحلق عرضاً للإصابة بالإنفلونزا والبرد أو يكون مرتبطاً بالتهاب اللوز عند الأطفال ويتجاوز عدد المرضى الذين يأتون بهذا العرض سنوياً إلى العيادات ال 15 مليون حال، كما يعتبر من الأمراض التي يمكن تفاديها أو حتى علاجها بشكل بسيط ودون استشارة الطبيب إلا في الحالات التي تتفاقم فيها الأعراض ويصبح الطفل غير قادر على التنفس أو البلع أو في حال لم تجدي المعالجة المنزلية نفعاً.
- الحساسية: من الممكن أن تسبب الحساسية تجاه وبر الحيوانات أو غبار الطعام وبعض المواد الأخرى التهاباً وتهيجاً في الحلق وزيادة في إفراز الدمع والمخاط، ومن الممكن أن ينزح هذا المخاط من الأنف إلى الحلق ويزيد من تهيج والتهاب المخاطية وهذا ما يسمى علمياً بالتنقيط الأنفي الخلفي.
- عدوى فيروسية: غالباً ما يكون التهاب الحلق ناجم عن سبب فيروسي واعتمادا على نوع الفيروس تختلف الأعراض ومدة الشفاء التي غالباً لا تتجاوز ال 10 أيام وفي هذه الحالة لا تجدي الصادات الحيوية نفعاً، وأكثر الفيروسات التي تسبب هذه العدوى الإنفلونزا.
- عدوى جرثومية: من الممكن أن تسبب الجراثيم التهاب الحلق وأكثرها شيوعاً الإصابة بجرثومة المكورات العقدية، وهي تعد سبب رئيس لإصابة الأطفال بالتهاب الحلق الجرثومي بنسبة تصل إلى40 بالمئة، وهي شائعة بين الأطفال بالأعمار التي تتراوح بين 5 إلى 15 عاما وتكمن خطورة هذا العامل أنه معدي لدرجة كبيرة إذ تنتقل الجراثيم عبر الهواء بعد سعال المريض وعطاسه.
- أذية البلعوم: أي أذية أو ضربة في العنق قد تسبب التهاباً في الحلق، كما يمكن للاستخدام الزائد كما في الصراخ أو الكلام لفترة طويلة دون توقف أن يؤذي مخاطية البلعوم ويسبب التهابها ويمكن أن تسبب الأطعمة المملحة والمبهرة والسوائل الحارة أذية في المخاطية والتهاب.
- القلس المعدي المريئي: وهو حالة هضمية تحدث نتيجة خلل في المعصرات الواصلة بين المعدة والمري والتي تعمل كبوابات تمنع عودة الطعام من المعدة للمريء في هذا المرض يحدث ارتجاع للحمض المعدي إلى المريء وقد يصل إلى البلعوم إذ أن مخاطية البلعوم غير متهيئة للتعامل مع درجة الحموضة العالية التي تسبب حرق لهذه المخاطية مما يؤدي الى تهيج البلعوم والتهابه مترافقاً ذلك مع ألم يوصف بأنه حارق.
هنالك العديد من الطرق لتشخيص التهاب الحلق نظراً لتنوع أسباب الإصابة فمن الممكن للطبيب أن يفحص الطفل سريرياً أو أن يعتمد على نتائج المخبر في تحليل الدم والمسحات المأخوذة من البلعوم: [4]
- فحص الحساسية: وتكون إما بفحص الدم والبحث عن الأضداد المناعية الموجودة بسبب التحسس لعامل معين أو بوضع العامل المتوقع أن يكون الطفل قد تحسس منه على الجلد والانتظار لدقائق قليلة ليرى الطبيب التحسس الموضعي في الجلد فيؤكد تشخيصه، البحث عن أضداد عبر الدم قد يحتاج لأيام أما اختبار الحساسية عن طريق الجلد فهو الاسرع ويعطي نتائج مباشرة.
- التصوير بالأجهزة الطبية: يمكن البحث عن سبب التهاب الحلق عن طريق الطبقي المحوري أو المرنان المغناطيسي وإذا كان سببه القلس المعدي أو الأورام في البلعوم، ويمكن الاستعانة بالصورة البسيطة بالأشعة السينية بعد جعل المريض يتناول مادة الباريوم التي تجعل المريء يظهر بشكل واضح فنتحرى مشاكله المسببة لالتهاب الحلق كالقلس.
- الفحص السريري للطفل: يبحث الطبيب عن العلامات المسببة من للمرض فيسأل الطفل أو الأم عن الأعراض ويتحسس عنقه للبحث عن تضخم وينظر من خلال فمه إلى سقف البلعوم للبحث عن الاحمرار المترافق مع التهاب الحلق أو التهاب اللوزات الجرثومي أو أي كتل قد تكون هي المشكلة.
- الفحص الجرثومي لمسحة الحلق: يتم أخذ مسحة عبر أداة قطنية من سقف البلعوم لجمع الجراثيم المسببة للالتهاب وإرسالها الى المخبر لتحري أنواع الجراثيم الموجودة لوصف الصادات الحيوية المناسبة إذ يتم من خلالها التفريق بين التهاب الحلق الجرثومي أو الفيروسي.
- اختبار المستضد السريع: يجري هذا الاختبار في عيادة الطبيب وهو اختبار تشخيصي يكشف وجود مستضد أي أجزاء من الفيروسات أو الجراثيم المسببة للمرض إذ يتم أخذ مسحة من البلعوم وتتم إضافة أنزيمات أو حموض إلى العينة لاستخراج وفصل المستضد ويستغرق مدة تتراوح من 15 الى 20 دقيقة ليعطي نتيجة ايجابية أو سلبية ولكنه أقل حساسية من زرع الجراثيم الذي تكلمنا عنه سابقاً.
طريقة علاج التهاب الحلق تعتمد بشكل أساسي على العامل المسبب للمرض، فأحياناً نكتفي بالراحة والسوائل الدافئة وعلاج الأعراض وأحيان أخرى يجب التدخل الطبي لوقف الالتهاب ولاسيما عندما لا نعرف ما هو السبب مع استمرار الالتهاب لأكثر من أسبوع: [2-5]
- علاج التهاب الحلق الفيروسي: كما ذكرنا معظم أسباب التهاب الحلق هي فيروسية عند الأطفال، ويكون العلاج بتخفيف الأعراض المزعجة كالإكثار من السوائل وتناول مزيلات الألم كالبروفين الذي يعد مضاد التهاب ومخفف للألم وهو يعطى للأطفال بعد سن الست شهور ولا يعطى الأسبرين كخافض حرارة للطفل على الإطلاق لأنه يؤدي لمتلازمة راي التي تؤذي الكبد والكليتين، ومن الممكن تناول أقراص لمعالجة السعال التي تدعى Throat lozenge التي تحوي مادة محلاة تذوب ببطء في الفم وتلين الأنسجة المخاطية وتخفف الألم عند البلع وهي آمنة عند الأطفال بعد عمر الأربع سنوات.
- معالجة العدوى الجرثومية: عند التـأكد من أن السبب جرثومي بعد التحاليل المخبرية والزرع الجرثومي عندها يقوم الطبيب بوصف المضادات الحيوية لإزالة العامل المسبب بشكل كامل كالبنسلين ومشتقاته ومن المهم عندها الالتزام بوصفة الطبيب وتناول الدواء وفق الجرعة الكاملة حتى لو زالت الأعراض وتحسن الطفل.
- التعامل مع الحساسية: يجب بحالات الحساسية إبعاد الطفل عن العامل المسبب للحساسية بشكل أساسي ومحاولة تجنبه ومن الممكن أن يصف الطبيب مضادات الحساسية كعلاج والتي تسيطر على أعراض الحساسية وتمنع احتقان الأنف الذي يؤدي الى التنقيط الأنفي الخلفي الذي ذكرناه مسبقا كسبب لالتهاب مخاطية البلعوم .
- علاج التهاب الحلق الناتج عن القلس: ويمكن علاجه بتناول مضادات الحموضة كالتي تخفف من إفراز الحمض المعدي ويجب تغيير نمط الحياة للتخفيف من عودة الحمض من المعدة الى البلعوم كالنوم على الجانب الأيسر من الجسم مع رفع الرأس قليلاً للأعلى وتجنب تناول الطعام قبل النوم واستشارة الطبيب عند تفاقم الأعراض والذي قد يلجأ الى التدخل الجراحي لإنهاء القلس.
- أساليب رعاية منزلية تخفف الأعراض: تناول السوائل الدافئة التي تبقي البلعوم رطباً مع تجنب الكافئيين المدر للبول، وتجنب المواد المهيجة كالتدخين أمام الطفل ومواد التنظيف التي تزيد من سوء الالتهاب إضافة الى الغرغرة بالماء المالح للطفل الأكبر من 6 سنوات وتكون بمقدار نصف إلى ربع ملعقة صغيرة تذاب في 120 الى 240 ميليلتر ماء.
إن التهاب الحلق مرض يمكن تفاديه بإجراءات بسيطة يجب أن يلتزم بها الطفل ومحيطه ولاسيما في الأوقات التي تزيد فيها فرصة حصول المرض كموسم الشتاء وفترات البرد:
- غسل اليد باستمرار: من أهم وسائل الوقاية هي غسل اليدين بالماء والصابون لمدة تتراوح بين ال 10 و ال 15ثانية لا سميا في أوقات الزكام والإنفلونزا مما يقلل من فرصة وصول الجراثيم والفيروسات المسببة للالتهاب إلى الأنف أو العين ودخولها للجسم.
- تقوية الجهاز المناعي: جهاز المناعة القوي يقلل من فرصة الإصابة بالتهاب الحلق ويجعل فترة الشفاء أسرع في حال الإصابة، وهذا يتحقق بالحصول على راحة للجسم وتناول الطعام الصحي والحمية المعتدلة، كما يجب الحفاظ على تناول السوائل وتجنب التجفاف قدر الإمكان للطفل.
- تجنب المواد الكيميائية المخرشة أو المواد المحسسة: تلعب المواد الكيميائية المخرشة دوراً في تهييج مخاطية البلعوم ولا سميا ذات الرائحة النافذة التي تنتقل جزيئياتها عن طريق الهواء كنواتج الاحتراق ورائحة الوقود والتدخين السلبي للطفل الذي يحوي مئات المواد السامة والمخرشة للمخاطية، كما يجب معرفة المواد التي يتحسس منها الطفل والابتعاد عن استخدامها .
- تجنب أماكن الازدحام وتشارك الأغراض الشخصية: ولاسيما في مواسم الانفلونزا والبرد إذ أن الجراثيم والفيروسات تنتشر بسرعة أكبر داخل الأبنية والأماكن المزدحمة كالمدارس وأماكن الألعاب وتزداد الخطورة عند تشارك الأطفال المناديل والمناشف والأواني للطفل المصاب الآخر.
- زيارة الطبيب بشكل دوري ومراقبة الطفل: عند مراجعة الطبيب بشكل مبكر لظهور الأعراض يصبح من السهل منع تطورها وإبقاء الطفل بمأمن من ارتفاع الحرارة والألم.