ميزات الشخص الناجح ومعايير النجاح
يراود حلم النجاح في العمل والحياة كل إنسان، البعض يبذل جهداً جباراً لتحقيق أهدافه ويمتلك غايات تدفعه وتنسيه التعب عندما يصل إلى نتيجة مُرضية، آخرون يندبون الحظ ويجدون شماعة يعلقون عليها أسباب فشلهم وعدم قدرتهم على الوصول إلى النجاح في العمل والحياة، يحاول البعض الآخر لكنه يفشل في تحقيق أي شيء، ربما يكمن السبب في عدم وضوح الأهداف.
أهم خطوة في النجاح وجود الهدف بعد الغاية التي تتبناها من عيشك الحياة، كيف تتحمل المسؤولية عن نفسك وأفعالك كي تنجح؟ ما هو دورك أولاً في تحقيق ما تريده؟ وما هي الميزات التي يتمتع بها الأشخاص الناجحون والاستثنائيون، وتساعدك على اكتشاف أفضل ما لديك لتبدأ؟.. كل هذه التساؤلات محور سطورنا التالية؛ علّنا نكتشف معك الطريقة المثلى لتحقق النجاح على كافة الأصعدة.
كيف يشكل تحملك المسؤولية مفتاحاً لتكون في أفضل حالاتك؟
لا يزال النقاش حول كيف يمكن للناس أن يجدوا النجاح في الحياة مشكلة؛ لكن بطبيعة الحال يبقى موضوع أن تحقق النجاح مختلف، إذا كيف يمكنك أن تخبر الآخرين عن كيفية تحقيق النجاح إذا كان تعريفك للنجاح مختلفاً عن تعريفهم؟ مع ذلك اتضح أنه بغض النظر عما تريد أن تبدو عليه حياتك، فهناك بعض العناصر الأساسية التي يجب وضعها في مكانها الصحيح لجعلك راضياً عن حياتك، بالتالي تتحكم في أسباب النجاح وهي:
أولاً: منظورك للأمور التي تحدث معك في الحياة:
كثير من الأشخاص يعتقدون أن الحياة تتمحور حولهم فقط، قد تكون أنت من هؤلاء؟! لذا فإن المنظور الذي ترغب في اعتماده يمكن أن يغير حياتك بشكل كبير للأفضل أو الأسوأ.
إذا كنت تمر بموقف ما في حياتك معتقداً أنه يحدث معك فقط سواء كان جيداً أو سيئاً، بغض النظر عما تفعله للتغيير، فإنك لن تخرج أبداً من دوامتك لتحقيق أشياء جيدة.
ولماذا تفعل غير ذلك؟ إذا كانت الأشياء أكبر منك وأسوء من أن تستطيع السيطرة عليها؛ هل يجب عليك أن تقلق بشأن بقية الأمور في حياتك؟ هذا ما يبدو عليه موقف بعض الناس.
على المقلب الآخر؛ هناك مجموعة أخرى من الناس لديهم اعتقاد راسخ بأنهم قادرون على التأثير في حياتهم، رغم أن معظم هؤلاء هم ممن اعتادوا اعتبار أنفسهم محور الكون وأن ما يحدث معهم في الحياة لا يحدث مع غيرهم! إلا أنهم في موقف معين قد حدث شيء غير رأيهم وبدأوا التركيز على تحمل المسؤولية عن أفعالهم سواء كانت جيدة أو سيئة، بدأوا لمس أهمية التغيير في حياتهم، انطلاقاً من أن الشيء الوحيد الذي يمكن القيام به هو العمل على ما يمكنك التحكم فيه وما تمتلكه في هذه الحياة، وعلى حد قول الكاتب الأمريكي تشارلز آر سويندول (Charles R. Swindoll): "أنا مقتنع بأن الحياة هي ما نسبته 10٪ ما يحدث لي و 90٪ كيف أتفاعل معه".. هكذا نحن مسؤولون عن مواقفنا وأفعالنا.
ولهذا عادة ما يتبنى الناس المنظور القائل بأنهم؛ يستطيعون تغيير واقعهم من خلال تغيير وجهة نظرهم ومنظورهم في الحياة، بعد أن يدركوا أنهم قد يفقدوا تلك الـ "10 %"، حيث أثبتت الدراسات أهمية تحكم المرء بحياته للعمل على أهداف محددة.
ثانياً: أنت تتحكم بحياتك أكثر مما تعتقد:
تميل عادة للتخلي عن جهودك إنكارها مقابل الحظ، فعندما تتغلب على عقبات كثيرة في الحياة، قد يبدو الأمر هنا أشبه بضربة حظ، لكنك لو قمت بتتبع خطواتك التي بذلتها بدءاً من الفكرة حتى إتمام العمل عليها؛ يبدو أنك كنت تتحكم بالنتيجة أكثر مما توقعت منذ البداية.
مثلاً هل يجعلك الحظ الجيد قادراً على الجري لمسافة 5 كم كل يوم؟! لا.. لقد فعلت أنت ذلك.. إذاً ما الذي تستطيع فعله أيضاً؟
إن فكرة "الحياة تسير بنا فقط" هي نوع من الممارسة المتبناة والمقبولة بشكل واسع بين البشر، لكن هل تعلم.. "لا ينبغي أن تكون نظرتنا للحياة بهذه الطريقة"، ففي كل يوم يتخذ الملايين من الناس خطوات باتجاه مختلف عما كانوا عليه سابقاً، ثم يقومون بتغيير حقيقي ودائم في حيواتهم، أحياناً يبدو الخيار صغيراً ويبدأ مثلاً بتغيير نوع القهوة التي تفضل شربها، ثم ينتهي بتغيير نمط العيش أو الارتباط أو العمل أو الإقامة الخ.. فالمنطق يقول: "لا أحد يجبرك على أكل هذا الطعام، أو البقاء في هذا العمل، أو أن تكون بائساً"؛ أنت تختار.. تذكر أنه من السهل جداً إلقاء اللوم على شخص ما أو شيء آخر غير تحمل المسؤولية الذاتية، لذلك عندما تجد نفسك في حالة ركود، اسأل نفسك عما فعلته للوصول إلى هنا، لأنك إذا ساهمت في تدهور حياتك، فأنت الأقدر على النهوض مجدداً والخروج من المأزق وحل كل المشاكل.
ثالثاً: النجاح مسألة منظور ومبدأ في الحياة:
عادة ما يأتي النجاح في العمل على شكل المال والترقيات كذلك الألقاب والمنصب الوظيفي والفرص، ويرتبط إيجاد النجاح لدى رواد الأعمال بذلك التوازن صعب المنال، الذي كانوا يتوقون إلى تحقيقه أثناء عملهم في وظائف روتينية بوقت محدد من 9 صباحاً حتى 5 مساءاً بشكل يومي، إن النجاح بالنسبة لهم مرتبط بالقدرة على كسب الأموال بطريقة لم تكن متوقعة، كذلك بالقدرة على ترك وظائفهم في الوقت الذي يختارونه، وبالنسبة لبعض الناس فإن تعريف النجاح هو "قدرتهم على سداد الفواتير وضمان الرفاهية البسيطة خلال عطلاتهم السنوية"، البعض الآخر يربط النجاح بوجود الملايين في أرصدتهم البنكية.
مهما كان ما تريده في الحياة؛ يمكنك الحصول عليه ومهما كانت صعوبة تحقيق أهدافك؛ ستبذل قصارى جهدك في الوصول إليها، لذا.. لا تنتظر الحظ أو أن يكتشف أحد ما مواهبك ويعطيك الفرصة المناسبة.
رابعاً: كيفية تحمل المسؤولية:
لا يعني تحمل المسؤولية أن تعمل بما يزيد عن طاقتك، إنها تعني بأن قبولك أنك الشخص الوحيد الذي يستطيع تغيير حياتك للأفضل.. فإن لم تعجبك طريقة عيشك؛ حان الوقت للتغيير لا أحد يستطيع ذلك لا والدك ولا والدتك ولا عمك الغني، لا أحد يستطيع تغيير ما لا يتماشى مع شخصيتك وحياتك التي تتمناها إلا أنت، فاطرح على نفسك هذا السؤال وبصراحة أجب عنه: "هل تستطيع أن تتحمل المسؤولية عن نفسك؟".. إن فعلت ذلك ستحدث أشياء مذهلة وتغيير جذري في حياتك، هذا وأثبت العلم تدني إحساس الشخص بالمسؤولية عندما تكون الأحداث في حياته سلبية بينما تزداد المسؤولية عندما تكون هذه الأحداث إيجابية، لذا توقف عن "التلاعب بالألفاظ" إذا صح التعبير؛ عندما يتعلق الأمر بنتائج أفعالك السلبية أو تلك الإيجابية.
العادات البسيطة التي تميز الأفراد الناجحين
ما يؤسس للنجاح في الأساس هو الذكاء العاطفي، الذي يستخدمه الناجحون كمهارة لتحقيق أحلامهم، ووفق الدراسات فإن 90% منهم مهرة في إدارة عواطفهم من أجل الحفاظ على التركيز والهدوء والإنتاجية، كما يتعلق النجاح بتحقيق الأهداف الشخصية، والأشخاص الناجحون "ينجحون" في العديد من مجالات الحياة المختلفة؛ صداقاتهم وصحتهم الجسدية والعقلية وعائلاتهم ووظائفهم، التي لا يجدونها جيدة فحسب، بل يستمتعون بعيش تفاصيلها أيضاً.
وعلى الرغم من نجاح تنفيذ العديد من الاستراتيجيات الفعالة التي يستخدمها الأشخاص الناجحون للوصول إلى أهدافهم، حيث سنتعرف على أفضلها في السطور التالية؛ إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في إدراك الوقت الذي يجب عليك استخدام هذه الاستراتيجيات بالفعل وهو ما عليك أن تكتشفه بنفسك بعد التعرف عليها:
التناغم
يراقب الأشخاص الناجحون عواطفهم باستمرار.. يفهمونها ويستخدمون هذه المعرفة في الوقت الآني للتفاعل مع المواقف الصعبة وفي ضبط النفس عندما تسير الأمور إلى السوء، فهم هادئون باستمرار مهما كان الموقف محبطاً، لأنهم يعرفون أنه: "مهما كانت الأشياء جيدة أو سيئة، فإن كل شيء يتغير بمرور الوقت"، كل ما يمكنهم فعله هو التكيف والتناغم فيبقون سعداء ومتحكمين.
المعرفة والدراية
يعرف الأشخاص الناجحون أكثر من غيرهم لأنهم يعملون باستمرار لزيادة وعيهم بأنفسهم وتحقيق النمو المستمر؛ عندما يكون لديهم لحظة فراغ فإنهم يستغلونها بالتعلّم الذاتي، لكنهم لا يفعلون ذلك لأنه "الشيء الصحيح اللازم والذي ينبغي فعله"، بل يفعلون ذلك لأنه شغفهم، يبحثون دائماً عن فرص للتحسين وأشياء جديدة للتعرف من خلالها على أنفسهم والعالم من حولهم، فبدلاً من الخضوع لنظرة العجز أو ربما الشعور بالغباء؛ يسأل الناس الاستثنائيون والناجحون الأسئلة المطروحة فعلياً في ذهنهم، لأنهم يفضلون أن يتعلموا شيئاً جديداً على أن يبدوا أذكياء أمام الأخرين.
التوازن والإبداع وامتلاك الهدف
يصل الأشخاص الناجحون إلى اتخاذ القرارات عن طريق التفكير العميق في الأمور، وطلب المشورة من الآخرين، لأنهم يعلمون أن الاعتماد الزائد وبشكل مفرط على النفس فقط أمر غير فعّال ومضلل ويشتت الجهد، كما أن الناجحين لديهم القدرة على التروي والتفكير المنطقي قبل بدء أي خطوة في الحياة.
الحسم واليقين
من النادر سماع الأشخاص الناجحين يقولون عبارات مترددة مثل: "أم"، "لست متأكداً"، أو "أعتقد". إنهم يتحدثون بحزم.. حيث يعرفون صعوبة أن يستمع إليك الآخر؛ ما لم تستطع تقديم أفكارك بشكل مقنع.
لغة الجسد الإيجابية
أن تصبح مدركاً لإيماءاتك وتعبيراتك ونغمات صوتك (التأكد من أنها إيجابية)؛ تجذب الناس إليك مثل: استخدام نغمة حماسية، وتحريك ذراعيك، كذلك الحفاظ على الاتصال بالعينين والميل نحو الشخص الذي يتحدث إليك، فكل أشكال لغة الجسد الإيجابية التي يستخدمها الأشخاص الناجحون لجذب الآخرين؛ تُحدث كل الفرق في المحادثة.. لأن طريقتك في قول الشيء يمكن أن تكون أكثر أهمية مما تقوله.
ترك انطباع قوي لدى الآخر
يقرر معظم الأشخاص ما إذا كانوا يحبونك في أول سبع ثوان من اللقاء بك، ثم يقضون بقية المحادثة مبررين رد فعلهم الأولي، لكن من خلال معرفة ذلك، يمكنك تحقيق مكاسب هائلة في كيفية استجابة الناس إليك، حيث ترتبط الانطباعات الأولى بشكل وثيق بلغة الجسد الإيجابية، إذ تساعد شخصيتك القوية ومصافحتك الواثقة، كذلك الابتسامة والكتفين المنفردين على ضمان أن يكون الانطباع الأول حولك جيداً، حيث أثبتت بعض الدراسات أن الانطباعات الأولى الثابتة يمكن أن تتشكل بسرعة كبيرة.
البحث عن الانتصارات الصغيرة
يحب الناجحون تحدي أنفسهم والمنافسة، حتى عندما لا تسفر جهودهم سوى عن انتصارات صغيرة، تساهم في بناء مستقبلات الأندروجين في مناطق الدماغ المسؤولة عن المكافأة والتحفيز، بالتالي يزيد من تأثير التستوستيرون (هرمون الذكورة المهم أيضاً للإناث في مستوياته الطبيعية لتحفيز شعور الرضا كما يساهم في الحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية)، مما يزيد من الثقة والحرص على مواجهة التحديات المستقبلية، فعندما تحقق سلسلة من الانتصارات الصغيرة، يمكن أن تستمر قوة ثقتك بنفسك لعدة أشهر فضلاً عن أهميتها لصحتك الجسدية كما ذكرنا.
لا وجود للخوف
الخوف ليس أكثر من عاطفة تتغذى على خيالك، والخطر الحقيقي فقط عندما تتعرض فعلياً لموقف خطير، إذاً الخوف هو اختيار، ويعرف الناس الاستثنائيون هذا أفضل من أي شخص آخر، لذلك فهم يقلبون الخوف لصالحهم وبدلاً من تركه يسيطر عليهم؛ فإن الناس الناجحين مدمنين على الشعور بالبهجة من قهر المخاوف.
اللطف والكياسة
الناجحون مزيج مثالي من شخصيات قوية ولطيفة، فهم لا يلجؤون إلى التخويف أو الغضب أو التلاعب للحصول على مكسب ما، لأن طبيعتهم اللطيفة وذات الاكتفاء الذاتي تنجز المهام، إلا أن كلمة "لطيف" تحمل في كثير من الأحيان مدلول سلبي خاصة في مكان العمل، لكن في الواقع فإن اللطف صفة رشيقة تمنح الناس الناجحين قوتهم، فإن الآخرين يرحبون بوجودهم مع الصفات التي تجعل جميع أفكارهم مقبولة.
الصدق والوضوح
يثق الأشخاص الناجحون للغاية بصفتي الأمانة والنزاهة، رغم أنها مؤلمة في بعض الأحيان إلا أنها تعمل لتحقيق الأفضل لهم على المدى الطويل، حيث يعلمون أن الصدق يمكّن من التواصل الحقيقي مع الناس بطريقة تحققها الأمانة، وأن الكذب دوماً يعود على قائله، حيث أثبتت الدراسات بأن اكتشاف الكذب يتم بعد أيام أو أسابيع أو أشهر، كما أن الأشخاص الذين يكذبون في أكثر الأحيان يعانون من مشاكل صحية وعقلية أكثر من الأشخاص الصادقين.
الامتنان
يعرف الأشخاص الناجحون أن الأمر يتطلب الكثير من الطموح والعاطفة والعمل الشاق للوصول إلى ما هم عليه في الحياة، كما أنهم يعرفون أن المدراء والزملاء في العمل والعائلات والأصدقاء يلعبون دوراً كبيراً في نجاحهم، وبدلاً من الغرق في مجد الإنجاز؛ يعبر الأشخاص الناجحون عن امتنانهم للآخرين على الأشياء الرائعة التي قاموا بها من أجلهم.
التقدير
يحقق الناجحون الكثير؛ لأنهم يعرفون أهمية تقدير كل ما لديهم، يعلمون أهمية الإيجابية وعمق التفكير الذي يتمتعون به، كما تنبع دوافعهم من قدرتهم على البقاء واقعيين، وتقدير الفرص التي تمنحها لهم الحياة حتى الآن.
ختاماً.. هذه العادات والصفات والاستراتيجيات التي تميز حياة الأشخاص الناجحين، يمكن أن تجعلك أكثر نجاحاً إذا عرفت كيف تستخدمها كل يوم، كما أن أولى خطوات النجاح هي تحمل المسؤولية الذاتية عن كل أفعالك وأقوالك وطريقة تفكيرك وقناعاتك في الحياة، ما رأيك أن تشاركنا رأيك في أسباب النجاح عبر التعليقات؟ هل تعتبر نفسك شخصاً ناجحاً في الحياة الخاصة والعمل عبر اتباع استراتيجيات لم نذكرها أعلاه؟ هل يمكنك تقديم النصيحة؟ لأشخاص يبحثون عن سبل النجاح لكنهم لم يمسكوا بعد أول خيط الانطلاق في هذا الطريق الصعب والممتع، الذي سيجعل عيش الحياة بشغف أمراً واقعاً.