كيف أخبر أطفالي بانفصالي عن والدهم
على الرغم من قسوة تجربة انفصال الوالدين وتأثير الطلاق الشديد على الأطفال، إلّا أن وعي وتفهّم الوالدين لآثار هذه التجربة قد يلعب دوراً كبيراً في إدارتها بشكل أفضل، وإخبار الأطفال عن الطلاق والانفصال وأسبابه يعتبر الخطوة الأولى في سبيل جعل تجربة الانفصال أقل ضرراً على الأبناء وأقل تأثيراً.
من الأفضل التمهيد للأطفال عن الانفصال وطلاق الوالدين قبل وقوع الطلاق الفعلي، يساعد ذلك بتحضير الأطفال نفسياً لتقبّل انفصال الوالدين كما يشعرهم أنهم جزء من هذا القرار وليسوا مجرد ضحية، فعندما يعرف الأطفال بوقت مبكر عن انفصال الوالدين يأخذون فرصتهم في فهم الحالة والاستعداد لحياتهم الجديدة، مقارنةً بما يفعله بعض الأهل وهو مفاجئة الأطفال بالطلاق في يوم وليلة.
وفي حال كان الانفصال والطلاق قد وقع فعلاً، فقد يكون من المناسب إخفاء وقوع الطلاق لفترة قليلة ريثما يتم تمهيد الأمر للأطفال وكأن الأهل يفكرون بالانفصال، لكن لا يجب أن يتم إخفاء الطلاق عن الأبناء لفترة طويلة، ويجب أن يعرفوا بالطريقة المناسبة التي تساعدهم على تجاوز هذه الأزمة.
- الاتفاق مع الزوج: قبل أن تخبري أطفالك عن الطلاق لا بد أن تتفقي مع زوجكِ -والدهم- على الأسباب التي يجب أن يعرفها الأطفال، وعلى توقيت إخبارهم بالأمر ومن الذي سيخبرهم وكيف، ذلك سيساعد الأطفال على تجنب مواقف مؤلمة ومزعجة عندما يخبرهم والدهم بأمور مختلفة عن التي أخبرتهم عنها، كما سيوحي الاتفاق بين الوالدين بعد الطلاق للأطفال أن الأمر ليس كارثياً والحياة يمكن أن تستمر بهدوء وبدون مشاكل.
- اختيار المكان المناسب: فعليك أن تختاري المكان المناسب لإخبار طفلك أو أطفالك عن الانفصال، ويفضل أن يكون مكاناً مريحاً لكم جميعاً، كما يفضل أن تخبريهم أنتِ ووالدهم إن كان ذلك ممكناً، وإن تعذر ذلك فأخبريهم لوحدك بالاتفاق مع والدهم، أو يمكنك الاستعانة بشخص موثوق ليكون معك.
- اختيار الزمان المناسب: عندما تريدين أن تخبري أطفالك عن الطلاق فعليكِ أن تختاري الوقت المناسب، فلا تخبريهم في فترة الامتحانات المدرسية، ولا قبل موعد نومهم مباشرة، ولا فور استيقاظهم من النوم مثلاً، بل انتقي اليوم المناسب، وكذلك اختاري الوقت المناسب في اليوم بعد أن يكونوا قد انتهوا من أداء واجباتهم ونشاطاتهم وتناولوا طعامهم، ويشعرون بالراحة.
- أخبريهم أن الطلاق لن غير حبّكِ لهم: قولي لهم أنكِ ستنفصلين عن والدهم ولن تعيشي معه في منزل واحد منذ الآن، ولكنكِ ما زلتِ تكنين له الاحترام، وأن الأمر تغير عليكِ وعلى والدهم لا عليهم، فهو سيبقى والدهم الذي يحبهم ويخاف عليهم وأنتِ ستظلين أمّهم التي ترعاهم.
- اطلاعهم على الأسباب الحقيقة للانفصال: فلا داعي للكذب بشأن أسباب الانفصال، لكن عليكِ أن تخبريهم عنها باختصار وبما يتلاءم مع مستوى فهمهم، مع الحرص على عدم تشويه صورة والدهم أمامهم، وعدم أخذ دور الضحية.
- لا تشعريهم بأن الأمر خطير: لا شكّ أن الأطفال سيشعرون بالخوف والقلق عند إخبارهم بانفصالك عن والدهم، لكن الأطفال يتأثرون أكثر بخوف الوالدين وهلعهم، وإذا شعروا أنكِ خائفة أو قلقة سيزداد قلقهم وخوفهم.
- كوني مستعدة للإجابة عن الأسئلة: لا تتوقعي أن ينتهي الأمر بجلسة واحدة، فقد يستمر أطفالك في الأسئلة واللوم والحزن لفترة معينة، كوني مستعدة وصبورة ومتفهّمة لمشاعرهم.
- اللمسات الحانية: للمسات الحانية والاقتراب الجسدي والتربيب على الكتف مفعول السحر في طمأنة أطفالك، تأكدي أن تمنحي الأطفال حناناً إضافياً أثناء إخبارهم بانفصالك عن والدهم.
- اطلاعهم على الخطة ما بعد الانفصال: فعندما تخبرين أطفالك بانفصالك عن والدهم عليك أن تطلعيهم على ما سيحدث بعد ذلك، وإن كنتِ تجهلين بعض الأمور فقولي لهم هذا بصراحة مع طمأنتهم بأن كل شيء سيكون على ما يرام، ومن الأمور التي على الأطفال معرفتها بعد الانفصال هو مع من سيعشون ومن سيعتني بهم.
- أشعريهم بالأمان والاستقرار: عليك أن تحرصي بألا تصل أي كلمات أو مشاعر سلبية للأطفال، أشعريهم بالأمان وبأن الأمور ستكون مستقرة، وأن الأمر سيكون غريباً بعض الشيء عليكم جميعاً في البداية فقط، لكنكما قد اتخذتما القرار الأفضل للجميع.
- ضرب أمثلة لأطفال سعداء وناجحين رغم انفصال والديهم: من الأمور التي تساعدكِ كثيراً عند إخبار أطفالك بانفصالك عن والدهم هي أن تضربي لهم أمثلة حقيقة عن أطفال ناجحين وسعداء مع أن والديهم منفصلين، وحبذا لو كانوا على صلة مباشرة مع هؤلاء الأطفال ويحبونهم ويرون أنهم سعداء وناجحين حقاً.
كما أن عليكِ مراعاة عمرهم وطبيعتهم ومناعتهم النفسية؛ فهناك طفل حساس أكثر من غيره مثلاً، توقعي ألا يستقبل أطفالكِ هذا الخبر بنفس الطريقة، لكن تعاملكِ الصحيح مع الموضوع وصبرك سوف ينهي المشكلة وسوف تمر على أطفالك بسلام.
الأفضل أن يجتمع الوالدان معاً لإخبار الأطفال عن الانفصال والطلاق، فيجلس الوالدان مع الأطفال في مكان مريح ومحبب لهم جميعاً ويفضل أن يكون في المنزل، ويجب أن يكون الوالدان قد اتفقا على ما سيقولانه لأطفالهما عن الانفصال، وإن لم، أو أن يتولى أحد الوالدين إخبار الأبناء عن الطلاق بالاتفاق مع الآخر.
في بعض الحالات قد لا يستطيع الوالدان الحديث مع الأطفال عن الانفصال، في هذه الحالة يجب الاستعانة بشخص موثوقٍ وواعٍ ويحبه الأطفال ويثقون به لإخبارهم عن انفصال الوالدين، مثل الجد أو الجدة، ويمكن الاستعانة بالمرشد النفسي ليقوم بهذه المهمة، لكن يظل الخيار الأفضل أن يعرف الأبناء بالانفصال من والديهم.
- الحفاظ على علاقة طيبة بين الوالدين: فمهما وصلت الخلافات بينك وبين شريكك السابق، فعليك أن تبقي على علاقة طيبة معه وبالأخص بوجود الأطفال، لأن من حقهم أن يعيشوا حياة آمنة مع كلا الوالدين، صحيح أن الحضانة ستكون لأحدكما، لكن يجب أن يزوره الآخر ويستضيفه ويعيش معه بكل تفاصيل حياته، ويشعره أنه مرحب به مهما كان يشعر بالحزن أو الغضب أو الضيق، فمن حق الأطفال أن يستمتعوا بوقتهم مع والديهم.
الأمر قد لا يكون مثالياً في كل الحالات، وقد يتعرض الأطفال للإساءة أو التجاهل أو الإهمال من قبل والدهم، هنا يجب أن تجلسي معه لتخبريه عن الأمر ولتتفقا بشأن معاملة الأطفال. - إيقاف الخلافات العائلية: فالخلافات تؤثر بشكل كبير على الأطفال، لذا يتوجب على الوالدين الوصول لحل للخلافات التي بينهما، أو على الأقل إيقافها أمام الأطفال، حتى لا يؤثر هذا عليهم، خصوصاً وأن الطلاق قد وقع لإيقاف هذه الخلافات وليعيش كل أفراد الأسرة في ظروف أفضل وأكثر هدوءً.
- تجنب استخدام الأطفال في النزاع: أكثر ما يؤذي الأطفال بعد انفصال الوالدين هو استخدامهم في النزاع المستمر بين الوالدين، يجب على الوالدين أن يتجنبوا بشكل كامل زج الأطفال في مشاكلهم أو التنازع عليهم وبهم.
- إشعار الأطفال بالأمان والطمأنينة: عليك أن تذكريهم بأنه يمكنهم الاعتماد عليك في الاستقرار والرعاية، وأن هناك أطفال كثر أكملوا حياتهم ونجحوا فيها في كل المجالات بالرغم من انفصال والديهم.
- الاهتمام بنفسك: إن أول تعليمات السلامة لحالات الطوارئ بالطائرة هي وضع قناع الأكسجين لنفسك قبل أن تضعه على طفلك، لأنّك إن لم تفعلي ذلك فقط لا تتمكنين من إنقاذ طفلك! عندما يتعلق الأمر بمساعدة أطفالك بعد الانفصال فعليك أن تساعدي نفسك أولاً وأن تعرفي كيف تديرين حياتك بعد الانفصال وأن تكوني قوية وسعيدة وتهتمي بنفسك وبحالتك النفسية والجسدية لتستطيعي أن تبقي أمامهم متماسكة ولتتمكني من العناية بهم ورعايتهم.
- الخوف: من المشاعر السلبية التي يشعر فيها الأطفال عند انفصال والديهم هي مشاعر الخوف؛ فيخافون على أنفسهم من الوحدة أو من أن يتركهم والداهم لوحدهم في هذا العالم، كما يخافون الخوض في المجهول، ويستمرون في التفكير بالمستقبل وبماذا سيحل بهم دون وجود والديهم معاً.
- الغضب واللوم: غالباً ما يشعر الأطفال بغضب شديد من الوالدين عند معرفة خبر الانفصال، قد لا يعبر الطفل بالضرورة عن هذه المشاعر، لكنه يشعر أن والداه كانا أنانيان وغير مسؤولين وفرطا به وبالعائلة وتخليا عنه، ودور الوالدين الأساسي بعد الطلاق أن يثبتا عكس هذه المشاعر للطفل بالأفعال لا بالأقوال.
- القلق المستمر: فهم يقلقون بشأن كل شيء يتعلق بحياتهم الأسرية، كما قد يتطور القلق لديهم ليصبح مزمناً، فيقلقون من الامتحانات ومن التغيير ومن أمور كثيرة أخرى.
- فقدان الثقة: فعندما ينفصل والديهم يفقدان الثقة بكل شيء تقريباًـ كفقدان الثقة بأنفسهم وبوالديهم وبالعالم أجمع.
- الضياع: فبعد انفصال الوالدين يشعر الأطفال بالضياع وخاصة إن لم يتم الاتفاق بينهما منذ البداية على حضانة الأطفال ومع من سوف يعيشون، وإن استغنى عنهم أحد الوالدين أو كليهما.
- مشاعر الذنب: فعادة يعتقد الأطفال أنهم أحد أسباب الانفصال، ويلومون أنفسهم ويحملونها ذنب انفصال والديهم وهدم الأسرة، ويجب أن يدرك الأب والأم أهمية تبرئة الأطفال أمام أنفسهم من ذنب الطلاق.