أركان الإيمان وشرحها مع الأدلة والشواهد
أركان الإيمان هي أعمدة الدين الروحية التي يتم بها الإيمان بالله تعالى ومكانها الجوارح، فيما أركان الإسلام هي العبادات التي بها يتم إسلام الإنسان، فما هي أركان الإيمان وما المقصود بها، وما هي الأدلة القرآنية على أركان الإيمان وماذا أخبرنا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عنها.
الإيمان هو التصديق القلبي والقبول والإيمان بالشيء بمعنى اعتناقه، وأركان الإيمانِ ما لا يقوم الإيمانُ بغيرها، والإيمان في الإسلام هو (الْإِقْرَارُ بِاللِّسَانِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالْجَنَانِ) بأركان الإيمان التي جاءت في السنّة النبوية وإجماع أهل العلم ولها شواهد في القرآن الكريم، وهي التصديق المطلق بوجود الله تعالى عزَّ وجل وحده لا شريك له، والتصديق يقيناً بما أرسله الله تعالى على عباده من الأنبياء والرسل والكتب، والتصديق بالملائكة واليوم الآخر وقضاء الله وقدره.
أركان الإيمان الستة هي:
- الإيمان بالله تعالى وصفاته.
- الإيمان بالملائكة.
- الإيمان بالكتب السماوية.
- الإيمان بالرسل ورسالتهم.
- الإيمان باليوم الآخر.
- الايمان بالقدر خيره وشره
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن رجلاً جاء إلى النبي وهو جبريل عليه السلام وسأله: ما الإيمان فقال: الإِيمانُ أن تُؤمن بِاللهِ ومَلائِكتِه، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمن بِالقَدَرِ خَيرِهِ وشَرِّهِ، قال: فإذا فعَلْتُ ذلك فأنا مؤمنٌ. قال: نَعَم. قال: صدَقْتَ" رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأخرجه مسلم في الصحيح.
وهو الجزء المخصص بأركان الإيمان من حديثٍ أخبرنا فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم عن أركان الإسلام ومعنى الإحسان، فأركان الإيمان في الحديث النبوي هي الإيمان بالله وملائكته ورسله والإيمان باليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره، وأركان الإسلام هي الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان.
- الإيمان بالله: الإيمان بالله تعالى الركن الأول والأهم من أركان الإيمان وهو نقطة الفصل في الإيمان، حيث يعني الإيمان بالله التصديق الجازم بوجوده جلّ جلاله والتصديق بصفاته العليا ووحدانيته وعدم الإشراك به أبداً وعبادته بأسمائه الحسنى وصفاته العليا جل جلاله، والإيمان بأن كل شيء ملكه وحده وهو القادر على فعل كل شيء، وهو الطريق الذي يوصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
- الإيمان بالملائكة: الإيمان بالله لا يتجزأ أو ينفصل عن الإيمان بملائكته، فالركن الثاني من أركان الإيمان هو الإيمان بالملائكة، حيث يجب الإيمان بوجود الملائكة وبأن الله خلقهم من نور، وأمرهم بالعديد من المهام الكونية فيخضعون لأوامره وينفذونها كاملة دون نقصان، وهي ليست كالكائنات الأخرى فلا تأكل ولا تشرب وإنما هي مسخرة لطاعة الله عز وجل فقط، ومن مهام الملائكة تسجيل أعمال البشر والاستغفار لهم عن ذنوبهم، كما أن من مهام الملائكة أن منهم الوسيط بين الله ورسله حيث يأتي الوحي إلى الرسل لإخبارهم بأوامر الله عز وجل وإخبارهم بما يجب عليهم فعله، كما أنهم من الملائكة المسؤول عن قبض الأرواح من أجساد العباد بأمر من الله تعالى في وقت محدد.
- الإيمان بالكتب السماوية: الكتب السماوية هي كلام الله الذي وصل إلى الأنبياء عبر الوحي، والإيمان بهذه الكتب يعني الإيمان المطلق بأن هذا الكلام هو كلام الله الذي يجب اتباعه وتنفيذه كاملاً، مع الإيمان بأن القرآن الكريم هو خاتم الكتب ومتمم الدين، الذي يجب الإيمان به واتباعه دون غيره من الكتب فيجب تصديق جميع الكتب واتباع القرآن الكريم لأنه ختام الكتب السماوية.
- الإيمان بالرسل: الإيمان بالرسل هو الركن الرابع من أركان الإيمان، حيث يجب الإيمان بجميع الرسل الذين بُعثوا إلى البشر والإيمان بكل ما جاؤوا به من الأخبار، مع الإيمان بالمعجزات التي قاموا بها، بالإضافة إلى عدم التفريق بينهم والإيمان المطلق بأنه يجب تصديق رسالات جميع الأنبياء واتباع خاتمهم رسول الله وحبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلّم.
- الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بيوم البعث والقيامة هو الركن الخامس من أركان الإيمان، ويجب الإيمان به لأنه حقيقة لا ريب فيها، فهو أحد أهم الحقائق التي تُبين وتُظهر مصير العباد وختامهم في هذه الحياة، ويجب تصديق كل ما يتعلق بهذا اليوم من علامات الساعة التي تمت الإشارة إليها في القرآن الكريم وتم توضيحها من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، ويعتبر من الإيمان أيضاً الاهتمام بالأعمال الدنيوية التي توصل العبد إلى جنات النعيم في يوم القيامة وثقل موازينه، حيث يجب الإيمان بمرحلة ما بعد الموت والوصول إلى يوم الحشر مع الحساب الأخير الذي يحدد مصير العبد.
- الإيمان بالقدر خيره وشرِّه: يعتبر الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشرِّه من أهم أركان الإيمان أيضاً، فهو التصديق بقدرة الله تعالى على تيسير كلّ ما هو خير للإنسان، حيث كُتبت حياة كل شخص وقضائه ونصيبه من هذه الدنيا منذ ولادته، لذلك يجب الإيمان الجازم بأن ما يحصل من خيرٍ أو شرّ هو خير للعبد وسيعلم بأهمية ذلك مع الوقت وأن الله اختار له الخير في حياته وهو صاحب الأمر من قبل ومن بعد.
- ركن الإيمان بالله تعالى: قال تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) سورة البقرة الآية 136.
- ركن الإيمان بالملائكة: ورد الركن الثاني من أركان الإيمان وهو الإيمان بالملائكة في قوله تعالى: (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة الشورى الآية 5، وورد أيضاً ذكر الإيمان بالملائكة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بَعِيداً) سورة النساء 136.
- ركن الإيمان بالكتب السماوية: وقد وردت آيات عدة في القرآن الكريم عن الإيمان بالكتاب والرسالات السماوية، منها قوله تعالى في سورة البقرة آية 285: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) وهذا الآية تجمع أربعة من أركان الإيمان، وكذلك في قوله تعالى في سورة النساء آية 136: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا). فترك أركان الإيمان ومنها الإيمان بالكتب السماوية من الضلال.
- ركن الإيمان بالرسل: الركن الثالث من أركان الإيمان هو الإيمان بالرسل جميعهم وورد ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) سورة النساء 150.
- ركن الإيمان باليوم الآخر: الإيمان باليوم الآخر هو الركن الرابع من أركان الإيمان وورد في قوله تعالى: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ) سورة التغابن الآية 7.
- ركن الإيمان بالقدر خيره وشره: عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ولأن الله يعلم ما لا يعلمه العباد يجب عليهم الإيمان بالقدر وتقبله خيره وشره لأن ذلك هو الخيار الصحيح والأفضل حتى ولو لم يعلم العبد ذلك في وقته، ويعتبر الإيمان بالقدر خيراً وشراً الركن الخامس من أركان الإيمان حيث ورد قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ) سورة الحديد الآية 22. [2،3]
- هي أعمدة الإيمان: الركن هو ما يقوم عليه البناء ويستقيم به، واجتماع الأركان هو ما يتطلبه الإيمان القويم ليكون إيماناً تامّاً وحقّاً، فلا يمكن التخلي عن ركنٍ من أركان الإيمان أو التشكيك به، ولا بد للمسلم أن يؤمن بالأركان كافّة إيمان اليقين ليستقيم دينه وتستقيم عباداته.
- محدّدة في القرآن والسّنَّة: في حديث أركان الإيمان سأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلّم عن أركان الإيمان التي إن فعلها الإنسان كان مؤمناً، وجواب السؤال باتفاق أهل العلم يقتضي الحصر والحد الأدنى، وهذه الأركان متفقٌ على تسميتها بين أهل السنة والجماعة ومذاهب أخرى.
- طمأنينة القلب والراحة والسكينة: يعتبر الإيمان بالله سبباً لطمأنينة القلب، حيث أن الاتكال على الله في كل شيء يبعث السكينة في الروح، فبذكر الله وحده تطمئن القلوب والشعور بالثقة بأن هنالك قوة إلهية تحمي العبد هي سبب كافي للإحساس بالاطمئنان الداخلي والسكينة في كل موقف قد يتعرض له الشخص.
- التوفيق والاتكال على الله وتسليم الأمر له: تأتي أهمية أركان الإيمان أيضاً في الاتكال على الله وتسليم الأمر لصاحب الأمر، فهنا يعيش العبد بحالة من القناعة والرضا بما قسمه الله له.
- زيادة الإيمان بالله: إن الإيمان بجميع الأركان وتصديقها عن قناعة تامة يزيد من الإيمان بالله وبالتالي يجعل العبد يبتعد بشكل كامل عن الذنوب والمعاصي التي نها عنها الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم.
- الفوز العظيم بالجنة: تأتي أهمية الإيمان بالأركان أيضاً وتنفيذها بشكل كامل بأنها توصل العبد في نهاية هذا الطريق إلى الجنة التي وعد بها الرحمن وصدق وعده.
- تطهير النفس من الذنوب: إن الالتزام بأركان الإيمان يطهر نفس العبد من الذنوب ويجعله يستغفر ربه في كل وقت ومع التزامه الصادق تستغفر له الملائكة أيضاً وهذا ما يطهر نفسه من جميع الذنوب.