معنى أخلاقيات العمل وأهميتها ومصادر أخلاق العمل
الأخلاق ضرورة وسمة جوهرية في جميع أشكال المهن والوظائف ومجالات العمل، ويُرجع لها فضل كبير في النجاح الوظيفي والمهني سواء على مستوى الموظف الواحد أو على مستوى الشركات والمؤسسات ككل، وفي المقال التالي سنتعرف على أهمية أخلاقيات العمل وأهم خصائصها، بالإضافة إلى المصادر التي تستمد منها أخلاقيات العمل وأبرز المشاكل التي تعيق تطبيق أخلاقيات العمل.
أخلاقيات العمل (بالإنجليزية: Work Ethic) هي الجانب الأخلاقي من دوافع العمل والذي يتحكم بموقف العاملين من أداء المهام الموكلة إليهم وطريقة تفاعلهم مع بيئة العمل والأشخاص الآخرين في مكان العمل، مثل الصدق والأمانة والتعاطف والإخلاص، وعادةً ما تتسم أخلاقيات العمل بالاستقرار النسبي لأنها تتصل بالمنظومة القيمية والأخلاقية للأفراد أكثر من اتصالها بالانصياع للقوانين والقواعد في المؤسسة.
إلى جانب الاجتهاد والإبداع يهتم المدراء بالبحث عن الموظفين الذين يمتلكون معايير أخلاقية مرتفعة ليشغلوا مناصب عليا وحساسة، حيث تساعد أخلاقيات العمل على تجنب الكثير من الأخطاء والتخلص من إجراءات الرقابة المعقدة.
أخلاقيات العمل مفهوم واسع يعبر عنه بمجموعة المواصفات والسلوكيات الأخلاقية التي تنطبق على جميع أنواع الأعمال بدون استثناء، أغلبها أو جزء كبير منها يتعلق بالصفات الاخلاقية الشخصية للفرد الواحد، حيث لا يمكن للموظف أن يكون أميناً أو مخلصاً لعمله أو صادقاً إن لم يكن فعلاً يؤمن بهذه المبادئ ويسعى للالتزام بها أو إظهارها.
أما أخلاقيات المهنة مفهوم أكثر تحديداً ودقة من أخلاقيات العمل، وهي جزء من أخلاقيات العمل وتكملة لها، وتكون عبارة عن مجموعة من القواعد والتعليمات التي تُملى على أصحاب كل مهنة بشكل خاص دون غيرهم وترشدهم لما يجب عليهم القيام به وما لا يجب أن يقوموا به أثناء ممارستهم لمهنتهم على وجه التحديد.
حيث أن كل مهنة لها لوائح أعمال وقواعد خاصة بها تختلف عن غيرها، فمن أخلاقيات مهنة الطبيب مثلاً أن يقوم أثناء الفحص الجسدي بشرح تفصيلي لما يفعله للمريض بدون أن يلمسه بشكل مفاجئ أثناء فحصه ليحافظ على هدوئه ويطمئنه وتجنباً لإحراجه، أما المعلم فمن أخلاقيات المهنة عنده أن يركز على مساعدة كل طالب عنده على تجاوز صعوباته في الدراسة ولا يميز طالب على آخر، وهكذا كل مهنة لها أخلاقيات خاصة مختلفة عن غيرها.
- الضوابط الدينية: تمثل القواعد الدينية أحد أهم البواعث الأخلاقية للفرد وللمجتمع، وتتحدد الكثير من السلوكيات والأخلاقيات الخاصة بالعمل على بعض الأسس الدينية التي تختلف بحسب البلد وطبيعة الموظفين داخل المؤسسة.
- القيم الأخلاقية الفردية: لكل إنسان منظومة أخلاقية تتحكم بسلوكياته ومشاعره وأفكاره، وهي تبعاً لذلك تعد مصدر أساسي لتفاعله مع مبادئ أخلاقيات العمل، فمن يملك قيم أخلاقية عالية يشعر بالذنب بارتكاب أي خطاً أو تجاوز لأخلاقيات العمل، ويبقى مستقراً وراضياً مع شعور بالنجاح عند الثبات على الأخلاقيات وعدم الخضوع للمغريات.
- القانون: تعتبر القوانين من أكثر مصادر أخلاقيات العمل أهمية وتأثير ذلك لأنها تعطي مجالاً أكبر للانضباط من قبل الأفراد، فمن لا يكترث بالاعتبارات الدينية والمعايير الإنسانية ولا يخشى خيانة ضميره، سيضطر للخضوع إلى قوانين أخلاقيات العمل تجنباً للمخالفات والمسائلات القانونية.
- الاعتبارات الإنسانية: تلعب الاعتبارات الإنسانية دوراً جوهرياً في خلق واستحداث الكثير من أخلاقيات العمل التي تحمي صحة الإنسان وتمنع المساس بكرامته وحقوقه بأي شكل، وتكمن خصوصية هذه الاعتبارات في أنها قد تكون مخالفة لقواعد العمل أحياناً بسبب سيادة الموقف الأخلاقي، كالسماح لرجل عجوز أو لامرأة حامل مثلاً بتجاوز صفوف الدور، فعلى الرغم من هذا تصرف منافي لقواعد العمل إلا أن الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية كانت لها الأولوية.
- أخلاقيات المهنة: كما ذكرنا سابقاً تختلف قواعد العمل في مهنة معينة عن أي مهنة أخرى، هذا بدوره يشكل مصادر مختلفة ومتغايرة لأخلاقيات العمل بحسب نوع المهنة الذي يتم العمل بها.
- الثقافة الاجتماعية: يتشارك كل مجتمع مجموعة من الأعراف والعادات والتصورات عن الاخلاق ومفاهيمها وكيفية تطبيقها لضبط سلوك الأفراد ضمن المجتمع، وهذا له انعكاس على مختلف مجالات الحياة بما في ذلك مجالات الأعمال في ذاك المجتمع، فقد نرى في مجتمعاتنا العربية قيود أخلاقية على اللباس وحدود علاقة الرجل بالمرأة ضمن بيئة العمل أكثر من المجتمعات الغربية.
- أنظمة وشروط المؤسسات والشركات: على الرغم من تشارك المصادر الإنسانية والدينية والقانونية لمعظم الأعمال إلا أنه قد نجد أحياناً بعض المقاييس والمعايير المضافة التي ترتبها الشركات والمؤسسات بشكل منفرد تبعاً لأسلوب وشروط العمل المتبع من قبلها واللوائح التنظيمية الخاصة بها. [4-3]
- المصداقية والنزاهة: مبادئ النزاهة والمصداقية أساسية لا يقوم أي عمل بدونها، ومن الضروري أن يمتثل بها جميع الأفراد العاملين ضمن بيئة العمل، وإن أي خلل يبديه فرد واحد، سواء كان موظف عادي أو مدير، سيعود ذلك بالعديد من المشاكل والأضرار على سير خطة العمل والعاملين ككل.
- احترام المواعيد: احترام المواعيد صفة أخلاقية لا غنى عنها في مجال الأعمال، ذلك للحفاظ على الاحترام بين جميع الأطراف في بيئة العمل من ناحية، ومنعاً من هدر الوقت والجهد للنفس وللآخرين أو زرع الخلافات من ناحية أخرى.
- الإخلاص للعمل: الإخلاص الوظيفي معيار فردي ينبع من شخصية الموظف وأفكاره ومدى إيمانه واحترامه للعمل الذي يقوم، وهو منطلق أخلاقي ومقياس وظيفي ثابت ومهم فيما يتعلق بخصائص أخلاقيات العمل لذلك يكون مطلوب دائماً من جميع الموظفين والعاملين في أي نوع من الأعمال والمهن.
- المهنية والاحترافية: التركيز على العمل بكامل الاحترافية والمهنية الممكنة يندرج أيضاً ضمن خصائص أخلاقيات العمل، فهي معايير هامة وضرورية لإنجاز أعمال متقنة ومبدعة بأفضل مستوى وأعلى جودة.
- الأمانة: الأمانة الوظيفية هي أيضاً من الممارسات الفردية القائمة على فكرة الحفاظ على السلوك الأخلاقي مهما كان نوعه، لذا تعتبر من أهم مظاهر وخصائص أخلاقيات العمل، وهي تشمل مجموعة من الجوانب، كالأمانة المالية المتمثلة بعدم سرقة أموال الشركة أو استغلال العمل ضمنها لكسب المال بطرق غير شرعية بدون علم الشركة، الأمانة المهنية أي أخذ الأعمال بجدية والتركيز عليها بكافة القدرات الممكنة وعدم إهمال أو تجاهل أي تفصيل من تفاصيل ذاك العمل، بالإضافة إلى الأمانة بالحفاظ على ممتلكات الشركة أو أغراض الموظفين الآخرين وغير ذلك.
- الحفاظ على السرية: فكرة الحفاظ على السرية هي أحد سلوكيات الأمانة المهنية، لكن لأهميتها البالغة وضرورتها الملحة جداً في عالم الأعمال سنفصل بذكرها على حدا، فهي ليست فقط فكرة جوهرية تتعلق بخصائص أخلاقيات العمل، وإنما أيضاً من أبرز قوانين العمل التي يُعاقب على مخالفتها.
- تعزيز ثقة العملاء: رضا العملاء وثقتهم الدائمة مقياس يقع على رأس قائمة الأهداف لأي نوع من الأعمال ومن أهم المعايير لنجاح الشركات، ومن هنا تأتي أهمية اتباع أخلاقيات العمل فهي تسهم بشكل كبير في تحقيق أفضل تواصل مع الزبائن والعملاء بالشكل الذي يجذب ثقتهم ويحقق رضاهم بالعمل المقدم.
- كسب سمعة طيبة في سوق العمل: فالشركة التي يُعرف عنها تحقيق جميع معايير أخلاقيات العمل تكسب سمعة وقيمة عالية في سوق العمل وتجذب جماهيره بشكل كبير، كالمستثمرين والعملاء الجدد وأصحاب المواهب والخبرات الباحثين عن عمل وحتى الشركات المنافسة.
- تأمين بيئة العمل المريحة والمسالمة: سيادة الأخلاق في التعامل بين أفراد مجتمع العمل، من موظفين ورؤساء ومستثمرين وشركاء وما إلى ذلك، يبني حالة من السلام بين الجميع ضمن مقر العمل بحيث لا وجود للخلافات والمشاكل وبالتالي سير عجلة العمل بالشكل الصحيح والمريح للجميع.
- تعزيز مشاعر الإخلاص للعمل والتفاني عند الموظفين: فالمؤسسات أو الشركات التي تطبق قواعد أخلاقيات العمل مع موظفيها تعزز لديهم العديد من المشاعر الإيجابية التي ترفع مستويات إخلاصهم وتفانيهم في العمل، كالرضا الوظيفي والشعور بتحقيق الذات والولاء المطلق للعمل والحماس الدائم لتقديم أعلى حد من الإنجازات والتطورات.
- الوقاية من الأزمات: التزام جميع الأفراد بتطبيق أخلاقيات العمل وعدم الانزياح عن قوانينها يساهم بشكل كبير بتجنب الوقوع بالمسائلات القانونية، والتي في حال حدوثها تعود بأضرار جسيمة على مستوى عمل الموظف الواحد أو المؤسسة ككل.
- تحافظ على سمعة الموظف: فالعمل لا يكون فقط بهدف جني المال، وإنما أيضاً لبناء سيرة مهنية قيّمة، حيث يعد من أبرز معاييرها السمعة الأخلاقية للموظف المعتمدة على مدى التزامه بمبادئ أخلاقيات العمل وتطبيقه لها في جميع الوظائف السابقة والحالية. [2-1]
- عدم الرضا والبؤس الوظيفي: في العديد من الحالات قد تكون نوعية الوظائف أو الأعمال لا تحقق متطلبات وحاجيات الموظف، كالحاجيات المالية بسبب ضعف الوراد المالي من الوظيفة أو كثرة الضغوط المالية التي يعاني منها الموظف بشكل شخصي، أو الحاجيات والتطلعات المهنية كالعمل في مكان غير متوافق مع الشهادة الدراسية أو القيام بوظيفة غير مرغوبة من قبل الشخص، هذا كله قد يسبب حالة من الاستهتار بأخلاقيات العمل وعدم القدرة على الالتزام بها وتطبيقها.
- جشع أصحاب العمل أو أصحاب رؤوس الأموال: يتسبب جشع أصحاب رؤوس الأموال أو المسؤولين عن العمل ضمن المؤسسات بهدف تحقيق الأرباح بشكل كبير بوضع الموظفين تحت ضغط كبير من العمل من دون إعطائهم حقوقهم عن هذا الضغط، وهذا سيسبب إرهاق الموظفين والكثير من الآثار السلبية على أسلوب عملهم قد يكون من أبرزها إهمال إرشادات أخلاقيات العمل وعدم الاكتراث بها وحدوث حالة من الفوضى والتسيب ضمن العمل.
- سوء الإدارة: مظاهر سوء الإدارة داخل الشركات عديدة وجميعها تؤثر سلباً على أداء الموظفين، كالإدارة المهملة أو الغير مستجيبة لطلبات الموظفين أو التي معاملة الموظفين بشكل سيء وبقلة احترام وغير ذلك الكثير، وأي أسلوب يشعر الموظف بسوء إدارته التي يعمل معها وإهمالها يجعله هو أيضاً يهمل عمله ويتجاهل الالتزام بقواعد أخلاقيات العمل.
- العمل ضمن ظروف صعبة: إن الضغط النفسي والجسدي الذي يتعرض له العامل أو الموظف عند العمل تحت أي شكل من أشكال الظروف الصعبة، سواء الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية أو ظروف العمل بحد ذاته، يؤدي في كثير من الأحيان إلى إخلال الموظف بالتزامه تجاه أخلاقيات العمل وتجاهله لها، خصوصاً لو كانت تلك الظروف مفروضة من قبل إدارة المؤسسة أو الشركة.
- الأوضاع الاقتصادية السيئة: تردي الحالة الاقتصادية العامة وحدوث أزمات اقتصادية واضحة يخلق حالة من الضغوطات على جميع الناس العاملين في مختلف المجالات، فيصبحون بحاجة لجني المال بأي طريقة فتغيب أخلاقيات العمل عن سلوكياتهم ويقل جداً الاهتمام بها وينتشر الفساد الوظيفي بشكل أكبر.