بحث عن سلوكيات وقيم العمل
تعبتر أخلاقيات وقيم العمل جزءً لا يتجزأ من أخلاقيات وقيم المجتمع والفرد، حيث ينعكس مدى التزام الأفراد بالمبادئ والقيم الأخلاقية العامة والخاصة على بيئة العمل، وتلعب بيئة العمل الصحية والمثالية دوراً أساسياً في إبراز أفضل السلوكيات عند الموظفين، ومساعدتهم على اكتساب أخلاقيات وسلوكيات جديدة.
قيم العمل أو أخلاقيات العمل (بالإنجليزية: Work Ethics) هي مجموعة المبادئ والقواعد الأخلاقية التي يجب أن بتمتع بها الموظفون وأصحاب العمل على حد سواء لضمان بيئة عمل مثمرة ومستقرة وأخلاقية، وسلوكيات العمل هي التطبيق الفعلي لهذه القيم والمبادئ من خلال موقف الموظف من العمل ومن المحيط الاجتماعي في مكان العمل.
تمثّل قيم وسلوكيات العمل عنصراً أساسياً من عناصر بيئة العمل الناجحة والمستقرة، وتنقسم إلى قيم عامة وأساسية مثل الأمانة والإخلاص، وقيم وسلوكيات خاصة بالمؤسسة مثل تبنيها الحفاظ على البيئة حتى في أدق تفاصيل مكان العمل، وتقوم المؤسسة بتوجيه العاملين فيها نحو بعض القيم والسلوكيات، فيما تتصف قيم وسلوكيات أخرى بكونها تراكمية وجزء من شخصية الموظف خارج مكان عمله.
لا يمكن حصر قيم وسلوكيات العمل لأنها مستمدة من قيم إنسانية عامة وأخرى خاصة بمجتمع دون غيره وقيم وسلوكيات خاصة بمؤسسة دون غيرها، وأهم قيم وسلوكيات العمل التي تشترك بها معظم المؤسسات:
تحمل المسؤولية:
العمل يحتاج إلى شعور الشخص بالمسؤولية النابعة من ذاته، لكي يستطيع أن يقوم بعمله دون أن يشعر بأنه مجبور على ذلك، فهو يعمل ويتقاضى مرتباً مقابل عمله لذلك يجب أن يُخلِص لهذا العمل وأن يشعر بمسؤولية تجاهه ويتقنه على أكمل وجه.العمل بجد وتفاني:
يعتبر العمل بجد وتفاني أحد أهم قيم وسلوكيات العمل التي تسعى كل مؤسسة لترسيخها لدى الموظفين، ولذلك نسمع السؤال الشهير في مقابلة العمل "هل أنت مستعد للعمل تحت الضغط" حيث تواجه المؤسسات بشكل متكرر ظروفاً تحتاج لمزيد من الجهد والتفاني من موظفيها، وقد يكون المطلوب منهم أكثر من مجرد العمل الروتيني والاعتيادي.الانضباط واحترام مكان العمل:
تتمثل أهم سلوكيات العمل الوظيفي بالانضباط باحترام قواعد هذا العمل والالتزام بها، وعلى الرغم من وجود العقوبات لمن يتجاوز الأنظمة والقواعد، لكن المؤسسات تسعى دائماً لترسيخ قيمة وسلوك الانضباط الذاتي عن الموظفين للحفاظ على مرونة واستقرار بيئة العمل وتجنب هدر الجهد والوقت في المراقبة والمحاسبة.الإيمان برسالة المؤسسة:
إحدى أهم قيم العمل الإيمان برسالة المؤسسة والموقف الإيجابي تجاه مكان العمل ونتائجه، فجميع المؤسسات والشركات لديها تطلعات وأهداف بعيدة المدى لا يمكن الوصول إليها دون إيمان الموظفين والعاملين بها.الحفاظ على أسرار العمل:
الحفاظ على السرية من أسمى وأهم قيم العمل، فأسرار العمل هي حجر الأساس الذي تبنى عليه النجاحات، فالخطط المستقبلية للنجاح في العمل وأخبار العملاء والزملاء يجب أن تبقى طي الكتمان وداخل مكان العمل ولا يجب التفوه بها مع أي أحد.القدرة على التكيف مع التغيرات:
يحدث أحياناً العديد من التغيرات التي تجبرك على التأقلم معها في العمل، ولكي تكون إنسان ناجح في عملك يجب أن يكون سلوكك متعاون وقابل للتأقلم مع التغيرات بسرعة، فمثلاً قد يحصل تغيير مفاجئ بالفريق الذي يتم العمل معه، أو بمدير العمل، أو قد تُطلب مهمة مستعجلة في مكان بعيد، ويعتبر سلوك التأقلم مع هذه التغيرات من الأشياء التي تساعدك في بناء الثقة مع من حولك في العمل وبالتالي النجاح به.الكف النظيفة:
من أسمى قيم العمل وسلوكياته الحفاظ على نظافة العمل من أي غش أو احتيال، وهذا ما يطلق عليه اسم "الكف النظيفة"، حيث يجب على الموظفين الابتعاد عن كافة وسائل الغش والمنافسة غير الشريفة أو الاحتيال، وهذا واجبهم تجاه المؤسسة وتجاه المجتمع.الحفاظ على سمعة المؤسسة:
حيث يجب أن يكون الموظف صورة للمؤسسة في كل مكان وليس فقط أثناء أداء مهامه، بالدرجة الأولى يجب أن يعكس الموظفون صورة مشرقة للمؤسسة عند التعامل مع العملاء والزبائن، ثم من خلال تعاطيهم مع المجتمع والطريقة التي يتحدثون بها عن عملهم وسلوكياتهم التي تؤثر على سمعة المؤسسة، لذلك نجد المؤسسة قد تنهي تعاقدها مع الموظف لأنه متهم بتهمة غير أخلاقية حتى وإن كان مخلصاً ومتفانياً وربما يمتلك خبرات نادرة يصعب تعويضها، لكن تعويضها بلا شك أسهل من تعويض سمعة المؤسسة.احترام زملاء العمل:
احترام الفريق الذي يتم العمل ضمنه والشعور بأن هذا الفريق لديه هدف واحد بروح واحدة من أهم سلوكيات العمل التي تؤدي للنجاح، فالأنانية في العمل هي عدوة النجاح والاستمرار.التعاطف مع الزملاء وتقدير ظروفهم:
العلاقة القوية والتعامل بشكل جيد مع زملاء العمل والتعاطف مع ظروف كلّ منهم، وتغطية عمل أحد الزملاء في حال كانت ظروفه سيئة، يعتبر من السلوكيات الجيدة في العمل والتي تساهم في توطيد علاقات صداقة قوية وناجحة تدوم طويلاً. [1-2]
- الالتزام: الالتزام والتنظيم من أهم السلوكيات والقيم على الصعيد الشخصي للموظفين، حيث يجب عليهم الالتزام بالقواعد والقيام بالواجبات كاملة بدقة وتسليم العمل بمواعيده، هذه الدقة والالتزام تزرع الثقة بين الموظفين والمدراء وتعزز المكانة الوظيفية للشخص وتكسبه احترام الآخرين.
- الأمانة: النزاهة والصدق في العمل من السلوكيات الجيدة والقيم الأساسية التي لا يمكن الحصول على عمل جيد بدونها، فلكل عمل أسرار خاصة يجب الحفاظ عليها، وواجبات يجب أن تتم تأديتها بأمانة واحترافية لضمان نجاح العمل.
- القابلية للتطور السريع: قابلية التطور السريع والإبداع والتحسين في العمل من السلوكيات الهامة لتحسين المرتبة الوظيفية، والحصول على ثقة المدراء، وتحسين الخبرة على الصعيد الشخصي مما يفتح مجالات عديدة وفرص عمل قد تكون أفضل.
- العمل من أجل المصلحة العامة: أهم القيم التي يجب أن يؤمن بها الموظف أن العمل يجب أن يصب في المصلحة العامة للمؤسسة بالدرجة الأولى، هذا لا يعني أن الموظف لن يعمل للحصول على ترقية أو تحسين دخله أو الحصول على مكافأة أو مديح، ولكن الأولوية للمصلحة العامة والتي ستنعكس بالضرورة على المصالح الشخصية للموظف.
- الصبر: العمل يحتاج إلى صبر لتحصد نتيجة تعبك التي تستحقها، حيث يمكن المحاولة العديد من المرات قبل أن يستطيع الشخص تحقيق ما يريد وهنا لا يتوجب الاستسلام إطلاقاً على العكس الإصرار والصبر هو ما يصنع النجاح.
- القدرة على التأثير والإقناع: لابد من أن يكون الموظف قادر على التأثير بمحيطه العملي وقادر على إقناع من حوله من زملاء ومسؤولين بأفكاره التي يقترحها لتطوير العمل ولأداء مهمات تترك له بصمة في عمله، وسلوكه القادر على التأثير فيمن حوله يزيد من فرصته في الترقي الوظيفي. [1-2]
العمل عن بعد يتطلب سلوكيات معينة للنجاح، فهو يفتقد إلى بيئة العمل المشتركة والتي يجب خلقها عن بعد لتحقيق الإنجازات، ومن هذه السلوكيات:
- الالتزام بأخلاقيات الانترنت: أهم القيم التي يجب الالتزام بها في العمل عن بعد هي مراعاة أخلاقيات استخدام الانترنت، حيث يجب أن يحافظ الموظف على سرية الاتصالات ولا يقوم بالتسجيل دون علم الطرف الآخر، ولا يقوم بأخذ بيانات أو معلومات غير مصرح له بها.
- الالتزام بالاجتماعات: العمل عن بعد قد لا يتطلب الالتزام الشديد، لكن من ناحية أخرى من المهم الالتزام بالاجتماعات المشتركة لمناقشة مهمات العمل وطرق تنفيذها والواجبات التي يفترض تأديتها، بالإضافة إلى أن هذه الاجتماعات تقوي نوعاً ما من العلاقة بين الموظفين وتعرفهم على بعضهم أكثر.
- السرعة في حل المشكلات: يتطلب العمل عن بعد أن يكون الشخص قادر على حل أي مشكلة بسرعة وهذا السلوك قد يراه البعض مُقيِد، ولكن عند العمل بمكان مشترك يمكن إنجاز المهمات المستعجلة من الأشخاص الموجودين وتغطية الزملاء لأعمال بعضهم في حال اضطر أحدهم للمغادرة، ولكن في العمل عن بعد لا يوجد هذا السلوك لذلك من المهم أن يكون الموظف مستعد لحل أي مشكلة في وقتها.
- القدرة على العمل ضمن فريق: التعاون والعمل المشترك مهم وموجود في أي بيئة عمل، ولكن في العمل عن بعد هو ضرورة ملحة لأن الموظفين قد لا يعرفون بعضهم وهذا يشكل حواجز من الجليد بينهم من الممكن أن تؤثر على جودة العمل، لذلك من المهم لأي موظف جديد في العمل عن بعد أن يكون قادر على العمل والتعاون ضمن الفريق الكبير لإنجاز العمل بشكل صحيح.
- تنظيم الوقت: التنظيم في العمل هو أمر مهم وضروري فعند العمل عن بعد قد يهمل الشخص واجباته لأنه حر في وقت عمله، فعليه مهمات يجب أن ينجزها، لكن دون تحديد عدد ساعات معينة لإنجازها، مما قد يجعله يتأخر في العمل ويؤجل كثيراً، وهذا يسبب له الفشل وخسارة العمل، لذلك من المهم أن يكون سلوكه منظم ويعرف كيف يدير وقته ويلتزم من تلقاء نفسه بإنجاز مهماته في عدد ساعات معينة.
- زيادة التواصل بين الزملاء: على الرغم من عدم تواصل الزملاء في بيئة العمل عن بعد إلا أنه يمكن زيادة التواصل الاجتماعي من خلال سلوكيات معينة كالنزهات المشتركة وتطوير الصداقات العائلية لتعزيز أواصر الصداقة فيما بينهم وهذا السلوك يساهم بشكل غير مباشر في نجاح العمل.
- أخلاق الموظفين: تؤثر أخلاق الموظفين وطباعهم على تطبيقهم لسلوكيات العمل والنجاح فيه، فالموظف الأمين سوف يكون حافظ لأسرار العمل، والموظف المرتب في طبعه سيكون منظم في عمله، كما يجب أن يكون قادر على حمل المسؤوليات وغيره من الأخلاقيات التي يتطلبها العمل الناجح.
- ثقافة الشركة: الشركة أو إدارة العمل مهما كان نوعه تؤثر بشكل مباشر في تطبيق الموظفين لسلوكيات العمل، فكلما كانت الإدارة ملتزمة مع موظفيها بتطبيق وعودها، ومنظمة في أداء واجباتها، وإعطاء الموظفين لحقوقهم دون نقصان، والسعي لتطوير الموظفين بشكل دائم، وإعطاء المكافآت لمن يستحقها وتطبيق العقوبات على المسيئين للعمل، فهذا يؤدي لالتزام الموظفين في العمل وتطبيق السلوكيات المطلوبة كاملة وبالتالي تحقيق نجاح العمل على أكمل وجه.
- بيئة العمل: قد تتحقق الشروط السابقة كاملة ولكن تكون بيئة العمل بيئة سلبية مزعجة بين الموظفين فهذا سيسبب بشكل غير مباشر تأثير سلبي على العمل ككل، وبناءً عليه من المهم أن تكون بيئة العمل بيئة إيجابية متعاونة مريحة لنجاح فريق العمل في أداء مهماته.
- الدعم النفسي والاجتماعي: يساهم الدعم النفسي والاجتماعي في التأثير على بيئة العمل وتحسينها وتطوير العلاقة بين الزملاء وتقدير ظروف بعضهم وتحفيزهم على التطور، هذه العوامل تجتمع لتسبب في نهاية المطاف النجاح في العمل.
- الأجور الجيدة والمكافآت: من العوامل التي تؤثر على سلوكيات العمل أيضاً وقدرة الموظفين على الالتزام والنجاح في عملهم هو الأجر الذي يتناسب مع العمل الذي يقومون به والمكافآت التي تحفزهم على تقديم أفضل ما عندهم لتحقيق الأهداف. [4]
قيم وسلوكيات العمل في الإسلام متعددة في القرآن الكريم ووصايا النبي صلى الله عليه وسلّم وسنته وسيرة السلف الصالح، وعلى رأسها الإخلاص في العمل وإتقانه، والأمانة، وتحري الحلال في الرزق، والإيمان أن العمل واجبٌ على الإنسان وهو في سبيل الله ما دامت أهدافه نبيلة، وألّا يكون عمل الدنيا شاغلاً للإنسان عن العمل للآخرة، بل الالتزام بأخلاقيات العمل في الإسلام جزءٌ من طلب حسن الختام.
وقد حث الإسلام على العمل واعتبره واجباً على كل إنسان يغنيه عن سؤال الناس ويجعله عزيزاً بين قومه، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن مكانة وقيمة العمل في الإسلام: "لَأَنْ يَأْخُذَ أحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بحُزْمَةِ الحَطَبِ على ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَها، فَيَكُفَّ اللهُ بها وجْهَهُ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَسْأَلَ النّاسَ أعْطَوْهُ أوْ مَنَعُوهُ".
ويعتبر إتقان العمل أسمى القيم والسلوكيات وهو من الوصايا الرئيسة في الإسلام والتي أوصانا به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في قوله: "إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ".
ومن قيم العمل في الإسلام أن يكون كسب الإنسان حلالاً من عمله وتعبه وليس فيه شائبة أو شبهة أو حرام، كما حثَّ الإسلام على أن يعمل الإنسان بنفسه مهما كانت رتبته بين الناس ليأكل من تعبه وكد يده، وتجلى ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أكَلَ أحَدٌ طَعاماً قَطُّ خَيْراً مِن أنْ يَأْكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنّ نَبِيَّ اللهِ داوُدَ كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ".
ومن الشواهد على قيمة العمل في الإسلام أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اعتبر من يسعى على تأمين قوته يعمل في سبيل الله لا في سبيل نفسه فحسب، قال عليه الصلاة والسلام: "إن كان خرج يَسْعى على ولدِه صغاراً فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان خرج يَسْعى على أبويْنِ شيخيْنِ كبيريْنِ فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان خرج يَسْعى على نفسِه يَعُفُّها فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان خرج يَسْعى رياءً ومفاخرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ".
ومن الشواهد على مكانة العمل في الإسلام أيضاً أنَّ الله جلّ جلاله أوصانا بطلب الرزق والسعي للعمل حتى في يوم الجمعة المبارك، فإذا انقضت الصلاة وجب السعي في طلب الرزق، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". سورة الجمعة آية 9-10.
