كيف أستعد للصيام في رمضان جسدياً وروحياً
يعتبر شهر رمضان أفضل الشهور وأقدسها عند المسلمين لما له من فضل عظيم، فهو الشهر الذي نزل فيه القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، وفي أعظم الليالي وهي ليلة القدر، كما أن للصيام فوائد اجتماعية وصحية كثيرة، فكيف يستعد المسلم لشهر رمضان المبارك وللصيام؟
على الرغم من فوائد الصيام الروحية والصحية إلا أن يعضنا قد يعاني من بعض المشاكل في أول أيام الشهر الفضيل أبرزها التوتر والشعور بالصداع والإعياء بسبب التغير المفاجئ في العادات الغذائية ونمط الحياة، والعطش والجوع وقلة النوم، ويمكن تقليل هذه الأعراض من خلال الاستعداد للصيام بشكل صحي عن طريق:
- التقليل من الكافيين والنيكوتين تدريجياً: يتسبب قطع النيكوتين والكافيين المفاجئ خلال ساعات الصيام بحدوث أعراض انسحابيه تتمثل بالتوتر والصداع ومشاكل واضطرابات مزاجية خلال شهر رمضان لذلك ننصح بالسحب التدريجي لمادة الكافيين والنيكوتين من الجسم عن طريق تقليل عدد الأكواب التي تتناولها من القهوة واستبدالها بالشاي كونها تحتوي على كافيين أقل والتقليل من عدد السجائر المدخنة.
- التغيير في الروتين اليومي: قبل البدء بشهر رمضان حاول إحداث تغيير في الساعة البيولوجية لجسمك من خلال محاولة الاستيقاظ باكراً لتعويد الجسم على الاستيقاظ قبل أذان الفجر لتناول وجبة السحور وقراءة القرآن وقيام الليل والتقليل من مشقة ذلك خلال رمضان.
- الحفاظ على رطوبة الجسم: قبل الشروع بالصوم احرص على شرب كميات أكبر من المعتاد في العشر الأواخر من شهر شعبان لا تقل عن لترين ونصف من الماء يومياً وذلك للحفاظ على رطوبة الجسم وعدم الإصابة بالجفاف في الأيام الأولى من الصيام.
- تجنب تناول بعض الأطعمة: عند استعدادك للصيام ننصحك بتجنب تناول السوائل والأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الملح والسكر مثل الوجبات السريعة والوجبات الخفيفة المالحة والأطعمة المقلية والمشروبات الغازية والعصائر المصنعة، حيث أن الجسم يعتاد على دخول كميات كبيرة من الأملاح والسكريات مما يصعب الصيام في شهر رمضان.
- التحكم بحجم وجباتك الغذائية: يعتقد البعض أنه يجب أن تتخم نفسك في الأيام القليلة التي تسبق رمضان لتمد جسمك بالطاقة عندما تكون جائعاً، ولكن على العكس فإن مبالغتك في تناول الطعام قبل صومك سوف يجعل جسمك يعتاد على وجبات كبيرة وسوف يجعلك أكثر جوعاً عندما تتوقف عن الأكل لذا احرص تدريجياً على اختزال وجباتك اليومية قبل أسبوع أو أسبوعين من شهر رمضان.
- إحداث تغيير في النظام الغذائي: حتى تستعد للصيام قبل بدء شهر رمضان ننصحك بالتوقف عن تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات الأساسية من مكسرات أو بسكويت أو حلويات واستبدالها بالفاكهة والخضراوات التي تحتوي كمية كبيرة من الفيتامينات.
- تأخير وجبة الغداء: يمكن أن يساعد تأخير وجبة الغداء بشكل تدريجي قبل أسبوعين على الأقل من بداية شهر رمضان في تهيئة الجسم للانقطاع عن الطعام والشراب حتى أذان المغرب الأمر الذي يساعد في تقليل المشقة والجوع والتعب خلال الأيام الأولى من الشهر الكريم. [1-2]
من المهم أن تستعد روحياً ودينياً لشهر رمضان الكريم فذلك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلّم ومن الأشياء التي تساعدك على الاستعداد روحياً للصيام نذكر ما يلي: [1-2]
- الدعاء لاستقبال رمضان: يعتبر الدعاء قبل بدء شهر رمضان سنة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو عند دخول شهر رجب أن يبلغه شهر رمضان فيقول "اللهم بارِكْ لنا في رجبَ وشعبانَ، وبلِّغْنا رمضانَ" عن أنس بن مالك، أخرجه الطبراني، وكذلك كان السلف يدعون ويتضرعون لله استقبالاً للشهر الفضيل.
- النية والتوبة: الاستعداد روحياً لرمضان يكون من خلال تجديد النية والعزم على استقبال شهر رمضان بالتوبة الصادقة واجتناب المعاصي والطاعة وتطهير القلب وختم القرآن وأن يكون بداية للعمل الصالح والتقرب من الله.
- التعرف على أحكام الصيام واستذكارها: يجب على المسلم أن يتعلم أحكام الصيام وشروطه وآدابه وتعلم فقه الصيام وما يجوز ولا يجوز القيام به خلال ساعات الصيام فجهل المسلم بهذه الأمور قد يحرمه ثواب وأجر صيامه لذلك يجب أن يلم بهذه الأمور قبل البدء بالصيام.
- التعرف على فضائل الصوم: إن التعرف على فضائل الصوم من فوائده وثوابه يساعد في تأهبك نفسياً للصوم وتشجيعك على الطاعات خلال شهر رمضان الكريم فتسعى لنيل الثواب والأجر عن الصيام وقيام الليل خلال هذا الشهر.
- قضاء أيام الصيام قبل رمضان: من المستحب أن يقضى المسلم ما عليه من أيام الصيام قبل حلول شهر رمضان، وكانت عائشة أم المؤمنين تقضي ما عليها من الصيام في شعبان.
- عمل قائمة بالأشخاص المحتاجين: يمكن التحضير لشهر رمضان لعمل الخير من خلال وضع قائمة بأسماء الأشخاص المحتاجين من معارف أو جيران أو أقارب لتقديم الصدقات أو توزيع وجبات الإفطار عليهم.
- إعداد برنامج للأذكار: قبل بدء شهر رمضان يمكنك الاستعداد له من خلال وضع برنامج للأذكار والأدعية والتسبيح والاستغفار والتهليل، لتمضية الشهر الكريم بذكر الله فهي يسيرة الفعل كبيرة الأجر.
- قراءة القرآن الكريم: قراءة القرآن الكريم يجب أن تكون من عادات المسلم التي تستمر على مدار العام، ومن المستحب قراءة القرآن في شهر رمضان المبارك، وهذه فرصة للتعود على قراءة القرآن بشكلٍ يومي مع تدبر معانيه وفهمها والتقيّد بها.
- استذكار القصص الدينية: يمكن الاستعداد روحياً لشهر رمضان من خلال قراءة بعض القصص الدينية وقصص الصحابة وقصص القرآن وذلك لتعويد العقل والفكر على القراءة وتهيئة النفس بالإيمان لاستقبال هذا الشهر الفضيل.
كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم إذا جاء رمضان قال: "اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي لرمضان وسلِّم رَمضانَ ِلي وتَسلَّمهُ مِني مُتَقَبَّلاً" رواه الطبراني، وكان الصحابة ينتظرون حلول الشهر الفضيل ويدعون الله تعالى أن يمنّ عليهم ببلوغه للحصول على فضل صيامه وقيامه، كما كان السلف الصالح يستعدون لرمضان بالدعاء لبلوغه قبل ستة أشهر من موعده، ثم يتضرعون لله تعالى خمسة أشهر أن يتقبّل منهم صيامهم وطاعتهم.
من وجوه استعداد الصحابة والسلف لشهر رمضان أنهم كانوا يواظبون على صيام أيامٍ من شعبان أسوةً بالرسول صلى الله عليه وسلّم، وباقتراب حلول رمضان كان الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون الهلال لعدة ليالٍ شوقاً لحلول الشهر الفضيل.
حتى تتهيأ للطاعة نفسياً ولاستقبال شهر رمضان الكريم يجب عليك القيام بهذه الخطوات:
- التسامح والغفران: من المهم أن تدخل الشهر الكريم وأنت صافي القلب لا تحمل حقداً أو بغضاً على أحد، لذلك اغفر لوجه الله تعالى وسامح كل من آذاك أو ظلمك أو جار عليك، فالغفران يساعد في تطهير الروح والتقرب من الله.
- تفريغ الوقت: حاول تفريغ الوقت في رمضان للعبادة والقيام بأعمال الخير حتى يكون الذهن صافياً فلا ينشغل المسلم بالأمور الدنيوية، مثلاً القيام بترتيب المنزل وتنظيفه قبل قدوم رمضان حتى لا تنشغلي فيها في رمضان وتلهيك عن العبادة.
- صيام أيام من شهر شعبان: يمكنك الاستعداد لشهر رمضان من شهر شعبان حيث يعتبر بمثابة محطة للتهيئة النفسية للإقبال على شهر رمضان وصيام أيام من شعبان سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، لذلك حاول صيام العشر أيام الأخيرة من شهر شعبان حتى تهيأ نفسك للصيام والعبادة.
- القيام بالأعمال الخيرية التطوعية: وضع خطة للأعمال التطوعية والخيرية أو الانضمام لمجموعات تساعد الآخرين خلال شهر رمضان مثل القيام بتوزيع الماء والتمر على المصلين أو توزيع الطعام على الفقراء والمساكين والتخطيط لذلك قبل شهر رمضان.
- قراءة القرآن: في حال كنت تنوي القيام بختم القرآن في شهر رمضان الكريم فننصحك بالاستعداد لذلك والتدرب عليه قبل هذا الشهر من خلال قراءة عدة صفحات يومياً من القرآن بعد كل صلاة فذلك سيشجعك ويجعل قراءتك أسرع وسيحميك من الوقوع في فخ الإحباط خلال رمضان.
- محاولة الاستيقاظ باكراً: يجب أن تهيئ نفسك لتستطيع الاستيقاظ قبل صلاة الفجر لقراءة القرآن وتناول السحور وأدأداء صلاة التراويح والفجر، وذلك من خلال تدريب نفسك تدريجياً على الاستيقاظ باكراً للتقليل من الإجهاد النفسي والتعب خلال رمضان، وذلك للاستعداد نفسياً لأداء العبادات والطاعات خلال الشهر الفضيل بدون عناء أو مشقة أو كلفة.
- تجهيز ركن للعبادة: من الأشياء التي قد تساعدك نفسياً لاستقبال شهر رمضان هو تجهيز ركن في أحد غرف المنزل يوضع فيها عدد من سجاد الصلاة بعدد أفراد الأسرة للصلاة جماعة، وتجهيزه بشكل مريح لقراءة القرآن أو القصص الدينية بحيث يكون المكان الذي تأوي إليه لتشعر بالسلام الداخلي وتتقرب من الله في هذا الشهر.
- وضع برنامج تطوير الذات في رمضان: شهر رمضان الكريم فرصة ذهبية لتطوير الذات خصوصاً على صعيد التخلص من العادات السيئة واكتساب عادات جديدة، ابدأ منذ الآن بتحديد العادات التي تريد أن تتخلص منها في الشهر الفضيل، وضع أهدافاً تريد تحقيقها وعلى مستوى علاقتك مع الله سبحانه وتعالى، وعلى مستوى العلاقات الشخصية والاجتماعية.
بالنسبة للمرضى الذين قد يجدون مشقة في الصيام فيجب عليهم القيام ببعض الخطوات استعداداً للصيام وتجنباً لخطورته على صحتهم، فيجب على المرضى أن يستعدوا للصوم في رمضان من خلال:
- استشارة الطبيب: قبل أن تبدأ بالصوم يجب عليك في حال كنت تعاني من مرض السكري أو مشاكل في الكبد والكلى استشارة طبيبك الخاص ليحدد إن كنت قادراً على صيام رمضان، فقد يكون الصيام بالنسبة لك غير صحي ويعرضك لمشاكل صحية ومضاعفات خطيرة، أو قد تكون هناك بعض الإجراءات التي يمكن القيام بها قبل رمضان استعداداً للصيام.
- إجراء التحاليل الضرورية: في حال كنت تعاني من دوخة أو صداع مثلاً فحاول القيام بالتحاليل اللازمة خاصة تحاليل الدم لعلاج هذه المشاكل وتناول الفيتامينات والأدوية الضرورية قبل بدء شهر رمضان وذلك تجنباً لزيادة الألم في الرأس والدوخة والصداع.
- جرب الصيام قبل رمضان: إذا وجد طبيبك أنك قادر على الصيام فينصح باستعدادك لشهر رمضان من خلال الصيام لعدة أيام في شهر شعبان لتتأكد من قدرتك على الصوم وتقلل من التعب خلال الصوم في رمضان.
- وضع توقيت جديد للأدوية: في حال كنت تأخذ أدوية في أوقات معينة فينصح استشارة الطبيب لتعديل أوقات تناولها أو إجراء تعديل على الأدوية استعداداً لشهر رمضان بحيث تكون مواعيد الدواء في نافذة الإفطار. [2-3]
يجب على الأهل تهيئة طفلهم المكلف بالصيام وجعله مستعداً له قبل بدء شهر رمضان كونه أقل قدرة على التحمل من البالغين، وتهيئة الطفل للصيام يكون من خلال:
- استشارة أخصائي تغذية: في حال كان عمر طفلك صغير أو كان يعاني من مشاكل صحية أو من النحافة المفرطة فينصح باستشارة أخصائي تغذية حتى يتأكد من قدرة طفلك على الصوم.
- إضفاء الأجواء الرمضانية: يمكن أن يساعد إضفاء الأجواء الرمضانية وطقوس استقبال الشهر الكريم في تحفيز الطفل وتشجيعه وزيادة رغبته في الصيام والالتزام به دون رفض وذلك من خلال جعله يشارك في تجهيز زينة رمضان وشراء الفوانيس مثلاً.
- التدريب على الصيام: يمكن جعل طفلك يستعد للصيام من خلال تعويده على الانقطاع عن الطعام والشراب قبل شهر رمضان تدريجياً أي تأخير موعد فطوره ساعة كل يوم حتى يصل إلى موعد آذان المغرب، مما يسهل عليه الصيام في شهر رمضان.
- شرح معنى الصوم للطفل وفوائده: من المهم أن يتعرف الطفل على معنى الصيام وفوائده الجسدية والدينية وخاصة أجر وثواب الصيام فذلك يساعد في تشجيع طفلك على الصيام والصبر على الجوع والعطش بهدف نيل أجر الشهر الفضيل والاحساس بالفقراء والمساكين.
- تحضير الوجبات التي يحبها الأطفال: يمكن أن يساعد تحضير برنامج للأطعمة التي يحبها الطفل في زيادة رغبته بالصيام وتحفيزه وتشجيعه، حاولي وضع هذا البرنامج بالاشتراك مع طفلك قبل بدء الشهر الكريم. [4]