شروط وأحكام زكاة الفطر والحكمة من دفع الفطرة
الزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام وهو مبلغ من المال يخرجه المسلم من ماله للفقراء من المسلمين، ومن أنواع الزكاة زكاة الفطر التي يتم دفعها قبيل عيد الفطر، ما هي هذه الزكاة؟ وعلى من تجب؟ وما الحكمة منها؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال التالي.
الزكاة في اللغة هي الشيء الذي يزداد وينمو وفيها البركة والطهارة، وقال الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) سورة الشمس آية 9، والزكاة اصطلاحاً في الشرع هي مقدار مالي مخصوص يتم صرفه بشروط خاصة، وله نوعان: زكاة الأموال، وزكاة الفطر، وزكاة الفطر لها وقت محدد لإخراجها وهو بعد انتهاء شهر رمضان المبارك قبل خروج الناس لصلاة عيد الفطر، وإن دفعت في غير موعدها تعتبر صدقة عادية وليست زكاة فطر، حيث ارتبط اسمها بإفطار شهر رمضان المبارك.
على من تجب زكاة الفطر؟
تفرض زكاة الفطر على كل مسلم صغير أو كبير امرأة أو رجل، جاء في الحديث الشريف: "فرَض زكاةَ الفطرِ مِن رمضانَ على كلِّ نفسٍ مِن المسلِمينَ حُرٍّ أو عبدٍ، رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ صاعاً مِن تمرٍ أو صاعاً مِن شعيرٍ" رواه عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، صحيح مسلم.
حكم زكاة الفطر أنها فرض وواجب على كل المسلمين وليست سنة، واختلفت المذاهب في هذا القول، فزكاة الفطر عند المالكية والحنابلة والشافعية فرضٌ وواجب، وعند للحنفية تعتبر زكاة الفطر واجبةً وليست فرضاً، والفرق بينهما أن الفرض ما نزل بدليل قاطع مثل الصلاة والصوم والحج، أما الواجب فهو ما لم ينزل بدليل مقطوع وإنما مظنون مثل صلاة الوتر.
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: "فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِين، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ، فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ، فهيَ صدقةٌ مِنَ الصدقةِ" أخرجه أبو داوود وابن ماجه. [1-2]
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: "أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أمَرَ بزَكاةِ الفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النّاسِ إلى الصَّلاةِ"، وعلى ذلك اتفق أهل العلم والفقهاء أن وقت وجوب زكاة الفطر هو بين غروب شمس آخر يوم من رمضان وقبل الخروج لصلاة العيد، وذهب بعضهم أن وقت وجوب الزكاة بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد، وذهب آخرون إلى جواز تعجيل الفطرة يوماً أو يومين.
- وقت وجوب زكاة الفطر عند الشافعية والحنابلة يكون عند غروب شمس اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، ودليلهم قول ابن عبّاس: "فَرَضَ رسولُ اللهِ صدقةَ الفطرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفثِ، طُعْمَةً لِلْمَساكِين، فمَنْ أَدَّاها قبلَ الصَّلاةِ، فهيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، ومَنْ أَدَّاها بعدَ الصَّلاةِ، فهيَ صدقةٌ مِنَ الصدقةِ"، ويجوز تعجيل زكاة الفطر يوماً أو يومين أي يكون أول وقت لإخراجها هو غروب يوم 27 من رمضان وذلك فيما روى عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم "وكانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بيَومٍ أوْ يَومَيْنِ" صحيح بخاري، وتقدم خلال هذه الفترة خشية ألا يتمكن الفرد من إخراجها فقد تفوته يوم الفطر وتبقى في ذمته وإن أداها بعد الصلاة تعتبر صدقة عادية.
- وقت وجوب زكاة الفطر المالكية والحنفية يكون بطلوع الفجر قبل صلاة العيد، فزكاة الفطر تجب يوم الفطر، فاليوم الأخير من رمضان يعتبر يوم صيام وذلك استناداً لما روت عائشة أم المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم "صومُكم يومَ تصومون وفطرُكم يومَ تُفطرون" أخرجه ابن حبان.
- تطهير النفس: زكاة الفطر تطهر النفس من الإثم والخطايا وتكون سبباً من أسباب تصحيح الخلل في الصيام والحصول على الأجر والثواب، فالمقصود في اللغو والرفث هو تطهير المؤمن من الخطايا التي قد تكون أثرت على صيامه.
- الامتثال لأوامر الله تعالى: إعطاء الزكاة يجعل المسلم يلتزم ويتقيد بأوامر الله تعالى وبالتالي الحصول على الأجر والثواب، وتطهير المال، وزيادة البركة فيه، والحصول على رضا الله ومغفرة الذنوب والمعاصي.
- زكاة للبدن: الحكمة من زكاة الفطر أيضاً هي زكاة البدن، فهي سبيل لحمد الله على الصحة والعافية، التي امتدت لعاماً آخر بعد انقضاء شهر الصوم، وفيها الحصول على الأجر والثواب، ولذلك فرضت على الصغير والكبير وكل المسلمين.
- إغناء الفقراء والمساكين عن السؤال: فرضت زكاة الفطر لكي تغني الفقراء والمساكين عن السؤال وليستوي أبناء الفقراء وأبناء الأغنياء في العيد، فعند إعطائهم الزكاة قبل العيد يكونوا قادرين على تلبية احتياجات أطفالهم مما يدخل السرور لقلوبهم يوم العيد.
- شكر الله على نعمه: تأتي زكاة الفطر بمثابة تذكير للعبد بأن الله تعالى هو مالك المالك وصاحب المال الذي أمر ببعثه ورزقه وبارك به لعباده وهنا تصرف الزكاة تعبيراً عن الحمد والشكر لله على نعمه.
- أن يكون مسلماً: أول وأهم شرط من شروط إخراج زكاة الفطر أن يكون مُخرِجُها مسلماً ومؤمناً بالله ورسوله صلى الله عليه وسلّم لكي تجب عليه زكاة الفطر من الأصل، حيث يختلف الدين الإسلامي بالصيام والإفطار في شهر رمضان عن صيام الدين المسيحي وتقاليد الأعياد كلها.
- شرط الغنى: الشرط الثاني لإخراج زكاة الفطر هو الغنى ولكن ليس بالمعنى الحرفي فالمقصود هنا أن يملك المسلم ما يفوق حاجته وحاجة أبنائه من الطعام في ليلة العيد لكي يتصدق بالفائض عن حاجته، وليس المقصود بالغنى الشخص الذي يملك المال الوفير، فالشخص القادر على تأمين حاجات بيته كاملة تجب عليه الزكاة بصاع من الطعام فائض عن حاجته وحاجة أبنائه.
- دخول وقت الزكاة: الشرط الثالث والأهم ليصح إخراج زكاة الفطر أن تصرف في وقتها المحدد قبل صلاة العيد، فإن تأخر إخراجها عن موعدها اعتبرت صدقة من الصدقات وتبقى في ذمة المسلم. [1]
تصرف زكاة الفطر لفقراء المسلمين بشكل عام وهنالك ثمانية أصناف تصرف لهم الصدقات توضحهم الآية الكريمة (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ) سورة التوبة الآية 60.
وبناءً على الآية 60 من سورة التوبة من تجب عليهم زكاة الفطرة هم:
- الفقراء والمساكين وهم من لا يحصدون كفايتهم من المال، وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم.
- العاملين عليها وهم المسؤولين عن الزكاة من جمعها وحفظها.
- والمؤلفة قلوبهم هم ممن يتم إعطاؤهم الصدقة لترغيبهم بالإسلام أو ممن يخشون شرهم ويردونه بالمال.
- الرقاب هم العبيد.
- الغارمين هم الأشخاص الذين عليهم ديون غير قادرين على تسديده.
- كما تعطى زكاة الفطر للمقاتلين في سبيل الله وطالبي العلم.
- وأخيراً تعطى زكاة الفطر لابن السبيل وهو الشخص الغريب المسافر الذي انقطع عن بلده ويجوز أن يأخذ من مال الزكاة ليعود إلى أهله.
تصرف زكاة الفطر لكل الأصناف الثمانية ويجوز تخصيصها للفقراء والمساكين فقط، بل يفضل ذلك لإغنائهم حيث تعطى بالدرجة الأولى الفقراء والمساكين ولا يبدى عليهم أحد إلا لمصلحة إسلامية. [1]