السادية الجنسية والتعامل مع الشخصية السادية
لا يبدو مصطلح السادية مصطلحاً غريباً بالنسبة لمعظم الناس، حتى أنَّنا نستخدمه في حياتنا اليومية لوصف الأشخاص الذين يبدون عدوانية مفرطة وغير مبررة، لكن ما هي السادية بالتعريف العلمي؟ وكيف يمكن أن نميز بين من يعاني من عدوانية عادية ومن يعاني من السادية؟ وإلى أي درجة من السادية وصل؟.
في هذه المادة؛ سنتعرف وإياكم إلى السادية الجنسية وانعكاساتها على الحياة الاجتماعية والعاطفية للشخص السادي، كما سنتعرف إلى أعراض السادية ودرجاتها المختلفة، إضافة إلى اقتراحات ونصائح للتعامل مع الشخص السادي، فضلاً عن بعض النصائح التي نقدمها للشخص السادي ليتعامل مع مشكلته؛ تابعوا معنا.
"الشخص السادي لا يجد اللذة إلَّا في تعذيب الآخرين!"
تكاد تتفق المعاجم اللغوية والعلمية على معنى وتعريف السادية لغة واصطلاحاً، ويمكن القول ببساطة شديدة أن السادية تحقيق اللذة الجنسية من خلال إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي أو كليهما بالشريك الجنسي.
ويعود تسمية السلوك العدواني أو العنيف في العلاقة الجنسية باسم "السادية Sadism" إلى نهايات القرن التاسع عشر، حيث تعتبر كتابات ماركيز دو ساد Marquis de Sade التي كانت مليئة بالممارسات الجنسية العنيفة هي التي أوحت إلى عالم النفس الألماني ريتشارد ايبنغ Richard von Krafft-Ebing تسمية هذا السلوك باسم السادية.
السادية إذاً اضطراب نفسي جنسي psychosexual disorder يجعل التعذيب والإيذاء مفتاحاً للذة الجنسية، والمصطلح الذي يقابل السادية هو المازوشية أو الماسوشية أو المازوخية Masochism حيث تصبح اللذة والنشوة مرتبطة بالخضوع للتعذيب والأذى النفسي والجسدي من قبل الشريك الجنسي، ومن المثير للاهتمام أن تسمية المازوشية بهذا الاسم أيضاً تم اشتقاقها من اسم الأديب النمساوي ليوبولد ماسوش Leopold von Sacher-Masoch.
الأهم عند الشخص السادي هو إذلال وإيلام شريكه الجنسي
لا يشترط في العلاقة الجنسية بالنسبة للشخص السادي (ذكر أم أنثى) أن يكون شريكه الجنسي متوافقاً مع ميوله بحيث يكون أحدهم مازوشي و الآخر سادي كقطبي المغناطيس، بل الأغلب أن خوض التجربة الجنسية السادية مع شخص سوي يرفض التعرض للألم كجزء من اللذة تشكل متعة استثنائية للسادي.
ذلك ببساطة لأن الإذلال الكامل والأذى للشريك هو محور الشهوة والنشوة لدى الشخص السادي، وبالتالي سيكون الشريك السوي الذي يرفض التعرض للتعذيب والإذلال أكثر إثارة.
وإذا أردنا أن نصنف السلوك السادي حسب حدته يمكن أن نقول أن السلوك السادي سيبدأ مع سادية منخفضة باستعمال الشتائم أو الضرب الخفيف وغير المؤذي، ثم يتدرج ليصل إلى إلحاق أذى جسدي خطير للشريك الجنسي قد يصل حد الموت.
وغالباً ما يكون الشخص السادي مستقراً من حيث الرغبة عند نقطة معينة من هذا التدرج وقد يتقدم نحو النموذج الأكثر حدة وليس العكس، حتى وإن لم تتح له الفرصة للتعبير عن ساديته بالدرجة التي يريدها.
هذه الممارسات التي سنذكرها قد تكون مقززة للبعض، لكنها بدون شك تعتبر بعضها أو كلها ممارسات ممتعة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية السادية أو المازوشية، وهم يشعرون بالإثارة لمجرد التفكير بها أو تخيلها.
- السادية الأقل خطراً هي التي لا تظهر أصلاً، حيث يتمكن السادي من كبت رغباته بالتعذيب والإذلال ليقوم بممارسة علاقة جنسية طبيعية مع شريكه مكتفياً بتخيل علاقة سادية موازية.
- في السادية المنخفضة غالباً ما تكون الممارسات السادية تهدف إلى الإذلال النفسي أكثر من الأذى الجسدي، كالشتائم، التبول على الشريك أو البصق عليه، كتابة صفات سيئة على جسد الشريك، إجبار الشريك على التوسل والركوع وغيرها.
- إذا صعدنا درجة على سلم السادية ستبدأ ممارسات الأذى الجسدي، كالضرب والحرق بالشموع وإحداث الجروح الطفيفة والجلد بالسياط، إضافة إلى الربط والتقييد وربما السجن، كذلك استخدام الصعق الكهربائي أو الإغراق المؤقت وغيرها من وسائل التعذيب.
- ومع ارتفاع حدة اضطراب السادية لدى السادي تزداد ممارساته حدة وقوة، فالضرب يتحول لضرب مبرح قد ينتج عنه كسور وخلوع، وهذا قد يترافق مع سلوكيات الإذلال النفسي كالتبول على الشريك أو شتمه.
- وفي حالات معينة يمكن أن يفقد الشخص السادي السيطرة على نفسه تماماً، ما قد يؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة بالشريك الجنسي قد تصل إلى قتله.
ما زالت الأبحاث تحاول إدراك العلاقة بين السادية والعوامل الوراثية
إلى الآن لا يمكن القول أن هناك أسباب محددة متفق عليها تقف وراء اضطراب الشخصية السادية، فجميع الأبحاث التي أجريت على السادية والمازوشية اقترحت نظريات غير مبرهنة بشكل قاطع.
فهناك من يقول أنَّ السادية تنتج عن العوامل الوراثية، وهناك من يعتقد أن السادية تنتج عن تجارب معينة في الطفولة المبكرة تتعلق بالقهر والمعاناة، وربما يتم تغذيتها خلال المراحل العمرية اللاحقة لتعبر عن نفسها أخيراً باضطراب الشخصية السادية.
السادية والأفلام الإباحية
تعتبر الأفلام الإباحية المقاطع الجنسية التي تصور حالة العبودية والتعذيب والاستمتاع بالألم والإيلام من أبرز أسباب تطور الميول السادية وحدتها (اقرأ عن حقيقة الأفلام الإباحية).
فغالباً ما يلجأ الساديون لإنشاء مجموعة محفوظة لديهم من الأفلام الإباحية السادية، ويقومون بتعلم تقنيات تعذيب جديدة لزيادة الاستثارة والشهوة، وقد تكون هذه الوسائل شديدة الخطر خاصة أن استخدامها في الأفلام الإباحية يكون بحضور أطباء وإمكانية السيطرة على السادي ومنعه من قتل الممثلة!. (اقرأ عن الإدمان على الأفلام الإباحية).
أمَّا أعراض السادية
العرض الأساسي الذي يظهر على السادي هو ارتباط المتعة لديه بالمعاناة والتعذيب، قد يعاني الشخص السادي من الضعف الجنسي وانعدام الرغبة في حال رفض شريكه المثول لرغباته واستيعاب ميوله.
وغالباً ما يتسرب السلوك السادي إلى خارج العلاقة الجنسية، ليظهر بشكل واضح من خلال الحياة الاجتماعية في العمل والأسرة، حيث قد يميل السادي أيضاً إلى الغضب وتوجيه الإهانات والتعامل بعدوانية وعنف مع محيطه.
وعادة ما يفتقر السادي للقدرة على الغفران المسامحة، ما يجعله يعاقب من هم أدنى منه بصورة فجة، كما تعتبر الشخصية السادية تربة خصبة للإصابة باضطرابات نفسية أخرى مثل جنون العظمة وانعدام التعاطف.
لكن هذا لا ينفي أن الشخص الذي يعاني من السادية الجنسية بدرجة منخفضة يمكن أن يكون شخص طبيعي جداً في حياته الاجتماعية.
السادية والقتل المتسلسل
وليس من الغريب أن تعتبر السادية من أهم الدوافع لدى القتلة المتسلسلين، حيث صنف موقع List amaze أكثر القتلة المتسلسلين سادية في القرن العشرين، فقد وصل عدد ضحايا السفاح بيدرو رودريغز مثلاً إلى أكثر من 100 ضحية، تعرضوا جميعهم للتعذيب والتشويه، كما قام بيدرو بإعدام والده واستخرج قلبه وأكل قطعة منه انتقاماً لأمه التي ماتت ذبحاً!.
فيما لجأ السفاح ديفيد باركر راي إلى تعذيب ضحاياها باستخدام مرآة معلقة بالسقف لتتمكن الضحية من مشاهدة نفسها تحت التعذيب باستخدام أدوات شنيعة.
هل هناك علاج للسادية؟
فعلياً لا يمكن القول أنَّ هناك علاج فعال للسادية!، خاصَّة وأنَّ الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية السادية نادراً ما يطلبون المساعدة أو يرغبون بالعلاج، حيث تكون الضحية أو الشريك الجنسي غير المتوافق هو من يرغب بتخليص نفسه وتخليص شريكه من ميوله السادية.
ويعتبر العلاج السلوكي المعرفي أهم طرق علاج السادية من خلال إعادة هيكلة المفاهيم الجنسية المتعلقة بالاستثارة والشهوة لدى المريض، فيما يكون التدخل الدوائي مقتصراً على مضادات الاكتئاب والمهدئات التي تساعد المريض على تجاوز المرحلة والتخفيف من الغضب والاندفاع إضافة إلى الأدوية المضادة للأندروجين Anti-androgenic للتخفيف من الرغبة الجنسية وربما قمعها ريثما تجني الحالة ثمار العلاج السلوكي المعرفي.
إذا كنت تعاني من السادية أو كان شريكك يعاني من السادية فلا بد من زيارة الطبيب المختص لتقديم المشورة والعلاج، ويمكنكم التواصل مع خبراء موقع حلوها من خلال هذا الرابط.
الثالوث المظلم والسادية
هل يجب أن تكون السادية القطب الرابع في الثالوث المظلم؟
الثالوث المظلم هو المصطلح الذي يطلقه الباحثون على ثلاثة سمات شخصية تجعل من الإنسان شريراً، وهي النرجسية Narcissism، الاعتلال النفسي (سيكوباتي أو عدم التعاطف) psychopathy، والميكافيلية Machiavellianism.
واقترح آخرون أن السادية لا بد أن تضاف إلى الثالوث المظلم أو مثلث الإنسان الشرير، ليصبح مربع الإنسان الشرير، فما رأيكم بذلك؟.
يرد إلى موقع حلوها الكثير من القصص والاستفسارات حول السادية والسلوك السادي التماساً لآراء القراء ومساعدة الخبراء، ونحن إذ نعرض عليكم بعض القصص الواقعية عن السادية إنَّما ليستأنس أصحابها برأيكم ولتتعرفوا أكثر على قضية السادية واضطراب الشخصية السادية.
خجلها من المازوشية يهدد زواجها
صديق الموقع يعاني من مشكلة كبيرة، فزوجته صارحته بأنها لا تشعر بالنشوة واللذة إن لم يقم بتعذيبها وإيلامها، وعلى الرغم أنَّه لم يكن سادياً إلا أن رغبته بعلاقة زوجية وجنسية مميزة جعلته يرضخ لرغبة زوجته.
ومع مرور الأيام أصبحت العلاقة الجنسية ممتعة لكليهما، لكن نهم الزوجة للألم كان متزايداً، ما أدى إلى إصابتها بخلع في كتفها وتمزق في أربطة الرسغ، وفي المشفى لم يقتنع أحد بأنها وقعت في المطبخ، بل أصرَّ أهل الزوجة أنَّها تعرضت للضرب من زوجها وأصروا على تفريقهما، فيما رفضت الزوجة أن تبوح بالحقيقة.
لقراءة القصة كاملة مع ردد الزوار والخبراء انقر على الرابط "طلبت العنف بعلاقتي معها فكانت النتيجة الطلاق"
هل أنا سادية؟!
صديقتنا قرأت عن الشخصية السادية عبر شبكة الانترنت، وشعرت أن هناك الكثير من التقاطعات بين شخصيتها وبين الصفات التي ذكرتها مفصلاً في رسالتها، لكنها أكدت أنَّها لا تعاني من السادية الجنسية.
في الحقيقة يجب أن تعلم صديقتنا أن السادية اضطراب نفسي جنسي بالضرورة، وجميع الاضطرابات التي ذكرتها في رسالتها -والتي يمكنكم الاطلاع عليها من هنا- لا تعتبر وصفاً للسادية ما دامت الميول الجنسية سوية، ربما تكون صديقتنا ممن وقعوا في المثلث المظلم الذي ذكرناه سابقاً (النرجسية، سيكوباتية، الميكافيلية).
حبيبي يقرصني ويضربني، هل هذه سادية؟!
صديقتنا في حيرة من أمرها وتحتاج للمساعدة، حيث يقوم خطيبها بقرصها قرصاً مؤلماً من باب اللهو واللعب، وهي تخشى أن يكون ذلك دليلاً على سادية خفية.
يمكنكم إبداء آرائكم وقراءة القصة كاملة مع تعليقات الزوار والخبراء من خلال الرابط "حركات خطيبي معي تعبير عن الحب أم أفعال سادية؟".
هل الاستمتاع بمشاهد التعذيب دليل على السادية؟
على الرغم أن صديقتنا تنفي عن نفسها صفة السادية اعتقاداً منها أن السادية تشترط موافقة الشريك، إلا أنها تؤكد استمتاعها بمشاهدة شباب مربوطين وبالذات سماع توسلاتهم.
لا يمكن أن نقوم بتشخيص حالة صديقتنا من خلال رسالتها القصيرة التي يمكنكم الاطلاع عليها من هنا، لكن يمكن أن نقول لها أن السادية لا تشترط وجود موافقة من الطرفين بالضرورة، كما أنَّ السادية تكشف عن نفسها أثناء العلاقة الجنسية إن كانت مبهمة في الأوقات العادية.
أخيراً... إن كنتِ تشعرين أو كنت تشعر أن لديك ميلاً نحو تعذيب الآخرين وإلحاق الأذى بهم للحصول على الاستثارة وتعتقد أن هذا الأمر ليس سوياً تماماً فلا تتردد باستشارة الطبيب المختص.