علاج اضطراب التحدي المعارض "العناد الشارد" عند الأطفال
يعتبر اضطراب التحدي المعارض أو العناد الشارد من أكثر الاضطرابات السلوكية شويعاً عند الأطفال، حيث يعتقد أن ما بين 2% و16% من الأطفال والمراهقين يصابون باضطراب العناد الشارد، والأولاد الذكور أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، كما أن الفتيات الإناث يظهرن أعراضاً مختلفة بعض الشيء عن الذكور، وإن كان تأثير اضطراب التحدي المعارض متساوٍ بالقدر عند الجنسين.
اضطراب التحدي المعارض أو العناد الشارد (بالإنجليزية: Oppositional Defiant Disorder) هو اضطراب سلوكي شائع عند الأطفال والمراهقين، يظهر فيها الطفل نمطاً مستمراً من السلوك غير التعاوني والمعادي تجاه الأشخاص ذوي السلطة، وغالباً ما يؤثر سلوك العناد والتحدي على علاقات الطفل مع محيطة وأدائه الاجتماعي والدراسي.
سلوك العناد والتحدي شائع بين الأطفال خصوصاً بين عمر سنتين وثلاث سنوات وكذلك بين المراهقين، لكن عندما يستمر سلوك العدوانية والمعارضة والتحدي لأكثر من ستة أشهر ويتجاوز ما هو معتاد لعمر طفلك ويؤثر على أدائه الاجتماعي والتعليمي، قد يشير ذلك إلى أنه يعاني من اضطراب العناد الشارد أو التحدي المعارض، وعليكِ الاستعانة باستشارة الطبيب المختص حصراً.
هل يمكن علاج اضطراب العناد الشارد نهائياً!
قد لا يكون من الممكن علاج اضطراب التحدي المعارض أو العناد الشارد بشكلٍ نهائي، لكن بلا شك فإن معرفة الأعراض والتدخل العلاجي المبكر والتخصصي من شأنه أن يقلل حدة الأعراض والآثار على حياة الطفل إلى أقل درجة، وغالباً ما تتحسن الحالات الخفيفة والمتوسطة من التحدي المعارض بفضل العلاج، فيما قد تتطور الحالات المهملة أو الحادة إلى اضطراب سلوكي مزمن.
علاج اضطراب العناد الشارد عند الأطفال يعتمد بشكل أساسي على العلاج السلوكي والنفسي القائم على تعليم الأطفال استجابات مختلفة أكثر إيجابية، ويتضمن أيضاً تعليم الأبوين وتدريبهم للتعامل مع اضطراب التحدي المعارض، وفي بعض الحالات قد يوصي الطبيب المختص باستعمال الأدوية لعلاج أعراض الاضطرابات المصاحبة لاضطراب العناد الشارد مثل نقص الانتباه وفرط الحركة.
وخطوات علاج اضطراب العناد الشارد عند الأطفال تكون على النحو التالي:
- دراسة حالة الطفل المتحدي: أو خطوة في علاج اضطراب التحدي المعارض أو العناد الشارد أن تتم دراسة حالة الطفل وحصر العوامل المؤثرة على سلوكه، وأهم العوامل المرتبطة باضطراب العناد الشارد:
- عمر الطفل.
- شدة أعراض التحدي والعناد.
- منذ متى ظهرت أعراض العناد الشارد عند الطفل وهل هي مستمرة أم متقطعة.
- قدرة الطفل على المشاركة في العلاج.
- الأشخاص والجهات المعنية بعلاج الطفل وتعديل سلوكه.
- أية اضطرابات مصاحبة لاضطراب التحدي المعارض مثل فرط النشاط ونقص الانتباه (ADHD) واضطرابات صعوبة التعلّم.
- تدريب الوالدين للتعامل مع الطفل المتحدي: تدريب الوالدين هو العلاج الرئيسي للسلوكيات المعارضة والعناد الشارد وأظهرت الدراسات أن تدريب الوالدين يقلل بشكل كبير من سلوكيات العناد والمعارضة عند الطفل، حيث يقوم المتخصصون بتعليم الوالدين طرق تغيير سلوك طفلهم في المنزل باستخدام التعزيز الإيجابي للحد من السلوكيات غير المرغوب فيها وتعزيز السلوكيات الصحية، ويتعلم الوالدان تحديد السلوكيات والمحفزات وتقييمها، وتطبيق العقاب أو التعزيز كما يناسب.
- جلسات العلاج النفسي: يستهدف العلاج النفسي الطفل المصاب باضطراب العناد الشارد وذويه من خلال تقنيات العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الأسري، ويعتمد على على مجموعة من تقنيات العلاج التي تهدف إلى مساعدة الطفل والوالدين على تحديد وتغيير العواطف والأفكار والسلوكيات المزعجة.
- التدخلات المدرسية لعلاج العناد الشارد: جزء أساسي من علاج اضطراب التحدي المعارض عند الأطفال تتكفل به المدرسة، حيث يجب التأكد من وجود متخصص نفسي في المدرسة قادر على المشاركة في علاج الطفل المتحدي، وقد تشمل الإجراءات التي تقوم بها المدرسة تقنيات إدارة السلوك المتحدي والعناد عند الطفل، وتقنيات دمج الطفل في النظام العام للمدرسة وتحسين قدرته على التواصل الاجتماعي مع أقرانه، واستعمال تقنيات تعليمية خاصة لتحسين مستواه الدراسي.
- إدارة الاضطرابات المرتبطة بالعناد الشارد: غالبية الأطفال والمراهقين الذين يعانون من اضطراب التحدي المعارض يعانون من حالة صحة نفسية أخرى على الأقل، ولا بد من إدارة هذه الحالات والاضطرابات السلوكية والنفسية والعقلية بشكل متزامن للحصول على نتائج إيجابية للعلاج، ومن أبرز الاضطرابات المصاحبة لاضطراب العناد الشارد:
- اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD).
- اضطرابات القلق واضطراب القلق القهري.
- صعوبات التعلم مثل صعوبة القراءة وصعوبة الكتابة وصعوبة التركيز.
- اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب.
- اضطرابات التحكم الانفعالي.
- أدوية علاج العناد الشارد: لا يوجد عقار دوائي خاص ومعتمد لعلاج اضطراب التحدي المعارض عند الأطفال والمراهقين، ولكن قد يوصي الأطباء ببعض الأدوية الخاصة بعلاج الاضطرابات المصاحبة له عند الطفل، مثل أدوية علاج الاكتئاب وتقلب المزاج وأدوية علاج اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط.
لا يوجد أدلة كافية على ارتباط التغذية باضطراب العناد الشارد عند الأطفال، مع ذلك يوصي الأطباء والمتخصصون بتعديل النظام الغذائي للطفل ليكون داعماً لعلاج اضطراب التحدي المعارض، وذلك من خلال الاعتماد على الأطعمة الصحية مثل الفاكهة والخضروات ومصادر المغنيسيوم والدهون الصحية، وتجنب بعض الأطعمة مثل المعلبات والأطعمة التي تحتوي على مستويات عالية من السكر المضاف والسكر الصناعي والملوّنات والمواد الحافظة.
وأهم نصائح التغذية لعلاج اضطراب العناد الشارد عند الأطفال والمراهقين:
- تجنب الأطعمة الجاهزة والمعلبة: يجب أن يتم إخراج الأطعمة المعلبة والمأكولات الجاهزة من الحمية الغذائية للطفل الذي يعاني من العناد الشارد أو سلوكيات المعارضة والتحدي، حيث تحتوي هذه الأطعمة على نسب مرتفعة من السموم بسبب طريقة التصنيع والحفظ، كما تحتوي على مستويات عالية من السكر المضاف والملوّنات الصناعية والمواد الحافظة، فضلاً عن الجزئيات المعدنية في المعلبات والدهون غير الصحية.
- الاعتماد على الدهون الصحية: تعتمد التغذية المناسبة لاضطراب العناد الشارد على مصادر طبيعية وصحية وعلى وجه الخصوص في الدهون، وينصح الأطباء بالاعتماد على الدهون زيوت جوز الهند والزيتون وعلى الأفوكادو والسمك والألبان الطازجة للحصول على الدهون الصحية.
- تقليل نسبة الجلوتين: تربط الدراسات بين الاضطرابات والمشاكل السلوكية عند الأطفال وبين المشاكل الهضمية المتعلقة بالجلوتين، حيث يطلق الجلوتين مادة تسمى "جلوتومورفين" تعمل كمواد أفيونية للدماغ ويكون تأثيرها شديداً عند البعض وخاصة الأطفال، ولذلك غالباً ما ترتبط المشاكل السلوكية عند الأطفال بإدمان الكربوهيدرات، كما ينصح بتجنب الحبوب التي تسبب حساسية للأطفال ولو كانت خفيفة.
- استبدال السكر الصناعي: من خطوات العلاج الطبيعي لاضطراب العناد الشارد استبدال السكر الأبيض والمحليات الصناعية بمصادر أخرى للسكر أفضل وأقل ضرراً مثل شراب القيقب والعسل، حيث يسبب السكر الصناعي والمحليات زيادة حدة أعراض الاضطرابات السلوكية عند الأطفال.
- زيادة المغنيسيوم في الطعام: تظهر الدراسات البحثية أن ملح المغنيسيوم يساعد في تجديد الخلايا العصبية التالفة ويساعد الدماغ على العمل بشكل أفضل. ولذلك ينصح أن يتم إدخال نسب أعلى من المغنيسيوم في غذاء الطفل الذي يعاني من اضطراب العناد الشارد.
- الاعتماد الخضار والفاكهة الطازجة: ينصح الأطباء والخبراء بالاعتماد على الأطعمة الطازجة في حمية علاج اضطراب العناد الشارد وتجنب الأطعمة المعلبة والمجمدة تماماً، ويفضل الاعتماد على الخضار والفاكهة العضوية والألبان واللحوم من مزارع نظيفة.
- تطوير المهارات الاجتماعية للطفل: من أهم وسائل تعديل سلوك الطفل المصاب باضطراب التحدي المعارض أن يتم التركيز على تعليمه كيفية التواصل بفعالية وبطرق إيجابية مع الآخرين، سواء مع الأهل أو المعلمين أو أقارنه والأطفال الآخرين، من خلال تعزيز السلوكيات المرغوبة بالثناء والمكافأة والنمذجة، والاستجابة بطريقة مناسبة ومستقرة للسلوكيات المرفوضة.
- تطوير مهارات التحكم بالانفعالات: سرعة الانفعال والغضب من الأعراض الأساسية لاضطراب العناد الشارد، وتعليم طرق التحكم والسيطرة بالانفعالات والغضب والعواطف مثل الإحباط والخيبة، له أثر كبير في تعديل سلوك المعاندة والمعارضة.
- تعزيزي الجوانب الإيجابية: من أهم نصائح التعامل مع طفلك الذي يعاني من العناد الشارد أن تقوم بالتركيز على الجوانب الإيجابية في سلوكه، حيث يساعد الثناء والتعامل الإيجابي بترسيخ السلوكيات الإيجابية وتعديل السلوك السلبي.
- الحافظ على روتين يومي مستقر: يفضل الأطفال الذين يعانون من اضطراب العناد الشارد أن يعيشوا في روتين متناسق ومستقر نوعاً ما، وتأمين هذا الروتين بالتعاون مع الأخصائي يساعد في تعديل سلوك العناد عند الطفل.
- الاستماع إلى مقدمي الرعاية: لا يمكن علاج اضطراب العناد الشارد عند الأطفال والمراهقين دون الالتزام بتعليمات المعالج المتخصص ومقدمي الرعاية، وتأمين أعلى مستوى من التواصل بين الأهل والمعالجين من جهة، وبين الأهل ومدرسة الطفل والمشرفين عليه من جهة أخرى.
يلعب الأهل دوراً رئيسياً في علاج الطفل أو المراهق المصاب باضطراب التحدي المعارض أو العناد الشارد، ولا بد أن يمتلك الأهل معرفةً كافية بإدارة سلوك طفلهم وسلوكهم هم، إليك أهم نصائح التعامل مع الطفل المتحدي المعارض:
- عرض الطفل على متخصص: لا يمكن للأهل وحدهم التعامل مع اضطراب التحدي المعارض دون مساعدة تخصصية، ولذلك أول نصيحة للتعامل مع العناد الشارد عند الأطفال أن يطلب الأهل تشخيصاً تخصصياً يحدد شدة الاضطراب والسلوكيات المرتبطة به والاضطرابات المترافقة معه، ويرشد الأهل إلى وسائل التعايش وتعديل السلوك.
- وضع قواعد منطقية ومستقرة: كما هو الحال في التعامل مع الأطفال الطبيعيين يجب أن تكون هناك قواعد منزلية وسلوكية واضحة، ولا بد أن تراعي هذه القواعد عمر الطفل واستيعابه وحالته، وفي حالة الطفل المعارض والمتحدي أنت بحاجة أكثر للحفاظ على هذه القواعد وعدم التساهل بها أو التنازل عنها.
- امنحي نفسك العناية أيضاً: لا يمكن التعامل مع الطفل المتحدي والمعاند بسهولة إذا كانت الأم وكان الأب على أعلى درجات التوتر والإرهاق النفسي، يجب أن يأخذ الوالدان استراحة عند الحاجة وأن يتعاونا ليكون لكل منهما مساحة للراحة والاسترخاء.