هل يمكن أن ينجح الشخص النرجسي في الزواج؟
الشخصية النرجسية نوع شائع من أنواع اضطرابات الشخصية، وتنتج عنه العديد من العقبات الاجتماعية وأهمها الزواج الذي يحتاج للكثير من التضحيات والتنازلات للعيش بسعادة واستقرار قد لا يقوى عليها الشخص النرجسي، فهل بالفعل الشخص النرجسي ينجح في علاقته الزوجية؟ وكيف يمكن مساعدة الشريك النرجسي لبناء حياة زوجية مستقرة؟ هذا ما سنتحدث عنه من خلال هذا المقال.
يمكن الزواج من شخص يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية بشرط أن يعرف الشريك مسبقاً التحديات التي ستواجهه في العلاقة مع شخص نرجسي، وأن يكون الشخص النرجسي مدركاً لوضعه ومستعداً للالتزام بخطة علاجية تساعده على تقليل آثار النرجسية على حياته الزوجية.
فحكماً يعتبر الزواج من شخص نرجسي تحدياً كبيراً تتخلله صعوبات حياتية يومية كبيرة لصعوبة التعامل مع النرجسية وصعوبة إدارة العلاقات الأسرية والاجتماعية بوجود طرف نرجسي، فقد تجد في الشخص النرجسي جاذبية قوية تسلبك، ولكن في نفس الوقت تكون انعكاساً لحاجته المستمرة لإثبات الذات وتأكيداً لقيمته وأهميته على حساب أي شخص آخر وإن كان شريكه بالعلاقة الزوجية، لذا يجب أن يكون الشريك على دراية بالحدود الصحيحة في العلاقة، وعدم السماح للشخص النرجسي بالسيطرة على العلاقة.
يرى الشخص النرجسي أن الكون جميعه يجب أن يدور حوله وحول اهتماماته، حتى العلاقة الزوجية ينظر لمميزاتها بالنسبة لاحتياجاته وأهدافه، متجاهلاً الطرف الآخر من العلاقة، فتكون نظرته للزواج بالطرق التالية:
- التحكم والسيطرة: في الغالب لا يستطع النرجسيون بناء علاقة زوجية صحيحة، بسبب متطلباتهم ورغبتهم بالسيطرة بشكل كامل على الشريك ما يسبب الكثير من الخلافات والمشاكل الزوجية، وتشير الدراسات إلى أن النرجسيين أكثر عرضة للطلاق من الأشخاص العاديين.
- الاستفادة من العلاقة: تختلف نظرة الشخص النرجسي للعلاقة الزوجية عن غيره من الأشخاص الطبيعيين، فيبحث دائماً عن الاستفادة من هذا الزواج وهل سيكون له كفرصة لتحقيق أهدافه الشخصية والاجتماعية ويتناسب مع طموحاته، ولا يراها علاقة تشاركية يجب أن يتنازل بها في بعض الأحيان.
- إثبات قيمته: ينظر الشخص المصاب باضطراب الشخصية النرجسية للزواج على أنه وسيلة لإثبات قيمته وجاذبيته والنجاح بالعلاقات، وبالفعل هذا ما ينعكس للمجتمع المحيط من حوله، أما في المنزل سيجد الشريك شخص مختلف عن هذه الطبيعة، فيرغب دائما بالاهتمام دون مقابل ويتصف بالأنانية وحب الذات.
- الزواج له مجرد خطوة حياتية: يعتبر الشخص النرجسي الزواج مجرد خطوة حياتية ضمن ترتيبات حياته الشخصية والمهنية، للحصول بهذا الزواج على ما يريده من الشريك، وقد يركز على الجانب المادي والجمالي دون الاهتمام بالجوانب العاطفية والروحية التي تحتاجها العلاقة الزوجية.
- يفتقر للشعور بالتعاطف والتفاهم: في معظم الأحيان لا يدرك النرجسي أن العلاقة الزوجية علاقة مبنية على الاحترام والتعاطف والتفاهم والتضحية للعيش بسعادة واستقرار، فتجده غير مستعد للتعامل مع مشاعر شريكه واحتياجاته.
- الغرور والعجرفة: غالباً يكون الشخص النرجسي مغرور ومتعجرف، وأنه لا أحد غيره يستحق الاهتمام وقادراً على لفت الأنظار، ويمتد هذا الغرور للشريك فقد يشعره بانعدام القيمة وأن لا أهمية كبيرة له في حياته وأنه قادراً على العيش دونه.
جربي إجراء اختبار الزوج النرجسي من خلال النقر على هذا الرابط والإجابة عن الأسئلة.
يمكن بالطبع للشخص النرجسي النجاح بالزواج، وقد تزداد فرص النجاح إذا اقتنع الشخص النرجسي بحاجته للحصول على مساعدة لتغيير سلوكه وطريقة تفكيره، ومن شروط نجاح الشخص النرجسي في الزواج والعلاقات العاطفية أن يكون الطرف الآخر متفهّماً لهذه المشكلة وقادراً على مراعاتها وتقديم الدعم للشخص النرجسي ليصل إلى حدود معقولة من السيطرة على نرجسيته.
إذا كان الشخص النرجسي يرغب ببناء علاقة زوجية ناجحة يجب الالتزام بالخطوات التالية:
- التعرف على اضطراب الشخصية النرجسي: يجب بدايةً على الشخص النرجسي الوعي حول الاضطراب المصاب به، وأن يقيم الأعراض التي تظهر عليه ليعرف كيفية التعامل معها، وإن كان بحاجة لاستشارة طبيب نفسي للتمكن من التعايش مع شريكه.
- تحسين مهارات التواصل: يعاني المصاب باضطراب الشخصية النرجسي من صعوبة من التواصل مع الآخرين وحتى مع شريكه بالحياة الزوجية، لذا يجب عليه العمل على تحسين مهارات التواصل عن طريق المشاركة ببعض النشاطات الاجتماعية وفتح الحوارات المستمرة مع الأشخاص الآخرين، ويمكن العمل على هذا بإشراف طبيب نفسي مختص، وهذا سينعكس بشكل إيجابي على العلاقة الزوجية ونجاحها.
- التركيز على العلاقة العاطفية: يحب النرجسي الاهتمام دون مقابل وهذا أكثر ما يؤثر على العلاقة الزوجية، فالشريك أيضاً بحاجة للاهتمام العاطفي للشعور بالحنان والاستقرار، لذا إذا رغب النرجسي ببناء علاقة زوجية سعيدة يجب التركيز على العلاقة العاطفية مع الزوجة من خلال الخروج بسهرات رومنسية والتركيز على العلاقة الحميمة.
- التعلم من أخطائه: يتعرض الشخص النرجسي للكثير من المواقف المحرجة بسبب طبيعته في التعامل مع الشريك والمحيطين، فيجب العمل على تفادي الأخطاء التي تجعل الزوج وغيره ينفرون من التواصل معه بالتعلم من أخطاءه السابقة ومحاولة تصحيح المواقف.
- العمل على تطوير الذات: يمكن للشخص النرجسي العمل على تطوير ذاته بإشراف طبيب نفسي، وتطبيق التوصيات والنصائح التي يقدمها للتمكن من النجاح بالعلاقة الزوجية، كضرورة التنازل في بعض المواقف وأهمية المشاركة وتقديم الاهتمام للشريك.
بالتأكيد قد يؤثر الزواج على بعض الصفات الشخصية النرجسية، لكن قد يكون هذا التغيير إيجابياً أو سلبياً، ويرتبط تأثير الزواج على الشخص النرجسي بالعديد من العوامل كشدة الاضطراب والعلاقة بين الزوجين وقدرة الشريك على التعامل بشكل صحيح مع الزوج النرجسي.
فقد يتأثر الشخص النرجسي بالزواج بشكل إيجابي إذا اتبع النصائح التي يقدمها له الطبيب المختص في علاقته الزوجية، وإذا كان الشريك على معرفة كافية بالاضطراب وطريقة التعامل معه فهذا سيجعل السلوكيات المميزة تصب في صالح العلاقة الزوجية، على أن يكون النرجسي مستعداً للتغيير وتحسين العلاقة الزوجية والعاطفية وحتى الجنسية، بينما إذا كان لا يرغب في التغيير ويرى نفسه في المسار الصحيح سيكون الشريك في مشكلة حقيقية تحتاج للصبر والسعي المستمر في المحاولات والتي قد تكون دون جدوى.
- التعرف على مزايا الشخصية النرجسية: من السهل تعرف الشريك بشكل جيد على صفات الشخصية النرجسية المميزة، كالثقة بالنفس والسعي لإثبات الذات وهذه الصفات ليس سيئة بل يمكن استغلالها لإثبات شخصيته ووجوده في العلاقة الزوجية وتوجيهها للحفاظ على العلاقة الزوجية، كما يساعد فهم طباع الشخص النرجسي على معرفة الأسباب التي تجعله يتصرف تصرفات غير منطقية.
- التعامل مع الزوج النرجسي بحكمة: لتتمكن من العيش مع الشريك النرجسي بسعادة يجب التعامل معه بحكمة وذكاء، ولكونه يحب الاهتمام فحافظ على التواصل الإيجابي وإظهار الاهتمام بمشاعره ومطالبه وتشجيعه على السلوكيات المميزة في شخصيته، فهذا سيشعره بالسعادة التي تنعكس على الحياة الزوجية معه.
- الصبر والتسامح: يجب أن يعلم الشريك أن التعامل مع الشخص النرجسي بحاجة للصبر والتسامح والتقبل لعيش حياة زوجية سعيدة، فيجب الحفاظ على الصبر وعدم الانزعاج من تصرفاته للحد من التوتر والصراعات في العلاقة الزوجية.
- مشاركته في التغيير: لا يجب التعامل مع الشريك النرجسي على أنه مريض نفسي، بل يجب السعي معه لبناء أسرة سعيدة، ومشاركته بالتغيير عن طريق تشجيعه على التقدم وإشعاره بسعادتك بهذا التغيير مهما كان طفيفاً.
- التحدث معه بصراحة: التواصل المفتوح والصريح بين الزوجين أمر طبيعي ومهم خاصةً إذا كان أحد الزوجين يعاني من اضطرابات نفسية مثل الشخصية النرجسية، يجب التحدث معه بصراحة حول المشاعر التي يسببها له شريكه النرجسي والاستماع له بشكل فعال، للتقرب منه وتحسين العلاقة الزوجية وتجنب الانفعال معه.
- تحقيق التوازن: رغم أن الشريك النرجسي له الكثير من الاحتياجات والمتطلبات، ولكن يجب تذكر الاحتياجات الخاصة للطرف الآخر، فيجب تحقيق التوازن بين احتياجات الطرف الأول والثاني والاتفاق عليها بشكل واضح لتجنب الخلافات والمشاكل المستمرة في الحياة الزوجية.
- وضع الحدود المناسبة: يجب وضع حدود واضحة للشريك النرجسي للحفاظ على الاحترام والتفاهم في العلاقة الزوجية، لكونه في الغالب لا يقدر الشريك بشكل جيداً ويبحث عن مصالحه فقط دون الاكتراث لاحتياجات شريكه وقيمته، كعدم السماح له بتوجه الإهانة والتقليل من القيمة أمام الآخرين.
- البحث عن الدعم النفسي والأسري: إذا لم يتمكن الشريك من تغيير شيء من طباع الزوج النرجسي يجب طلب المساعدة من مختص بالأمور الزوجية والطبيب النفسي لمساعدته بالتوصل لطريقة تساعد في التعامل معه.