هل كره الأم مرض نفسي وهل يمكن كره الأم بدون سبب!
هل يمكن أن تكره البنت أمها؟ وهل كره الأم يدل على مرض نفسي؟ وما الدوافع التي تجعل البنت تكره والدتها؟ تساؤلات تدفع لمعرفة تفاصيل هذه المشاعر غير المنطقية أو غير الاعتيادية من الكراهية، خاصةً بالنسبة للبنات اللواتي لا يعرفن كيفية التعامل مع هذا الكره أو يشعرن أن كره الأم يؤثر عليهن ويشعرهن بالذنب.
في الحقيقة لا يوجد مرض نفسي محدد اسمه "كره الأم" أو اضطراب نفسي من أعراضه كره الأم، يمكن أن تؤثر بعض اضطرابات الصحة النفسية عند الأطفال والمراهقين على مشاعرهم تجاه الوالدين فتكون غير المتوقع أو الاعتيادي، مثل اضطرابات الشخصية أو الاكتئاب أو القلق، لكن في أغلب الحالات يكون كره البنت لأمها أو كره الابن لأمه نتيجة لظروف التربية والتنشئة وإن لعبت السمات الشخصية دوراً في تكوين هذه المشاعر.
تظهر المشاعر السلبية تجاه الأهل بشكل خاص في مرحلة المرهقة، حيث يمر المراهقون بالكثير من التحولات النفسية والاجتماعية التي تغير علاقتهم بالوالدين، وقد يكون كره الأم في مرحلة المراهقة امتداداً لعلاقة سلبية بين الأم وابنتها أو ابنها، لكن في كل الأحوال لا يمكن النظر إلى كره الأم في مرحلة المراهقة بوصفه مرضاً نفسياً، بقدر ما هو اضطراب مؤقت بالعواطف، أو انعكاس لاضطرابات الشخصية واضطرابات الصحة النفسية، ويعتمد تقييم ذلك على رصد سلوكيات المراهق وتصرفاته وعلاقته بالآخرين.
تعرفي أكثر إلى كيفية تصحيح العلاقة المتوترة بين النبت وأمها من خلال زيارة هذا الرابط.
قد يرتبط كره الأم ببعض الأمراض النفسية والاضطرابات العصبية، ومن بين الأمراض النفسية التي يمكن أن تسبب كره البنت لأمها أو للأهل بشكل عام:
- اضطراب الشخصية الحدية (BPD): تعاني البنت المصابة باضطراب الشخصية الحدي من تقلبات مزاجية حادة وصعوبة شديدة في التعامل مع العلاقات الاجتماعية، ما يجعل البنت تكره الأفراد من حولها ومن ضمنهم أفراد العائلة، وغالباً لا تكون هذه المشاعر مستقرة أو ثابتة، وقد لا تكون مبررة حتى بالنسبة للبنت التي تكره أمها.
- الاكتئاب: يمكن أن يؤدي الاكتئاب الشديد إلى شعور البنت بالانعزال وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين، بما في ذلك الأم التي تحاول الوقوف بجوار ابنتها في لحظاتها الصعبة، وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالكره تجاه الأم واعتبار وقوفها معها تدخلاً مزعجاً، كما أن اعتقاد الأم أن الاكتئاب هو مجرد حزن عابر يمكن التغلب عليه بسهولة، قد يعزز المشاعر السلبية تجاه الأم.
- القلق الاجتماعي: تصاب الفتيات بالقلق الاجتماعي خاصةً في مرحلة المراهقة، ويرتبط هذا القلق بالشعور بالخوف المفرط من المواقف الاجتماعية والتعرض للانتقاد أو الإحراج، فإذا كانت بعض مواقف الأم تسبب لها الإحراج أو الاعتقاد بأنها تسبب لها الإحراج أو تعرضها للإساءة سيجعلها هذا تشعر بالكره تجاه والدتها.
- اضطراب ما بعد الصدمة: من أكثر الأسباب النفسية شيوعاً لاضطرابات علاقة البنت مع والدتها، فيمكن أن يتطور عند بعض الأشخاص الذين يعانون من تجارب سابقة صعبة أو صدمات نفسية اضطراب ما بعد الصدمة، والذي يتضمن الشعور بالكره تجاه الأم إذا كانت الأم المصدر الرئيسي للصدمة أو إذا كانت الأم غير قادرة على تقديم الدعم النفسي اللازم لابنتها، مثل الانفصال عن الأب، أو التسبب بانفصالها عن شخص تحبه، أو زواج الأم، أو حتى تعرض البنت لصدمة خاصة مثل التحرش أو الاغتصاب، وشعورها أن الأم من أسباب هذه الحادثة أو أن موقفها لم يكن كما يجب.
- اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع: يظهر اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع عند الأطفال والمراهقين بين عمر 8 سنوات و14 سنة المتوسط، وعادةً ما تظهر على الطفل أو المراهق علامات واضحة تدل على الشخصية المعادية، مثل السلوك التخريبي والاستمتاع بالإيذاء وإيذاء الحيوانات وتدمير ممتلكات الغير بدون سبب، وقد يتصل هذا الاضطراب بمشاعر سلبية تجاه الأم والأب.
- مشاكل نفسية أخرى: في درجة أقل من الاضطرابات النفسية يمكن أن تكون بعض المشكلات النفسية والعقد سبباً لكره الأم، مثل شعور البنت بالنقص والدونية وعدم الاستحقاق أو ضعف الشخصية أو الخجل الاجتماعي، واعتقادها أن الأم مسؤولة بالدرجة الأولى عن هذه المشاكل النفسية التي تعاني منها.
هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى كره البنت لأمها، ومن أهمها:
- سوء المعاملة: قد يعود سبب كره الأم إلى تعرض البنت للمعاملة السيئة من قبل والدتها، مثل الإساءة اللفظية أو العنف الجسدي، فقد يؤدي ذلك إلى تطور علاقة سلبية بين الأم والبنت من الصعب إصلاحها، وعادةً ما تبدأ هذه المشاعر بالاستقرار مع استمرار إساءة المعاملة.
- الإهمال العاطفي للأبناء: من أسباب كره الأم التعرض للإهمال العاطفي والتجاهل، حيث تكره البنت عدم اهتمام أمها بمشاعرها أو أفكارها أو طموحاتها، وانشغالها بما يخصها فقط، ومع تزايد حاجة البنت للاهتمام العاطفي في مرحلة المراهقة، قد تزداد مشاعر الكره تجاه الأم المتجاهلة.
- اختلاف الشخصيات: فإذا كانت الأم والبنت لديهما اختلافات في الشخصية أو الاهتمامات أو بعض السلوكيات والنشاطات، فقد يؤدي ذلك إلى تباعد بينهما وتطور علاقة سلبية، قد تصل إلى كره الأم إذا لم تتمن الأم من إدارة هذه الفروقات بشكل حكيم.
- المشاكل والخلافات العائلية: إذا كان هناك صراعات عائلية أو توترات بين الأفراد في الأسرة خاصةً بين الأم والأب، فقد يؤدي ذلك إلى تطور المشاكل بين الأم وابنتها ما يجعلها تكرهها خاصةً إذا كانت شديدة التعلق بوالدها، وقد ترمي البنت مسؤولية هذه الخلافات أو مسؤولية الانفصال بين الوالدين على الأم بشكلٍ كامل.
- المقارنة وضغط الأقران: من الأسباب المحتملة لكره البنت لوالدتها هي الضغوط الخارجية التي تتعرض لها، مثل تأثير الأصدقاء والمحيطين والمقارنة بين ما تقدمه الأمهات الأخريات لبناتهن وما تحصل عليه هي من أمها، فقد تكون الغيرة من علاقة البنات الأخريات بأمهاتهن سبب من أسباب تولد مشاعر كره البنت لأمها.
- الفجوة بين الأجيال: إذا لم تستطع الأم فهم متطلبات جيل ابنتها واختلاف عصرها عن عصر أبنائها، فقد تتورط في صراع الأجيال الذي يبني حاجزاً بينها وبين أبنائها وبناتها، وقد يكون هذا الصراع بين جيلين سبباً من أسباب كره الأم.
كثيراً ما نسمع المراهقين يقولون "أكره أمّي بدون سبب" وغالباً ما يدل ذلك على أن المشاعر التي يمرون بها تجاه الأم أو الأهل عموماً هي مشاعر مؤقتة وليست مشاعر أصيلة أو مستقرة وثابتة، وكره الأم بدون سبب واضح تدركه البنت أو يدركه الابن قد يكون نتيجة التقلبات والتطورات النفسية التي يمر بها الأبناء في مراحل مختلفة من الحياة وعلى وجه الخصوص في مرحلة المراهقة.
من جهة أخرى قد يكون الشعور بالكره الشديد تجاه الأم دون القدرة على تحديد سببٍ واضح يتعلق بالأمِّ نفسها وسلوكها أو بالأبناء، قد يكون ذلك مرتبطاً باضطرابات الصحة النفسية والاضطرابات الوجدانية واضطرابات الشخصية، ولا يمكن الحكم على هذه الحالات بسهولة، لا بد من طلب استشارة تخصصية لاستبعاد بعض الاضطرابات التي تولّد مشاعر الكره والنفور غير المبررة من الأشخاص المقربين.
يمكن أن تشير العديد من العلامات إلى كره البنت لأمها، ومن أهمها:
- الانزواء وعدم المشاركة: عندما تبدأ البنت بتجنب الحديث مع أمها والضحك معها وقضاء وقت معها، وتبدأ في الانزواء داخل غرفتها أو خارج المنزل، فهذا مؤشر لكره البنت لوالدتها، حيث تجدينها تفضل قضاء وقتها منفردة في المنزل أو مع صديقاتها ولا تحب أن يجمعها بوالدتها أي نشاط، وربما تتهرب حتى من تناول الطعام مع العائلة.
- عدم الاهتمام بمشاعر الأم: عندما تشعر البنت بالكره تجاه والدتها لن تهتم بمشاعرها، وغالباً ما يظهر ذلك بوضوح من خلال إهمال البنت لطلبات أمها أو رغباتها وعدم مراعاتها في طريقة الكلام أو الرد.
- السلوك الانتقامي: قد يصل كره الأم للبنت إلى الرغبة الشديدة بالانتقام، ويأخذ الانتقام من الأم أشكالاً مختلفة، تبدأ بالرد عليها بطريقة قاسية وجارحة، ولا تنتهي بتخريب أغراضها أو التسبب لها بمشاكل مع الآخرين.
- السلوك العدائي: قد تصبح البنت شديدة العدائية تجاه أمها، وتبدأ بالتحدث بصوت عالٍ والتعبير عن الغضب والاستياء في حضورها، وقد تطلب منها المغادرة من أمامها أو تتركها وحدها وتخرج.
- التمرد: تحاول البنت التي تكره أمها الانفصال عن سلطة أمها والتمرد عليها وتجاهل أو عدم الاستجابة لتعليماتها وتوجيهاتها، وتعبر عن تذمرها عند طلب شيء منها كمساعدتها بشيء في المنزل.
- اللوم الشديد: تحاول البنت التي تكره أمها إشعار أمها بالذنب الشديد، وتعمد إلى لومها على كل شيء حدق في حياتها وعلى كل المشاعر السيئة أو التجارب السلبية التي مرت بها البنت، وحتى لومها على الأخطاء التي يرتكبها الآخرون.
- البحث عن أمٍّ بديلة: من علامات كره البنت لأمها أيضاً أن تتعلق بشخصية أخرها تعاملها كأم بديلة، لا يشترط أن تكون هذه الشخصية حقيقية، ولا أن تكون بعمر الأم أو مكانتها، قد تتعامل مع إحدى صديقاتها كأم بديلة، وقد تلاحظ الأم أن ابنتها تقارن بينها وبين أمهات أخريات بطريقة جارحة وكأنها تتمنى لو كُنَّ أمها.