علامات اضطراب الشخصية السادية وعلاج الشخص السادي
على الرغم أن السادية ترتبط ذهنياً بالميول الجنسية بشكل خاص، لكن اضطراب الشخصية السادية ليس اضطراباً جنسياً فقط، بل ينعكس على سلوك الفرد في علاقاته العادية وتصرفاته اليومية، وقد تقوده الدوافع السادية إلى الإيذاء المتعمد في العمل أو في الأماكن العامة أو حتى في تعامله مع أسرته، فما هي أعراض وعلامات الشخصية السادية وما هي وسائل العلاج.
اضطراب الشخصية السادية (بالإنجليزية: Sadistic Personality Disorder) هو اضطراب نفسي يتميز بنمط مستقر من سلوك الاعتداء والإيذاء للآخرين يترافق مع الشعور بالمتعة والإثارة عند إيذاء الآخرين والسيطرة عليهم وإخضاعهم، والأشخاص الساديون نمطاً متكرراً من القسوة والإيذاء البدني أو النفسي أو العاطفي للآخرين، وينعكس ذلك بوضوح على جميع علاقاتهم وبشكل خاص العلاقات العاطفية والجنسية.
لا يصنّف اضطراب الشخصية السادية كاضطراب مستقل في الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية والعقلية (DSM-5)، بدلاً من ذلك تصنّف السادية كأحد اضطرابات الولع الجنسي تحت اسم اضطراب السادية الجنسية (بالإنجليزية: Sexual Sadism Disorder) حيث يعاني المريض من اندفاع جنسي شديد نحو إخضاع شخص آخر -غالباً بدون موافقته- وممارسة الإيذاء الجسدي والنفسي عليه خلال العلاقة الحميمة، أو يعاني من استثارات جنسية مرتبطة بالتخيلات السادية.
يمكن التعرف على الشخصية السادية من خلال بعض السمات أو أنماط السلوك التي عادةً ما تكون موجودة لدى من هو مصاب باضطراب الشخصية السادية، ومن هذه الصفات:
- الميل للسيطرة والتحكُّم: من أهم علامات وصفات الشخصية السادية أنّها شخصية تبحث عن السيطرة والتسلّط والامتلاك، حيث يميل الشخص السادي لإخضاع الآخرين لسيطرته الكاملة، ويسعى بكل الوسائل لوضعهم تحت دائرة السيطرة، ويشعر بالتحدي والمتعة عندما يواجه مقاومة شديدة أو معارضة، ما يدفعه للمزيد من الإصرار على الإخضاع.
- الشعور بالإثارة عند إيذاء الآخرين: يشعر الشخص السادي بالسعادة والإثارة عند إيذاء الآخرين، وهذا يفسر ميله لأذية الآخرين والاعتداء عليهم جسدياً أو نفسياً أو عاطفياً، وهذا الأذى يعطيه شعور بالقوة والانتصار والتحكم ويشبع لدى الشخص السادي الرغبة بفرض السيطرة، وقد يتوجه هذا الايذاء نحو المجتمع أو الزوجة أو الأبناء.
- عدم تقبّل الالتزام بالقواعد: من صفات الشخصية السادية أنها شخصية لا تستطيع الالتزام بالقواعد والضوابط بسهولة، حيث لا يتقبّل الشخص السادي فكرة الخضوع للقوانين أو الضوابط العامة أو حتى السلطة العرفية، وعندما يضطر للخضوع والالتزام يميل لممارسة أعمال انتقامية وإن كان بشكل سري، فيفسد عمل الشركة التي يعمل بها لأنه تعرض لعقوبة بسيطة مثلاً.
- عدم القدرة على التعاطف: تشترك الشخصية السادية مع الشخصية النرجسية والشخصية المعادية للمجتمع بعدم القدرة عل التعاطف، وفقدان الشعور بالذنب أو الندم بعد إيذاء الآخرين وإن كانت هذه الأذية جسيمة، كما يفتقد الشخص السادي مشاعر الشفقة والرحمة في أغلب المواقف، ما قد يدفعه لإيذاء الأشخاص الضعفاء أو الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم دون الشعور الندم.
- عدم الشعور بالذنب: الشخص السادي لا يشعر بالذنب أبداً على أي خطأ ارتكبه وتجاه أي أحد كان، فهو يقوم بإيذاء الآخرين وإهانتهم بشكل مقصود ومتعمد ويشعر بالمتعة والإثارة جراء ذلك، لذا فهو لا يمكن أن بشعر بالذنب أو يحاكم نفسه على أي سلوكيات غير مناسبة تجاه الآخرين، كما أن فقدانه للرحمة والشفقة والتعاطف يعطّل لديه مشاعر الندم والذنب تماماً.
لا يوجد سبب واضح أو محدد لاضطراب الشخصية السادية، ويعتقد الأطباء والمعالجون النفسيون أن الشخصية السادية تتطور نتيجة مجموعة من العوامل، بدءً بالعوامل الوراثية مروراً بعوامل التربية وتجارب الطفولة المبكرة، كما يمكن النظر إلى اضطراب السادية كجزء من بعض اضطرابات الشخصية على غرار اضطراب الشخصية النرجسية واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع وغيرها، وأهم أسباب الشخصية السادية:
- قد تتطور الشخصية السادية نتيجة عوامل وراثية، حيث يعتقد أن الأشخاص الذين يعانون من السادية لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات العدوان ومنها السادية، مع ذلك لا يوجد أدلة كافية على العلاقة بين اضطراب الشخصية السادية والعامل الجيني.
- العوامل البيئية من الأسباب الرئيسية في تنمية صفات الشخصية السادية، مثل التعرض للإيذاء والتعذيب في سن مبكرة وتجارب الإهمال العاطفي في الطفولة، ونمط التربية الصارم والعنيف، أو العيش في بيئة قاسية تعطي أهمية لهذه الصفات، أو وجود شخص مازوخي يشجع على تنمية صفات سادية لدى المحيطين به خصوصاً أطفاله.
- الاضطرابات النفسية ومشاكل الصحة العقلية أيضاً من الأسباب القوية لظهور سلوك الشخصية السادية، حيث ترتبط الشخصية السادية بمجموعة من اضطرابات الشخصية كالنرجسية واضطرابات الغضب والاضطرابات والانحرافات الجنسية.
- أحياناً تلعب الاضطرابات العصبية دور في نشوء الشخصية السادية مثل الإصابة بتلف في الدماغ أو التغيرات الهرمونية، وبالتالي التسبب بظهور أعراض شديدة من اضطراب الشخصية السادية واضطرابات العدوان والاندفاع الأخرى.
- السادية المكتسبة والتي تظهر في مراحل متقدمة نسبياً من العمر بعد تجاوز سن المراهقة، وقد تكون نتيجة بعض الأفكار التي يكتسبها الفرد من الأفلام والروايات والمسلسلات وعلى وجه الخصوص المواد الإباحية، وعلى الرغم أن هذا التأثير غالباً ما يرتبط باستعداد مسبق للسادية، لكنه يعتبر من أقوى المحفزات المباشرة لتطوّر الشخصية السادية وسلوكياتها.
- القدرة على الإيذاء بشكل متعمد: الرجل صاحب الشخصية السادية يكون قادراً على التسبب بالأذى بشكل متعمد دون أي شعور بالذنب أو الشفقة، وينعكس ذلك في تعامله مع كل من حوله، وخاصة الأسرة التي يسعى إلى إخضاعها والسيطرة عليها بعنف وقوة.
- الرغبة في الإيذاء الجنسي: يميل الرجل السادي إلى الجنس العنيف مع زوجته لحد الأذى ولا يهتم إن كانت موافقة أم لا، وقد يكون هذا الإيذاء والعنف الجنسي عبارة عن تعذيب خفيف أو شديد حسب درجة الاضطراب ومدى وعي الشخص بتصرفاته، ومدى سماح الشريكة بهذا الإيذاء، كما يمتلك الشخص السادي خيالات جنسية شديدة التطرف تتعلق بالعنف والإخضاع الجنسي.
- الميل للعنف والاعتداء: يلاحظ على الرجل السادي ميله للاحتكاك الجسدي المباشر العنيف مع الآخرين، وقد يتجلى ذلك بمحاولة افتعال المشاكل التي تقود للعراك الجسدي، كما يظهر الميل للاعتداء على الشخص السادي من خلال اقتناء أدوات وأسلحة مثل السياط والسكاكين والأسلحة النارية.
- هوس السيطرة والاستحواذ: من أهم علامات السادية عند الرجل الميل الشديد للسيطرة على من حوله دائماً وخاصة الزوجة والأسرة والابناء وزملاء العمل، ويصل حب السيطرة عند الرجل السادي إلى هوس الاستحواذ والتعامل مع الآخرين كأملاك خاصة به لا يحق لهم التصرف دون رغبته وتوجيهه.
- السلوك العنيف المتكرر: الفرق بين الرجل العدواني أو العنيف وبين الرجل السادي هو تكرار السلوك العنيف المتزامن مع انعدام الشعور بالشفقة والذنب وغياب الدوافع أو الأسباب الواضحة للعنف والإيذاء، وعادةً ما يقوم الشخص السادي بسلوكيات عنيفة غير مبررة بشكل منتظم، قد تصل إلى إيذاء أشخاص غرباء عنه تماماً.
- الأنانية المفرطة: عادةً ما يتصف الرجل السادي بالأنانية الشديدة، ولا يهتم بمشاعر الآخرين أو آرائهم أو حقوقهم عليه، ويضع نفسه أولاً وفوق كل اعتبار، ويترجم هذه الأنانية من خلال سلوكه مع أفراد أسرته والمقربين بشكل أساسي.
- الرغبة في الإيذاء النفسي أو الجسدي: على غرار الرجل السادي يكون لدى المرأة السادية رغبة شديدة بالإيذاء النفسي أو الجسدي للشريك الجنسي، ويمكن أن يتضمن ذلك الإيذاء الجسدي أو النفسي أو كلاهما، وعادةً ما تميل المرأة السادية للسيطرة التامة في العلاقة الحميمة والتي تتضمن التحكّم والإخضاع.
- الشعور بالسيطرة: ترغب المرأة السادية أيضاً في السيطرة على الشريك، وقد تسعى إلى تحقيق بكافة الطرق الممكنة سواء في العلاقة بشكل عام وليس فقط في العلاقة الجنسية، وقد تلجأ المرأة السادية للابتزاز وإثارة الغيرة لتحقيق ذلك، بل قد تلجأ أحياناً للبحث عن علاقة جديدة تلبي لديها هذه الرغبة.
- الاستمتاع بإحراج الشريك: تستمع المرأة السادية بشكل كبير عندما تفتعل مواقف تسبب الإحراج للشريك، سواء في العلاقة الجنسية أو حتى في أمور أخرى، وقد تستخدم الكلام الجارح أو الأفعال العنيفة لتحقيق ذلك.
- الاستمتاع بإيذاء الشريك: وهذه الصفة مشتركة بين الرجل والمرأة أصحاب الشخصية السادية، فهي تشعر أيضاً بالاستمتاع بإيذاء الآخرين وخاصة الشريك وتعنيفه إذا أمكنها ذلك وتشعر بلذة عن رؤية المعاناة التي تتسبب له بها.
- تعنيف الأبناء: من صفات المرأة السادية أنها قد تربي أبناءها بطريقة عنيفة، وعادةً ما تميل الأمّ السادية إلى تعنيف الأبناء جسدياً ونفسياً في سن مبكرة حتى قبل أن يصلوا إلى مرحلة من الوعي، وهذا أيضاً ما يمكن ملاحظته مع الأب السادي.
يمكن علاج الشخصية السادية من خلال تقنيات العلاج النفسي وعلى رأسها العلاج السلوكي المعرفي، وعادةً ما يبدأ علاج الشخصية السادية من تقييم الحالة وتحديد الأسباب والعوامل والتجارب المرتبطة بتطور الصفات والدوافع السادية عند المريض، ثم الانتقال إلى محاولة معالجة جذور هذه الدوافع وتعديل استجابة الشخص السادي للمحفزات، وقد يترافق هذا العلاج مع استخدام أدوية مضادة للاكتئاب والقلق.
في حال كانت الصفات السادية أعراضاً لاضطرابات نفسية أخرى مثل اضطراب الشخصية النرجسية، سيعمل المعالج النفسي على علاج الاضطراب الأساسي أولاً بالتزامن مع منح المريض بعد التقنيات النفسية التي تساعده على كبح الرغبة في الإيذاء، وبالتزامن مع استعمال الأدوية اللازمة.
كما تلعب الأسرة والبيئة الاجتماعية دوراً مهماً في علاج اضطراب الشخصية السادية، من خلال فهم طبيعة هذه الشخصية والتعرف أكثر إلى محفزات السلوك العدواني والعنيف، واحتواء المريض بالطريقة المناسبة التي تساعده على الاستفادة من العلاج.