ما هو الأنسولين وعلاقته بالسكري والعلاج بالأنسولين
يعتبر هرمون الأنسولين من أهم الهرمونات المتحكمة بعملية الاستقلاب والأيض وتنظيم سكر الدم، ويرتبط اضطراب افراز الهرمون بداء السكري بأنواعه، كما يتم استعمال الأنسولين المكمّل للسيطرة على مستويات السكر في الدم، نتعرف في الفقرات التالية إلى عمل هرمون الأنسولين وأهميته في الجسم.
الأنسولين (بالإنجليزية: Insulin) هو هرمون بروتيني يحوي على مجموعة من الحموض الأمينية يتم إفرازه من جزر لانجرهانز في البنكرياس استجابةً لارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم، حيث يعمل الأنسولين على خفض مستوى الجلوكوز في الدم عن طريق زيادة امتصاص الجلوكوز من قبل الخلايا الموجودة في الكبد والنسج الدهنية لتخزينه على شكل غلوكوجين، وكذلك في الخلايا العضلية لتحويله إلى طاقة مباشرة بدلاً من الدهون أو الطاقة المخزّنة.
يعتبر الأنسولين مفتاحاً للخلايا ينبهها لامتصاص السكر من الدم، حيث يقوم بالتشابك مع خلايا الجسم لتستقبل الجلوكوز وتحوله إلى طاقة، وفي حالة مقاومة الأنسولين يقوم الجسم بإفراز الأنسولين لكن الخلايا لا تتعرف على هذا المفتاح، ما ينتج عنه زيادة مستوى السكر في الدم وهو مرض السكر من النوع الثاني، فيما يعاني المريض بالسكري من النوع الأول من نقص إفراز الأنسولين. [1-2-3]
دواء الأنسولين الخارجي (الطبي) يستخدم عند مرضى السكري نتيجة عدم كفاية الأنسولين الطبيعي في الجسم مثل مرضى السكر النوع الثاني، أو وجود خلل في إفراز الأنسولين مثل مرضى النمط الأول من داء السكري، أو في الحالات التي لا يمكن فيها استخدام خافضات السكر الفموية مثل السكر الحملي.
يتوفر دواء الأنسولين كحقن تحت الجلد وهناك أنواع متعددة من الأنسولين المعد للحقن بناءً على مستويات الجلوكوز في الدم وتحدد بإشراف الطبيب الجرعات والطريقة المناسبة للاستعمال، ويشبه الأنسولين البشري في بنيته الهرمون الحيواني لهذا السبب يستخدم عادةً الأنسولين الحيواني بالإضافة إلى الأنسولين البشري العادي في صناعة حقن دواء الأنسولين المستخدمة عند مرضى داء السكري.
الحالات التي يستخدم فيها العلاج بالأنسولين
- السكري من النوع الأول: ويسمى أيضاً بداء السكري المعتمد على الأنسولين، يعتبر السكري من النوع الأول من أمراض المناعة الذاتية حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة خلايا البنكرياس ما يؤدي إلى عدم القدرة على إنتاج الأنسولين الطبيعي بشكل كافي للجسم أو انعدام إفرازه، وفي هذه الحالة يضطر المريض إلى الاعتماد على حقن الأنسولين طيلة حياته وغالباً ما يتم تشخيص هذا المرض عند الأطفال والشباب لذلك يسمى أيضاً سكر الأطفال أو سكر الشباب.
- مرض السكر من النوع الثاني "مقاومة الأنسولين": كما يسمى داء السكري غير المعتمد على الأنسولين، وهو يحدث نتيجة مقاومة خلايا الجسم لهرمون الأنسولين وضعف تأثيره، ما يعني أن الجسم بحاجة إلى تراكيز أعلى من الأنسولين لتعطي نفس تأثير هرمون الأنسولين الطبيعي عند الأشخاص الأصحاء، ويمكن التحكم بهذا النوع من السكري عن طريق خافضات سكر الدم الفموية إلا أنها غير كافية في بعض الحالات فلا بد من استخدام دواء الأنسولين للوقاية من ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم.
- السكر الحملي: من الأنواع الأقل شيوعاً لمرض السكري فيمكن أن تتعرض المرأة خلال فترة الحمل لخلل في إفراز هرمون الأنسولين وغيره من الهرمونات مما قد يسبب ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم، ولا يمكن للمرأة الحامل استخدام الأدوية الفموية الخافضة للجلوكوز، وكون دواء الأنسولين جزيء كبير لا يعبر من الأم للجنين عبر المشيمة خلال الحمل فهو الخيار الوحيد لخفض مستوى الجلوكوز في الدم عند المرأة الحامل دون أن يؤثر على الجنين.
- متلازمة السكر أحادية الجين: هو مرض وراثي نادر يظهر فيه ارتفاع في مستويات الجلوكوز في الدم منذ الولادة أو في مرحلة الشباب عادةً يختفي في مرحلة الطفولة ولكن غالباً يعود في مراحل عمرية متقدمة، يستخدم دواء الأنسولين لعلاج ارتفاع الجلوكوز في الدم عند حديثي الولادة للوقاية من الأعراض المرتبطة بارتفاع السكر.
يمكن استخدام دواء الأنسولين عند مرضى السكري من النوعين الأول والثاني وكذلك السكر الحملي، حيث يتم تحديد نوع الأنسولين بحسب العمر أو نشاط الجسم أو استجابة كل شخص لحقن الأنسولين ومن أنواع دواء الأنسولين المتاحة الاستخدام:
- الأنسولين السريع جداً: يبدأ تأثير حقن الأنسولين فائقة السرعة خلال دقيقتين إلى 15 دقيقة، ويتم أخذ الجرعة مع الوجبة الأولى من الطعام وقبل كل وجبة، ويستمر هذا التأثير لمدة 4 ساعات، حيث يمتصه الجسم بسرعة كبيرة.
- الأنسولين سريع المفعول: يبدأ تأثير حقن الأنسولين السريع خلال 15 دقيقة، يتم تناول الجرعة قبل وجبة الطعام ويستمر التأثير لمدة ساعتين إلى 3 ساعات من تناول الجرعة وأيضاً امتصاصه بسرعة من النسج إلى الدم.
- الأنسولين قصير المفعول: وهو الأنسولين البشري العادي، يبدأ تأثير الأنسولين قصير المفعول خلال نصف ساعة، يتم تناول الجرعة قبل وجبة الطعام بنصف ساعة أو ساعة كاملة ويستمر التأثير من 3 إلى 6 ساعات، حيث يتم امتصاصه في الجسم بسرعة أقل من الأشكال السابقة.
- الأنسولين متوسط المفعول: يبدأ تأثير حقن الأنسولين من 2 إلى4 ساعات ويستمر تأثيره من 12 إلى 18 ساعة، يستخدم مرة أو مرتان يومياً كونه طويل الأمد، ويعتبر الأكثر فعالية لضبط السكر في الدم وخاصة عند استخدامه بالمشاركة مع الأنسولين السريع أو القصير المفعول حسب حاجة الجسم.
- الأنسولين طويل المفعول: يستمر مفعول الأنسولين طويل المفعول معظم اليوم مع المحافظة على المستوى الثابت للأنسولين منذ تناول الجرعة، لذا يتم استخدامه لمرة واحدة يومياً، يبدأ تأثير الأنسولين من ساعتين ويستمر إلى 24 ساعة ويمكن مشاركته مع الأنسولين سريع المفعول أو قصير المفعول حسب الحاجة.
- الأنسولين ممتد المفعول: يبدأ تأثير الأنسولين ممتد المفعول من 6 ساعات ويستمر حتى 36 ساعة ويستخدم كجرعة واحدة يومياً، كما يمكن استخدامه بالمشاركة مع الأنسولين السريع أو القصير المفعول حسب الحاجة.
- الأنسولين المختلط: أكثر أنواع الأنسولين شيوعاً وهو عبارة عن مزيج من الأنسولين قصير المفعول والأنسولين المتوسط المفعول ويستخدم مرتان يومياً قبل وجبة الطعام ب 10 دقائق إلى 30 دقيقة، ويستمر تأثيره من 10 إلى 16 ساعة. [1-3-5]
- زيادة الوزن بسبب الأنسولين: تعتبر زيادة الوزن من الأعراض التي تظهر على المرضى الذين يستخدمون دواء الأنسولين وذلك لمنع الجسم من استخدام الدهون للحصول على الطاقة والاعتماد على السكريات بالآلية التي يتبعها الأنسولين لخفض مستويات الجلوكوز في الدم ما يزيد من تراكم الدهون في الجسم.
- انخفاض سكر الدم: قد تظهر أعراض انخفاض الجلوكوز في الدم نتيجة استخدام دواء الأنسولين بشكل غير صحيح أو بجرعات غير مدروسة، من أهم هذه الأعراض الشعور بالتعب والرجفة الناتجة عن انخفاض مستويات السكر فيجب تناول وجبة الطعام بما يتوافق مع جرعة دواء الأنسولين الموصوفة.
- طفح جلدي أو تورم: من الممكن ظهور طفح جلدي أو تورمات في أماكن الحقن للأنسولين نتيجة الاستخدام المطول، لذا ينصح بأخذ جرعات دواء الأنسولين في أماكن مختلفة من الجسم مثل الفخذين والبطن والجزء العلوي من الذراع.
- القلق والاكتئاب: يتعرض مرضى السكري الذين يتعالجون باستخدام دواء الأنسولين للشعور بالاكتئاب بسبب التناول المستمر للجرعات عن طريق الحقن وكذلك التغيرات التي تطرأ على حياة المريض خلال العلاج المستمر لمدى الحياة.
- السعال: قد يظهر هذا العرض عند الأشخاص الذين يستخدمون علاج الأنسولين بالاستنشاق ما يحرض السعال بعد تناول الجرعة.
- التفاعل مع أدوية أخرى: يتداخل دواء الأنسولين البشري مع العديد من الأدوية التي يتناولها بعض المرضى كأدوية الاكتئاب مثل الفلوكسيتين، أدوية الضغط مثل الانالابريل والفالسارتان، مسكنات الألم مثل الأسبيرين، وخافضات السكر الفموية الأخرى التي قد تسبب انخفاض شديد في مستوى الجلوكوز في الدم، ومن الأدوية التي تزيد من مستوى الجلوكوز في الدم وتقلل من فعالية دواء الأنسولين بعض خافضات الكوليسترول مثل النياسين، ففي حال تناول أدوية أخرى يجب استشارة الطبيب قبل البدء بتناول الأنسولين. [1-2-5]
هناك العديد من الأشكال التي تتوفر في الصيدليات لأخذ جرعات الأنسولين حسب نوع الأنسولين المستخدم بالنسبة للمريض، ومن أكثر هذه الأشكال شيوعاً ما يلي:
- أقلام الأنسولين: تعتبر أقلام الأنسولين سهلة الاستخدام خاصةً بالنسبة للأطفال وكبار السن لدقتها في تحديد الجرعة، كما تعد أقل ألماً من الحقن المخصصة لدواء الأنسولين لأن الابر الموجودة في الأقلام قصيرة ورقيقة، وتتوفر أقلام الأنسولين معبئة جاهزة أو أقلام تعبئ بخراطيش يتم ادخالها يدوياً إلى القلم، رغم مزايا الأقلام المستخدمة لحقن دواء الأنسولين إلا أنه لا يمكن استخدامها في جميع أنواع الأنسولين الدوائي.
- دواء الأنسولين متعدد الاستخدام: وهي طريقة الاستخدام الأكثر شيوعاً وذلك لسهولة سحب الجرعة التي يحددها الطبيب من قبل المريض ضمن محاقن مخصصة لتناول دواء الأنسولين تحت الجلد، وهي مناسبة لكافة أنواع الأنسولين وأقل تكلفة من الأقلام والأشكال الأخرى لدواء لأنسولين.
- الأنسولين الوريدي: تستخدم حقن الأنسولين في الوريد في المشافي في حالات ارتفاع السكر وغالباً يستخدم محاليل الأنسولين السريع المفعول في هذه الحالات.
- أنسولين استنشاق: يوجد دواء الأنسولين من النوع الطويل المفعول على شكل استنشاق عن طريق الفم تستخدم قبل الوجبة تماماً مثل بخاخات الربو، ولكنها قد تكون باهظة الثمن بالنسبة للأنواع الأخرى، وقد يتعرض المرضى الذين يستخدمون دواء الأنسولين بطريقة الاستنشاق إلى بعض المشاكل مثل عدم ضبط الجرعة وظهور أعراض كالسعال، ولكن بالمقابل تظهر أعراض جانبية ناتجة عن تناول دواء الأنسولين مثل هبوط السكر.
- مضخات الأنسولين الذكية: هي عبارة عن جهاز الكتروني نصف ذكي يعمل على ضخ جرعة دواء الأنسولين استجابةً لارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم على مدار اليوم بألية مشابهة لعمل غدة البنكرياس، ويتم ذلك عن طريق ضخ كمية دواء الأنسولين اللازمة من خلال أنبوب بلاستيكي صغير يوضع هذا الأنبوب في الطبقة الدهنية تحت الجلد غالباً أعلى الذراع أو البطن تحت المعدة من قبل المريض ويتم استبداله كل ثلاثة أيام بإشراف الطبيب.
ويتم ادخال كمية الأنسولين اللازمة (قصير المفعول أو سريع المفعول) عند تناول وجبات الطعام والتي يتم ضبطها من خلال الجهاز الالكتروني الذي يمكن من ضبط إعدادات الجهاز من قبل الطبيب بحسب احتياجات المريض، ولكنه بحاجة إلى درجة عالية من التدريب لمعرفة ضبط الجرعة المناسبة وتعبئة الخزان بدواء الأنسولين واستبدال الانبوب، كما يعد من أغلى الاشكال الموجودة من الأنسولين. [3- 5]
إن اتباع نظام غذائي صحي ضروري بالنسبة لمرضى السكر من أي نوع للحفاظ على مستويات الجلوكوز في الدم فمن العناصر الأساسية التي يجب إضافتها إلى هذا النظام الغذائي:
- الخضراوات غير النشوية: تعد الخضراوات من العناصر الأساسية التي تضاف إلى النظام الغذائي الخاص بمرضى السكر للحفاظ على انتظام مستويات الجلوكوز والأنسولين في الجسم.
- الأطعمة الغنية بالبروتينات: تعتبر البروتينات التي تتفكك إلى حموض أمينية خلال عملية الهضم وتنتقل إلى جهاز الدوران لها دور حاسم في تحفيز خلايا البنكرياس على افراز الأنسولين بشكل طبيعي.
- الدهون الصحية: تساعد الدهون الصحية خلايا البنكرياس على افراز الأنسولين بشكل طبيعي عند ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم.
- الحبوب الكاملة: تحتوي الحبوب الكاملة على كمية كبيرة من الألياف وعدد أقل من العناصر الغذائية فهي تساهم في الحفاظ على مستوى السكر في الدم.
- السمك: يحوي السمك على ال اوميغا3 وهو من الدهون الصحية بالإضافة إلى احتوائية على كمية عالية من البروتينات التي تعزز من افراز الأنسولين.
- الكاكاو: يحتوي الكاكاو على الفلافوئيد إيبيكاتشين، والتي تساعد على الحفاظ على مستويات السكر في الدم وزيادة حساسية الخلايا للأنسولين.