كيف أعرف شخصية طفلي ومتى تتكون شخصية الطفل؟
معرفة شخصية الطفل وصفاتها وخصائصها من الأشياء الجوهرية في عملية التربية، فاختلاف شخصية الأطفال تختلف طرق التعامل والإرشاد والنصح، وتختلف التفضيلات التعليمية والألعاب والمواهب، هذا ما يفسر رغبة الاهل في التعرف على شخصيات أطفالهم منذ الصغر، فما هي أنماط شخصيات الأطفال، ومتى تتكون شخصية الطفل، وكيف يمكن التعرف عليها؟ كل هذا وغيره سوف نتعرف عليه في هذا المقال.
متى يتم تكوين شخصية الطفل؟ يبدأ تكوين شخصية الطفل من المرحلة الجنينية، حيث يحمل معه بعض الصفات الوراثية من الوالدين إلى جانب العوامل والظروف المحيطة بفترة الحمل والولادة والتي تلعب دوراً باكتساب الطفل بعض سمات الشخصية المستقرة نسبياً، ثم تتطور شخصية الطفل وتنمو مع تطور قدراته الذهنية والحركية في كل مرحلة عمرية وحسب ظروف التربية والظروف البيئية التي يعيش فيها.
حدد عالم النفس الشهير سيغموند فرويد 5 مراحل لنمو وتطور الشخصية عند الطفل تبدأ من عمر يوم إلى عمر 18 عاماً، وأطلق عليها (المراحل النفسية الجنسية) حيث ربط بين التطور الجسدي للطفل وتأثيره على الغرائز الجنسية، وأضاف تلميذه أريك أريكسون 3 مراحل إضافية لتطور الشخصية عند الإنسان بعد الطفولة والمراهقة، والشائع تقسيم تطور شخصية الطفل إلى: (الرضاعة، الطفولة المبكرة، الطفولة الوسيطة، الطفولة المتأخرة، المراهقة).
ويمكن تحديد مراحل تكوين الشخصية عند الأطفال بالشكل التالي:
- مرحلة الرضاعة (من عمر يوم إلى 18 شهراً): وأهم ما يكتسبه الطفل في هذه المرحلة هو الشعور بالثقة بوالديه ومقدمي الرعاية له والذين يقومون على تأمين احتياجاته الأساسية، في هذه المرحلة من تكوين شخصية الطفل يبدأ أيضاً بإدراك انفصال جسده عن العالم من حوله مع بداية تطوّر مهارات الحركة والكلام.
- مرحلة الطفول المبكرة (من عمر 18 شهراً إلى 3 سنوات): حيث يبدأ الطفل باكتشاف بيئته بشكل مستقل أكثر ويتعرف إلى العالم من حوله من خلال الاستكشاف والتجارب، وفي هذه المرحلة يجب أن يسمح الأهل للطفل بالقيام ببعض الأمور بمفرده لتعزيز تطور مهاراته الذهنية والحركية والاجتماعية والعاطفية ودعم تطور شخصيته.
- مرحلة الطفولة الوسيطة (من عمر 3 سنوات إلى 5 سنوات): أو مرحلة ما قبل المدرسة، تبدأ سمات شخصية الطفل بالظهور بشكل أفضل مع تطور قدرته على التواصل والتعبير، وفي هذه المرحلة يستطيع الطفل تمييز نفسه نوعياً (ذكر أو أنثى) كما يبدأ ميله للتواصل مع أقرانه بشكل أكثر عمقاً ويكون أكثر فضولاً للتعرف على الأشياء وخوض التجارب.
- مرحلة الطفولة المتأخرة (من عمر 5 سنوات إلى 12 سنة): وتعتبر من أهم مراحل تطور شخصية الطفل، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة بمقارنة نفسه بالآخرين، والبحث عن الشعور بالانتماء والفخر من خلال الإنجازات، كما تكتمل معظم مهاراته الحسية والحركية والذهنية عند عمر 12 سنة، ويستطيع فهم الأفكار والمفاهيم المجردة وتحليلها.
- مرحلة المراهقة (من عمر 12 سنة إلى عمر 18 سنة): وهي آخر مراحل تطور شخصية الطفل، حيث يكتسب الطفل جميع السمات الأساسية والمستقرة في شخصيته، ويصبح قادراً على فهم هذه السمات لكنه ليس قادراً على إدارتها بالضرورة! وعلى الرغم أن الشخصية تكون مكتملة وناضجة مع نهاية مرحلة المراهقة، لكن ما زال أمام البالغ فرص عديدة لإحداث تطورات وتغيرات كبيرة في الشخصية بشكّل متعمّد أو بفعل الظروف والتجارب التي يمر بها.
يمكن معرفة شخصية الطفل وتحديد سماتها من خلال مراقبة تفاعله مع المواقف المختلفة في الحياة اليومية بشكل طبيعي، وعادةً ما يعبّر الأطفال عن سمات الشخصية وصفاتها من خلال ردود الأفعال المباشرة والعفوية، والرغبات والأفكار التي يعبرون عنها في مرحلة الطفولة الوسيطة والمتأخرة، ويجب أن يتجنب الأهل محاولة الحكم على شخصية الطفل بشكل متسرّع أو محاولة تحديد سمات معينة يرغبون بها وإجبار الطفل على تبنيها، وأهم خطوات معرفة شخصية طفلك:
- راقب سلوكياته: السلوكيات التي يقوم بها الطفل خلال يومه بشكل طبيعي ودون أي تدخل يمكن أن تعبر إلى حد كبير عن شخصيته أو سماتها بشكل عام، فالطفل الثرثار كثير الكلام غالباً يكون صاحب شخصية فضولية ومحب للتعلم، والطفل الذي يقوم بوضع الخطط وإصدار الأوامر للآخرين لتنفيذها يمكن أن يكون صاحب شخصية قيادية.
- تحدث معه وتعرف على أفكاره: بالإضافة للسلوكيات التي تصدر عن الطفل، فإن الأفكار التي تدور في رأسه الصغير والتي يمكن معرفتها من خلال التحدث معه قد تعبر إلى حد كبير عن شخصيته، حيث يمكن ملاحظة سمات الشخصية الرئيسية من خلال الحديث المفتوح مع الطفل حلو أفكاره وآراءه بما يراه أو يتعامل معه.
- انتبه لنوع الألعاب التي يفضلها: غالباً ما توضح اهتمامات اللعب عند الأطفال وتفضيلاتهم نوع الأفكار التي تدور في مخيلتهم وبالتالي نوع شخصيتهم، فبعض الأطفال يفضلون الألعاب الفردية والبعض الآخر يفضل الألعاب الجماعية، أحياناً يأخذ الطفل دور القائد في اللعبة وطفل آخر يأخذ دور التابع، أحياناً يظهر الطفل شجاعة في ألعاب معينة، وغيره يبدي تخوف من نفس الأشياء، وكل هذه الأمور تعتبر عوامل تساعد مع عوامل أخرى في تحليل شخصية الطفل.
- لاحظ كيف يتصرف في المواقف الاجتماعية: فالمواقف الاجتماعية تعطي فكرة عن مدى مهارات الطفل الاجتماعية وقدرات التواصل لديه، وإذا ذو شخصية خجولة وضعيفة أو شخصية قوية واثقة من ذاتها، كما يظهر إذا كان شخص محب للآخرين أو شخص يحب الوحدة أو شخص عدائي وغيرها من الصفات الشخصية.
- اختبر قدرة طفلك على تحمّل المسؤولية: فإذا تمكن الطفل من تحمل المسؤولية التي وضعتها على عاتقه، فهذا يعني أنه شخص مسؤول يفكر بالعواقب ويرغب بأن يراه الآخرين على هذه الصورة، أما إذا فشل في تحمل المسؤولية لأسباب تتعلق بإهماله، فهذا يعني أنه شخص ملول ولا يقدر قيمة الأشياء أو الأفعال، وإذا قام بالتهرب من المسؤولية فقد يعني ذلك أنه غير واثق من نفسه أو شخص أناني ويفضل اللعب على المساعدة، وإذا قام بطلب أجر لتحمل المسؤولية فيمكن القول أنه صاحب عقلية تجارية أو انتهازية.
- راقب ردود فعله في المواقف المختلفة: طبيعة رد الفعل التي تصدر عن الطفل أيضاً يمكن أن تظهر نمط الشخصية التي يتصف بها، فإذا تعرض مثلاً للاعتداء من قبل من هم أصغر منه ولم يدافع عن نفسه فهو يتصف بالخجل والضعف، وإذا قام بالرد بما يناسب الموقف فغالباً هو شخص متعقل ولا يعطي الأمور أكثر من حجمها الطبيعي، وإذا رد بطريقة سيئة مؤذية للطفل الآخر، فهو صاحب شخصية عصبية وقد يواجه مشاكل في إدارة الغضب.
- الطفل ذو الشخصية الحساسة: يكون الطفل شديد الحساسية سريع الزعل أو الخوف، لا يحب الاقتراب من الغرباء، يبالغ في البكاء والصراخ عند رفض طلباته أو إزعاجه من قبل أحد خاصة أهله، ويكون غالباً صاحب شخصية غيورة.
- الشخصية الخجولة: وهو من أنماط الشخصية المنتشرة بين الأطفال، والواقع أنه يوجد مراحل عمرية هي التي يتصف فيها الطفل بالخجل الزائد أكثر ما تكون صفة في شخصيته، حيث يعتبر الخجل من مميزات مرحلة الطفولة المبكرة بين 3 و5 سنوات، كما قد يكون المراهق أيضاً خجولاً أو متجنباً للمواقف الاجتماعية.
- الطفل ذو الشخصية القيادية: بعض الأطفال يتميز سلوكهم بالقيادية ويظهر هذا في تعالمهم مع الأطفال الآخرين والعابهم ونوع الشخصيات التي يقتدون بها ويحبونها، ففي اللعب يأخذ شخصية القائد الذي يوزع المهام وينظم اللعبة ويختار دور كل من الأفراد وربما يحل المشاكل ويتحمل المسؤوليات.
- الشخصية الاجتماعية: وهو نمط مرغوب من الشخصية عند الأطفال حيث نجد الطفل يحب التواجد في الأماكن الاجتماعية أو الجلوس مع الكبار، لديه قدرة في تكوين العلاقات مع الأطفال الآخرين يشارك في الحديث، ويكون شخص ودود سريع الانسجام والتقبل مع مختلف الشخصيات والأعمار.
- شخصية الطفل القوية: تحمل الشخصية القوية أكثر من نمط شخصية معاً، فمثلاً يكون الطفل صاحب شخصية اجتماعية وقيادية في نفس الوقت، لديه قدرة على الدفاع عن نفسه يقول ما يريده بجرأة دون خجل أو خوف، ويتصف صاحب الشخصية القوية بالفضول وحب الاطلاع والتعرف على كل ما حوله، ويكون محبوب من قبل الآخرين.
- الشخصية العصبية: يتصف الطفل صاحب الشخصية العصبية بسرعة الغضب والمبالغة في الصراخ أو التخريب عندما يمنع عن رغباته، قد يظهر بعض السلوكيات العدائية أو يثير الفوضى والإزعاج لمن حوله، يحتاج الطفل صاحب الشخصية العصبية إلى تعديل في سلوكه حتى لا يستمر بهذا الحال وتتطور حالته.
- الشخصية الجبانة المترددة: الشخصية الجبانة تكون كثير التخوف من أي شيء جديد، وتنتشر أكثر بين الأطفال الإناث، من الصعب عليهم اتخاذ قرار دائماً ما يتردد صاحب هذه الشخصية تجاه أي شيء، يرغب في البقاء بأمان مع والديه للتحدث عنه والدفاع عنه.
- الشخصية الكسولة: لا يصح القول أن الطفل صاحب شخصية كسولة بشكل عام، ولكن يمكن أن يتصف بهذه الصفة لبعض الوقت أو بشكل دائم لعوامل تربوية وجينية، وتكون هذه الصفة قابلة للتغير، ويتصف الطفل الكسول بتفضيل الألعاب التي لا يوجد فيها حركة، ونجده يتذمر عند طلب أي شيء منه، يرغب دائماً بالنوم أو مشاهدة التلفاز أو اللعب بالألعاب الالكترونية.
بعيداً عن الشخصية الخاصة التي يتميز بها كل طفل عن الآخر، والتي تكون غالباً مرتبطة بظروفه الوراثية والبيئية المكتسبة، فإنه يوجد بعض الصفات التي تميز شخصية الأطفال بشكل عام، ومن هذه الصفات:
- الفضول وحب المعرفة: من المعروف عن الأطفال تدخلهم في كل شيء وسؤالهم الكثير في مختلف المواقف والمجالات وحول أي شيء في الوجود، وهذه الخاصية وإن كانت تسبب الإزعاج في بعض الأحيان، ولكنها أحد خصاص الطفولة الأساسية التي تساهم في توسيع خبرات الأطفال ومعرفهم.
- شدة الملاحظة: الأطفال ليس لديهم الكثير من الأشياء أو الواجبات أو الهموم التي تثقل كاهلهم أو تشغل بالهم، وهذا يجعل لديهم قدرة كبيرة على ملاحظة كل ما يحدث حولهم دون أن يفوتهم أي كلمة سمعوها أو سلوك قام به أحد الأشخاص أمامهم.
- حب اللعب والتجريب والاستكشاف: اللعب هو بوابة الطفل إلى العالم وهو بالإضافة لوظيفة المتعة التي يحققها للطفل، ولكن بنفس الوقت ألعاب الأطفال غالباً ما تستهدف القيام بتجارب لبعض الأشياء والبحث والاستكشاف لأي شيء أو مكان لا يعرفونه، وهي سمة عامة بين جميع الأطفال الطبيعيين تقريباً.
- سرعة تغير الطباع: في مرحلة الطفولة لا يكون الطفل قد كون الصفات والخصائص النهائية لشخصيته، فهو ما زال يتأثر بكل معلومة أو حدث أو تجربة يمر بها، ويتعلم منها وهو أيضاً يقلد سلوك وشخصيات الآخرين، وهذا ما يفسر إمكانية التغيير السريع في الطباع في مرحلة الطفولة.
- الحركة والنشاط: الطفل يكبر ويتطور وينمو كل يوم ويتعلم أشياء جديدة ويتعرف على أماكن أو أفكار أو ألعاب جديدة، وهو يريد تجريب كل هذه الأشياء والتمتع بها والمعرفة عنها أكثر، لذا فالطفل يكون مليء بالطاقة والنشاط، وذلك يترجم على شكل حركة دائمة وكثيرة.
- التعلق السريع: يتصف الأطفال بأنهم سريعو التعلق والتشبث بشكل كبير تجاه أي شيء أو شخص يحبونه، ففي مرحلة الرضاعة يتعلق الطفل بشكل كبير بأمه ثم أمه وأبيه، وفي فترة من الفترات قد يتعلق الطفل بالأب أكثر من الأم أو بأحد أفراد العائلة، وأحياناً قد يتعلق بلعبة أو حيوان أليف ولا يستطيع الابتعاد عنه، وذلك كون عواطف الطفل لا تزال عاطفية وغير مدروسة.
- وجود القدوة الحسنة: من الخطوات الضرورية في سبيل تنمية شخصية إيجابية عند الطفل تتمتع بصفات مقبولة ومرغوبة هو أن يمثل الأهل قدوة حسنة لطفلهم، فشخصية الطفل تتأثر بما حولها من بيئة وبشخصيات الأفراد الموجودين حول الطفل، وأي صفة سلبية أو أجواء سلبية في محيط الطفل غالباً سوف تنغرس بالضرورة في شخصيته والعكس صحيح.
- احترام خصوصية الطفل: حتى يشعر الطفل أن لديه شخصيته الخاصة يجب أن يعرف حدود هذه الشخصية وأن يلاحظ احترام الآخرين لها ولخصوصياتها، فمن جهة يصبح الطفل أكثر ادراكاً لشخصيته المستقلة، وأكثر احتراماً لخصوصيات الآخرين.
- اتاحة الفرصة أمام طفلك للتعبير عن رأيه: عندما يستطيع الطفل التعبير عن رأيه والبوح بأفكاره ويجد تقبلاً واحتراماً لها من قبل الآخرين، سوف يساعد هذا في تنمية شخصيته الخاصة المستقلة، فهو بهذا يدرك أن له أهمية وله رأيه الخاص الفريد وهو شخص مستقل كباقي الأشخاص الموجودين حوله.
- الاهتمام بالتعليم: التعليم وزيادة المعارف تساهم في تكون خبرات لدى الطفل ومعرفة حول أشياء عديدة، وهذه المعرفة تساعده في بناء رأيه الخاص ووجهة نظره حول العديد من الأشياء وسلوكه الذي يتوافق مع وجهة النظر هذه، وينعكس ذلك في تعامله مع الآخرين وفهمه لما يدور حوله.
- تنمية مهارات الطفل الخاصة: إذا كان الطفل يمتلك مهارة أو موهبة خاصة في أي مجال معين، فإن تنمية هذه المهارات والمواهب يشعره بأنه شخص مميز ومختلف عن الآخرين ومنفرد في إمكاناته وقدراته، وهذه يعطيه الثقة والاحترام لذاته الذي يساعده في تكوين شخصية مستقلة سوية.
- عدم كبت الطفل: كبت رغبات الطفل وافكاره واراءه قد يسبب محو لشخصية الطفل وعدم الثقة بنفسه، فإما أنه لا يتمكن من تكوين شخصية مستقلة ومنفردة، وإما يكون شخصية ضعيفة غير واثقة من ذاتها وأهميتها وغير قادرة على التعبير عن نفسها والدفاع عن نفسها وإثبات وجودها.
- التحدث مع الطفل حول أفكاره ومشاعره: عندما نتيح للطفل إمكانية التعبير عن أفكاره ورغباته من خلال التحدث معه بشكل جدي، ومساعدته في فعل ما يريد أو فهم الأشياء التي يفكر فيها، فإنه بذلك يكون صورة عن شخصيته وعن الأشياء التي يجب أن يفعلها في المواقف المختلفة، ويعرف أنه شخص مختلف عن الآخرين وله أفكاره واهتماماته الخاصة.