أثر التربية الخاطئة على شخصية الطفل
معظم جوانب العملية التربوية تنتهي إلى تكوين شخصية الطفل وتحديد ملامحها، وحتى مع وجود بعض السمات الوراثية في الشخصية فإن دور التربية الصحيحة هو تهذيب هذه الصفات وتعديلها، وهنا تكمن أهمية فهم أساليب التربية الصحيحة واتباعها، وتجنب أساليب التربية الخاطئة التي تؤثر على شخصية الطفل.
تبدأ شخصية الطفل بالتشكّل والتطور من الأيام الأولى في حياته، وتعتبر فترة التربية التي تمتد من عمر يوم إلى نهاية مرحلة المراهقة هي المرحلة الأساسية في تكوين شخصية الطفل واكتسابها السمات الأساسية التي تكون أغلبها مستقرة وترافق الإنسان مدى حياته.
تأثير التربية على شخصية الطفل يكون من خلال المواقف التربوية التي يمر بها الطفل في مراحل الطفولة المختلفة وكيف تنعكس على دوافعه وأفكاره ومبادئه ومنظومته الأخلاقية، فالتربية السليمة تنشئ في معظم الحالات طفلاً سويّاً من الناحية النفسية والسلوكية والاجتماعية، كما أن التربية الخاطئة تقود في معظم الحالات إلى اضطرابات الشخصية والسلوك.
التربية الخاطئة وعواقبها! تنعكس التربية الخاطئة على شخصية الطفل بشكل مباشر، حيث يكتسب الطفل معظم سلوكياته وأفكاره وقيمه وردود أفعاله من خلال التربية، وتتباين التأثيرات التي يخلفها العنف والإهمال المنزلي للأطفال وغيرها من أساليب التربية الخاطئة على شخصية الطفل، ويمكن تحديد أهم عواقب وآثار التربية الخاطئة على الطفل كالآتي:
- ضعف الشخصية: ضعف واهتزاز الشخصية من أبرز آثار التربية الخاطئة وعواقبها، حيث يصبح الطفل غير قادر على مواجهة المواقف الاجتماعية سواء في طفولته أو حتى عندما ينضج، كما يصبح عرضة بشكل أكبر للإساءة والتنمر والإيذاء الجسدي أو النفسي.
- تقليل الثقة بالنفس: تتأثر ثقة الأطفال بأنفسهم بشكل كبير بالبيئة المنزلية التي ينشئون ضمنها، وكلما كانت هذه البيئة غير صحية كلما قلت ثقة الطفل بنفسه، فقد يسبب الإهمال الذي يتعرض له الطفل من قبل والديه إلى شعوره بالنقص ويكبر على هذا الأساس فيخسر ثقته بنفسه، كما أن العنف اللفظي والجسدي والتنمر من قبل الأهالي تجاه أطفالهم يسبب لهم نظرة دونية تجاه أنفسهم وتقل ثقتهم بنفسهم.
- اكتساب شخصية عدوانية: يميل الأطفال الذين يتعرضون لعنف منزلي أو الذين يعيشون في بيئة منزلية صارمة إلى اكتساب شخصية عدوانية تتطور معهم من مرحلة الطفولة وتستمر حتى مراحل لاحقة، فسوء المعاملة الذي يعانون منه داخل منازلهم ينمي لديهم حالة مستمرة من الغضب والرغبة بالقتال، فينعكس ذلك على شخصيتهم خارج المنزل مع الأصدقاء وفي المدرسة أو حتى داخل المنزل مع الأهل والإخوة.
- الانطوائية والانعزالية: في الكثير من الأحيان يسبب أسلوب الأهل الخاطئ في التربية ضعف في قدرة الأطفال على مواجهة المحيط الاجتماعي نتيجة قلة الثقة بالنفس والنظرة السلبية تجاه الذات، مما يخلق شخصية انعزالية تفضل الوحدة والبعد عن الناس.
- الإصابة باضطرابات الشخصية: الكثير من الاضطرابات النفسية من عواقب التربية الخاطئة للأطفال والتي تؤثر على شخصيتهم، على رأساها الاكتئاب واضطراب القلق الاجتماعي واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع وغيرها.
- مشاكل سلوكية: في بعض الحالات ينشأ لدى الأطفال مشاكل سلوكية تنغرس في شخصياتهم نتيجة الأذى النفسي الذين يتعرضون بمنازلهم أو القيّم والأفكار المنحرفة التي يكتسبونها بسبب التربية الخاطئة، كالرغبة في الأذى الدائم أو بعض السلوكيات المنحرفة كالسرقة والكذب والإدمان وغير ذلك.
- الضرب والتعنيف الجسدي: الذي ينتشر كثيراً في بعض المجتمعات والثقافات قليلة التحضر، وهي من أكثر ما يؤثر سلباً على شخصية الطفل سواء خلال طفولته أو على مستقبله لذا من المهم السعي لتوعية الأهل لضرورة التخلي عن أساليب الضرب والتعنيف في تربية الأطفال.
- العنف النفسي أو الترهيب المعنوي: يعتقد الأهل بعض الأحيان أن تخليهم عن أسلوب الضرب واستبداله بالتهديد أفضل في التربية ويجنبهم آثار التعنيف السلبية على الشخصية، ولكن على العكس تماماً فلا يخلو ذلك من زرع مشاعر الرهبة والخوف التي تحمل تأثيرات سلبية على شخصية الطفل، لذا على الأهل أن يعوا هذا الأمر ليعملوا على تجنبه.
- التجاهل العاطفي: بمعنى آخر إهمال الطفل لمدة طويلة من الناحية العاطفية أو الجسدية وتجاهل عواطفه أو السخرية منها، وقد يعتقد البعض أنها طريقة تساعد في نمو شخصية قوية للطفل خصوصاً عندما يكون ذكراً، لكنها في الحقيقة تسبب العديد من المشاكل النفسية والسلوكية عند الطفل وتؤذي شخصيته بشكل واضح في المستقبل.
- الدلال الزائد للطفل: على الوجه الآخر يعتبر الدلال الزائد للطفل وتركه دائماً بدون عقاب أيضاً من الأخطاء التربوية التي يقع بها الكثير من الآباء، فالطفل لا يعي الخطأ الذي يرتكبه ومن المهم أن ينوه الأهل على ذاك الخطأ بطريقة عقاب مناسبة كي لا يرتكبه الطفل مجدداً ولا يكتسب صفات شخصية سيئة.
- المقارنة المستمرة: المقارنة أحد أكثر الأساليب التربوية الخاطئة تأثيراً على شخصية الطفل، حيث تسبب مقارنة الطفل بغيره شعوراً بالدونية والنقص، يمتزج مع الشعور بالذنب عندما يعتقد أنّه أقل من التوقعات وقد خيّب ظن والديه، كما تقود المقارنة المستمرة في التربية إلى نشوء نزاعات بين الطفل وأشقائه أو أقرانه، إلى جانب تغذية الرغبة لدى الطفل بمقارنة نفسه بالآخرين دائماً ما يجعله يعيش في حالة مستمرة من عدم الاستقرار وفقدان الثقة بالذات وربما الغيرة والحسد المرضيين.
- الحماية المفرطة في تربية الطفل: الرقابة والحماية من أهم أدوار الوالدين في التربية، لكن يجب أن تكون هذه الحماية عقلانية ومحدودة، بحيث تترك مجالاً للطفل لاختبار الحياة على حقيقتها وخوض تجاربه الخاصة التي سيخوضها على كل حال.
- عدم الوضوح في القواعد: مثلاً عندما يتعامل الآباء مع أطفالهم بطرق مختلفة في نفس الموقف، فمرة يعاقبونهم بحزم ومرة يضحكون معهم على نفس الخطأ، وهذا ما يسبب تشتت للطفل ويجعله يشعر دائماً بعدم الأمان تجاه رد فعل والديه مما يؤثر على شخصيته وسلوكه.
- الاهتمام العاطفي: من أهم قواعد التربية الصحيحة أن يهتم الأهل بالجوانب العاطفية والنفسية في التربية دون التركيز عليها بشكل مبالغ بها أو إهمالها تماماً على حساب جوانب الرعاية الأساسية الصحية والتعليمية وغيرها.
- وضع حدود وقواعد واضحة: لبناء شخصية الطفل بطريقة صحيحة يجب دائماً على الأهل وضع حدود واضحة للأطفال وقواعد للسلوك داخل المنزل أو خارجه، ويجب تنبيه الطفل إليها قبل أن معاقبته عليها! لأن عقابه على خطأ دون أن يفهمه لن يعطي أي نتيجة تربوية صحيحة.
- كن حازماً وليس قاسياً: فالحزم يعني الالتزام دوماً بوجود عقاب مناسب مع الخطأ الذي يرتكبه الطفل، فليس من الصحيح معابته مرة وعدم معاقبته على نفس الخطأ مرة أخرى، وحتى لو قرر الأهل أن يكونوا متسامحين مع الأطفال في بعض المواقف وعدم توجيه عقاب مزعج، على الأقل يجب توجيه ملاحظة على الخطأ والتنبيه على عدم تكرارها، أما تجاهلها بشكل كامل سيفسد تربية الطفل.
- تحدث مع طفلك: لا تقوم تربية الأطفال فقط على العقاب على الأخطاء وإنما تعتبر مفهوم أوسع من ذلك بكثير، فالتحدث مع الطفل ومناقشته وإقناعه بالأفكار التربوية الصحيحة وشرح سبب الغضب منه أحياناً من أهم أسس التنشئة والتربية المنزلية السليمة.
- اتبع أسلوب المكافئة: أسلوب المدح والمكافئة للطفل يعتبر أيضاً ذا أهمية في رفع قيمة الطفل أمام نفسه وأمام والديه، وهذا ما يعزز النشوء النفسي والتربوي السليم للطفل، حيث يكون ذلك بمكافئة الطفل بالطريقة المناسبة لعمره ولرغباته عندما يبدر منه سلوك جيد. [4]