كيف أربي طفلاً مميزاً؟ اكتشفي قواعد تربية طفل مميز
تربية طفل مميز يمتلك قدرات ومواهب خاصة تساعده على الابداع والتطور والنجاح في الحياة هو حلم لكل أب وأم، فالشعور بأن الطفل مميز أمر يثير مشاعر الفخر والاعتزاز، بالإضافة للاطمئنان على مستقبل الطفل والشعور بالأمان حوله، فكيف يمكن تربية طفل مميز، وكيف يجب التعامل مع الطفل المميز، وما هي صفاته؟
لتربية طفل مميز، له شخصية خاصة يتمناها جميع الأهل، يوجد بعض الأساسيات والقواعد التي يمكن أن تضمن عند استخدامها بالشكل الصحيح في الوصول لهذا الهدف، ومن هذه الأسس:
- البدء في تنمية مهارات الطفل باكراً: من أساسيات تربية طفل متميز منحه الاهتمام اللازم في عمر مبكر، حيث يعتبر الاكتشاف المبكر للميزات والقدرات الخاصة عند الطفل وكذلك المشاكل أو العقبات التي قد يعاني منها؛ حجر الأساس في تربية طفلٍ متميز ومبدع.
- اكتشاف مهارات وقدرات طفلك المميزة: من وسائل تربية طفل مميز البحث واستكشاف المهارات أو القدرات أو المواهب التي قد يتمتع بها الطفل، فكلما اكتشفت بوقت أبكر، كلما كان هناك فرصة أفضل لاستغلال الوقت من ناحية وعمر الطفل القادر على التعلم والتأقلم من ناحية، لإبراز هذه الميزة لديه وصقلها وبلورتها.
- التركيز على الإمكانات الخاصة: قد يبدي الطفل إمكانات خاصة في مجال علمي أو فني أو حتى اجتماعي معين، مثل القدرة على الحركة بطريقة أفضل من الأقران، أو وجود إمكانات حسابية متفوقة، أو قدرة على تعلم اللغات واتقانها، أو مهارة في استخدام التكنولوجيا، وهنا يجب التركيز أكثر على هذه الإمكانات ومساعدة الطفل في كل ما يحتاج لتنميتها وتطويرها.
- إتاحة الفرصة للتجريب والتعلم: أحياناً يكون عدم ظهور أي إمكانات أو مواهب لدى الطفل ناتج عن عدم تعرضه للأشياء التي تكشف هذه المهارة لديه، فالطفل الذي يملك مهارة في حركة أصابعه بطريقة متقنة وسريعة ومنفصلة ومتتابعة، قد يكون مؤهل للإبداع في استخدام أحد الآلات الموسيقية لكنه لم يجربها ولم يعرف بوجودها اصلاً، وهنا تبدو ضرورة إتاحة الفرصة للطفل للتجريب والتعلم حتى يجد المجال المناسب لقدراته المميزة.
- العمل على زيادة ثقة الطفل بنفسه: الثقة بالنفس من العوامل الضرورية التي تساعد الطفل في التعلم من الخطأ وتكرار المحاولة، وتنمي لديه العزيمة وقوة الإرادة وعدم الاستسلام بسهولة للفشل، وهذه الثقة أيضاً ضرورية لتنمية مهارات التواصل والدخول في أوساط جديدة، وكل هذه النواحي تساعد في تربية طفل مميز.
- تحفيز وتشجيع الطفل: من خلال الثناء والمديح والمكافأة بحدود، فعندما يقوم الطفل باستجابات أو تصرفات مرغوبة أو قيامه بشيء جيد أو تعلمه واتقانه لمهارة أو لغة أو فن من الفنون، فيجب أن يشعر أنه هناك من ينتبه له ويهتم به ويشجعه على هذه الأمور، وهذا يساعد في تحفيزه على تقديم ما هو أفضل.
- السيطرة على غرور الطفل المتميز: مع ضرورة التحفيز والتشجيع ولكن يجب أيضاً عدم المبالغة في ذلك أو نفخ الطفل أكثر من اللازم بحيث تتحول ثقته بنفسه لحالة من الغرور، فالغرور من جهة قد يؤثر سلباً على شخصيته وحضوره الاجتماعي، ومن ناحية أخرى قد يجعله لا يعمل على تطوير ذاته ظناً منه أنه وصل لأفضل شيء ممكن.
تظهر عادةً لدى الطفل المميز بعض الصفات التي يكمن من خلالها التعرف على تميزه، ويفيد هذا في الحماس لتطوير هذا التميز والحفاظ عليه، ومن صفات الطفل المميز:
- التميّز نوع معين من الذكاء: للذكاء لأنواع عديدة ومختلفة ويوجد اشخاص يعتبروا أكثر ذكاءً بأحد الأنواع من نوع آخر، والطفل المميز غالباً ما يكون متمتع بأحد هذه الأنواع، مثل الذكاء الانفعالي أو العاطفي أو القدرة على التعلم، أو المهارة في إيجاد الحلول وحل المشكلات، أو غيرها من أنواع الذكاء.
- سهولة الفهم والتعلّم: لا يعاني الطفل المميز من صعوبات التعلم، فهو إما أن يكون قادر على التعلم بشكل جيد وسريع ومفهوم بشكل عام، أو يكون أكثر ابداعاً في مجال تعليمي معين، كالقدرة على تعلم اللغة بشكل سهل، أو فهم القوانين الرياضية والحسابية، أو ذاكرة قوية قادرة على حفظ المعلومات وتسجيلها بطريقة صحيحة وسريعة.
- الفضول المعرفي: يمكن القول أن أغلب الأطفال فضوليين، لكن مع ذلك فإن فضول الطفل المميز غالباً ما يكون موجه نحو مجال معرفي معين، فهو فصوله هذا نابع عن رغبته في التعلم والتطور، كتعلم القراءة أو الكتابة أو تعلم استخدام أدوات معينة، لذا يكون القول أن الفضول المعرفي هو من الخصائص التي يتصف بها الطفل المميز:
- التفكير الإبداعي: الشخص أو الطفل المميز غالباً ما يتمتع بفكر مبدع وخلاق، وتفكير خارج الصندوق والمعتاد في البحث عن الطرق الأفضل للقيام بشيء معين أو علاج مشكلة ما.
- دقة الملاحظة: الطفل المميز يكون دقيق الملاحظة، فهو ينتبه لكل شيء ويحاول التركيز لمعرفة التفاصيل وفهمها وحفظها، وإيجاد أي أخطاء قد لا تكون مناسبة فيها، فالطفل المميز يريد فهم كل شيء واستيعابه والتعلم منه.
- المهارة في حل المشكلات: يتصف الطفل المميز بأنه يبرع في إيجاد حلول للمشكلات، وحتى وإن كان هو من تسبب بإحداثها، فعندما يرمي الكرة إلى مكان عالٍ لا يستسلم للواقع بسهولة وإنما يعمد لتجريب كل البدائل الممكنة حتى يتمكن من إعادتها، مثل التسلق أو استخدام بعض الأدوات غير المألوفة أو التعاون مع الأصدقاء ضمن خطة معينة.
- امتلاك اهتمامات المختلفة: عادةً اهتمامات الأطفال تتمحور حول اللعب والتنزه ومشاهدة برامج الأطفال وتناول الأطعمة المخصصة للأطفال، والطفل المميز بالرغم من إمكانية وجود هذه الاهتمامات لديه، ولكن من المحتمل أن يبدي اهتمامات مختلفة، مثل الرغبة في التمثيل والتقليد، أو تعلم مهارة معينة، أو اقتناء حيوان أليف ومحاولة إيجاد لغة للتواصل معه.
لا يكفي أن نعلم أن طفلنا مميز وموهوب ويتملك إمكانات خاصة، فحتى لا تضمر هذه المواهب والإمكانات يجب معرفة الطريقة الأمثل لتنميتها والتعامل معها، ومن الأساليب الجيدة للتعامل مع الطفل المميز:
- مساعدة الطفل على تجريب أفكاره: أحياناً يحتاج الطفل لمساعدة الكبار في تنفيذ بعض الأفكار التي تدور في باله والتي قد تعبر عن مهارة معينة لديه أو رؤية وموهبة ونظرة في الأشياء، فمنع الطفل دائماً من الاقتراب من أي شيء وعدم تعليمه الطرق الصحيحة للقيام بأي فكرة من أفكاره، قد يتسبب ذلك بإحباط أفكاره وطموحه وبالتالي ضمور مواهبه ومهاراته إن وجدت، لذا ننصح الأهل بمساعدة الطفل على تطبيق ما يدور في ذهنه من أفكار إذا لم يكن في الأمر خطورة أو خسائر كبيرة.
- إعطاء الطفل الحرية في اختياراته: اعتياد الطفل على تلقي الأوامر والطاعة دائماً للوالدين، وعدم وجود الفرصة لديه للاختيار حتى لو كان اختياره خاطئ في بعض الأحيان، ينتج عن ذلك محو لشخصيته وفقدانه لثقته بأفكاره وقراراته، وهذا يعيق تربية طفل مميز ومبدع.
- تأمين متطلبات تنمية المهارة التي يتميز بها: فعندما يرغب الطفل في بناء مجسم معين باستخدام الصلصال أو أدوات أخرى حتى لو كانت غير مخصصة للعب، من الممكن اتاحة الفرصة له من خلال تأمين هذه المواد، ويمكن أيضاً تركه يستخدم أدوات الكبار تحت إشرافهم ومراقبة ما الذي سوف يفعله بهذه الأشياء وتشجيعه وتعليمه ومساعدته لتعلم الطريقة الصحيحة لتنفيذ ما يقوم به، وإذا كان يتمتع مثلا بموهبة في الرسم أو العزف يجب تأمين متطلبات هذه الموهبة والمعلومات الكافية عنها.
- زيادة ثقافة الطفل ومعرفته حول الأشياء التي يحبها: عندما يكون لدى الطفل معرفة واسعة وثقافة حول مختلف مجالات الحياة، فهذا سوف يؤدي لتوسع آفاق تفكيره وخياراته، وربما سوف يعجب بمجال معين ويتجه للتعلم عنه وتجريبه وتكوين الخبرات فيه، وبالتالي إمكانية ابداعه في هذا المجال أو ذلك عندما يكبر.
- الاستعانة بمدربين محترفين: تأتي أهمية هذه الخطوة عند التأكد من وجود موهبة فعلية لدى الطفل، فمثلاً إذا ابدع في لعبة رياضية معينة يجب المسارعة لتسجيله في النوادي التي تعطي تدريبات في هذه اللعبة على أيدي مشرفين محترفين، وإذا ابدع في الموسيقى يجب أيضاً الاستعانة بمدرب مختص في تعليم النوتة الموسيقية واستخدام الآلة الموسيقية التي يفضلها الطفل، ومثل ذلك إذا أبدى الطفل موهبة في الرسم أو الكتابة أو صناعة الأشياء أو المهارات الحسابية أو اللغوية وأي موهبة أخرى.
- عدم الاستخفاف بحاجات طفلك ورغباته: قد تبدو حاجات الطفل للأهل في بعض الأحيان رفاهيات أو كماليات حسب الوضع المادي للأهل، وأحياناً حتى لو كان الاهل ميسوري الحال فقد يستخفون بمتطلبات الطفل على فرض أنهم يعرفون مصلحته أكثر منه وأنها متطلبات غير ضرورية، وهذا يؤدي لضمور مواهب الكثير من الأطفال، والأفضل من ذلك محاولة تأمين هذه المتطلبات إذا أبدى الطفل استعداد حقيقي للتعلم عنها والتدرب عليها.
- تقديم الرعاية والحب والاحترام: بعيداً عن المواهب والقدرات والمهارات وتنميتها لدى الطفل، فهو في نهاية المطاف طفل صغير، ولديه حاجات عاطفية يجب أيضاً العمل على اشباعها، وذلك من خلال تقديم المحبة والتقدير والاحترام.
- إشراك الطفل في أنشطة متنوعة: بمعنى أن يقوم الاهل بتجريب أي نشاط مناسب لعمر الطفل رياضي أو فني أو تكنولوجي أو تعليمي أو فكري وغيرها من الأنشطة، بهدف التعرف على ميوله ومهاراته.
- مراقبة ميول الطفل وعلاقته بالأنشطة: عندما يبدي الطفل ميل ونجاح في أحد هذه النشاطات أكثر من غيرها، من المحتمل أنه يملك موهبة في هذا المجال، ويجب العمل على تنمية هذه الموهبة وزيادة معرفة الطفل ومعلوماته وتدريباته عليها.
- سؤال المعلمين والمربين: من المفيد أن يبقى الأهل على اتصال ومتابعة مع المعلمين والمشرفين على طفلهم، ليتمنوا من معرفة الاستجابات والاهتمامات التي تظهر منه في المدرسة وبعيداً عن الأهل، بالإضافة لإمكانية استشارة المعلمين حول كيفية تطوير أي مهارة لدى الطفل إذا كان الاهل لا يعرفون الطريقة الصحيحة لذلك.
- سؤال الطفل نفسه عن موهبته: التحدث مع الطفل بشكل دائم حول طموحاته ومواهبه وافكاره ونظرته لنفسه في المستقبل، والأشياء التي يحبها ويفضلها بعيداً عن اللعب والتسلية، يمكن أن تساعد الأهل في معرفة ميوله واهتماماته، وبالتالي عندما الرغبة بمشاركته بنشاط معين يكون الاختيار على أساس هذا الحوار.
- مساعدة الطفل على التجريب والانسحاب: قد يظهر الطفل اهتمام بمجال معين دون معرفة حقيقية حول هذا المجال ومتطلباته وكيفية التدرب عليه، وعندما يدخل فعلاً للواقع قد يتراجع ولا يبدي أي مهارة أو متعة ورغبة حقيقية بالتطور فيه والتنمية، وهنا يمكن مساعدة الطفل على الانسحاب من خلال البحث عن أشياء أخرى.
- تقدير نتائج موهبة الطفل: الاهتمام بالثناء على تطوره بالموهبة نفسها وعدم السخرية منه لو كانت الموهبة جمع الطوابع، فاهتمام الأهل وتحفزيهم يمثل دافع كبير لدى الطفل للتطور والنجاح، وإذا كان الشيء الذي يحبه الطفل غير مجدي في نظر الأهل، فيمكن اتاحة الفرصة له لإشباع ميوله، وتشجيعه بنفس الوقت نحو تعلم شيء إضافي ربما يحبه ويبرع به.