هل الاعتراف بالحب للرجل خطأ وهل يقلل من قيمة المرأة؟
جرت العادة أن يبارد الرجل بالاعتراف بالحب للمرأة التي يرغب بالارتباط بها، وهو الأمر الشائع المقبول على المستوى الاجتماعي، ولكن ماذا عن المرأة إذا أحبت رجلاً ورغبت بالارتباط به؟ فهل يعتبر اعتراف المرأة للرجل بالحب خطأ أو حراماً؟ وهل يقلل اعتراف المرأة للرجل بالحب من قيمتها أو يشعرها بالضعف؟ وأسئلة عديدة حول اعتراف المرأة بالحب سوف نجيب عنها في هذا المقال.
لا يعتبر اعتراف المرأة بالحب للرجل أمراً شائعاً في معظم الثقافات والمجتمعات، وفي حين أن اعتراف المرأة بالحب يعتبر خطأ وأمراً غير مستحب عند البعض، ينظر آخرون للأمر باعتباره جرأةً زائدة أو تحرّراً، وبما أن الاعتراف بالحب هو علاقة ثنائية فالأهم هي نظرة الرجل محل الإعجاب والحب للمرأة التي تعترف بحبها!
ولا شكّ أن مبادرة المرأة للاعتراف بالحب ترتبط أيضاً بمدى نضجها واستقلاليتها، فاعتراف الفتاة المراهقة بحبها لشخص يعجبها لا يمكن أخذها على محمل الجد في معظم الحالات، فيما يمكن اعتبار اعتراف المرأة الناضجة بحبها لرجل ناضج مباردةً القصد منها فهم طبيعة العلاقة ورسم حدودها أكثر منه محاولةً لكسب حبه!
قبل أن تبادر المرأة للاعتراف بالحب أو حتى التعبير عن الإعجاب لا بد أن تكون متأكدةً من مشاعرها ولديها تصوّر حول مشاعر الرجل، كما يجب أن تكون قادرةً على فهم الأسباب التي جعلت الرجل الذي تحبه لا يبادر هو نحوها! هل هو خجول أم أنه لا يبادلها المشاعر مثلاً، وأهم ما يجب أن تفكر به المرأة قبل الاعتراف بحبها لرجل:
- التأكد مشاعر الرجل: قبل اتخاذ القرار من المرأة بأن تعترف للرجل بما يجول في خاطرها من مشاعر نحوه، من الأفضل أن تحاول أولاً التأكد من مشاعره هو نحوها، فربما تشعر المرأة بأن الرجل يبادلها المشاعر ولكن يوجد ما يمنعه من الاعتراف لها وهنا لا مشكلة بأن تخبره المرأة بأنها تبادله هذه المشاعر، ولكن إذا كان الرجل لا يبادلها المشاعر فقد تعرض نفسها وتعرضه لموقف محرج هما بغنى عنه.
- معرفة طبيعة الرجل وشخصيته: بعض الرجل لديهم شخصيات متفهمة يمكنهم تفهم مشاعر المرأة وتقديرها، وإذا كان هذا الرجل يبادل المرأة نفس المشاعر ولا يوجد ما يمنعه من الارتباط بها فسوف يقدر لها هذه الخطوة الجريئة ويحترمها، لكن يوجد من يعتبر شخص اعتراف المرأة بالحب فرصة للاستغلال يجب عليه انتهازها، كما أن هناك من الرجال من يتراجع عن خطوة الارتباط إذا اعترفت المرأة بحبها أولاً لأنه يعتبرها جرأة غير مرغوبة.
- التأكد من مشاعركِ جيداً: قد تشعر المرأة أحياناً بحالة من الاعجاب أو الانجذاب تجاه رجل معين، وربما تتوقف هذه المشاعر عند هذا الحد ولا تتطور لحب حقيقي، وبالتالي إذا اعترفت المرأة بشكل مبكر بحبها ثم اكتشفت أنها لا تحبه فعلاً في مرحلة لاحقة، تكون قد تورطت في علاقة لا ترغب بها، أو تسببت بتعلق هذا الرجل بها ثم أصبحت ترغب بالانسحاب، لذا من الأفضل للمرأة إعطاء الوقت لنفسها قبل هذه المبادرة الجريئة.
- إعطاء الوقت للرجل ليبادر هو: ربما يكون الرجل يبادل المرأة مشاعر الحب ويبحث عن الوسيلة والوقت المناسب لمصارحتها بذلك، وهنا تكون المرأة غير مضطرة للاعتراف له أولاً كونه جرت العادة أن يبادر الرجل لهذ النوع من الاعترافات، ومن الأفضل أن تلمح لها بقبولها وتشجعه على البوح بمشاعره لها، وأنها سوف تتقبله تحترم مشاعره.
- عدم إظهار الضعف: إذا اتخذت المرأة قرار الاعتراف بالحب للرجل أولاً، يجب أن تكون واثقة من كلماتها ومشاعرها، وتظهر القوة في طريقتها بالاعتراف ولا تبدي أنها ضعيفة وبحاجته ولا يمكنها العيش بدونه، وإنما استخدام لغة واضحة وقوية لا تعطي للرجل انطباع بأنه بسبب اعترافها أصبح في الموقف القوي وهي بالموقف الضعيف، كأن تقول له بشكل مباشر بأنها لديها هذه المشاعر وأحبت أن تكون صريحة معه فيها وهذا لا يعني أنها يمكن أن تقبل بأي شيء يطلبه منها.
- استخدام طريقة مناسبة للاعتراف بالحب: الطريقة التي تعترف بها المرأة للرجل بمشاعرها لها دور كبير في تحديد ردة فعله وطريقة نظرته لها وتعامله معها فيما بعد، فيجب أن تبحث المرأة عن طريقة تحفظ كرامتها واحترامها لذاتها، والابتعاد عن وسائل خاطئة مثل الترجي وإطلاق الوعود وتقبل أي طلبات أو شروط من قبل الرجل.
- الاستعداد لتقبل الرفض: يجب أن تكون المرأة مستعدة لأنها قد تكون مخطئة في تقدير مشاعر هذا الرجل تجاهها فربما تكون قد خمنت أنه يبادلها نفس المشاعر بسبب بعض التصرفات التي بدرت منه أو بسبب رغبتها في تجاهل الحقيقية، وعندها قد تتعرض للرفض ويجب أن تكون مستعدة لذلك وقادرة على التعامل معه سواء أمام هذا الرجل أو بينها وبين نفسها، دون أن تشعر بجرح الكرامة والكبرياء.
- الشعور بالخجل: جرت العادة في العلاقات العاطفية والغرامية على أن يكون الرجل هو المبادرة بالاعتراف بالمشاعر وطلب الدخول في علاقة غرامية، والمبادرة للاعتراف بالحب قد تسبب للمرأة حالة من الإحراج أو الخجل نظراً لعدم معرفة الطريقة المناسبة وتوقع ردة الفعل من جهة، ونظراً لأن المرأة قد تعتبر نفسها شاذة عن القاعدة من جهة أخرى.
- الخوف من نظرة الرجل لها: عندما ترغب المرأة بالاعتراف بحبها للرجل غالباً ما تخشى من نظرتها لها وماذا سيقول عنها إذا بادرت هذه المبادرة، كما تخاف من نظرة الآخرين لها من المقربين، وتخشى أم يصبح اعترافها بالحب وصمة عار تطاردها!
- الخوف من الرفض: يمثل شعور الخوف من الرفض السبب الأساسي للتردد في البوح بالمشاعر لدى جميع الأشخاص سواء النساء أو الرجال، ولكن ونظراً للعادة ولطبيعة المرأة الحساسة أكثر من الرجل فإن هذا السبب قد يكون له تأثير أكبر عليها، لجهة الامتناع عن المبادرة بالاعتراف.
- الخوف من التعرض للتنمر: بعض الرجال ضعيفي الشخصية قد لا يفهمون اعتراف المرأة بحبها لهم على أنه خطوة احتاجت لجرأة وثقة كبيرة ومحبة منها، وإنما يرون في ذلك ضعف لموقفها وفرصة للتكبر عليها وتعرضيها للنقد أو الانتقاص من شخصيتها أو حتى استغلال مشاعرها.
- الشك وعدم اليقين: يمكن أن يشعر البعض من النساء بالشكوك وعدم اليقين فيما يتعلق بمشاعرهن تجاه الرجل، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عدم الرغبة في الاعتراف بالحب إلى أن تتضح الأمور بشكل أفضل.
- الخوف من تغير طبيعة العلاقة: أحياناً تشعر المرأة بالخوف من تغيير العلاقة بينها وبين الرجل إذا قامت هي بالاعتراف بحبها له، كأن يصبح أكثر غرور بنفسه، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عدم الرغبة في المخاطرة بالاعتراف بالحب.
اعتراف المرأة للرجل بمشاعرها بحد ذاته لا يقلل من قيمتها أو يعتبر ضعفاً منها، فهي مشاعر حقيقية والبوح بها ليس عيباً ما دام القصد من وراء ذلك وضع حدودٍ للعلاقة وترقيتها إلى الارتباط، ولكن في بعض الحالات قد تقلل المرأة من قيمتها إذا اعترفت بالحب للرجل، ومنها:
- عدم مبادلة الرجل لهذه المشاعر: محاولة المرأة الاعتراف بحبها لرجل من الواضح أنه لا يبادلها هذه المشاعر سوف يعرضها للرفض، وهذا ما يسبب لها الإحراج وربما الجرح العاطفي، وهنا يمكن القول أن المرأة تقلل من قيمتها عندما تعترف بالحب لرجلٍ ليست متأكدةً أنه يبادلها المشاعر.
- أن يكون الرجل مرتبطاً! وهي أكثر الحالات التي يكون فيها الاعتراف بالحب تقليلاً للقيمة وخروجاً عن الأخلاق، فمهما كانت قوة المشاعر التي تشعر بها المرأة تجاه الرجل يجب عليها كتمانها ما دام هذا الرجل مرتبطاً بأي شكل من أشكال الارتباط.
- الترجي واستجداء القبول: يجب أن يكون اعتراف المرأة للرجل بحبها بشكل يحافظ على كرامتها، فإذا كانت لا تتوقع القبول من الأفضل ألا تقوم بهذه الخطوة، إما إذا كانت تجهل مشاعره فيجب القيام بهذه الخطوة بطريقة لا تقلل من قيمتها مثل ترجي القبول أو إطلاق الوعود والقبول بأي طلبات أو شروط يضعها الرجل.
- الخروج عن حدود الأدب: جزء كبير من جمال المرأة وأنوثتها يظهر بخجلها وأدبها في الحديث والتعامل، وعندما تلجأ المرأة للبوح بمشاعر الحب تجاه رجل معين، يجب عليها أن تظهر هذا الأدب في الحديث، فاستخدام طريقة لا تحافظ على الأدب تجعل الرجل ينظر إليها بطريقة تقلل من قيمتها.
- أن يكون الرجل دنيئاً: بعض الرجل ضعاف النفوس يجدون في اعتراف المرأة لهم بمشاعرها وحبها باباً للغرور والتكبر أو استغلالها، وهذا النوع من الرجال ضعاف الشخصية ولا يقدر مشاعر المرأة أو يحافظ على احترامها إذا اعترفت لها بحبها، وبالتالي من الأفضل عدم الاعتراف بالحب لرجلٍ كهذا.
- كثرة التملق والمجاملة: الهدف من اعتراف المرأة للرجل بحبها هو المصارحة بهذه المشاعر واتخاذ خطوة جديدة إما بإكمال هذه العلاقة من الطرفين أو أنهائها من طرف المرأة، والهدف منها ليس المجاملة والتملق الذي لا طائل منه، لذا يجب أن يكون الاعتراف بهذا الحد، وإلا تحول لسبب يقلل من قيمة المرأة وثقتها بنفسها أمام الرجل.
لا يوجد نظرة محددة لدى جميع الرجال للمرأة التي تعترف بحبها وتعبّر عن إعجابها ومشاعرها، بعض الرجال يعتبرون اعتراف المرأة بالحب شجاعة وقوة شخصية، وبعضهم يعتبرها جرأة زائدة ربما، فيما ينظر رجالٌ آخرون لاعتراف المرأة بالحب بوصفه خروجاً عن العادات والتقاليد وخرقاً للأخلاق ووقاحةً أكثر منه جرأة!
هذا التباين في نظرة الرجل للمرأة التي تعترف له بحبها ليس إلا صورةً عن التباين واختلاف الآراء في المجتمع نفسه حول اعتراف المرأة بالحب، مع ذلك قلّما نجد من يؤيد هذه الخطوة وإن وجدنا من يحترمها ويقدّرها!
الدين الإسلامي طالب المرأة بالعفة وحفظ النفس والشرف والأخلاق وعدم المخالطة بين الجنسين إلا ضمن الحدود الإسلامية فيما يرضي الله، ولكنه لم يأتِ على أي ذكر مباشر نصاً أو تأويلاً على تحريم اعتراف المرأة للرجل بالمشاعر التي تكنها نحوه.
ويتفق معظم أهل العلم أنه ليس من المحرّم على المرأة عرض نفسها للزواج على رجلٍ ترضى دينه وخلقه، أي الاعتراف للرجل بالإعجاب والحب بنية الارتباط الشرعي، وقد عرضت امرأةً نفسها على الرسول صلى الله عليه وسلم: عن ثَابِت الْبُنَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟
فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَا سَوْأَتَاهْ! وَا سَوْأَتَاهْ! قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا.