تحديات الشيخوخة في العالم العربي المشاكل والحلول
ما هي تحديات الشيخوخة في العالم العربي! تعرف أكثر إلى الصعوبات والتحديات التي تواجه كبار السن في الدول العربية وكيفية التعامل معها
الشيخوخة من الهواجس الكبيرة التي يعاني منها معظم الناس بسبب خروج كبار السن من الإنتاج مع تزايد حاجتهم للإنفاق في معظم الحالات بسبب التقدم في السن وما يرافقه من مشاكل صحية بشكل خاص، وتقع على عاتق الدولة كما على عاتق المجتمع مسؤولية كبيرة لحل المشاكل المرتبطة بالشيخوخة في دولنا العربية.
محتويات المقال (اختر للانتقال)
بسبب خصوصية مرحلة الشيخوخة وعجز كبير السن عن بعض الأمور وحاجته للدعم والمساعدة في قضاء الكثير من حاجاته، يواجه كبار السن بعض التحديات بشكل عام، وربما تكون أكثر تأثيراً في مجتمعنا العربي بشكل خاص، ومن هذه التحديات:
- الرعاية الطبية والصحية: تتراجع صحة الإنسان بعد التقدم بالعمر سواء بسبب الأمراض التي قد تصيبه نتيجة الشيخوخة كالسكري أو ارتفاع ضغط الدم أو بعض الأمراض المزمنة وهشاشة العظام من جهة، بالإضافة لتعب أعضاء جسده وما يسببه من مشاكل مثل تراجع النظر أو السمع أو القوة العضلية، وكل هذه الأمور تسبب تحديات كبيرة في الحياة اليومية للمسن، كما تشكّل عبئاً مادياً كبيراً على الأفراد والمؤسسات.
- قلة فرص العمل المناسبة: في كثير من الأحيان يكون المتقاعد قادراً على العمل لكنه يواجه صعوبة كبيرة في إيجاد الفرصة المناسبة، وهنا تكمن أهمية إعداد برامج مخصصة لتمكين كبار السن والمتقاعدين ومساعدتهم على إيجاد أعمال مناسبة لهم ما داموا قادرين وراغبين بالعمل.
- التحديات الاقتصادية والمادية: بعد التقاعد عن العمل يعاني المسن من أعباء اقتصادية كبيرة، حيث ينخفض دخله عمّا كان يتقاضاه قبل التقاعد، وتنخفض قدرته على العمل الخاص كلما تقدم بالعمر، وهذا يضعه في موقف الحاجة للمساعدة من قبل الآخرين والحرمان من بعض الرغبات، وهذا يمثل تحدياً كبيراً لكبار السن في البلدان العربية، خصوصاً التي تعاني من مستوى دخل منخفض ومعدلات فقر مرتفعة.
- العزلة والمشاكل الاجتماعية: بعد التقدم بالعمر يكون المسن قد فقد العديد من الأشخاص الذين كانوا يمثلون محيطه الاجتماعي، كالأقارب من نفس العمر أو الأصدقاء أو زملاء العمل أو شريك الزواج في بعض الأحيان، بالإضافة لتقاعده عن العمل وانشغال كل أفراد أسرته وأبنائه كل في إعمالهم وحياتهم الخاصة، وهذا أيضاً يسبب للمسن شعوراً بالعزلة الاجتماعية والوحدة.
- المشاكل النفسية والعقلية: حتى الصحة النفسية والعقلية للمسنين لا تبقى كما كانت عليه في عهد الشباب، فمشاكل التقدم بالعمر متتابعة ومرتبطة بعضها ببعض، فنتيجة التقاعد عن العمل والعزلة الاجتماعية قد يعاني المسن من بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق ومشاكل النوم والطعام، وبسبب المشاكل الجسدية قد يشعر المسن بمخاوف من المرض والموت، بالإضافة لوجود بعض الأمراض العقلية المرتبطة بالشيخوخة مثل تراجع وظائف الدماغ أو مرض الزهايمر أو فقدان الذاكرة.
- غياب دور رعاية المسنين: في أغلب الدول العربية لا يوجد دور رعاية مسنين كافية أو مؤهلة وقادرة على رعاية المسن والحفاظ على كرامته الإنسانية، كما تحتاج دور رعاية المسنين الخاصّة إلى أموال طائلة لا يقدر على دفعها الكثيرون، فضلاً عن النظرة الاجتماعية لوضع المسن في دار الرعاية، مع أن وجوده في دار رعاية مناسبة ومؤهّلة قدي كون أفضل بعشرات المرات من بقائه في بيت أحد أبنائه في ظروف غير آدمية!
- صعوبة مواكبة التكنولوجيا: التقدم التكنولوجي أصبح سريع ومتتابع بشكل لا يسمح لكبار السن بمواكبته، فأغلب المسنين في العالم العربي لديهم معاناة مع استخدام التكنولوجيا واللحاق بأحدث تطوراتها، حيث أن استخدامها تحتاج لبعض الأسس التي قد يفتقد لها الكثير من كبار السن.
- صعوبة ممارسة الأنشطة اليومية: بسبب جميع المشاكل النفسية والاجتماعية والجسدية التي ترافق مرحلة الشيخوخة، يعاني كبير السن من صعوبات في ممارسة الأنشطة اليومية التي يحتاجها أو اعتاد على فعلها وحده، وقد يصل الأمر لدرجات سيئة مثل الصعوبة في قضاء الحاجات أو الصعوبة في الاستحمام أو ارتداء الملابس أو الخروج للتنزه.
- الإهمال العاطفي: فالمسن لا يريد أن يأكل فقط بل يريد أن يشعر بالمحبة والتقبل من قبل من حوله ولا يحتمل الشعور بأنه عالة عليهم، ويريد أن يشعر بالاهتمام من أبنائه وأسرته، والتقدير من عمله على الخدمات التي قدمها قبل التقاعد، والاحترام من المجتمع لا الشفقة!
- الاعتماد الكامل على العائلة: التحديات التي تواجه كبير السن تسبب له صعوبات عديدة وربما عجزاً عن أداء العديد من نشاطاته أو مهامه أو حتى حاجاته الخاصة اليومية، وهذا يجعله بحاجة دائماً للآخرين في تلبية حاجاته حتى الخاصة جداً، ما قد يسبب الارباك لأسرته بشكل عام ويسبب لهم المتاعب التي ستنعكس سلباً على طريقة تعاملهم معه في كثير من الحالات.
- زيادة نسبة الإعالة: بعد أن يتقدم الإنسان في العمر تخف أو تنعدم قدرته على الإنتاج بسبب تراجع قواه الجسدية -والعقلية في بعض الأحيان- وارتفاع عدد المسنين في المجتمع يؤدي لزيادة نسبة المحتاجين للإعالة فيه، وهذا يسبب ضغوط على الأسرة التي تكون مجبرة على رعاية كبير السن، وعلى الحكومة المسؤولة عن تقديم المعاشات والضمانات الصحية والاجتماعية للمتقاعدين وعلى المجتمع بشكل عام، وحلول الإعالة المرتفعة تبدأ من نظام التقاعد والتأمين.
- الخلافات الأسرية: وجود المسن في المنزل وخاصة في ظل عدم وجود حالة من الاتفاق والتفاهم بين أفراد الأسرة قد يسبب الكثير من الخلافات على من يتوجب عليه العناية بهذا المسن ورعايته، كالخلافات التي تحصل بين الأشقاء أبناء المسن، أو بين أبناء المسن وشركائهم في الزواج.
- نقص الرعاية الصحية: يحتاج المسن لرعاية صحية خاصة بعد تقدمه في العمر فمشاكل وأمراض الشيخوخة كثيرة ومتنوعة، منها الجسدي ومنها النفسي والاجتماعي أو العقلي، وهذه المشاكل تحتاج لمراكز مختصة بأمراض الشيخوخة، ومعظم البلدان العربية لا تتوفر فيها هذه المراكز وهي قليلة إن وجدت.
- التقاعد وارتفاع نسبة البطالة: الشيخوخة وما يترافق معها من مشاكل وتحديات لكبير السن تسبب الكثير من التأخر والبطء في القيام ببعض المهام أو حتى العجز تماماً عن القيام بها، لذا حسب نوع العمل في عمر معين يتم إحالة كبير السن إلى التقاعد، ومع ازدياد عدد المسنين المتقاعدين وعدم وجود أنشطة أو أعمال مناسبة لهم ترتفع نسب البطالة في البلدان العربية التي تعتبر مرتفعة أصلاً.
- تأمين الرعاية الصحية للمسنين: يجب أن تتضافر الجهود في تقديم الرعاية الصحية لكبار السن من قبل كل الأطراف المعنية مثل الأسرة والمؤسسات الصحية وهيئات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، فكبار السن هم أفراد في المجتمع وقد قدموا سابقاً الكثير لأبنائهم ولبلادهم، ورعايتهم الصحية تساهم في تحسين قدرتهم ولو بالحد الأدنى على رعاية أنفسهم، كما أنها واجب إنساني واجتماعي.
- التأمين الصحي والمعيشي للمتقاعدين: أغلب بلدان العالم العربي لا تعتمد سوى المعاش التقاعدي كتأمين معيشي لكبار السن، ومن لم يكون موظفاً يحرم حتى من هذا الحق، ويجب العمل أكثر على دعم جميع أشكال التأمين المعيشي والضمانات الصحية لكبار السن وحتى الضمانات الاجتماعية، لمساعدة المسن في التغلب على صعوبات وتحديات الشيخوخة.
- الدعم الأسري: يقع على عاتق أسرة المسن سواء أبنائه أو أحفاده أو زوجته مهمة تقديم الدعم بكافة أشكاله لهذا المسن، سواء من الناحية العاطفية أو الاجتماعية والمادية، فهو قد تعب في تربية هذه الأسرة وتأسيسيها وتقديم كل ما يستطيع لها، ومن حقه أن يجد من يدعمه من هذه الأسرة بعد تقدمه بالسن وتراجع صحته وإمكاناته، ويجب أن يقدم هذا الدعم بمحبة واهتمام وليس على سبيل الواجب فقط، وهذا من شأنه أن يحسن الحالة النفسية والعاطفية للمسن ويعنيه على ما يواجهه من تحديات.
- زيادة دور العجزة: بعض المسنين قد لا يجدون من يهتم بهم على مدار الساعة نتيجة انشغال أسرهم أو وجود خلافات أسرية حول من يتوجب عليه العناية بهم أو بسبب الأوضاع المالية لأسرهم في بعض الأحيان، والحقيقة أن الكثير من البلدان العربية تفتقر لدور الرعاية التي تليق بالمسنين، ويجب العمل على زيادة عدد دور المسنين وتحسين خدماته.
- زيادة جمعيات وبرامج دعم ورعاية المسنين: سواء مؤسسات الرعاية الصحية أو الرعاية الاجتماعية أو تأمين المتقاعدين، أو البرامج الرياضية والأنشطة الترفيهية والتطوعية، فكل هذه الأشياء تصبح بمثابة حياة للمسن ينشغل بها ويشعر بالمتعة والقيمة لنفسه ووجود أشخاص من حوله يحترموه ويقدمون له الدعم العاطفي والاجتماعي والنفسي.
- الحفاظ على ثقافة احترام كبار السن: وهذه المهمة تكون من واجب المؤسسات الإعلامية والتربوية والثقافية، حيث يجب أن يتعلم جميع الناس كيفية التعامل الصحيحة مع المسن وما هي حاجاته والصعوبات التي يواجهها وكيف نساعده في التغلب عليها، مثل أمراض الذاكرة والمشاكل النفسية المرتبطة بالشيخوخة.
- تدريب وتمكين المسنين: لا يجب ترك الفجوة الثقافية أو التكنولوجية تتوسع بين الحياة العصرية وبين المسن، لذا يمكن لمساعدة المسن في التعلم والتثقيف والتدرب على أدوات الحياة المعاصرة أن يمكنه من مواكبة هذه الحياة وبالتالي لا يشعر أنه بحالة عزلة عما يجري حوله، فيمكن مثلاً دعم برامج محو الأمية لكبار السن وتعليمهم كيفية استخدام الأدوات الحديثة ووسائل التواصل وغيرها.
حسب تقارير منظمة الصحة العالمية بلغت نسبة كبار السن في العالم العربي في العام 2019 حوالي 6,6%، ومن المتوقع أن تصبح 9,3% بحلول عام 2030، وتجدر الإشارة أن هذه النسبة تختلف من بلد لآخر ولكنها تبقى متقاربة لحد ما، وهننا نذكر عينة من بعض الدول العربية:
- نسب الشيخوخة في المملكة العربية السعودية: يبلغ عدد المسنين في المملكة العربية السعودية حسب آخر إحصائية حوالي مليون وثلاثة آلاف مسن أي ما يقارب 5% من إجمالي السكان، وتقوم السعودية بتقديم الدعم الاجتماعي والمساعدات العينية والمادية للمسنين من خلال 12 دار للراعية الاجتماعية في مختلف مدنها، وتسعى المملكة ضمن مبادرة (رؤية 2030) إلى توسيع دائرة الاهتمام بكبار السن من خلال إحداث 5 واحات نموذجية لكبار السن يقدم فيها خدمات صحية وعلاجية وترفيهية لهم، بالإضافة لدعم القطاع الخاص بهدف إنشاء 13 جمعية أهلية لرعاية المسنين.
- نسب الشيخوخة في جمهورية مصر العربية: حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في جمهورية مصر العربية لعام 2022 بلغ عدد المسنين حوالي 6،9 مليون مسن أي حوالي 6،6% من إجمالي السكن، كما أورد التقرير أن عدد المؤسسات المعنية برعاية شؤون المسنين فوق ال 60 عام لعام 2021 كان 167 مؤسسة المستفيدين منها 2812 مسن بالإضافة لـ 172 نادي للمسنين المنتفعين منه حوالي 26075.
- نسب الشيخوخة في الأمارات العربية المتحدة: تتصدر الإمارات العربية المتحدة العالم العربي من حيث متوسط عمر الفرد، والذي حدد بـ 82 سنة للذكور و78 سنة للإناث، وتبلغ نسبة كبار السن في دولة الإمارات حوالي 50%، وتشير توقعات وزارة التنمية الاجتماعية إلى ارتفاع هذه النسبة حتى 11% في العام 2032 وحوالي 29% في العام 2050، ولكن تتميز دولة الإمارات بمستوى الخدمات العالية والواسعة التي تقدمه لكبار السن، من خلال ما يعرف بمركز سعادة كبار المواطنين، بالإضافة لتقديم الرعاية المنزلية وبعض الميزات من خلال بطاقات تستخدم في المتاجر ووسائل المواصلات وغيرها.
- نسب الشيخوخة في المملكة الأردنية الهاشمية: حسب الاستراتيجية الوطنية لكبار السن في المملكة الأردنية الهاشمية والمعدة من قبل المجلس الوطني لشؤون الأسرة في العام (2018 – 2022) تقدر دائرة الإحصاء عدد كبار السن فوق 60 سنة في العام 2020 حوالي 588109 نسبة ما نسبته 5،4% من السكان سواء من الأردنيين أو المقيمين في الأردن أو من في حكمهم، وتتوقع دائرة الإحصاء أن هذه النسبة سوف ترتفع بالمتوسط إلى حوالي 7،7% حتى 13،5% بحلول العام 2030.
- نسب الشيخوخة في دولة الكويت: يشير جدول هيكل التركيب السكاني في دولة الكويت لعام 2020 أن عدد المواطنين بعمر 65 فأكثر يقدر بحوالي 169579 ما نسبته 3،80% من إجمالي عدد السكان، حيث تعتبر دولة الكويت من الدول التي تقل فيها نسبة كبار السن، وتتبع الكويت برامج لرعاية المسنين مثل الرعاية المنزلية وتقديم بطاقات للمسنين تتضمن دعم وتسهيلات في المجالات المادية والصحية.