مهارات التكيف الاجتماعي ووسائل تنميتها وتطويرها
القدرة على التكيف مع المحيط الاجتماعي وامتلاك الفرد لمهارات التكيف يزيد من فرص نجاحه وسعادته على جميع المستويات الاجتماعية والمهنية، ويحقق له مستوى جيد من التوازن النفسي والرضا عن النفس والثقة بها، فالشخص القادر على التكيف مع محيطه يمكنه تحقيق أهدافه ورغباته من جهة والشعور بدوره وأهميته في مجتمعه من جهة أخرى، فما المقصود بالتكيف الاجتماعي، وما هي مهارات التكيف الاجتماعي؟
تعريف التكيُّف الاجتماعي هو قدرة الفرد على التوافق والتأقلم مع محيطه الاجتماعي على مستوى جميع البنى الاجتماعية الأسرية أو المجتمعية أو المهنية، بما يحقق التوازن في تفاعل أفراد المجتمع مع بعضهم البعض، بطريقة تضمن عدم وجود صراعات فردية أو جماعية بين عناصر المجتمع، وانتشار ثقافة التفاهم والمشاركة وتقبل الآخر.
وجاء مصطلح التكيّف الاجتماعي لأول مرة على لسان الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي جيمس بالدوين، وكان يقصد به التوازن الاجتماعي للفرد كطريقة أو صورة من صور التوافق مع البيئة الاجتماعية المحيطة به، بحيث يستطيع الإنسان تحقيق أهدافه الاجتماعية في بيئة مستقرة وهادئة بعيدة عن الصراعات والنزاعات الداخلية أو الاجتماعية الناتجة عن فقدان القدرة على التأقلم أو التكيّف.
على رأس مهارات التكيّف الاجتماعي تتربع مهارات التواصل والاتصال والقدرة على التفهّم والإنصات والإقناع والتأثير، وتتصل بها بعض المهارات المهمة في تحقيق التكيّف الاجتماعي مثل الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي والقدرة على التعاون والقدرة على التعاطف الذي يعتبر أساساً للتكافل، وتعمل هذه المهارات لتحقيق التأقلم والتكيف الاجتماعي كالآتي:
- القدرة على التواصل الاجتماعي: مهارات التواصل هي السمة أو المهارة الأهم من مهارات التكيف، فالشخص القادر على التواصل مع من حوله من أشخاص في مجتمعه سواء في العمل أو الأسرة أو أي مكان، والقادر على بناء علاقات مرضية مع الآخرين، هو الأقدر على التكيف الاجتماعي والتأقلم حتى مع المتغيرات الاجتماعية، مثل حالات الانتقال أو السفر.
- القدرة على الحوار والاقناع: الحوار والاقناع هما جزء أساسي من مهارات التواصل الاجتماعي، وامتلاك الفرد لهذه المهارة يجعله أكثر قدرة على الوصول للاتفاق مع الآخرين في العمل أو المجتمع وأي علاقات يمر بها، ويكون لديه القدرة على إثبات وجه نظره وتسويق نفسه بطريقة جيدة، وبالتالي تعتبر هذه المهارة من المهارات الأساسية للتكيف الاجتماعي.
- القدرة على التعاون والعمل ضمن مجموعة: بعض الأشخاص يتمتعون بشخصية تعاونية لديها قدرة أو موهبة في التعاون مع الآخرين والتواجد ضمن مجموعة وإيجاد دور ومكانة لأنفسهم ضمن أي سياق اجتماعي يتواجدون به، لذا تعد التعاونية من المهارات الجيدة في إطار التكيف الاجتماعي.
- التحكم بالعواطف وإدارة المشاعر: حتى يتمكن الشخص من التكيف مع محيطه لا يمكن أن يسمح دائماً لمشاعره بالتحكم بتصرفاته، فالشخص سريع الغضب مثلاً أن يقوم بأفعال سيئة تجعله منبوذ من قبل المجموعة والشخص الحساس قد لا يستطيع الدفاع عن نفسه في بعض المواقف، وبالتالي فإن مهارة التحكم في العواطف تساعد بشكل كبير على التكيف الاجتماعي.
- القدرة على التعلّم والتطور: القدرة على التعلم تتيح للفدر إمكانية فهم محيطه الاجتماعي أو أي سياق اجتماعي يتواجد به، سواء في إطار العلاقات أو العمل أو الطبقات الاجتماعية، وهذا الفهم الذي للمجتمع يساعد صاحبه على سرعة التكيف الاجتماعي مع محيطه.
- المرونة النفسية والعقلية: المرونة من أهم مهارات التكيّف الاجتماعي الرئيسية، بل إن التكيف الاجتماعي قائمٌ بالدرجة الأولى على المرونة النفسية والعقلية، والقدرة على التأقلم مع التغيرات وإدارتها بشكل مناسب، فالحاجة للتكيّف الاجتماعي تبرز عندما يدخل الفرد إلى بيئة اجتماعية جديدة، أو يكتسب أفكاراً وقناعات لا تناسب بيئته الاجتماعية التي كان متكيّفاً معها!
من الضروري أن يعمل الفرد على تنمية مهارات التكيف الاجتماعي لديه، حتى يستطيع التأقلم مع مختلف الظروف الاجتماعية التي قد يمر بها، ويحقق مستوى أفضل من الانسجام والتوافق مع محيطه، ومن الوسائل التي ساعد في تنمية مهارات التكيف الاجتماعي:
- التحلي بالمرونة وقبول الآخر: المرونة في التعامل مع الآخرين والابتعاد عن التزمت أو التعصب لأي فكرة أو معتقد، وقبول الآخر بعيداً عن أي تحيزات طبقية أو عنصرية أو عقائدية، والنظر للإنسان فقط على أساس أخلاقياته وطبيعة العلاقة التي تربطنا معه، من أهم الشروط لتنمية القدرة على التواصل ومهارات التكيف الاجتماعي.
- تنمية حس التعاون والمشاركة: التعاون والمشاركة من الأسس والمهارات المهمة في التكيف الاجتماعي، وتنمية هذه الصفات في سلوكيات وقناعات الفرد، يساعد بشكل كبير على تحسين امكانيته على التأقلم والتكيف الاجتماعي ضمن أي وسط يتواجد به.
- تنمية مهارات الاستماع والتعاطف: كما يرغب الإنسان بأن يستمع إليه الآخرين ويفهموا مشاعره ورغباته وافكاره، عليه أن يعلم أنه أيضاً عليه أن يستمع للآخرين ويتعاطف معهم ويفهم ما يشعرون به وما أسباب تصرفاتهم وأفعالهم، فبهذه الحالة يصبح أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين، وبالتالي يكون قد حسن مهارات التكيف الاجتماعي لديه.
- تنمية مهارات حل المشكلات: في أي وسط اجتماعي ينتمي إليه الفرد أو يتواجد ضمنه، من المحتمل جداً أن يمر ببعض الصراعات والخلافات مع عناصر هذا الوسط، وقدرته على التعامل مع هذه الخلافات وحل المشاكل الناتجة عنها، تساعد إلى حد كبير في تنمية مهارات التكيف الاجتماعي لديه.
- المشاركة والتفاعل مع الآخرين: قدرة الشخص على التفاعل مع أفراد ومحيطه بطريقة تضمن حقوقه وحقوقهم وإيجاد قنوات التواصل مع الآخرين، وتمتعه بالتشاركية بمعنى القدرة على الحياة المشتركة في أي إطار اجتماعي مثل الزواج أو السكن أو العمل وغيره، كلها تعتبر من مهارات التكيف الاجتماعي الضرورية لتأقلم الفرد مع محيطه.
- فهم معنى مقاومة التغيير: يما أن التكيّف الاجتماعي مرتبط ببيئة اجتماعية جديدة، فلا بد أن يعمل الفرد على فهم معنى مقاومة التغيير والمراحل التي يمر بها كل إنسان عندما يواجه تغيرات كبيرة أو متوسطة في حياته، من الرفض والإنكار ومحاولة المقاومة وصولاً إلى التأقلم والتكيّف.
- زيادة مستوى الاستقرار الاجتماعي: التكيف الاجتماعي بين أفراد المجتمع يخفف من الخلافات والصراعات التي قد تحدث بينهم، فهم قادرين على إيجاد صيغ للتفاهم وحل المشكلات دون الحاجة لهذه الصراعات.
- تسهيل الاندماج مع المحيط الاجتماعي: عندما يتمتع الشخص بمهارات التكيف الاجتماعي يكون أكثر قدرة على الاندماج ضمن أي سياق أو وسط اجتماعي جديد يدخل به، وهذا يزيد فرصته في النجاح ضمن مختلف الأوساط الاجتماعية، سواء في العمل في الزواج في الهجرة وغيرها.
- الحصول على علاقات اجتماعية مرضية: الإنسان كائن اجتماعي ويحتاج لعلاقات اجتماعية مختلفة في حياته، العاطفة والحب، العمل والمصالح، الصداقة والتسلية، وغيرها من العلاقات، والشخص القادر على التكيف مع مجتمعه، يكون لديه فرصة أفضل في التمتع بهذه العلاقات بشكل يناسبه ويحقق غاياته.
- تجنب العزلة الاجتماعية: الإنسان الذي لا يستطيع التكيف مع محيطه الاجتماعي لن يتمكن من بناء علاقات جيدة مع أفراد بيئته الاجتماعية، وهذا سوف يجعله وحيد في أي مكان يتواجد به، أما امتلاك مهارات التواصل والتكيف مع المجتمع يجنب الفرد هذه الوحدة والعزلة.
- النجاح على المستوى المهني: معظم الأعمال والمهن مهما كان نوعها أو مجالها تحتاج من الشخص لمستوى معين من القدرة على التكيف الاجتماعي والتواصل مع الآخرين، فالتاجر يريد إقناع الزبائن بتجارته، والعامل يريد التواصل مع فريق العمل، المدرس يجب أن يتواصل مع طلابه، وهكذا، وهنا تبدو ضرورة مهارات التواصل والتكيف الاجتماعي في إطار العمل.
- إدارة الدوائر الاجتماعية المختلفة: قد نضطر للعيش في بيئات ودوائر اجتماعية متنوعة وربما متناقضة، وتنمية مهارات التكيّف الاجتماعي تساعد في التعامل مع هذه الدوائر وإدارتها جميعاً في نفس الوقت بطريقة فعّالة، فقد ينحدر الشخص من بيئة فقرة بالأصل لكنه يدرس مع أشخاص أغنياء، وقد ينحدر من بيئة متحررة ويعمل في بيئة محافظة أو العكس.
- الانفتاح على الآخر: تبدأ عميلة التكيّف الاجتماعي من التوقف عن الرفض للآخرين، أو محاولة وضع الجماعات الاجتماعية في الميزان دائماً لتقييمها ومحاسبتها، وبدلاً من ذلك تحديد طبيعة وحدود العلاقة، بعيداً عن السمات الاجتماعية التي تفسد التكيّف والتأقلم.
- الانضمام للأنشطة الجماعية: مثل التسجيل في النوادي الرياضية التي تكون تمارينها في إطار مجموعات، أو بعض المعاهد التعليمية لمهنة معينة أو لغة أو أي شيء آخر، أو يمكن حضور الندوات الثقافية التي تتيح المشاركة وابداء الرأي.
- تكوين صداقات جيدة: يجب أن يعمل الأنسان على أن يكون لديه بعض الصداقات مع أشخاص من مختلف المرجعيات والشرائح الاجتماعية، يتواصل معهم ويخرج معهم ويقوم بالأنشطة معهم، فهذا ينمي لديه مهارات التواصل والمشاركة.
- الاستجابة للدعوات: جميع الناس لديهم مناسبات مختلفة في حياتهم، مثل النجاح الزواج الحصول على عمل والكثير غيرها، وقد يدعى الفرد للاحتفال بمثل هذه المناسبات ومن الأفضل الاستجابة لهذه الدعوات والقيام بالوجبات المنوطة بها على أكمل وجه، ومن جهة أخرى يجب أن يقوم الشخص أيضاً بدعوة الآخرين عند المرور بهذا النوع من المناسبات.
- الزيارات العائلية وصلة الرحم: العائلة هي أهم وسط اجتماعي لكل فرد، والبعد عن العائلة يزيد بشكل كبير من عزلة الفرد الاجتماعية وفقدانه لمهارات التواصل والتكيف الاجتماعي، لذا ينصح بالتواصل الدائم مع العائلة وصلة الرحم والقيام بالزيارات المتبادلة مع أفرادها سواء بمناسبة أو بدون مناسبة.
- تكوين شخصية إيجابية ومتفائلة: تمتع الإنسان بشخصية إيجابية ومتفائلة ومؤثرة يجعله مقبول من قبل الآخرين ومرغوب وجوده دائماً، وهذا يساعده في تنمية مهارات التواصل والتكيف الاجتماعي لديه.