زوجي يهددني بالطلاق باستمرار ماذا أفعل؟
كيف اتعامل مع زوجي دائما يهددني بالطلاق؟ سؤال كثيراً ما يجول في خاطر المرأة التي تعيش تحت وطأة التوتر الناتج على قيام زوجها بتهديدها باستمرار بالطلاق، فهذا التهديد ينغص عيش الأسرة ويشعر أفرادها بعدم الأمان وبأنها معرضة للانهيار في أي لحظة، ويفتت الروابط العاطفية بين الزوجين؟ فلماذا قد يلجأ الرجل لتهديد زوجته بالطلاق باستمرار، وكيف يجب التعامل مع الزوج الذي يهدد دائماً بالطلاق، وما حكم التهديد بالطلاق؟
التهديد بالطلاق باستمرار مكروهٌ في الإسلام، والطلاق من حدود الله له شروطه وأحكامه، فلا يجوز للزوج أن يستسهل التهديد بالطلاق باستمرار أو الحلف بالطلاق، كما أن صيغة التهديد بالطلاق والنيّة تترتب عليها أحكام شرعية قد تصل إلى طلاق المرأة من زوجها دون لفظ الطلاق نفسه.
وذهب أهل الفقه لتفاصيل كثيرة في تحديد الصيغ التي توجب على الزوج كفارة اليمين كما قال الإمام ابن تيمية "إن الطلاق المعلق إن قصد المتلفظ منه الحثَّ أو المنع فهو يمينٌ وعليه الكفارة" وبين الصيغ التي توقع الطلاق وتطلّق الزوجة من زوجها بينونةً كبرى، وهو مبحث واسع ومنفصل. [1,2]
لكن اجتماع أهل الفقه والعلم أن التهديد بالطلاق باستمرار مكروهٌ وغير مستحبٍ وفيه استخفافٌ بالرباط المقدس بين الزوجين، وكذلك الأمر لمن استسهل الحلف بالطلاق، فالطلاق حلٌ شرعي يسّره الله تعالى للمسلمين إذا استحال الإصلاح وتعذّر الإمساك بإحسان، وليس سلاحاً يسلطه الزوج على زوجته.
- التعرف على دوافع الزوج للتهديد بالطلاق: يجب على الزوجة البحث في الأسباب التي تدفع زوجها لسلوك التهديد بالطلاق باستمرار، فهل القصد من ذلك حثها على تحسين سلوكٍ خاطئ أو مزعج، أم أن الزوج لا يدرك الألم والخوف الذي يسببه هذا التهديد المستمر بالطلاق، أم تراه يريد الطلاق فعلاً ويهدد به حتى يدفع الزوجة للمواقفة!
- التحدث مع الزوج بصراحة: ليس بالضرورة أن يكون الزوج فعلاً لديه الرغبة بالطلاق، وقد لا يدرك ما يسببه التهديد بالطلاق من توتر لزوجته وشعور بعدم الأمان العاطفي، وإذا كان الزوج من النوع المتعقل الذي يمكن التحاور معه، فيمكن لحوار الزوجة معه وإبداء مشاعرها واستياءها من هذه الحالة أن يعيده إلى رشده ويدفعه لتغير سلوكه والتوقف عن التهديد بالطلاق.
- علاج جذور المشاكل والخلافات الزوجية: عندما يكون هدف الزوج من التهديد بالطلاق باستمرار هو حل المشاكل الزوجية، لا بد من السعي لإيجاد حلول حقيقية وفعالة للخلافات الزوجية تبدأ من إقناع الزوج أن التهديد المستمر بالطلاق لا يمكن أن يكون حلاّ للمشكلة.
- تجنب الصراع والاستفزاز: بعض الزوجات يرين بالصراع والاستفزاز الدائم طريقة للدفاع عن حقوقهن أو إثبات للقوة والحضور في العلاقة مع الزوج، وقد يجد الزوج في هذا تهديداً لمكانته كرجل ورب أسرة، فيلجأ للتهديد بالطلاق كرد فعل على الزوجة ومحاولة منه لاستغلال حقوقه في وضع الحدود لها والرد على استفزازها، ومن شأن تعقل الزوجة وتجنب الأسلوب المتعسّف في طرح وجهات النظر والدفاع عن الحق، أن يخفف من حالة التوتر ويؤدي لتغيير سلوك الزوج.
- وضع حدود ثابتة: لا يمكن السماح لبعض الأزواج ضعاف النفس والشخصية أن يستغل دائماً فكرة الطلاق لتهديد زوجته وابتزازها، وهنا يجب على الزوجة أن تضع حدوداً ثابتة ومعقولة لا تنافي الشرع أو الأخلاق أو العادة، وعدم السكوت عن تجاوز الزوج لهذه الحدود حتى لو هدد بالطلاق أو نفذه.
- عدم التهاون في طلب الحقوق: سواء أثناء العلاقة الزوجية أو بعد حدوث الطلاق إن حدث، يجب الزوجة أن لا تتهاون في طلب حقوقها والدفاع عنها، فهذا يعطي انطباع للزوج أن الخسارة من الطلاق أو التهديد به سوف تقع عليه كما على زوجته، وأن التهديد ليس وسيلة للسيطرة على الزوجة ويجب التوقف عنه.
- طلب المساعدة من العقلاء: من الحلول الشائعة للتعامل مع تهديد الزوج لزوجته بالطلاق باستمرار أن تطلب الزوجة تدخل العقلاء من عائلتها أو عائلة الزوج، وذلك لتنبيه الزوج إلى الخطأ الذي يقع به عند استسهال التهديد بالطلاق، ومحاول إعادته إلى رشده وثنيه عن هذا الأسلوب.
- الموافقة على الطلاق: في بعض الحالات التي لا يمكن معها استمرار الحياة الزوجية مثل كثرة الخلافات والتوتر أو طلب الزوج لطلبات غير معقولة من الزوجة والتهديد بالطلاق في حال عدم تنفيذها، فهنا لا يجب أن تخاف الزوجة من تهديده فقط، وإنما يمكن أن تقوم هي بتهديده بالطلاق بهدف وضع الحدود للزوج الظالم ودفعه للتفاهم والاتفاق.
التفكير بالطلاق أو التهديد أو التلفظ به من قبل الزوج، غالباً ما يكون ناتج عن أسباب قد تكون محقة أو تكون ظالمة للزوجة، والتعرف على هذه الأسباب من شأنه علاج مشكلة تهديد الزوج لزوجته بالطلاق، ومن هذه الأسباب:
- كثرة الخلافات الزوجية: كثرة الخلافات والمشاكل بين الزوج والزوجة تسبب حالة من التوتر والصراع الدائم في العلاقة، وتمنع أي استمتاع أو راحة بهذه العلاقة، فالعلاقة الزوجية هي تحمل هدف الراحة والاستقرار والمتعة وغياب هذه الأشياء يعطي شعور بعدم جدوى الزواج بمجمله، وهنا قد يلجأ الزوج للتهديد بالطلاق كعلاج للمشاكل وبديل لها، وينتج ذلك غالباً عن المشاعر السلبية التي تسببها كثرة الخلافات.
- سرعة الغضب عند الزوج: بعض الأزواج يكون لديهم طبيعة نفسية معينة تصفه بالعصبية وسرعة الغضب واتخاذ قرارات كبيرة أثناء الشعور بالغضب، وهذا قد يدفعه للتهديد بالطلاق أو تنفيذه أحياناً دون أن يدرك لما يفعله بل وأحياناً قد يندم عليه.
- الجهل بنتائج التهديد بالطلاق: لا يدرك جميع الناس أو الأزواج على وجه الخصوص النتائج السلبية اجتماعياً ودينياً وقانونياً وأسرياً نتيجة الطلاق والتهديد به، فقد يرى أنه حق من حقوقه ويحاول استخدامه في أي موقف لا يعجبه، وهذا الجهل قد تكون نتائجه كارثية في بعض الأحيان.
- كثرة أخطاء الزوجة: أحياناً يكون سبب التهديد بالطلاق ناتج عن الزوجة التي كثيراً ما تكون مهملة وتخطئ بحق زوجها أو بحق علاقتها به، فأحياناً تكون الزوجة ذات طبيعة مستفزة لا تحترم الزوج ولا تقيم له اعتبار، ويلجأ الزوج للتهديد بالطلاق رغبة منه في إيقافها عن أخطائها وحملها على تحسين شخصيتها وتصرفاتها، قبل أن ينفذ تهديده فعلاً وينهي هذا الزواج.
- ضعف شخصية الزوج: أحياناً يكون السبب وراء تهديد الزوج لزوجته ناتج عن مشكلة في شخصيته وضعفها، فضعيف الشخصية يلجأ لأي خيار يعطيه شعور بالقوة والأفضلية على الزوجة، فهو لا يعرف طريقة أخرى نتيجة ضعفه للتفاهم مع زوجته وعلاج مشاكلهما، إلا أن يهددها بالطلاق.
- الرغبة بالسيطرة على الزوجة: قد يرى الزوج أن زوجته تخاف من فكرة الطلاق وتتجنبها ولا تريد انهاء حياتها الزوجية وتخريب بيتها وأسرتها، وإذا كان الزوج ذو طبيعة انتهازية استغلالية، يلجأ لاستغلال هذه النقطة للسيطرة على زوجته وارغامها دائماً على فعل ما يريد.
- زيادة الصراع والتوتر في العلاقة الزوجية: تهديد الزوج لزوجته دائماً بالطلاق يسبب توتر كبير وشعور بعدم الاستقرار العاطفي في العلاقة الزوجية، وفي بعض الأحيان قد يتحول الأمر لحالة من الاستفزاز المتبادل بين الزوجين والإزعاج المقصود من قبل كل منهما للآخر، وهذا يطور صراعات عديدة في العلاقة الزوجية يصعب معها حل الخلافات.
- الشعور بعدم الأمان: ينتج عن سلوك الزوج بتهديد زوجته بالطلاق باستمرار، شعور لدى الزوجة بعدم الأمان من الناحية العاطفية أو الزوجية أو الأسرية، فهذا الزوج قد يتهور وينفذ تهديده في أي وقت وينهي الزواج بأي لحظة ولأتفه الأسباب، ويسبب لها هذا حالة من الإحباط والاكتئاب ينعكس غالباً على المنزل والعلاقة الزوجة والأسرة برمتها.
- الفتور في المشاعر: لا يمكن للزوجين الذين يعيشان حالة من عدم الاستقرار والصراع أن يقدما العواطف التي يحتاجها كل منهما للآخر، فكيف يمكن للزوج أن يشبع عواطف الزوجة بالكلام والتصرفات دون أن يعطيها الأمان العاطفي الذي يعتبر من أبسط حقوقها، وكيف للزوجة أن تقدم المحبة أو العطف والحنان وهي لا تشعر بالأمان على حياتها العاطفية والزوجية، وهذا بدوره يسبب حالة من الفتور العاطفي والجنسي ينتج عنه بدوره مشاكل جديدة مثل حالات الخيانة الزوجية.
- إمكانية وقوع الطلاق فعلاً في بعض الأحيان: ليس بالضرورة أن يكون الزوج يقصد تهديده بالطلاق فعلاً ولديه رغبة بتنفيذ التهديد، ولكن في بعض الحالات ونتيجة الجهل بآثار هذا التهديد أو نتيجة الصراع الذي يتسبب به أو مشاعر الغضب والتوتر والخوف، قد يحدث الطلاق فعلاً وينهي العلاقة الزوجية على أتفه الأسباب دون وجود رغبة بذلك.
- شعور الزوجة بالظلم: عدم الأمان الذي تعيشه الزوجة بسبب تهديد زوجها الدائم بالطلاق يسبب مشاعر الإحباط والشعور بالظلم لديها، وينتج عن هذا حالة من الاكتئاب والخوف قد يتطور لاضطرابات نفسية ومخاوف وهلاوس تحتاج لعلاج نفسي بعدها.
- تأجيج الصراعات الزوجية: التهديد بالطلاق ليس علاج للمشاكل الزوجية بل هو مشكلة إضافية لهذه المشاكل، وعلى الرجل أن يعي هذه الحقيقية ويبحث عن بدائل لحل خلافاته مع زوجته إن وجدت، فالتهديد بالطلاق كما أسلفنا يسبب حالة من الإحباط وحالة من الصراع أو تقصد الإزعاج المتبادل، وبالتالي يكون قد سبب زيادة الخلافات بدلاً من علاجها.
- تهديد الاستقرار الأسري: الزوج والزوجة ليسا الوحيدان في العلاقة الزوجية والأسرة، ففي حال وجود أطفال فإن التأثيرات الناتجة عن التهديد بالطلاق سوف تقع أيضاً على الأطفال، وتسبب حالة من عدم الاستقرار بالأسرة برمتها، فالطفل يحتاج لأبوين متفاهمين ويلبيان له الأمان الأسري والعاطفي.