موضوع عن التفكك الاجتماعي بين الأسباب والحلول

ما هي أسباب التفكك الاجتماعي! تعرف إلى معنى التفكك الاجتماعي وأسبابه وحلول مقترحة للحد من التفكك الاجتماعي
موضوع عن التفكك الاجتماعي بين الأسباب والحلول
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

الإنسان بالفطرة كائن اجتماعي يحتاج لتشكيل علاقات وروابط مع غيره من البشر حتى يتمكن من الاستمرار وتحقيق حاجاته المختلفة، هذا بالإضافة لحاجة الإنسان للانتماء للمجموعة، ومن هنا نشأت وتطورت فكرة الكيانات الاجتماعية أو المجتمعات والعلاقات الاجتماعية حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، ولكن العديد من العوامل التي تطرأ على بعض المجتمعات تسبب ظاهرة (التفكك الاجتماعي)، فما هو التفكك الاجتماعي، وما أهم أسبابه وآثاره، وكيف يمكن علاج تفكك المجتمع؟

التفكك الاجتماعي أو التدهور الاجتماعي (بالإنجليزية: Social Disintegration) هو حالة من الخلل في التواصل والتفاعل بين مكونات المجتمع وعناصره من نظم وعلاقات وبنى اجتماعية، يخلق أشكالاً متعددة من اختلال التعاون أو التكامل في هذه العلاقات والنظم، وينتج عن ذلك مشكلات وأزمات أو صراعات بين أفراد هذا المجتمع ومجموعاته، وعادةً ما يؤدي التفكك الاجتماعي لتدهور في الأسس التي يقوم عليها المجتمع من عادات وتقاليد وقوانين وأخلاقيات، وبالتالي تنتشر سلوكيات مثل العنف والجريمة والانحلال الأخلاقي والاستغلال والفساد.

يشير باحثو علم الاجتماع إلى أن التفكك الاجتماعي "مفهوم غامض وإشكالي بشكلٍ واضح" ومن المفترض أن يشير إلى أبعاد مثل الصراع وعدم الاستقرار، وانهيار الحقوق السياسية والمدنية، وانتشار الجريمة والعنف، والانقسامات المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، وتدني مستويات رضا المواطنين عن حياتهم، مع التأكيد على الفرق بين المجتمع والدولة بحيث لا يرتبط التفكك الاجتماعي بالضرورة بتفكك الدول أو المؤسسات الرسمية. [1]

animate

ينتج التفكك الاجتماعي عادةً عن أسباب وعوامل ومختلفة، وهذه الأسباب قد تصبح بحد ذاتها نتيجة للتفكك، بمعنى أن نفس العامل قد يسبب التفكك الاجتماعي وينتج عنه بما يزيد حالة التفكك عمقاً وصعوبة، ومن الأسباب المعروفة للتفكك الاجتماعي:

  1. الصراعات السياسية: الصراعات السياسية على اختلاف أنواعها وأشكالها قد تكون سبباً رئيسياً ومباشراً في تطور حالة من التفكك في المجتمع المعني بهذه الصراعات، فالحروب والصراعات الداخلية وحتى الصراعات السياسية "المسالمة" تفرض حالة سياسية واقتصادية وأمنية وخدمية معينة تسبب تغيرات جوهرية في نمط حياة المجتمع ومعيشة أفراده اليومية من اهتمامات وأعمال وقناعات وأخلاقيات، غالباً ما تكون متأثرةً بالاستقطاب والنفعية ما يقود لحالة التفكك الاجتماعي.
  2. الخلافات الثقافية: المجتمع الذي يتميز بالتنوع الثقافي على أساس الدين أو العرق أو الطبقات أو غيرها من أسباب الاختلاف، قد يمر بفترات يحدث فيها تضارب في مصالح أو رغبات مكونات هذا المجتمع، وهنا قد تنمو بين هذه المكونات بعض الخلافات الثقافية وخاصة إذا تم تغذية هذه الخلافات من قبل جهات بعينها لأسباب سياسية مثل الحروب أو اقتصادية مثل الفساد الحكومي وغيرها من الأسباب، وهنا من المحتمل أن تتحول هذه الخلافات إلى صراع بين أفراد ومكونات المجتمع على أسس ثقافية وبالتالي يحدث التفكك الاجتماعي.
  3. المشكلات الاقتصادية: مثل التحول من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي، أو سيطرة فئة أو جهة على مصدر رزق هذا المجتمع وثرواته، أو التغير في طبيعة العمل ونمط الاستهلاك والانتاج، أو تعرض المجتمع لأزمات اقتصادية بسبب الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية وغيرها من الأسباب، وهذه المشكلات الاقتصادية غالباً سوف يتبعها مشاكل على مستوى الفرد والأسرة وغيرها من الأنساق داخل هذا المجتمع، وتسبب حالات مثل الفقر والبطالة والجهل وانخفاض المستوى المعيشي، وكل ذلك عادةً ما يتبعه مظاهر التفكك الاجتماعي.
  4. السياسيات الحكومية الخاطئة: سياسية الدولة في الحكم وطريقة عملها وأنظمتها السياسية والاقتصادية تنعكس بشكل مباشر على الحياة اليومية للأفراد والجماعات، ووجود سياسيات حكومية خاطئة -شاملة أو موجّهة- قد تسبب بعض الصراعات داخل المجتمع، مثل تغذية التفرقة والكراهية بدافع الاستقطاب السياسي لعدد أكبر من المواطنين لكسب أصوات انتخابية، أو انتشار الفساد الإداري في الحكومة وما يفرزه من مشاكل خدمية وأمنية واقتصادية، أو انتهاج سياسيات اجتماعية تسبب حالات التفرقة والتفكك الأسري، وكل هذه الأسباب بدورها تغذي حالة التفكك الاجتماعي.
  5. التغيرات الاجتماعية: بسبب التقدم التكنولوجي والتغيرات التي تطرأ على وسائل الاتصال والتواصل وبسبب الاندماج الثقافي لأسباب سياسية واقتصادية أو بسبب التغيرات السياسية في المجتمع، تحدث تغيرات اجتماعية وانتقال المجتمع من طريقة حياة إلى طريقة أخرى قد لا تكون مناسبة دائماً أو قد لا يحدث تأقلم معها من قبل بعض أفراد المجتمع ومكوناته، وعدم التأقلم هذا يترك الباب مفتوحاً لنمو عوامل التفكك الاجتماعي.
  1. الصراعات الاجتماعية: من أوضح أوجه آثار التفكك الاجتماعي وأسبابه، فوجود حالة الصراع الاجتماعي يسبب التفكك، ووجود حالة التفكك تعمق وتزيد من الصراعات الاجتماعية، فالتفكك الاجتماعي يلغي حالة التكامل والتعاون بين مكونات المجتمع، وينمو مكان هذا التكامل الخلافات والانانية واختلاف المصالح، وبالتالي تحدث صراعات عديدة على مستوى الافراد والجماعات وحتى التنظيمات على أثر هذا التفكك وانعدام قنوات التواصل لحل الخلافات.
  2. فقدان الهوية والانتماء: عندما يكون المجتمع متماسكاً والروابط بين مكوناته قوية وأفراده قادرون على التواصل والتفاعل مع بعضهم البعض بشكل جيد بما يحقق مصالح الجميع ومصالح المجتمع بشكل عام، يصبح لهذا المجتمع هوية ثقافية واجتماعية ويشعر جميع الأفراد بها وبانتمائهم لها ودفاعهم عنها وافتخارهم بها.
    ولكن حالة التفكك الاجتماعي تضعف الانتماء لهذه الهوية بسبب فقدان الروابط المشتركة بين أفراد المجتمع لصالح نمو النزاعات والاختلافات والتفكير بالمصالح الفردية، وبالتالي الانتماء أكثر للمرجعيات الصغيرة مثل الطبقة الاجتماعية أو المذهب الديني أو الانتماء العرقي وغيرها، وهذا يفقد الهوية الثقافية الخاصة للمجتمع.
  3. تدهور العلاقات الاجتماعية: التفكك الاجتماعي ينمي الخلافات والاختلافات بين أفراد المجتمع وجماعاته، ويصبح التفكير السائد بالمصالح الشخصية الضيقة حتى لو على حساب المصالح الاجتماعية، ومن هنا تتدهور القيم التي تقوم عليها علاقات أفراد المجتمع، وينعكس ذلك على مختلف البنى الاجتماعية والعلاقات كالزواج أو العمل أو العائلة أو الصداقات وغيرها.
  4. قصور الأداء الوظيفي للنظم والأدوار الاجتماعية: كل منظمة في المجتمع أو جماعة أو منظمة تمارس دور معين في إطار النشاط الاجتماعي الطبيعي الذي يضمن تحقيق مصالح أفضل وحياة أفضل لأفراد هذا المجتمع، فالأسرة لها وظيفة التربية والاحتضان والمدرسة لها وظيفة التعليم والتثقيف والنقابة لها وظيفة الدفاع عن الحقوق... إلخ.
    وحالة التفكك تسبب قصوراً في أداء هذه المكونات لوظائفها، فتصبح الأسرة غير قادرة على التربية بشكل صحيح، والمدرسة مكان لتعلم أشياء سيئة تتناقض مع الدور الذي أنشأت من أجله، والنقابة تصبح مكان لتحقيق مصالح شخصية تكون أحياناً ضد مصالح أفرادها، والحكومة تنتشر فيها الوساطات والمحسوبيات والفساد الإداري.
  5. اتساع الفجوات الاجتماعية: بطبيعة الحال فإن معظم المجتمعات إن لم يكن كلها تتضمن اختلافات بين جماعاتها على أسس ثقافية أو اقتصادية أو سياسية أو دينية أو عمرية أو عرقية، وهذا ما يقسم المجتمع لفئات وطبقات وشرائح وهويات، وفي الحالة السليمة التي يكون فيها المجتمع متماسكاً ومندمجاً تقل الخلافات بين هذه التقسيمات حتى لو بقيت موجودة وتبقى في إطار الحالات الفردية التي يمكن علاجها من قبل المجتمع واستيعابها ببساطة.
    ولكن في حالة التفكك تتعمق الفجوات والاختلافات بين هذه المكونات وقد ينشأ عن ذلك تكتلات جديدة وتحزبات متفرقة على أساس هذا الاختلاف، وبالتالي إمكانية حدوث نزاعات وصراعات تفرض نفسها على المجتمع ككل وتؤثر على حياة أفراد هذا المجتمع بشكل عام وطريقة التفكير السائدة فيه.

مظاهر التفكك الاجتماعي هي غالباً النتائج التي تقع على آثار هذا التفكك، فعندما يحدث صراع بين مكونات المجتمع فهذا آثر للتفكك الاجتماعي، وانتشار العنف هو المظهر الناتج عن هذا الأثر، وعلى هذا الأساس، فمن مظاهر التفكك الاجتماعي.

  1. فقدان الأمن والاستقرار: تتبع حالة التفكك الاجتماعي مشاكل اجتماعية كثير مثل الفقر، البطالة، الجهل، الاختلافات، النزاعات، وهذه المشاكل تغذي انتشار العنف والسلوكيات الإجرامية والعنف المنزلي والأنانية والاستغلال بجميع أشكاله، وهذا يفقد أفراد المجتمع الشعور بالأمن والاستقرار في حياتهم اليومية وأنهم معرضون للمخاطر في أي وقت.
  2. الانحلال الأخلاقي: التفكك الاجتماعي يؤدي لإضعاف منظومة الضبط الاجتماعي القائمة على التربية والقيم الفضيلة والالتزام بالقوانين والأخلاق والأعراف والتقاليد، وهذا يسبب انحلال أخلاقي على كل المستويات يفرز انتشار للرذيلة والإدمان وضعف سيطرة الأسرة على أفرادها.
  3. التفكك الأسري: ينتج التفكك الأسري في كثير من الحالات عن التفكك الاجتماعي، حيث تكثر في حالات التفكك الاجتماعي مظاهر الطلاق أو ابتعاد أحد أفراد الأسرة أو الانحلال الأخلاقي الذي يؤثر على أفرادها، أو شعور الأبناء بالاختلاف بينهم وبين آبائهم، وكل هذه أسباب عادةً تؤدي لحالة التفكك الأسري.
  4. ضعف الروابط والتواصل الاجتماعي: حالة التفكك الاجتماعي قد تضعف الرغبة في الاتصال بين أفراد المجتمع مع بعضهم البعض في حال وجود اختلافات فكرية وثقافية بينهم، فقد يرفض الفرد صداقة شخص من دين آخر أو مرجع ثقافي آخر دون النظر لطبيعته الفردية، فيتم رفضه لمجرد مرجعيته فقط، أو قد يحدث سوء تواصل بين الفرد وعائلته الكبيرة لفقدان صلة الرحم لأهميتها في المجتمع المفكك.
  5. ظهور وتوسّع الآفات الاجتماعية: المجتمعات المتماسكة والمستقرة قادرة على استيعاب والتعامل مع الآفات الاجتماعية بالطريقة التي تحافظ على الاستقرار والتماسك، فيما تفقد المجتمعات المتفكّكة القدرة على رصد الآفات الاجتماعية بشكل مبكّر، كما تفقد حتى الرغبة الجادة والمتفق عليها في التصدي لهذه الآفات الاجتماعية، خصوصاً عندما تتحول هذه الآفات إلى مصدر حماية أو رزق لفئات واسعة من المجتمع المتفكّك.
  6. العزلة الاجتماعية: آثار التفكك الاجتماعي من تدهور في العلاقات الاجتماعية وانتشار البطالة والنزاعات بين مكونات المجتمع والتفكك الأسري، كلها تزيد من حالة العزلة الاجتماعية سواء لبعض أفراد المجتمع أو حتى جماعاته، فالفرد العاطل عن العمل الذي لا يشعر بالأمان في مجتمعه ولا يشعر بالانتماء له ولا يجد أسرة تحتضنه، سوف يقع ضحية للعزلة الاجتماعية سواء برغبة شخصية منه أو نتيجة عدم قدره على التواصل والاندماج مع أفراد مجتمعه.
  1. سيادة القانون: في حالات التفكك الاجتماعي يزيد انتشار المخالفات والجرائم والصراعات بين أفراد المجتمع، وهنا يأتي دور سيادة القانون لضمان أفضل قدر من الالتزام من قبل أفراد هذا المجتمع، بالإضافة لإقناع أفراد المجتمع بفكرة ضرورة الالتزام بالقانون ما يمهد لعودة القيم الأخلاقية والانضباطية لهذا المجتمع.
  2. محاربة الجهل والأمية: الجهل من أهم عوامل التفكك الاجتماعي ونتائجه، ومحاربة الجهل والأمية تبني مجتمع أكثر وعياً لضرورة تجنب الصراعات والنزاعات وحل الخلافات وإيجاد بدائل أخرى لتحقيق المصالح الفردية والجماعية، والاستغناء عن القيم الخاطئة التي قد تعزز التفكك.
  3. محاربة البطالة: البطالة تسبب من ناحية كثرة أعداد الأشخاص العاطلين عن العمل والمتفرغين طول الوقت من ناحية، وتسبب زيادة مستوى الإعالة في المجتمع من ناحية أخرى، وهذا قد ينتج عنه حالات انتشار الجريمة والاستغلال لتأمين مصدر رزق هؤلاء الأفراد العاطلين، بالإضافة لتفرغهم وعدم التزامهم بعمل معين وبالتالي إمكانية اتجاههم للانحراف، وايضاً البطالة تعيق تحقيق الفرد لذاته في المجتمع من ناحية الزواج وتكوين أسرة وبالتالي تحول نظرته عن ذاته من شخص لديه عمل وأسرة وكيان اجتماعي، لشخص فاشل ومتفرغ ومظلوم وبالتالي عدم التزامه بأسس وقوانين المجتمع، وعلاج البطالة يضمن علاج هذه المشكلات جميعاً وبالتالي تقليل حدة التفكك الاجتماعي.
  4. الإصلاحات السياسية: كما ذكرنا في كثير من الأحيان قد تكون السياسيات الحكومية الخاطئة من أهم عوامل التفكك الاجتماعي، وإصلاح هذه السياسات من شأنه أن يولد شعور بالانتماء لدى أفراد المجتمع للوطن والدولة، وبالتالي تخفيف آثار التفكك الاجتماعي وعلاجه.
  5. نشر الوعي الاجتماعي: الوعي الاجتماعي ينمي قيم الانتماء والمواطنة وضرورة المساعدة في نمو المجتمع وتطوره، وبالتالي فإن العوامل المؤدية للتفكك الاجتماعي أو تجاوب أفراد المجتمع مع هذه العوامل يكون أقل.
  6. تعزيز ثقافة الانتماء للمجتمع: ويكون ذلك من خلال إلغاء التفرقة العنصرية على أي سبب ونشر مبادئ العدالة الاجتماعية وتفكير المؤسسات والمنظمات الاجتماعية بمصالح الأفراد ودعمهم وتوجيههم وعلاج مشاكلهم.
  7. تعزيز روح المشارك والتعاون: روح التعاون والمشاركة تقوي الصلات بين أفراد المجتمع والرابط بين مكوناته ومؤسساته، فهذه الروح تشكل ثقافة سائدة بأن مصلحة الفرد من مصلحة المجتمع ومصلحة المجتمع من مصلحة الفرد.
  8. الاهتمام بالتنمية الاجتماعية: التنمية الاجتماعية بجميع جوانبها الثقافية والاقتصادية والتعليمية والقانونية، تقلل إمكانية حدوث مظاهر مثل التفكك الأسري وانتشار الجريمة أو الانحراف السلوكي، وترفع مستوى معيشة الفرد وتحول اهتمامه باتجاه النمو والازدهار بدلاً من النزاع مع الغير والعزلة.

المراجع