طريقة كرسي العقاب للطفل هل هي وسيلة تربوية مثالية!
كرسي العقاب من الطرق المنتشرة في عقاب الأطفال للسيطرة على سلوكهم وتعديله، حيث يراها الكثيرون طريقة حضارية لتعليم الطفل كيفية التصرف بشكل صحيح دون التسبب بأذى نفسي أو جسدي له، بينما علت أصوات المنتقدين لأسلوب كرسي العقاب في الآونة الأخيرة ووصفوها بأسوأ طريقة لعقاب الأطفال لما تتركه من آثار سلبية على نفسية الطفل، فما هي طريقة كرسي العقاب وهل هي طريقة صحيحة لتقويم سلوك الأطفال؟
كرسي العقاب أو زاوية المشاغبين (بالإنجليزية: Naughty Chair or Naughty Corne) إحدى أحدث الطرق التأديبية المستخدمة لتقويم سلوك الأطفال عن طريق عزل الطفل في مكان ثابت محدد مسبقاً -أي يعرف الطفل أنه مكان عقاب- ويكون هادئاً وبعيداً عن أي وسيلة ترفيه، ولمدة معينة تحدد بحسب عمر الطفل والخطأ الذي ارتكبه.
تنتمي طريقة كرسي العقاب إلى عقوبات الوقت المستقطع Time Out، حيث تعتمد على حرمان الطفل خلال هذه المدة الزمنية من جميع وسائل الترفيه وحتى من الكلام، وفي نفس الوقت منحه فرصة للتفكير بما فعله، ويتم تخصيص زاوية ثابتة في المنزل فيها كرسي العقاب.
في السنوات الأخيرة أصبحت هذه الوسيلة تقنية تعليمية تربوية منتشرة بكثرة ومستخدمة من الآباء في جميع أنحاء العالم خصوصاً في الثقافات الغربية كوسيلة حضارية لعقاب الأطفال، مع السعي لإلغاء الطرق التقليدية للعقاب المؤذية للأطفال كالعنف والإساءة اللفظية وما إلى ذلك. [1-2]
- تعليم الطفل التفكير بالخطأ: تعتبر هذه الميزة هي الفكرة الجوهرية والهدف الأساسي لطريقة كرسي أو ركن العقاب، وعند التزام الآباء بخطوات وتعليمات تطبيق كرسي العقاب بالشكل الأمثل يتعلم الأطفال بشكل فعال أن يفكروا بالخطأ الذي أقدموا عليه والذي دفع الأهل لعقابهم.
- تشجيع الطفل للاعتراف بالخطأ: بما أن جلوس الطفل على كرسي العقاب لفترة قصيرة يعطيه فرصة للتفكير بالخطأ واستيعابه فهو أيضاً يشجعه على الاعتراف بالخطأ أمام أبويه وبالتالي عدم تكراره مرة أخرى.
- تضع حدود للسلوكيات السلبية: بعض السلوكيات مثل ضرب الطفل لأخيه أو تجاوز القوانين عن عمد أو التمرد تحتاج للعقاب الذي يحد ويضبط سلوك الطفل، لكن دون إيذاء جسدي أو نفسي، ومن أنسب الطرق لهذا العقاب هو كرسي أو ركن العقاب حيث يساعد في ردع وتعديل معظم السلوكيات السلبية للأطفال دون عنف.
- مفيدة للآباء الانفعالين: بالنسبة للآباء سريعي الانفعال والغضب تكون طريقة كرسي العقاب أيضاً وسيلة لمساعدتهم في ضبط أعصابهم والتحكم بغضبهم أمام أطفالهم عندما يخطئون، حيث تقدم فرصة ليهدأ الأب أو الأم قليلاً ويبتعدون عن الصراخ أو الغضب أو العنف.
- أقل ضرراً من العقوبات الأخرى: معظم أنواع العقوبات الأخرى التي يتبعها الآباء مع الأطفال الصغار، مثل الضرب والحرمان والتجاهل العاطفي والصراخ والتوبيخ والانتقاد والسب والشتم والألفاظ النابية وغيرها، تكون أقل فائدة وأكثر ضرراً من طريقة كرسي العقاب عندما تطبق بشكل صحيح وبخطوات مدروسة.
- تعليم الطفل ضبط النفس والالتزام: مع مرور والوقت وعندما يعتاد الطفل على فكرة كرسي العقاب يتعلم أنه مهما بكى ومهما حاول سيكون هناك عواقب لأخطائه وعليه الالتزام بالقواعد ليتجاوزها هذا يقوده شيئاً فشيئاً ليتعلم ضبط النفس وعدم تكرار الأخطاء مرة أخرى وتنفيذ قواعد الأهل وأوامرهم والالتزام بها. [3]
على الرغم من شعبية طريقة كرسي العقاب في عقاب وتأديب الأطفال الصغار، إلا أن الخلاف قائم حول فعاليتها بين الخبراء وأخصائي التربية، فأصبحت تطالها الكثير من الانتقادات المبنية على التخوّف من الآثار النفسية السلبية على الأطفال وذلك عكس ما يتم الترويج له أنها الطريقة المثالية لتعليم الطفل الطاعة والاحترام دون أن تحمل أي خطرٍ نفسي أو جسدي عليه! وأهم السلبيات والأضرار المحتملة لطريقة كرسي العقاب:
- إخافة الطفل: على الرغم أن طريقة كرسي العقاب صممت للابتعاد عن كل وسائل العنف في عقاب الأطفال إلا أنها قد تدفع الطفل للخوف الشديد بسبب فكرة العزلة خصوصاً عندما يخطأ الآباء باختيار مكان الكرسي أو مكان عزل الطفل الذي يكون موحش ومخيف.
- إحراج الطفل: تتسبب طريقة كرسي العقاب بإحراج الطفل وشعوره بالإذلال والمهانة بعض الأحيان، وقد يتفاقم الأمر أكثر عندما يعاقب الطفل أمام أقرانه وأصدقائه في المدرسة أو اخوته في المنزل أو الضيوف الغرباء.
- ليست مناسبة وحدها لإدارة السلوك: كرسي العقاب يفيد لتعديل بعض الأخطاء التي يرتكبها الأطفال ومنع الطفل من تكرار السلوك غير المرغوب به، ومع ذلك فهي طريقة غير كافية لتعليم وتوجيه الطفل ما هي السلوكيات الصحيحة وما هي السلوكيات الخاطئة ولا يعلم الطفل مهارات حل المشاكل ومواجهتها.
- لا تعلم الطفل طريقة التعامل مع المشاكل: يفتقد الأطفال الذين يجلسون بشكل متكرر على كرسي العقاب لمهارة التعامل مع المشكلات ويتربون على فكرة الانعزال والجلوس وحيدين عند التعرض لمشكلة أو ارتكاب خطأ ما بدلاً من مواجهته وتصحيحه.
- قد تؤثر على علاقة الأهل بالطفل: التطبيق الخاطئ لأسلوب كرسي العقاب تضر علاقة الطفل بأهله بعض الأحيان لأنها توصل رسالة للطفل مفادها أن الطريقة الصحيحة لحل المشاكل والعقاب على الأخطاء هي قطع التواصل معه وعزله، خصوصاً عند عدم التزام الأهل بالمدة الصحيحة للعقاب وتزويد مدة عزل الطفل.
- غير مناسبة للأطفال دون سن الثالثة: تتضارب الآراء حول السن المناسب لبدء تطبيق كرسي العقاب للأطفال، فالبعض يقول أنه يمكن استخدامها من عمر السنتين، إلا انها قد تكون مؤذية وغير مفهومة للطفل بهذا العمر برأي آخرين، فعلى الأقل يجب أن يصل الطفل لعمر الثلاث سنوات حتى يبدأ بالجلوس على كرسي العقاب.
- خلق شعور بالرفض: قد يفسر الطفل رغبة الأهل المتكررة بعزله وتجاهله أنه سيء وغير محبوب وأهله لا يريدونه ولا يريدون أن يكونوا معه وتجلب له مشاعر محبطة ومؤلمة بالرفض ممن حوله، خصوصاً عند إطالة مدة العقاب وعدم الالتزام بالشروط الصحيحة لتطبيق كرسي العقاب.
- عقاب فعال فقط للأطفال الصغار: بمعنى أن تطبيقه على الأطفال الكبار والمراهقين غير ممكن وغير مجدي وتصبح فكرة مضحكة بالنسبة لهم بدلاً من أن تكون عقاباً، لذا فكرسي العقاب مرحلة مؤقتة تستخدم للأطفال الصغار دون ست سنوات.
- ترتبط بقمع المشاعر: كذلك ارسال الطفل لكرسي العقاب في الأوقات غير الصحيحة ينقل رسالة له أنا والديه لا يردان أن يقفا معه عندما يكون منزعجاً ولا يرغب أحد أن يكون حوله، هذا يبدو جيداً للأهل حيث يتوقف الطفل مع الأيام عن البكاء والصراخ والاعتراض، لكن في الحقيقة هو يميل لكبت مشاعره داخله وفقدان القدرة للتعبير عن التوتر والحزن مما يؤذي الطفل ويعرضه لاختلالات عاطفية ونفسية تبقى معه طيلة حياته. [3-4]
- طبّق بجدية أول مرة: المرة الأولى هي التي ستحكم على فعالية الطريقة في كل مرة، ستكون فترة صعبة وربما يبقى الأب أو الأم مع طفلهم ساعة كاملة يحاولون فقط إجباره للجلوس على الكرسي دون أن يهرب أو ينفعل أو يغضب، فيجب أن يكون الأهل جاهزين للتطبيق أول مرة بحيث يرجعون الطفل في كل مرة يهرب بها دون عنف أو أذى إلى أن يلتزم بالمدة المحددة، وإذا تخاذل الأهل أول مرة ولم يلتزموا يمكن الاعتبار أن الطريقة لن تنجح مرة أخرى لأن الطفل عرف كيف ينتصر على أهله وفهم أنهم سيصلون لمرحلة الملل.
- عاقب مدة دقيقة لكل سنة: المدة المناسبة لجلوس الطفل على كرسي العقاب أن كل سنة من عمر الطفل تساوي دقيقة على كرسي العقاب، فالطفل الذي عمره ثلاث سنوات يعاقب مدة ثلاث دقائق على كرسي العقاب، والطفل الذي عمره خمس سنوات يعاقب مدة 5 دقائق، وهكذا.
- ضع الكرسي في مكان بعيد عن المتعة: يهدف نهج كرسي العقاب لعزل الطفل في مكان هادئ بعيد عن أي عامل مسلي وممتع بحيث يتسنى له القدرة على التفكير فيما بدر منه من أخطاء دون أن ينشغل بأي شيء آخر، بنفس الوقت المكان لا يجب أبداً أن يحمل طابع مرعب أو منفصل كثيراً عن مكان وجود الأهل فنحن لا نريد تخويف الطفل وإنما فقط إعطاءه فرصة للتفكير.
- اشرح الموضوع للطفل: خاصة في المرات الأولى لتطبيق كرسي العقاب فالطفل يشعر بالغرابة والخوف من الفكرة، وأيضاً من الضروري في كل مرة يُرسل فيها الطفل لكرسي العقاب يجب أن يقول له أحد الأبوين: أنا أحبك جداً لكنك ارتكبت خطأً اليوم وهو كذا، لذا سأعطيك فترة تفكر بما فعلت وانت جالس على هذا الكرسي مدة ثلاث دقائق مثلاً كاملة دون أن تتحرك ابداً وبعدها سنتحدث، أما تصرف بعض الأهالي بوضع الطفل على الكرسي والذهاب دون شرح أو توضيح لن يفيد الاهل ولا الطفل بشيء أبداً وستكون فقط طريقة لتعذيب الطفل.
- اصبر وحافظ على الهدوء والحزم: الطفل لن يفهم الفكرة ولن يفكر في أول 10 مرات أو حتى أكثر لتطبيق طريقة كرسي العقاب، سيبقى منشغلاً بالتفكير بطريقة للهروب أو إلهاء الأهل أو جعلهم يغيرون قرارهم وغير ذلك، لذا فالأمر يحتاج للصبر ثم الصبر للحصول على نتيجة حقيقية كما يتطلب تطبيق الطريقة الصحيحة أيضاً الصبر وعدم التهاون أو الملل.
- تحدث إلى الطفل بعد انقضاء المدة: إجراء محادثة مع الطفل بعد انتهاء مدة عقابه خطوة ضرورية لإعادة إحياء التواصل مع الطفل بعد الجمود الذي حصل قبل العقاب، وللتأكد من فهم الطفل لفكرة أن العقاب كان فرصة للتفكير وليس للتعذيب وأيضاً لالتماس هل الطفل فعلاً أدرك خطأه وفكر به؟ نقول مثلاً للطفل أنت رائع وطفل مثالي وأنا فخور بك لكننا بحاجة لتعديل الأخطاء والسلوكيات السلبية التي بدرت منك.
- عانق الطفل وقبله بعد انتهاء العقاب: وذلك بعد انهاء وقت العقاب والحديث معه ليشعر الطفل أن مشاعر الحب والحنان والتقدير لا زالت موجودة ولم يلغيها العقاب أو الخطأ الذي بدر منه.
- انتبه للغة الجسد وطريقة الكلام: التحدث إلى الطفل قبل أو بعد تطبيق كرسي العقاب يتطلب منك الجلوس بمستوى الطفل وذلك بالانحناء على الركبة واستخدام نبرة صوت هادئة منخفضة جدية مائلة إلى الحزم، كما يجب أن يكون أسلوب الكلام خالٍ من أي إيحاء أو ردة فعل كالإيحاء بالغضب أو الحزن أو الضحك على ما فعل وغير ذلك، من المهم أن تكون تعابير الوجه جامدة دون أن تحمل أي تعبير. [5]
- الصراخ والتهديد: من أول أهداف كرسي العقاب للأطفال هي منع الأهل من العنف والصراخ، لكن بعض الآباء لا يتعمقون بأسلوب استخدام كرسي العقاب بشكل صحيح ويصبون غضبهم على الطفل بالصراخ والتوبيخ ثم يأمرونه بصوت عالي بالجلوس على الكرسي بقسوة وإهانة.
- إطالة مدة العقاب: الهدف ليس عزل الطفل وقت طويل أو إهانته أو تخويفه بل الهدف فقط جعل الطفل يفكر بخطئه لعدة دقائق في مكان مريح، لذا من المهم جداً الالتزام بالمدة المحددة لكل عمر وعدم تجاوزها بشكل فردي لتجنب جعل الطفل يشعر بالعزلة القسرية وكبت الحرية.
- وضع كرسي العقاب في مكان مخيف أو مكشوف: اختيار مكان وضع كرسي العقاب أهم خطوة تحدد نجاح أو فشل الطريقة في تعديل سلوك الأطفال، فالمكان الذي يكون بعيداً عن الأهل ومخيفاً وموحشاً يسبب أضرار نفسية للطفل أخطر بكثير من السلوك الذي عاقبناه عليه، كذلك الأمر عند وضع كرسي العقاب في مكان يمكن أن يراه آخرون مثل الشرفة أو صالة البيت، حيث يشعر الطفل بالحرج وهو جالس على كرسي العقاب.
- عدم التحدث مع الطفل بعد انتهاء مدة العقاب: الطفل بحاجة للشعور بالحب والحنان بعد العقاب من جديد لإصلاح العلاقة مع الأهل وعدم نمو الحقد والرغبة بالانتقام في نفسيته، كما أنه بحاجة لفهم الطريقة الصحيحة للتصرف بدلاً من الخطأ الذي ارتكبه أو لتصحيح خطأه بالاعتذار مثلاً، وعدم تطبيق ذلك يحول كرسي العقاب لنهج تدمير علاقة الطفل بأهله وإيذائه نفسياً.
- عدم شرح سبب العقاب للطفل: الهدف من أي عقاب هو تعليم الطفل الطريقة الصحيحة للتصرف وليس فقط التحكم والسيطرة، لذا قبل إرسال الطفل للجلوس على كرسي العقاب يجب أن يتم شرح الخطأ من أحد الوالدين وشرح العقاب ومدته بطريقة هادئة وحازمة دون صراخ أو غضب.
- عدم الالتزام بمدة العقاب: الأطفال قد لا يتوقفون عن البكاء كمحاولة لاستعطاف الأهل أو الضغط عليهم لإلغاء العقاب، عند استجابة الأهل لهذا الموضوع يُعلن انتصار الطفل بجدارة على الأهل وعلى العقاب الذي لن ينجح أبداً في المرات القادمة بسبب استمرار الطفل في المحاولة لإلغاء العقاب كل مرة دون ملل، ومن ناحية أخرى بعض الأهل يقررون من أنفسهم زيادة مدة العقاب عما تعلموه مما يجلب الضرر للطفل بدلاً من الفائدة في تقويم السلوك.
- الملل وعدم إرجاع الطفل للعقاب عندما يهرب: الطفل يسعى لتجريب كل الطرق لرفض العقاب وعدم الامتثال له خاصة في الفترة الأولى لبدء إرسال الطفل لكرسي العقاب، سيهرب عدداً كبيراً من المرات منه وعندما يمل الأهل من هذا الأمر ولا يملكون الصبر لإرجاع الطفل لمكانه في كل مرة يهرب منهم يكون ذلك انتصار للطفل أيضاً وإعلان فشل العقاب بشكل كامل.