هل زيادة الوزن تمنع الحمل وما تأثير السمنة على الحامل؟
قد يرتبط تأخر حدوث الحمل بشكل طبيعي وسلس عند النساء في بعض الأحيان بزيادة الوزن أو البدانة المفرطة، وقد يصل الأمر أحياناً للعقم بسبب السمنة، وحتى عند نجاح الحمل تتصاعد مخاطر السمنة المفرطة بشكل ملحوظ على الأم الحامل والجنين، تعرفي إلى تأثير زيادة الوزن على حدوث الحمل والخصوبة عند النساء في الفقرات التالية.
نعم السمنة تؤثر على حدوث الحمل، حيث أشارت إحدى الدراسات أن فرص حدوث الحمل عند النساء اللواتي يعانين من السمنة المفرطة أقل من ذوات الوزن الطبيعي، فخلال عام واحد من إيقاف استعمال حبوب منع الحمل، كانت نسبة النساء البدينات اللاتي حملن 66.4% خلال 12 شهراً، مقابل نسبة 81.4% من النساء صاحبات الوزن الأقل والأقرب للطبيعي.
لذا يعد خطر العقم لدى النساء البدينات أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة من النساء غير البدينات، وكل زيادة درجة واحدة في مؤشر كتلة الجسم BMI عن 29 كغ/م2 ينخفض معها معدل حدوث الحمل بنسبة 5% تقريباً، كما تبين أن تعرض الفتيات للسمنة في مرحلة البلوغ المبكرة يغيّر من وظائف الإنجاب ويزيد مخاطر العقم فيما بعد. [1-2]
الوزن الزائد أو السمنة المفرطة عند المرأة من العوامل التي تقلل الخصوبة وتخفض جودة عملية التبويض، مما يجعل منها عاملاً سلبياً يؤثر على عملية الإخصاب وحدوث الحمل ويقلل من فرصها.
لكن الوزن الزائد والسمنة لا تمنع حدوث الحمل بشكل كامل إلا في بعض الحالات الخاصة التي يصل فيها تأثير السمنة لحد انقطاع الإباضة، بمعنى أنه كلما كان معدل الزيادة في الوزن أعلى عند المرأة كلما كان التأثير السلبي أكبر على مرحلة الإباضة وبالتالي تأخير أو منع حدوث الحمل.
وعلى الرغم أن كيفية تأثير السمنة على الخصوبة والإنجاب عند النساء غير مفهومة تماماً، إلا أنه تم ربط السمنة بانخفاض معدل الخصوبة عند النساء لعدة أسباب، بما في ذلك ضعف نمو جريبات المبيض، وهذه الجريبات هي التي تنمو لتعطي بويضة، أو التسبب بخلل هرموني يمنع الإباضة بشكل كامل، كما أن السمنة تؤثر حتى على عمليات الزرع المخبري.
بما أن زيادة الوزن قد تعرقل وتؤخر حدوث الحمل وربما تمنعه نهائياً، تتساءل النساء عما إذا كانت خسارة الوزن تعيد عملية التبويض لما كانت عليه وتزيد فرص حدوث الحمل، والجواب على ذلك هو نعم، فقدان الوزن يعزز الخصوبة من جديد ويرفع القدرة على حدوث الحمل ويحسن من عملية التبويض.
وهذا في حال كان الوزن الزائد هو الحائل الوحيد أمام نجاح حدوث الحمل، أما إذا ترافق مع حالة أخرى، مثل متلازمة المبيض متعدد الكيسات، فلن يكفي فقدان الوزن وحده للمعالجة بل يجب أن تعالج الحالة المرافقة أيضاً. [1-2]
العلاقة بين السمنة وتأخّر الحمل أو عرقلة الوظيفة الإنجابية عند النساء معروفة وملاحظة منذ سنوات عدة، والآثار السلبية للسمنة على الانجاب شبه مؤكدة، إلا أنه من الصعب وصف الآلية الدقيقة لطريقة ارتباط ضعف الخصوبة مع السمنة فهي معقدة ومتعددة العوامل وتشارك بها الكثير من الآليات، لكن تتمثل الأسباب المعروفة والشائعة فيما يلي: [2-3]
- زيادة مستويات هرمون اللبتين: اللبتين هو أحد أنواع الهرمونات البروتينية الذي يفرز من النسيج الدهني ويلعب دور هام في تنظيم استهلاك الطاقة في الجسم، وعند النساء البدينات ترتفع نسبة هذا الهرمون بسبب زيادة كمية الدهون، كما أن هذا الهرمون له علاقة قوية بعمل الجهاز التناسلي وقد تم ربط زيادة مستوياته عند النساء في العديد من الدراسات بقلة معدلات الخصوبة وحدوث العقم.
- فرط اندروجين الدم: كذلك ترتبط السمنة المفرطة عند النساء بخلل النظام الهرموني المسؤول عنه جهاز الغدد الصماء، بما في ذلك تركيز هرمون الأندروجين وهو الهرمون الذكري الأساسي الذي يتواجد عادة بنسب ضئيلة عند النساء، لكن النساء البدينات يتعرضن أحيانا لفرط اندروجين الدم مما يؤدي إلى العقم وفشل حدوث الحمل.
- متلازمة المبيض متعدد الكيسات: متلازمة المبيض متعدد الكيسات اضطراب استقلابي يتميز بفرط اندروجين الدم، وفي معظم حالات النساء المصابات بهذه المتلازمة تترافق الحالة مع زيادة في الوزن وفرط أنسولين الدم، واجتماع هذه العوامل يؤدي للإصابة بالعقم عند نسبة معينة من النساء البدينات.
- مقاومة الأنسولين: مقاومة الأنسولين تترافق بشكل دائم مع السمنة المفرطة والوزن الزائد، بحيث يفشل هرمون الأنسولين في الدخول للأنسجة للقيام بعمله ويرتفع سكر الدم، هذا يؤثر أيضاً على عملية الإباضة ويسبب إما إباضة غير منتظمة أو توقف العملية بشكل كامل، وهذا ما يمنع أو يصعب حدوث الحمل عند النساء البدينات.
- زيادة هرمون الاستروجين: يفرز هرمون الاستروجين بشكل أساسي عن طريق المبيضين، ويكون للخلايا الدهنية دور ثانوي في إفرازه عادة، لكن عند النساء البدينات يزداد إفراز هذا الهرمون من النسيج الدهني فيقوم بمنع حدوث الحمل عن طريق عرقلة عملية الإباضة، فهو يماثل بهذا التأثير حبوب منع الحمل التي تحوي تراكيز من الاستروجين تعمل أيضاً على إيقاف عملية الإباضة.
الوزن المناسب لحدوث الحمل عندما تكون كتلة الجسم BMI أقل من 29 درجة أو كغ/م2، وكتلة الجسم هي المؤشر المعتمد علمياً لتحديد مستوى زيادة ونقص الوزن بناء على تناسب الوزن من الطول، حيث يتم حساب كتلة الجسم بعملية رياضية بسيطة تتمثل بتقسيم وزن الجسم بالكيلوغرام (70 كيلوغرام مثلاً) على طول الجسم بالسنتمتر، مثلاً إذا كان طول الجسم 170 سم متر، يعوض في المقام (1.72)، والرقم الناتج يقارن بنسب معيارية مجموعة متمثلة فيما يلي: [4]
- الوزن المنخفض: عندما يعطي مؤشر كتلة الجسم رقم أقل من 18.5 فإنه يدل على انخفاض الوزن، وهي حالة أيضاً تؤثر على الخصوبة وقد تقلل فرص الحمل بنسبة 18% عن اللواتي يتمتعن بمؤشر صحي.
- الوزن الطبيعي: بين 18.5 إلى 24.9 وهو نطاق وزن الجسم الطبيعي فأي رقم لمؤشر كتلة الجسم ضمن هذا المجال هو صحي وطبيعي، وبالتالي يكون الوزن الأنسب لحدوث الحمل هو الوزن الذي يقع مؤشر كتلة الجسم له ضمن النطاق السابق.
- زيادة وزن درجة أولى: بين 25 إلى 29.9 وتعاني النساء اللاتي يكون مؤشر كتلة الجسم لهن ضمن هذا المجال من تأخر بحدوث الحمل بعض الأحيان، حيث يزيد لديهن التأخر في الحمل بنسبة 17% عن النساء في الوزن الطبيعي.
- زيادة الوزن من الدرجة المتوسطة: بين 30 و34 بهذا النطاق ترتفع خطورة منع حدوث الحمل وتزيد نسبة التأخر بحدوث الحمل إلى 25%
- السمنة المفرطة: أعلى من 35 عندما يصل مؤشر كتلة الجسم لحد 35 كغ/م2 أو أعلى فهو دليل على السمنة المفرطة التي تصبح خطيرة على صحة الجسم ككل بما في ذلك القدرة على الإنجاب، وتصل نسبة التأخر بحدوث الحمل هنا إلى 39%، وغالباً ينصح بعملية جراحية للتخلص من الوزن الزائد في هذه المرحلة.
زيادة الوزن خلال فترة الحمل تحمل العديد من المخاطر التي تؤثر على الجنين وتؤذيه بشدة إذا لم تتم العناية والانتباه: حيث تسبب:
- اضطرابات خلقية: الإصابة بالسمنة والوزن الزائد خلال الحمل تؤدي لحدوث مشاكل في نمو وتطور الأنبوب العصبي، ويصعب فهم الآلية الدقيقة لحدوث ذلك فهي إلى حد الآن غير محددة تماماً، ولقد تم اقتراح العديد من الأسباب مثل نقصان كميات حمض الفوليك الواصلة للجنين النامي في رحم الام البدينة، كذلك التعرض لنقص الاكسجة وارتفاع مستويات الدهون الثلاثية وغيرها، هذا ما يعرض الجنين لتشوهات خلقية عديدة تظهر بعد الولادة.
- عملقة الجنين: تعرف عملقة الجنين على أنها زيادة وزن الجنين لما يعادل 4.5 كيلوغرام تقريباً أو أكثر، وترتبط السمنة المفرطة عند الحامل بحدوث نمو غير طبيعي للجنين، وقد لوحظ احتمال الإصابة بهذه المشكلة بمقدار 2 إلى 3 أضعاف أثناء المخاض لسيدة بدينة مقارنة باحتمال حدوث ذلك مع حالة مخاض لامرأة ذات وزن طبيعي.
- السمنة عند الأطفال: تم إثبات وجود صلة بين زيادة الوزن عند الحامل في الأشهر الثلاثة الأولى وفرص تعرض الطفل في وقت لاحق من الحياة للسمنة، وإحدى الآليات التي تفسر ذلك هي تأقلم الجنين في رحم الأم على نوع معين من النظام الغذائي، فعند وجود زيادة في الإمدادات الغذائية يتكيف جسد الجنين على ذلك ويتابع نفس النمط بعد الولادة.
- مشاكل تأخر النمو والضعف الإدراكي: فعندما يتأثر الأنبوب العصبي عند الجنين بسبب السمنة المفرطة للأم خلال الحمل يضعف نمو خلايا الدماغ المسؤولة عن الإدراك والتعلم مما قد يعرض الطفل مستقبلاً لمشاكل تأخر التعلم وضعف النمو العقلي وتدني المهارات الإدراكية.
- مشاكل القلب والأوعية الدموية: عندما تعاني الأم من وزن زائد من قبل الحمل يرتفع معدل وخطر تعرض ذريتها لمشاكل القلب والأوعية الدموية، حيث يولد الطفل بمشاكل في التمثيل الغذائي وبوزن زائد موروث من الأم وبمشاكل عديدة في مستوى الصحة قد تؤدي مع الوقت لتطور أمراض قلبية ووعائية.
- زيادة خطر الإصابة بالربو: كذلك قد وجد أن العديد من حالات المواليد الذين جاءوا لأمهات بدينات للغاية زادت لديهم معدلات الإصابة بالربو خلال السنوات الأربع الأولى من الحياة، خصوصاً لو عانى الطفل من السمنة بعد الولادة.
- زيادة صعوبات الحمل: يترافق الحمل مع أعراض ومشاكل صحية طبيعية لكنها تكون أكثر شدة وتأثيراً على الحامل التي تعاني من البدانة أو زيادة الوزن، مثل الغثيان والنهجان ومشاكل الهرمونات والحموضة والارتجاع المعدي المريئي وحتى زيادة الوزن نفسها قد تصبح بمعدلات أكبر، جميع هذه المشاكل تكون محدودة التأثير في حال كتلة الجسم الطبيعية أو الأقرب للطبيعية، ويزداد تأثيرها مع زيادة كتلة الجسم.
- الإجهاض التلقائي: تتعرض النساء البدينات لخطر وفاة الجنين داخل الرحم أثناء الحمل بمعدل ضعف احتماله عند النساء غير البدينات، وقد يعزى ذلك للحالة غير الصحية لجسد الام البدينة التي تتفاقم خلال الحمل، مثل ارتفاع ضغط الدم والإصابة بالسكري واضطراب الهرمونات، وبالتالي لا يستطيع الجسم تحمل ذلك ويجهض الجنين.
- منع الولادة الطبيعية: تزداد معدلات الولادات القيصرية ضعفين أو حتى ثلاثة أضعاف أحياناً عند التعرض للسمنة المفرطة أثناء الحمل، قد يكون ذلك عرضاً لعملقة الجنين أو لعدم تحمل جسم المرأة البدينة لضغط وتعب الولادة الطبيعية خصوصاً لو عانت من السكري الحملي أو ارتفاع ضغط الدم أثناء مدة الحمل.
- السكري الحملي: من المعروف أن تعرض النساء البدينات لخطر السكري الحملي أعلى من ذوات الوزن الطبيعي، وهذا يعود للارتباط المباشر ما بين زيادة كتلة الدهون في الجسم وحدوث مقاومة للأنسولين، هذا بدوره قد يسبب عدة مخاطر على الحامل والجنين إذا لم يراقب ويضبط منها عملقة الجنين أو حدوث الإجهاض أو عسر الولادة والتحويل للولادة القيصرية.
- ارتفاع الضغط الحملي: البدانة تسبب ضغط على الأوعية الدموية في الجسم وتضعف قدرتها على العمل بشكل صحيح كما تزيد من مستويات الشحوم الثلاثية في الدم وترفع مخاطر الإصابة بالضغط الدموي، وعند ترافق السمنة مع الحمل تكون الخطورة أكبر وأعلى، فالضغط المرتفع عند الحامل هو من مشاكل تسمم الحمل الخطيرة التي تحدث في الأشهر الأخيرة وتسبب انتهاء واجهاض الحمل، أو تودي بحياة الام في بعض الحالات الشديدة غير المضبوطة وغير المراقبة.
- انقطاع النفس أثناء النوم: من المعتاد عن النساء الحوامل أن يتعرضن لمشاكل انقطاع النفس أثناء النوم بسبب زيادة حجم الرحم الذي يضغط على الحجاب الحاجز، ومنطقياً يزداد هذا الضغط أكثر فأكثر في حالة السمنة المفرطة مما يزيد من التعرض لانقطاع النفس عند النوم عند الحوامل البدينات ويزيد من متاعبها وخطورتها أيضاً. [5]