نظرة المجتمع للمرأة العاملة ومشاكل عمل المرأة

كيف ينظر المجتمع للمرأة العاملة؟ تعرفوا إلى مشاكل عمل المرأة وكيفي يتعامل المجتمع مع المرأة العاملة
نظرة المجتمع للمرأة العاملة ومشاكل عمل المرأة
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لا زالت تعاني المرأة في المجتمعات العربية من تلك النظرة السلبية حول حقها في الانخراط بسوق العمل حيث يقلل المجتمع من دور عمل المرأة وفوائده، فما هي الأسباب التي تدفع المجتمع لرفض فكرة عمل المرأة؟ وكيف ينظر المجتمع للمرأة العاملة؟ وهل حقاً عمل المرأة ينعكس سلباً على المجتمع؟

حتى وقت قريب كانت نظرة المجتمع للمرأة العاملة نظرة سلبية ورافضة لانخراط المرأة في سوق العمل المفتوح، على الرغم من تسامح الكثير من الثقافات مع عمل المرأة في المشاريع الأسرية والعائلية والذي غالباً ما يكون عملاً غير مأجور! وهذه النظرة الرافضة لعمل المرأة كانت تسيطر على معظم المجتمعات الغربية والشرقية بنسب متقاربة.

تعتبر الثورة الصناعية الثانية وما رافقها من تغيرات كبيرة في أسلوب الحياة هي السبب الرئيسي لإعادة تكوين نظرة المجتمع للمرأة العاملة، على سبيل المثال تحمّلت الكثير من النساء بعد الحرب العالمية الثانية مسؤولية أسرهن ما أجبرهن على العمل وأجبر المجتمع على تقبل عملهن، كما أثّر إيقاع الحياة المعاصرة على فرص تقبّل دخول المرأة إلى سوق العمل بشكل أوسع، وغيرها من العوامل التي جعلت نظرة المجتمع لقضية عمل المرأة أكثر تعقيداً وتبايناً.

animate

لم تعد نظرة المجتمع للمرأة العاملة موحدة، فقد أصبحت تتباين بين مجتمع وآخر، وبين فئة اجتماعية وأخرى ضمن المجتمع الواحد أحياناً، وذلك يعتمد على الكثير من المعايير أبرزها مستوى الثقافة والعادات والتقاليد التي يخضع لها المجتمع ومدى تمسك المجتمع بهذه العادات والتقاليد إضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي يسيطر على البلد وتأثير المعتقدات وغيرها، ويمكن تحديد وجعات النظر المتباينة حول عمل المرأة كالتالي:

  1. نظرة رافضة لعمل المرأة: المجتمعات الأقل انفتاحاً التي تعلو فيها سيطرة العادات والتقاليد على حساب الثقافة والعلم والتحضر، ينظر المجتمع للمرأة العاملة نظرة مليئة بالسلبية وعدم الرضا والدونية، حيث تعتبر المرأة التي تخرج للعمل من المنزل غير مسؤولة ومثيرة للمشاكل وقليلة الاحترام، كما قد تصل لمستوى عالي من الازدراء فتحارب المرأة العاملة من أهلها أو جيرانها أو أفراد مجتمعها ككل وتتعرض للمضايقات بسبب ذلك.
  2. نظرة داعمة للمرأة العاملة: في المجتمعات التي تعلو فيها مستويات التعليم بين الأفراد وتتمتع باقتصاد قوي، ينظر فيها المجتمع للمرأة العاملة على أنها قوية ومستقلة وناجحة تساهم في دعم اقتصاد البلد وتعيل نفسها بدلاً من أن تكون عبئاً على أحد، كما أنها تحقق وجود لنفسها يزيد من احترامها لذاتها وشعورها بالرضا والسعادة.
  3. نظرة معتدلة: تركز هذه النظرة على قبول عمل المرأة وعدم معارضته أو المبالغة في تأييده، ولكن يحيط هذه النظرة بعض التحفظات المتعلقة بنوع هذا العمل، والتزامات المرأة أثناء الذهاب للعمل، وشروط العمل من ساعات دوام أو طريقة لباس معينة أو الاضطرار للتعامل مع أنواع مختلفة من الناس.
  4. نظرة أصحاب العمل للمرأة العاملة: يمكن تقسيم نظرة أصحاب العمل للمرأة وعملها لثلاث عينات مختلفة، منهم من يعتبر المرأة مجرد موظف كالرجل تماماً تقدم خدمة وتحصل مقابلها على أجر مالي، وبعضهم الآخر وخاصة ممن لا تتطلب أعمالهم قوة عضلية كبيرة يميل لاستغلال الأجور المنخفضة للنساء مقارنة بالرجال ليقوم بتوظيف عدد أكبر من النساء، ومنهم والأكثر سوءً هو من يجد في توظيف الفتيات والنساء فرصة للتحرش بهن أو الضغط عليهن لقبول بعض الطلبات المنحرفة له.

نرى في بعض الإحصائيات الصادرة عن البنك الدولي عام 2022 أن نسبة النساء العاملات في الشرق الأوسط واحدة من أدنى النسب في العالم، حيث يشكلن نسبة 19% فقط من القوة العاملة الإجمالية في الوطن العربي.

وتتباين معدلات انخراط المرأة في سوق العمل بين بلد عربي وآخر، حيث تبلغ 15% في كل من مصر والأردن، 48% في الكويت، 28% في المملكة العربية السعودية، 60% في قطر، 55% في الإمارات العربية المتحدة، 29% في لبنان، و11% في العراق، فتكون مصر هي صاحبة المعدل الأقل مقارنة بعدد سكانها المرتفع. [1]

  1. رفض الاختلاط: حيث تتطلب بعض أنواع الاعمال والمهن التي تنخرط بها المرأة العربية اختلاط مع الرجال من رؤساء وزملاء أو زبائن، وهذا الاختلاط ترفضه بعض الفئات الاجتماعية وتتخذ منه سبباً لمنع المرأة من العمل، وللمرأة المتزوجة على وجه الخصوص.
  2. الخوف من المضايقات: كذلك يتخوف الكثيرون من احتمالية تعرض المرأة ضمن بيئة عملها للمضايقات من الرجال الآخرين أو التحرش الجنسي، وهذا قد يكون من أكثر الأسباب التي تسمعها المرأة لرفض رغبتها بالعمل.
  3. المعتقدات الدينية: بعض المعتقدات الدينية لا تتوافق مع فكرة خروج المرأة من المنزل للعمل وتحصر مهامها برعاية الأطفال في المنزل والاهتمام بالأسرة ومسؤوليات الحياة الزوجية، وأيضاً خوفاً على المرأة من التعامل مع الرجال في بيئة العمل.
  4. الخوف من استقلال المرأة: فكرة أن المرأة مستقلة مادياً ومسؤولة عن حياتها وقادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها قد تكون مخيفة في بعض المجتمعات، حيث يعتقدون، خصوصاً الرجال، أن هذا يقود المرأة للتمرد على الرجل القائم على حياتها وستستطيع التخلي عنه ولن تكون مضطرة لاتباع الأوامر أو الخضوع له.
  5. الخوف من التقصير في الوجبات المنزلية: كذلك يدعي بعض الأزواج أن عمل نسائهم مهما كان نوعه يعطلهن عن القيام بأعمالهم وواجباتهم المنزلية على أكمل وجه وسيؤدي عملها لنقص أساسيات المنزل والعائلة والحياة الزوجية.
  6. عدم التوافق مع بيئة المجتمع: بمعنى أن بعض البيئات الاجتماعية ترفض مطلقاً فكرة عمل المرأة خارج المنزل دون تقديم مبررات، فالمرأة حسب العادة الاجتماعية عندهم مهمتها فقط العناية بالمنزل والزوج والأسرة ولا مكان لها في الخارج.
  7. عدم الإيمان بقدرات المرأة: المرأة دائماً محاطة بنظرة دونية من المجتمع على أنها أقل قدرة وإمكانية من الرجل على إنجاز الأعمال مهما اختلفت أنواعها، وهذا ما يدفع أفراد المجتمع، حتى النساء منهم، للنظر على أن عمل المرأة غير ضروري وما هو إلا تعب وإرهاق، أو بسبب الحاجة فيرفضون هذا العمل.
  8. النظرة المادية للعمل: فما زال مفهوم العمل بالنسبة للبعض محصوراً بالبعد المادي له متعلق بتأمين الرزق والمكسب، مع عدم إعارة اهتمام للبعد الثقافي الإنساني الاجتماعي للعمل، فتتزايد رغبة ومبررات المجتمع المحيط بالمرأة لمكوثها في المنزل طالما أن الرجل، سواء كان زوج أو أب أو أخ، قادر على تلبية الاحتياجات والمتطلبات المادية للمرأة. [2-3]
  1. النهوض بالمجتمع: المرأة العاملة شريك أساسي بتنمية ونهوض المجتمع، فمن الناحية الثقافية عندما تزيد نسب النساء المتعلمات والعاملات تتطور الثقافة العامة للمجتمع، وعلى صعيد العائلة والأسرة تشارك المرأة العاملة بنهوض مستوى الأسرة ليس فقط على المستوى المادي وإنما أيضاً على المستوى الثقافي والنفسي والصحي والتعليمي لكل أفراد الأسرة.
  2. دعم الاقتصاد المحلي: في المجتمعات التي تدعم عمل المرأة تعيش واقع اقتصادي متطور وأفضل بكثير من الدول والمجتمعات التي تتمتع بمعدل مشاركة منخفضة للمرأة في سوق العمل، فعمل المرأة يساهم في سد الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل وبالتالي يزيد الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
  3. تحسين وضع الأسرة: المستوى المعيشي للأسرة يتحسن بشكل ملحوظ بفضل عمل المرأة، سواء كانت زوجة وأم أو ابنة، حيث تكون المرأة قادرة على توفير مبالغ مادية مجدية تدعم بها وضع اسرتها الاقتصادي وتوفر لهم حياة أفضل، وهذا على مستوى الأسرة الواحدة وعندما تأخذ كل أسرة في المجتمع هذه الفرصة في التطور بفضل عمل المرأة نحصل في النهاية على نتائج ملحوظة في نهوض المجتمع.
  4. تعويد المرأة على الاستقلال: عندما تنتشر ثقافة عمل المرأة في وظائف معتبرة ومحترمة في المجتمع وعندما يلتزم المجتمع ككل بتطبيق هذه الثقافة يسهم ذلك في تمكين المرأة وإنهاء تبعيتها للرجل ودعم قدرتها على الاستقلال المادي والاجتماعي وانقاذها من براثن الطماعين الذين يستغلونها عندما توضع بظرف الحاجة المادية، وهذا يحمي المرأة من الانحراف ويؤمن لها حياة كريمة ويسهم بالحفاظ على قيم المجتمع.
  5. المساهمة في التنمية المستدامة: التنمية المستدامة مشروع أممي عالمي يهدف لتحسين المستوى المعيشي للأفراد في كل أنحاء العالم مما يساهم في النهوض بالمجتمعات، وكان لإدخال المرأة سوق العمل دور هام جداً في دعم تنفيذ هذا المشروع وإنجاحه في مختلف المجتمعات. [4]
  1. تفضيل توظيف الرجال: وهي مشكلة نظرة أرباب العمل للمرأة على أنها مهما بلغت من علم وذكاء ومعرفة تبقى أقل كفاءة من الرجل في العمل فيفضلون دائماً اختيار الرجال على النساء، كما أنهم لا يتقبلون المطالبات المتكررة للإجازات من النساء بسبب التزامات الولادة والأمومة وما إلى ذلك.
  2. محدودية الوظائف: تنحصر الوظائف المسموحة للمرأة مجتمعياً بنطاق معين، بحيث لا يسمح للمرأة بتجاوز هذه الوظائف، وغالباً يكون الدافع وراء قبول هذه الأعمال هو الحاجة المالية أكثر من فكرة إيمان المجتمع بقدرات المرأة وبضرورة عملها، فيتم إقصاء المرأة من المناصب والأعمال الإدارية والإشرافية على سبيل المثال وحصرها في الأعمال الأقل تراتبية في السلم الوظيفي والأقل أهمية.
  3. تعدد الأعمال داخل وخارج المنزل: يكلف المجتمع المرأة حصراً أن تكون ربة منزل تتحمل مسؤوليات وأعباء المنزل والزوج والأبناء دون إملاء أي مهام منها من قبل المجتمع للرجل، وإذا شارك بها تكون من مبادرة شخصية دون اضطراره ليقوم بهذا الدور، وهذا من أكثر ما يواجه المرأة العاملة من صعوبات في حياتها العملية فمهما كانت طبيعة عملها هي مجبرة أن تتحمل مسؤوليات داخل منزلها.
  4. فجوة الأجور بين الرجال والنساء: لا زالت ظاهرة فجوة الأجور بين الجنسين وتقاضي الرجال أجوراً أعلى بكثير من النساء من أكثر المشاكل التي تعاني منها النساء العاملات في معظم المجتمعات الغربية منها والعربية بالرغم من كل ما حققته المرأة ولا زالت تحققه من إنجازات ومستويات علمية ووظيفية رفيعة.
  5. التمييز في الترقية: فقلة قليلة من النساء اللواتي استطعن تبوء مناصب إدارية رفيعة المستوى ودائماً ما تكون فرص النساء في هذا المجال محدودة جداً ويمكن أن يحارب المجتمع المرأة التي تشغل هكذا مناصب وينظر لها بتدني وبقلة جدية كذلك.
  6. التحرش الجنسي في أماكن العمل: من أكثر معوقات دخول المرأة الفعال في مجال الأعمال والمهن هو الخوف من جريمة التحرش الجنسي في العمل التي تتعرض لها النساء إلى حد الآن من أرباب العمل على وجه الخصوص، ومحاولة استغلال عمل المرأة لمطامع تخدم رغبات بعض الرجال الذين يديرون أعمال النساء ويوفرون لهن فرص العمل. [5]

على الرغم من الأهمية العالية والفوائد الكثيرة التي يعود بها عمل المرأة على مستوى الأسرة الواحدة وعلى مستوى المجتمع ككل، إلا أن هناك بعض السلبيات التي تتخلله وتتخذ كذرائع قوية من أفراد المجتمع للوقوف ضد عمل المرأة والتغاضي عن كل إيجابياته، تتمثل تلك السلبيات في النقاط التالية: [4]

  1. التعرض للاستغلال: سواء الاستغلال المادي بحيث يتم جعل المرأة تبذل جهود عالية وتعمل لوقت طويل مقابل أجور متدنية جداً، أو الحالة الأسوأ وهي تعرض المرأة للاستغلال الجنسي من قبل الزملاء أو رؤساء العمل مقابل الموافقة على توظيفها أو ترقيتها في العمل.
  2. التقصير بالواجبات الأسرية: من أشهر سلبيات عمل المرأة في المجتمع هي عدم توفر الوقت الكافي للأسرة واحتمالية تقصير المرأة المتزوجة في واجباتها تجاه زوجها وأطفالها ومهامها المنزلية، وذلك بسبب ضيق الوقت وعدم القدرة على الموازنة ما بين العمل خارج وداخل المنزل خصوصاً إذا لم تتلقى المرأة مساعدة من أحد كزوجها أو أبنائها أو أهلها.
  3. التعرض للإرهاق الجسدي: وذلك إما بسبب التعرض للإرهاق الوظيفي وظروف العمل الصعبة والمرهقة جسدياً غير المناسبة لطبيعة جسد المرأة التي لا تتحمل بعض أشكال العمل المتعب، وإما بسبب تزاحم الأعمال المنزلية والمهنية مما تسبب إجهاد وضغط جسدي على المرأة.
  4. تشتت الأبناء: عندما ينشغل كل من الأم والأب عن الأسرة بسبب العمل خارج المنزل لا يبقى من يراقب الأبناء في المنزل ويشرف على تربيتهم خصوصاً عندما يرجع الأهل إلى المنزل متأخرين من العمل بحيث لا يتبقى وقت كافي للتعامل مع الأطفال، هذا يعرض الأبناء للتشتت ويزيد الحواجز بين الأهل والأبناء في بعض الأحيان.
  5. التعرض للضغوط النفسية: المرأة العاملة صاحبة مسؤولية كبيرة، فهي من ناحية عليها أداء أعمالها على أكمل وجه، وعليها محاربة الازعاجات التي قد تتعرض لها في بيئة العمل، وعليها الموازنة مع مسؤوليات بيتها وعائلتها، مما قد يعرض المرأة للضغوط النفسية التي تنعكس سلباً على سعادتها وحياتها.

المراجع