تربية الطفل على احترام الكبير والتأدّب مع الكبار
احترام الكبير من أهم القيم الأخلاقية التي يجب أن تترسخ في عقل وسلوك الطفل منذ الصغر، الأسلوب الصحيح لتنشئة الطفل على احترام الكبير يجب أن يكون مقروناً بعدة خطوات تربوية على الآباء تطبيقها، وفي هذا المقال نتطرق للحديث عن أهم الأساليب الي تساعد في تربية الطفل على احترام الكبير وطريقة تعليم الطفل احترام الأكبر منه.
من واجبات الأهل في التربية غرس قيمة احترام الكبار عند أطفالهم، بالتزامن مع تعليمهم حدود هذا الاحترام، ومنحهم المعرفة والأدوات التي تساعدهم على فهم معنى احترام من هو أكبر منهم دون أن يتخلوا عن حقهم بالدفاع عن النفس أو حذرهم بتقدير الخطر الذي قد يقع عليهم من الكبار، فاحترام الكبار لا يعني أن كل الكبار على حقّ والتعامل معهم آمن!
احترام الكبير من القيم الراسخة في المجتمع العربي والإسلامي ومعظم المجتمعات الشرقية، وقيمة احترام الكبير لطالما كانت سبباً مباشراً لحل وتبديد خلافات عميقة بين الناس، كما أن وجود احترام الكبير كقيمة أخلاقية في المنظمة الاجتماعية يقلل الفجوة بين الأجيال لأنه ينزع جزءً من فتيل الصراع.
- كن نموذجاً إيجابياً للاحترام: طفلك يتصرف كما يراك تتصرف أمامه وليس كما تأمره، فأهم خطوة لغرس قيمة احترام الكبار عند أطفالك هي التعامل باحترام مع الأشخاص الكبار في محيطك كإخوتك وأصدقاءك والجيران وغيرهم، هذا سيجعل طفلك يتصرف باحترام بشكل تلقائي لأنه يعتبرك قدوة له في السلوك.
- عامل طفلك باحترام: يحتاج الطفل إلى التعامل باحترام كي يشعر بقيمة نفسه ومن ثم قيمة الآخرين واحترامهم، فلا تتوقع أن تسخر من طفلك وتهينه وتقلل من شأنه طوال الوقت، ثم تنتظر منه أن يكون محترماً مع الآخرين الأكبر منه، لذا احترم أطفالك كي يتعلموا احترام الكبار.
- علم طفلك طرق الرد على الإساءة: قد يتلقى طفلك إساءة حقيقة ممن هم أكبر منه، وهذا ما يدفعه للتقليل من احترامهم، وهنا تكمن أهمية توعية الطفل أن الإساءة لا ترد بالإساءة، فعلمه كيف يتجاهل هذه الإساءات إن استطاع أن يرد عليها بطريقة صحيحة.
- اشرح لطفلك معنى احترام الكبير: قد لا يعي طفلك معنى كلمة احترام الكبير، وبالتالي لن يفهم ما هي التصرفات الخاطئة التي تقلل من احترام الكبار عندما يقوم بها، لذا عليك توضيح هذا المفهوم له بما يتناسب مع عمره وقدراته وتحديد له ما يجب عليه يفعله وما عليه تجنب فعله.
- لا تتجاهل مواقف قلة احترام الكبار: يجب أن توجه الملاحظة لطفلك على قلة احترامه للكبار فوراً ولا تؤجل أو تتجاهل ذلك، لأن تجاهل الموضوع مرة بعد مرة يزيد جرأة الطفل على تجاوز القواعد فهو يشعر أن العقاب ليس أمراً محتوماً وربما ينجو منه فيندفع للتصرف كما يحلو له حتى لو كان مدركاً لخطأه، هذا يضعف بالنهاية التزام الطفل بقواعد احترام الكبار ويتجاهلها.
- استعن بالقصص والحكايات: تعليم الأطفال من خلال رواية القصص والحكايات من أكثر الأساليب التي تجدي نفعاً في توصيل الأفكار التربوية التي يصعب طرحها على الطفل بشكل مجرد، لذا يمكن الاستعانة بالقصص التي تشرح معاني احترام الكبير بطريقة بسيطة ومشوقة وتبين قيمتها للطفل، ثم ناقش طفلك بها واطلب رأيه بالشخصيات التي مارست الاحترام في القصة أو التي كانت قليلة الاحترام وتأكد من وصول الفكرة له.
- اتبع أسلوب الثواب والعقاب: تجاوز الطفل لتنبيهاتك على احترام الكبير أكثر من مرة وعدم استجابته للتنبيهات اللفظية لا تترك خياراً إلا للعقاب الذي يصبح ضرورياً لردع الطفل، وعلى العكس فالتزام الطفل بتوجيهاتك لاحترام الأكبر منه تملي عليك ضرورة مكافأته ليشعر بقيمة ما يفعله ويبقى ملتزماً به.
- اضبط تعامل الأخوة داخل المنزل: من أهم خطوات غرس قيمة احترام الطفل للكبير هي تربية طفلك على احترام أخيه الأكبر منه دائماً وتحت أي ظرف، فالطفل الذي يعي وجوب احترام أخيه الكبير سينشأ على احترام كل شخص أكبر منه، كما من الضروري تنبيه الأخ الكبير على دعم ذلك واستيعاب أخيه الصغير لترسيخ فكرة احترام الكبير في رأسه.
- راقب محيط طفلك: الطفل يتعلم ويكتسب سلوكياته من جميع الأفراد المحيطين به وليس فقط من توجيهات وتعليمات الأهل داخل المنزل، لذا من المهم أن تتعرف على المحيط الذي يعيش ضمنه طفلك في الحي أو المدرسة أو النادي أو غير ذلك وتقييم هذا المحيط ومراقبته، لأنه ربما يؤذي قيم الطفل ويكسبه أنماط سلوكية خاطئة مثل التعدي على الكبار وعدم احترامهم والسخرية منهم وغير ذلك.
- علم طفلك الاعتذار: عندما يقلل الطفل من احترام شخص أكبر منه بتصرف معين يجب أن يتعلم تصحيح خطأه بالاعتذار وبهذا يتعلم الطفل تحمل المسؤولية التي تقع على عاتقه بسبب قلة الاحترام التي بدرت منه ويتجنب إعادتها مرة أخرى. [1-2]
- لا تنفعل على طفلك: لا تصرخ على طفلك أو تهم لضربه عند أول مرة يخطأ ويقلل من احترام شخص أكبر منه، فمن ناحية لن يفهم الطفل الخطأ الذي ارتكبه بشكل جيد بسبب الخوف، ومن ناحية أخرى سيكبر الطفل على الحقد الذي يجعله لا يحترم أحد بسبب العنف الذي تعرض له.
- تكلم بنبرة جدية وحازمة: طفلك لا يجب أن يحترم الآخرين خوفاً من غضبك، لكن بنفس الوقت لا يجب أن يشعر الطفل أن تقليل احترام الآخرين خطأ بسيط وسهل، لذا يكون عليك التكلم بشكل جدي وحازم مع طفلك بدون انفعال أو غضب، وتوجيه تعليمات واضحة وحاسمة حول وجوب احترام الكبير دائماً.
- قيّم سبب تصرف طفلك بعدم احترام: قد يكون سبب تكرار تصرف عدم احترام الكبير من طفلك نابعاً من مشكلة ما، كأن يكون الطفل مصاحباً لأطفال آخرين يعلمونه السب والشتم وغير ذلك، كما يمكن أن يعود ذلك لوجود غضب عند الطفل من شخص معين كأحد الأساتذة الذي يهينه مثلاً أو يؤذيه مما يجعله يتصرف بعدوانية وقلة احترام مع جميع الأستاذة الآخرين.
- احمِ حقوق طفلك ودافع عنه: فطفلك قد يتعرض لأذية حقيقية من شخص أكبر منه تجعله يتصرف بقلة احترام، مثل أخيه الكبير أو معلمه أو أحد الأقارب وغير ذلك، وهنا لا يجب أن تواجه طفلك بالتوبيخ والعقاب فقط، فالعقاب هنا وحده سينمي الحقد عند طفلك وسيجعله يزيد تصرفات عدم الاحترام بالخفاء عنك، بل يجب أن يكون العقاب لكلا الطرفين كي يشعر الطفل أن هناك طرق أخرى لاسترداد حقه بعيدة عن قلة الاحترام الكبار.
- هدد طفلك بالعقاب في المرة القادمة: فالأطفال يميلون لاختبار ردة فعلك على كسر القواعد حتى لو تلقوا تنبيهاً مسبقاً عليها، لذا عليك تهديد طفلك بعقاب واضح وصريح لتكرار تصرف عدم الاحترام الذي بدر منه، ومن المهم تنفيذ هذا العقاب فعلياً في المرة القادمة كي لا يشعر الطفل بتساهل أو أن الأمر يقتصر على الكلام عند تجاوز الأوامر والقواعد. [3]
- عدم احترام الأهل للكبير: الطفل يكتسب سلوكياته من الطريقة التي يلاحظها في محيطه الاجتماعي وأسرته وليس من التعليمات التي تلقن له والمثاليات التي يسمعها، فمهما تم تعليم الطفل على احترام الكبير لن يتحقق ذلك مالم يرى أبواه يطبقان ذلك بشكل فعلي.
- الاستخفاف بالطفل: كي يتعلم طفلك ويشعر بقيمة الاحترام يجب معاملته باحترام من قبل أسرته أولاً، أما سلوك انتقاد الطفل المتكرر والسخرية منه أو تعنيفه والقسوة عليه سيجعله ينتظر الفرصة المناسبة ليمارس نفس التصرفات على غيره، مما يجعله يتطاول على الأكبر منه كردة فعل على الطريقة التي يعامل بها.
- عدم السيطرة على نزاعات الأخوة: تطاول الأخوة على بعضهم والتنابز بالألقاب والسماح بالتنمر بينهم يجعل من السهل سقوط مفهوم احترام الأخ الصغير للكبير داخل المنزل، كما أنه يدفع الطفل للتطاول على الغرباء الأكبر منه.
- الغيبة أمام الطفل على الكبار: عندما يسمع الطفل أهله واخوته يغتابون أشخاص أكبر منهم لن يصدق أن احترام الكبار واجب وضرورة وسيمارس قلة الاحترام مع الكبار دون وعي مهما تم نهينه أو معاقبته عليه.
- كثرة السب والشتم: الأطفال عندما يسمعون آبائهم يشتمون بكلمات وألفاظ نابية على أي أحد كبير كان أم صغير، سيقلدون أهاليهم بهذا السلوك ويتعلمون الشتم على كل الناس حتى لو كانوا كباراً دون شعور بالذنب أو الخطيئة لأن آبائهم يقومون بذلك. [3]
الطفل لا يعي تماماً التصرفات أو النماذج السلوكية التي يجب أن يلتزم بها ليكون محترماً مع الكبار، لذا يجب توضيح وشرح الأفكار التالية للطفل:
- الإصغاء والاستماع: يكون بتعليم الطفل التركيز على مع ما يقوله الكبير من كلام وحسن الاستماع حتى النهاية وعدم المقاطعة أو التململ والتأفف من الحديث أو الاعتراض عليه.
- التكلم بنبرة منخفضة: يجب تنبيه الطفل ألا يحاول التكلم بصوت عالي أو نبرة انفعالية مع أي شخص أكبر منه، بل عليه أن يتكلم بنبرة هادئة وصوت منخفض وطريقة لطيفة.
- احترام وجودهم: بمعنى القيام بالتصرفات التي توضح احترام وجود شخص كبير في المكان، مثل نهوض الطفل عن الكرسي عند مجيء شخص كبير، عدم الصراخ أو الغضب أمام الكبار، تلبية طلباتهم، الابتسام بوجههم، وغير ذلك.
- استخدام عبارات مهذبة: على الأهل تعليم الطفل الطريقة المهذبة لمخاطبة الكبار، كاستخدام عبارات لبقة مثل "لو سمحت" "من فضلك" "من بعد اذنك" "شكراً لك"، وأفضل طريقة لتعليم الطفل هذه العبارات هي استخدامها معه ومع الأشخاص الآخرين.
- عدم السخرية من الكبار: بعض الأطفال يشعرون بالملل من حديث الشخص الكبير، خصوصاً كبار السن، فيبدؤون بالسخرية منه أو الضحك على كلامه وهذا التصرف يجب أن يكون مرفوضاً تماماً ويجب نهي الأطفال عنه بشكل كامل.
- تقديم المساعدة: من أبرز مظاهر احترام الطفل للكبير هي الاندفاع لتقديم المساعدة عند الحاجة، كحمل الأغراض معه، شراء حاجياته من الدكان، المساعدة في التنظيف والترتيب وغير ذلك، ولكن يجب تعليم الطفل أن أي مساعدة سوف يقدمها خارج المنزل يجب أن تكون لأشخاص معروفين من الأقرباء أو معارف الأهل وليس غرباء مجهولين لا يعرفهم.
- إطاعة الأوامر: الالتزام بالأوامر وإطاعتها أهم ما يعكس احترام وتقدير الطفل للأكبر منه، لذا يجب تعليم الطفل تنفيذ طلبات الكبار بلطف وأدب دون اعتراض أو تجاهل.
- تعزيز المكانة في المجتمع: الطفل الذي يحترم الأكبر منه يُنمي شخصية محترمة تجعل منه محبوباً من الناس المحيطين فيبادلوه الاحترام ويكتسب مكانة خاصة في مجتمعه منذ طفولته وحتى يكبر.
- حماية الطفل من الرفض الاجتماعي: لأن الطفل الذي يعتاد على قلة الاحترام ينفر منه الناس في كل مكان، مثل الأقارب والمدرسين وحتى الجيران ويمتنعون عن التواصل معه أو يمنعون أطفالهم من ذلك مما يزيد فرص تعرض الطفل للإقصاء والرفض الاجتماعي.
- تعلم بناء علاقات اجتماعية سليمة: فإدراك الطفل أن احترام الكبير واجب والتزامه بهذه الواجب يسهل عليه فهم الطرق الصحيحة للتعامل والتواصل مع كل الناس من حوله خلال فترة الطفولة أو في المستقبل.
- كسب رضا الوالدين: يفتخر الآباء ويسعدون عندما يرون أطفالهم يتعاملون باحترام مع الأشخاص الكبار، حيث يعكس ذلك اهتمام الأهل بأخلاق أطفالهم ويجعل سيرتهم حسنة بين الناس، فيكسب الأطفال رضا واحترام أبويهم.
- الحفاظ على علاقة صحية بالأخوة: الاحترام أيضاً واجب بين الأخوة فكلما قل الاحترام بينهم كبرت المشاكل وزادت النزاعات مما يعرض الأخوة لخطر العداوة والمقاطعة، أما تنشئة الأخوة منذ طفولتهم على احترام كل أخ للأكبر منه يحافظ على علاقة صحية خالية من العداوات.
- حماية الطفل من العدوانية: لأن اعتياد الطفل على عدم الاحترام يجعل منه شخصية معادية وهجومية تجاه كل من حوله، كما أن الناس تقابله بنفس العداوة والحقد فتتطور مع الأيام شخصية عدوانية شرسة للطفل. [4]