أسباب وعلاج الكلام أثناء النوم عند الأطفال
الكلام أثناء النوم عند الأطفال أو الكبار غالباً ما يكون حالة طبيعية لا تدعو للقلق، ترتبط بعمق النوم والعمليات التي يقوم بها الدماغ خلال فترات النوم المختلفة، لكن في بعض الحالات عندما يترافق التحدث أثناء النوم مع أعراض أخرى لا بد من مراجعة متخصص للاطمئنان على الطفل.
الكلام أثناء النوم أو التحدث في النوم (بالإنجليزية: Sleep Talking) هو حالة شائعة بين الأطفال والكبار تنتمي لاضطرابات النوم المعروفة بالباراسومنيا (Parasomnia) والتي تتضمن الحديث الواضح أو غير الواضح أثناء النوم والذي قد يترافق مع حركات جسدية غير إرادية، وقد يكون الكلام في النوم على شكل محادثة أو كلام مبهم متقطع، ينتهي باستيقاظ الطفل أو يكمل نومه بشكل طبيعي.
قد تصل مدة الكلام أثناء النوم عند الأطفال إلى 30 ثانية في كل دورة أو نوبة وقد تتكرر النوبة أكثر من مرة خلال الليل، لكن كلام الطفل خلال النوم غالباً ما يكون حالةً طبيعية وغير خطرة، إلّا عندما يترافق مع بعض الأعراض مثل الهلع الليلي والمشي أثناء النوم.
من الصعب تحديد السبب المباشر للكلام أثناء النوم عند الطفل، عادةً ما يرتبط تحدث الطفل أثناء النوم بجودة النوم والحالة الصحية والنفسية العامة للطفل التي تؤثر على عمق النوم ونوعية الأحلام التي يراها، وقد تلاحظين أن طفلك ليس الوحيد في عائلته الذي يتحدث أثناء النوم ما قد يشير لعوامل وراثية أيضاً، ومن أهم أسباب الكلام خلال النوم عند الأطفال:
- رؤية الأحلام والكوابيس: قد يكون كلام الطفل أثناء النوم تسرّباً لفظياً لما يراه من أحلام أو كوابيس، سواء الأحلام التي تجعل الطفل يفتح حديثاً أو يخاطب أشخاصاً وهو نائم، أو الكوابيس المزعجة التي تجعله يصرخ أو يبكي أو يتحدث بغضب وهو نائم، وتكرار الكوابيس المزعجة عند الأطفال من الحالات التي يجب متابعتها لمعرفة سبب هذه الكوابيس.
- تعرض الطفل للإرهاق والتعب: تعرض الطفل للإرهاق أثناء اليوم والتعب الجسدي من الأسباب التي تؤثر بشكل مباشر على دورات النوم، ويسبب التعب عادةً سرعة دخول الطفل بمرحلة النوم العميق، وبالتالي الجسم مرتخي ونائم بعمق والعقل لا يزال نشطاً إلى حدٍ ما مما يؤدي لتكلم الطفل وهو نائم.
- معاناة الطفل من الضغط والتوتر: تنعكس الحالة النفسية للطفل أحياناً على طبيعة نومه وتزيد من تكرار حالة الكلام أثناء النوم، فعندما يعاني الطفل من ضغط نفسي أو شكل من أشكال التوتر أو وجود أي أفكار في دماغه تشغل باله سنرى أن دماغه يستذكر هذه الأمور ويعرضها عليه أثناء النوم ما قد يدفع لطفل للتحدث بشكل لا إرادي عما يزعجه خلال فترة نومه.
- ارتفاع حرارة الطفل وهلوسة النوم: يؤثر ارتفاع الحرارة عند الأطفال على جودة النوم، مما قد يسبب انتقالات غير إرادية بين مراحل النوم بين الوعي والواقع وعالم الأحلام، فيحدث الكلام أثناء النوم عند الطفل خلال بما يسبه الهلوسة أو الهذيان بسبب ارتفاع الحرارة.
- مشاهدة التلفاز أو الموبايل قبل النوم: عندما يفرط الطفل بمشاهدة التلفاز أو الموبايل مباشرة قبل النوم يزيد ذلك من احتمالات التحدث خلال نومه، حيث يصعب على دماغه الاسترخاء بشكل صحيح ويبقى نشطاً إلى حد ما، خاصة إذا كانت المشاهد التي يراها الطفل تدفعه للانفعال والحماس وتشغل له ذهنه وتفكيره.
- مشاكل الغدة الدرقية: مشكلة فرط عمل الغدة الدرقية تزيد من حالة النشاط العام للجسم وتصعب عليه القدرة على الاسترخاء، وهذا ما يسبب العديد من مشاكل النوم عند الأطفال مثل الأرق والتحدث خلال النوم وغيرها.
- العوامل الوراثية: لمشكلة التكلم أثناء النوم عند الأطفال ارتباط كبير بالعوامل الوراثية والتاريخ العائلي، فعندما يكون أحد الأبوين أو كليهما قد عانى في طفولته من مشكلة الحديث أثناء النوم تزداد فرص حدوث ذلك عند الأبناء.
- اضطرابات الصحة العقلية: بعض الاضطرابات العصبية التي تصيب الدماغ تؤثر على طريقة عمله ومستوى نشاطه مما قد ينعكس على قدرة الطفل على النوم بشكل سليم وتزيد فرص تعرض الطفل للكلام أثناء نومه. [1-2-3-4]
- عندما يترافق مع حركات أثناء النوم: فمن ناحية قد تؤدي هذه الحركات إلى إيذاء الطفل لنفسه دون وعي أثناء النوم والتسبب بإصابات وجروح عديدة، ومن ناحية أخرى قد تكون الحركة تعبيراً عن شيء غير طبيعي يتعرض له الطفل وهو نائم مثل الألم والكوابيس وما إلى ذلك.
- عندما يستمر الحديث في النوم لفترة طويلة: تكرار حالة الكلام أثناء النوم عند الطفل وازدياد تواترها قد يكون مؤشراً لوجود خلل عند الطفل سواء على الصعيد النفسي أو على الصعيد العقلي والجسدي.
- عندما يتطور الكلام إلى مشي أثناء النوم: إذا لم تختف حالة الكلام أثناء النوم عند الأطفال بعد فترة وجيزة قد تتطور وتصاحبها حالات مشي وحركة من السرير أثناء النوم، وهذا يزيد من تعرض الطفل لمخاطر صحية عن طريق إيذاء النفس أو إيذاء الآخرين أحياناً دون وعي لذلك.
ومن ناحية أخرى قد يتعرض الطفل لنوبات هلع إذا استيقظ بشكل مفاجئ وهو يمشي ويتحدث خلال نومه ويرى نفسه في مكان بعيد عن سريره خاصة إذا لم ينتبه عليه أحد واستيقظ وحيداً بعيداً عن غرفة نومه. - عندما يترافق كلام النائم مع نوبات هلوسة: ترافق حالة الكلام أثناء النوم عند الطفل مع حالات هلوسة سمعية أو بصرية تعرض الطفل لشعور شديد بالرعب والخوف خاصة إذا تكرر الأمر عدة مرات وربما يسبب له مشاكل نفسية مع الوقت.
- عندما يترافق مع حالة المرض: مثل ارتفاع درجة الحرارة التي تزيد حالات الهلوسة عند الطفل من جهة المترافقة مع الحديث أثناء النوم، ومن جهة أخرى قد تكون درجة الحرارة المرتفعة بحد ذاتها خطر على صحة الطفل فتسبب الجفاف وفقدان الوعي والتعب إذا لم يتم تدبيرها وعلاجها وتم تجاهل الطفل الذي يتحدث خلال نومه بسببها. [1-4]
- مراقبة نوم الطفل: تساعد مراقبة الطفل وهو نائم على الاستماع لما يتحدث به الطفل ومعرفة السبب الذي جعله يتحدث أثناء نومه لأنه قد يتحدث عما يزعجه أو يقلقه وهو نائم، ومن ناحية أخرى مراقبة سلوك الطفل الذي يتحدث خلال نومه تساعد في التنبؤ بالمخاطر ومراقبة الأعراض الأخرى التي تظهر على الطفل وهو نائم لتقديم وصف دقيق للطبيب المتخصص.
- عدم إيقاظ الطفل وهو يتكلم: أثناء نوبة حديث الطفل وهو نائم يجب تجنب إيقاظه ومحاولة البقاء بجانبه لمراقبته إلى أن يعود للنوم الطبيعي الهادئ، فمحاولة إيقاظ الطفل الذي يتحدث خلال نومه قد تعرضه لحالة رعب كما أنها تخرب نظام نوم الطفل.
- سؤال الطفل عما يقلقه: بعد ملاحظة أن الطفل يتحدث وهو نائم ويعبر عن انزعاجه أو خوفه من أشياء معينة يمكن محاولة إجراء حوار بشكل لطيف في اليوم التالي مع الطفل لتحفيزه على التعبير عما يزعجه لأحد والديه حتى يتم مساعدته في التخلص من مشاعر التوتر والقلق والانزعاج التي تنتابه وتؤثر عليه حتى وهو نائم.
- التحري عن تعرص الطفل لموقف مزعج: أحياناً يكون الطفل تعرض لموقف مزعج مع أخوته في المنزل أو مع أحد أصدقائه أو مدرسيه في المدرسة جعلته يشعر بالحزن والانزعاج لكنه يخفيه ولا يرغب بالإفصاح عنه، لذا للتعامل مع الطفل في هذه الحالة يفضل محاولة التحري عما حدث بينه وبين اخوته أو أصدقائه أو غير ذلك ومساعدته في تجاوز الأمر.
- إرجاع الطفل لسريره بهدوء: وذلك عندما تترافق حالات الكلام أثناء النوم مع مشي أو حركات وتقلبات خلال فترة النوم، حيث يجب إعادة الطفل لسريره بهدوء شديد وتجنب إيقاظه قدر الإمكان لعدم تعريض الطفل لصدمة هلع وخوف مفاجئة.
- ترك الطفل يتعافى وحده: في معظم الأحيان يوصى بعدم فعل شيء مع الطفل الذي يتحدث أثناء نومه عندما يقتصر الأمر على التمتمة البسيطة خلال النوم التي تتلاشى سريعاً مالم يبدي أي علامات على مخاطر صحية، لأنها حالة طبيعية لدى غالبية الأطفال وتزول وحدها مع الوقت.
- استشارة الطبيب المختص: على الرغم أن حالات الكلام أثناء النوم عند الأطفال حالات شائعة وغير مقلقة غالباً، لكن يمكنك استشارة الطبيب المختص للاطمئنان على حالة طفلك.
في الواقع لا تتطلب حالة كلام الطفل أثناء النوم علاجاً في أغلب الحالات، لكن يمكن لبعض التدابير التالية أن تساعد في تقليل تكرار حالة التحدث أثناء النوم عند الأطفال والوقاية من مخاطرها:
- الحفاظ على جدول نوم ثابت للطفل: من المهم وضع جدول ثابت لتنظيم أوقات ومواعيد نوم الطفل حتى في أيام العطل، هذا يساعد على تنظيم دورة اليقظة والنوم عند الطفل ويقدم له قسط كافي من النوم ويقيه من بعض مشاكل النوم كالحديث أثناء النوم ويساعد في العلاج منها كذلك.
- إبعاد الطفل عن التلفاز قبل النوم: يفضل إبعاد الطفل عن مشاهدة الشاشات سواء كانت التلفاز أم الموبايل قبل ثلاث ساعات من النوم تقريباً، وذلك بهدف إراحة العين ورفع قدرة الدماغ على الاسترخاء بشكل تدريجي للحصول على نوم صحي والتخلص من مشكلة الكلام أثناء النوم.
- ممارسة النشاط البدني خلال النهار: عندما يصرف الطفل طاقته الحركية في اللعب أو ممارسة الأنشطة خلال النهار وفي وقت بعيد عن وقت النوم، يتمكن من الاسترخاء جسدياً وذهنياً بشكل أفضل عندما يحين موعد نومه مما يؤمن له نوم مريح ومستقر بعيد عن مشاكل الأرق أو الحديث أثناء النوم.
- إبعاد وجبات الطعام عن وقت النوم: خاصة الوجبات التي تحوي على كمية عالية من الدهون فهي قد تسبب عسر هضم يتعرض له الطفل عندما يخلد للنوم بعد الأكل مما يزيد فرص حدوث اضطرابات النوم مثل الكوابيس والتحدث أثناء النوم.
- إبعاد الطفل عن المنشطات: مشروبات الكافيين تمنع الطفل من القدرة على النوم بشكل صحي وعميق وتسبب مشاكل واضطرابات في النوم خاصة عند الأطفال لأن أجسادهم أكثر تأثراً بها، فيزيد كل من النشاط الجسدي والذهني عند الطفل ويعاني من الكلام أثناء النوم والاستيقاظ المتكرر خلال النوم.
- علاج التوتر والقلق: عندما يكون التوتر السبب وراء تعرض الطفل لمشكلة الحديث المتكرر أثناء النوم يكون من الضروري البحث وراء أسباب هذا التوتر للتخلص من حالة الكلام أثناء النوم والعمل على علاج الطفل منه بطريقة صحيحة. [1-3-4]
تدعى هذه الحالة الرعب الليلي أو الهلع الليلي، حيث يستيقظ الطفل من النوم مع نوبات من الصراخ والبكاء الشديد دون إدراكه لسبب خوفه أو صراخه، وقد يترافق الذعر الليلي مع القيام بحركات عشوائية عنيفة يتبعها العودة إلى النوم مرة أخرى، والأسباب المحتملة لحدوث ذلك تتمثل فيما يلي:
- الكوابيس المزعجة أو المخيفة: عندما يرى الطفل كابوساً بأحداث مرعبة غير مألوفة له يستيقظ منزعجاً وخائفاً خاصة أن الطفل لا يعي ما معنى كابوس وأن ما رآه قبل أن يستيقظ غير حقيقي، فيصرخ ويبكي من شدة الخوف وربما يقوم بحركات تشنجية نتيجة ذلك.
- انقطاع النفس أثناء النوم: حدوث حالة من انقطاع النفس أثناء النوم تجعل الجسم والدماغ ينتفضان ويرسلان إشارات عديدة لمحاولة إيقاظ الطفل من النوم، وهذا ما قد يؤدي للحديث أثناء النوم عند الطفل والاستيقاظ بشكل مفاجئ من النوم بحالة من الرعب والتعب.
- الخوف من المكان أو الأفكار المخيفة: من أهم أسباب الهلع الليلي عند الأطفال واستيقاظ الطفل من النوم وهو يصرخ أن يكون قد تعرض لمشاهد مخيفة أو عنيفة أو سمع قصة مخيفة ولّدت لديه أفكار مرعبة يترجمها عقله لأحلام ومشاعر وهو نائم، وقد يكون خوف الطفل مستمراً مثل الخوف من الأشباح أو الظلام أو وجود وحش في الغرفة.
- التسنين: قد يحدث الاستيقاظ المتكرر أثناء النوم مع نوبات البكاء والصراخ بسبب التعرض لألم التسنين بالنسبة للأطفال الصغار لحد عمر 3 سنوات خاصة عندما يتسبب التسنين بارتفاع درجة حرارة الطفل مما يزيد الهلوسات ويحفز القيام من النوم مع بكاء وخوف.
- قلق الانفصال: الطفل الذي اعتاد على النوم بجانب والديه سيعاني من قلق الانفصال عندما ينتقل للنوم على سرير منفصل لوحده بغرفة بعيدة عن أبويه، فتكون ردة فعله إبداء نوبات بكاء هيستيرية عندما يستيقظ من النوم ليجد نفسه وحيداً في السرير وفي الغرفة كلها. [5]