استعادة وإصلاح العلاقة بين الزوجين
كثر من الأزواج يرسمون نهاية لعلاقتهم بصورة درامية في رؤوسهم، وقلة منهم تستطيع إنقاذ هذه العلاقة من مصير الفشل والانفصال بطرق عديدة، فما هي خطوات استعادة العلاقة الزوجية؟ وكيف تستطيع أن تفكر في إعادة بنائها بعد أن وصلت ربما إلى قرار الطلاق؟ سنحاول معك النظر إلى زواج على وشك الانهيار بطريقة موضوعية، ومناقشة الخطوات المبدئية لمعرفة كيفية حل المشكلات العالقة بينكما؛ علّك تعيد التفكير بصورة أوضح وتتذكر لماذا ارتبطت بشريك حياتك في المقام الأول؟ وكيفية إعادة الحب والتفاهم إلى حياتكما معاً.
كيف تتعامل مع تعاسة شريك حياتك
يمكن أن يتخذ الشريك التعيس خيار الصامت لأسباب مختلفة، لكن يجب أن تعرف شريكك بما يكفي لتخمين هذه الأسباب، لأن معاملة الشريك الصامتة كعقوبة هي خطوة عدوانية وتهدد الزواج، كما أنه إذا تراجع دون أن تعرف السبب لصمته في البداية؛ فإنكما أمام مشكلة لم تجد حلاً بالتالي تهديد آخر للعلاقة، في كلتا الحالتين تحتاج إلى اختراق صمت الشريك ومعرفة السبب.
لذا.. اسأل شريكك بأنك قد لاحظت أنه تغير واطلب منه إخبارك بما يمكنك فعله للمساعدة في تحسين مزاجه أو حل المشكلة التي لم يحبذ الكلام حولها، اعرف منه إذا كنت السبب في تغيره هذا.
ولنفترض أنك مستعد للاستماع حقاً، والسماح له بالتحدث أولاً؛ فيمكنك الإشارة إلى أن معاملته الصامتة ليست طريقة ناضجة لحلّ أي خلاف، اشرح له كيف يجعلك تتأذى من الصمت، بذلك يمكن أن يقابلك في منتصف الطريق.
هل يحاول الأزواج إيذاء بعضهما البعض بخيار الصمت؟
في بعض الأحيان لا يكون تعامل الشريك بصمت خاضعاً لسيطرته، فإذا تم إقرانه بسلوكيات تحكم أخرى، مثلا إذا تصرفت زوجتك بصمت بسبب رؤيتك لأصدقائك؛ ستحتاج إلى التأكد من ذلك، وإذا اعتقد الشريك بأنها طريقة عادية للتصرف؛ فقد لا تكون العلاقة صحية، حاول معرفة سبب تعامل الشريك بصمت من سياق تصرفاته، لمعرفة ما إذا كان جزءاً من طباعه بالتالي جزء من علاقة غير صحية أو أنها مجرد حالة يكافح فيها الشريك للتعبير عن نفسه.
على الرغم من أنك ترغب في الحصول على تواصل مثالي طوال الوقت، إلا أن التعامل بصمت مع شريك حياتك يمتلك الوجه القبيح دوماً، فابحث عما إذا كان ذلك بسبب تعرضه للأذى أو لأنه يحاولن إيذائك!.. في كلتا الحالتين تأكد من التعامل مباشرة مع المشكلة ووضع خطة لمنع حدوث ذلك مرة أخرى، ربما تحتاجان إلى التواصل مع بعضكما البعض بشكل أكثر انتظاماً أو أن كليكما بحاجة إلى التحكم في ضغوطاته أكثر عندما لا تتوافق مع الشريك، وبمجرد إنشاء الاتصال اكتشفا طريقة للمضي قدماً، فلا أحد منكم يستحق المعاملة الصامتة.
تجديد القدرة على الحوار بين الشريكين لتجديد العلاقة
تساعدك الخطوات التالية في استعادة الاتصال المكسور، كما تحثك مع الشريك.. على مواصلة التركيز على الحاضر وتجنب فتش سلبيات الماضي:
- أخبر الشريك بما تريده وليس ما لا تريده: عندما يستطيع الزوجان توضيح ما يحتاجانه من بعضهما بوضوح دون لوم أو انتقاد، وخصوصاً باستخدام عبارات "أنا"؛ يساعدان بعضهما البعض على معرفة أين يستطيعان تركيز جهودهما في إعادة الاتصال بنجاح... مثلاً تخبر الزوجة زوجها الذي يقضي أغلب وقته في العمل: "أحتاج أن تكون في المنزل في وقت أبكر ليلتين على الأقل في الأسبوع؛ للتواصل أكثر معي ومع الأطفال، أشعر بالإرهاق من المشاكل التي تواجه أولادنا في المدرسة"، إن ذلك من شأنه أن يخفف من ضغوط المشاكل إذا تمكن الشريكان من التحدث عنها.
- الرد على كلام أحدكما للآخر حول حاجاته بأسئلة مفتوحة: وللتوضيح.. فإن الأسئلة المفتوحة هي أقوى أداة فضولية وتساعدك على معرفة المزيد عن محاورك؛ تبدأ هذه الأسئلة عادةً بعبارة مثل "ماذا" و"لماذا" أو "كيف"، وهي محددة لتجنب الإجابة بـ "نعم" أو "لا"، كما تجرّك للحديث والإجابة التي تساعد الشريك على فهم احتياجاتك بشكل أكثر عمقاً.. بالنسبة لمثالنا السابق يقول الزوج: "إن قمتُ بقطع عملي في وقت أبكر خلال يومين من الأسبوع ولم نستطع التحدث عن مشاكل الأولاد في المدرسة؛ كيف سيكون شعوركِ؟".. وهنا قد تكشف الزوجة عن نواحي وحاجات أخرى تريدها من زوجها بأن تقول مثلاً: "أحتاج لرؤيتك بيننا أنا والأطفال أكثر من حاجتي لحل المشاكل، فوجودك بيننا خلال هذا الوقت سيساهم في تخفيف الضغط عني وعن الأطفال، كما سأكون سعيدة بقضاء المزيد من الوقت معك".
- التعبير عن التقدير والامتنان للشريك الذي يصغي: كلمات التقدير والامتنان تقول: "أنت تهمني ، وأنا أقدر لك".. الخ، تحمل هذه الكلمات تعبيراً قوياً عن الالتزام بالعلاقة، كما تزرع الثقة التي تساعد العلاقة، فمجرد استجابة الزوج للزوجة في مثالنا المذكور أعلاه، ستبادر الزوجة إلى الامتنان بالقول: "لا تعرف مدى سعادتي لأنك تقول ذلك، شكراً على إصغائك وتفهمك".
اسأل نفسك عن نوع الزواج الذي تريده
فكر فيما إذا كنت قد غيرت أفكارك حول ما تريده في علاقة الزواج، وما إذا كانت أفكارك واقعية من خلال:
- يتغير الناس في بعض الأحيان: كيف كنت قبل 10 سنوات قد لا يعكس من أنت عليه اليوم، لكن الشريك قد لا يتغير بنفس الطريقة، وهذا يمكن أن يسبب مشاكل، وبالطبع لا يعني أن أي منكما سيئ للعلاقة.
- يبدأ الأشخاص المتزوجون حديثاً بتوقعات مثالية لما يجب أن يكون عليه الزواج: هذا ينطبق بشكل خاص على الأزواج الشباب، عندما لا تتحقق هذه التوقعات، يخيب ظنك حتى لو لم يفعل الشريك الآخر أي خطأ، لذلك يمكن أن يساعد فحص المعايير غير الواقعية في توقعاتك عن الحياة الزوجية؛ على تطوير علاقة جيدة ولكن ليس بالضرورة مثالية، فجزء من اتخاذ قرار إعادة بناء الزواج هو إعادة النظر حول توقعاتك بشأن الزواج، فإذا كان لديك أنت وشريكك أفكاراً مختلفة جداً عما يتوقعه كل منكما في الزواج؛ ستحتاجان إلى أن تكونا قادرين على إيجاد حلّ وسط.
- يجب أن يلتزم كلا الشريكين بإعادة بناء هذا الزواج: الذي يتطلب الكثير من العمل العاطفي الشاق، وإذا لم يكن الشخص قادراً على خوض هذا الجهد، فإنه لا يمكن أن تتم إعادة الحياة للعلاقة، كما أنه في بعض الأحيان يرغب أحد الشريكين بشدة في إصلاح الزواج ويتغاضى عن حقيقة أن الآخر لن يفعل ذلك.
- كن واضحاً بشأن نوع الزواج الذي تريده: يريد الأشخاص المختلفون أشياء مختلفة، والزواج الجيد له توقعات واضحة ورؤى مشتركة، كذلك أهداف لن تكون متماثلة تماماً، لكن عليك أولاً أن تكون واضحاً بالنسبة لما لديك، لأن إعادة بناء الزواج هي فرصة لفحص ما تغير في شخصيتك وما تريد تغييره أيضاً.
ركز على إعادة بناء صداقتك الزوجية
الأزواج الذين لديهم صداقة قوية هم أكثر قدرة على تجربة علاقة سعيدة ودائمة، إذا لم يكن لديك علاقة جيدة مع الشريك، فإن بناء صداقتكما هو مكان جيد للبدء، لذا إليك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لتحسين صداقتك مع شريك العمر وتتضمن:
- قضاء وقت ممتع معاً.
- التحدث مع بعضكما البعض عن الحياة والأحلام والآمال.
- وضع الأهداف معاً.
- أن تكونا صادقين مع بعضكما البعض.
- احترام بعضكما البعض.
- تشجيع بعضكما البعض.
- الغفران والتسامح مع أخطاء الماضي.
- التقدير والامتنان لكل ما يفعله أحدكما للآخر.
التركيز على النواحي الإيجابية لدى الشريك
ركّز على الإيجابي والخير في شريك حياتك، حيث عليك أن تتوقف عن قول أي شيء سيء عنه لأي شخص من عائلتك أو أصدقائك، كما عليك ألا تذكر سوى الأشياء الإيجابية التي قام بها الشريك، ففي كثير من الأحيان سيتم التركيز على الصفات السلبية عندما يكون الزواج على وشك الانهيار، بالتالي يمكنك تغيير الكثير في هذه العلاقة بالتركيز على الصفات الإيجابية، من خلال القضاء على الملاحظات السلبية تماماً.
التركيز على تغيير النفس أداة مهمة لإنقاذ الزواج
أحد أسباب تدهور الزواج هو عدم الرضا عن حياة المرء، فبدلا من انتظار الشريك ليوفر لك الحياة التي تريدها؛ حاول القيام ببعض هذه التغييرات بنفسك، مثلاً إذا توقفت عن القيام ببعض الأنشطة لأن زوجتك لا تهتم بها مثل (المشي لمسافات طويلة) التي كنت تستمتع به فيما مضى؛ حاول القيام بهذا النشاط مرة أخرى... إذ ليس عليكما القيام بكل شيء معاً، بالتالي عندما تكون صادقاً حول التحديات التي تواجهك سيساعد ذلك في إعادة بناء زواجك، فابحث عن التفاصيل التي يمكنك تحسينها في شخصيتك، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، كما سيساعدك تعلّم معرفة تحدياتك الخاصة؛ على أن تصبح أكثر تسامحاً مع الشريك أيضاً.
زواج على وشك الانهيار مصيبة فلا تعززها من خلال اللوم
في الزواج السليم يتحمل كل شريك المسؤولية عن أفكاره ومشاعره وكلماته، إذ لديك خيار في كيفية الرد على الشريك، ومن الممارسات الجيدة لتطوير استخدام عبارة "أنا" عند الحديث عن مواضيع حساسة مع شريكك؛ حاول التمسك بمنظورك الخاص مثل: "لقد فعلتُ ..." أو "شعرتُ ..." هذه التقنية البسيطة ستفتح المحادثة على مستوى أعمق من الصدق، وإذا كان شريكك يلومك على شيء ما، لا تتخذ موقفاً دفاعياً.. فهذا فقط يصعّد الوضع، بدلاً من ذلك تحدث بصدق عن مشاعرك أنت لا عن مشاعر الشريك، كذلك تذكر أن عواطفك وردود فعلك العاطفية هي ملكك أنت؛ إنها ليست مسؤولية الطرف الآخر.
تعلم المصالحة بعد الجدال مع الشريك
أحيانا تحدث الخلافات حتى في الزواج الأكثر صحة، فيمكنك تقليل الضرر الذي تسببه النقاشات الحادّة عن طريق الخروج بشعور أفضل من خلال: استخدام الفكاهة وإيجاد طرق للاتفاق مع بعضكما البعض، كذلك إظهار التقدير الصادق لوجهة نظر الطرف الآخر وما الذي يود توضيحه لك قبل أن ينشب الخلاف.
يساعد التزامكما تجاه بعضكما البعض في الحفاظ على حجتك في مضمارها الصحيح ولأي نقاش كان.. وما مدى أهمية ذلك؟.. نقول: خلال 20 سنة قادمة من المحتمل ألا يتذكر أي منكما هذه الحجة على أي حال، لأن علاقتكما أكثر أهمية من الصواب أو الخطأ في هذا الخلاف.
لذا نكرر.. يمكنك اختيار التركيز على الإيجابيات لدى الشريك حتى أثناء المناقشة الحادّة، كما أن القيام بذلك هو ممارسة ممتازة تعطي معنى أعمق لعلاقة زواجك.
الهدوء والتحلي بالصبر لإصلاح زواج كاد ينهار
لن يتم إعادة بناء الزواج وحمايته من الانهيار بين عشية وضحاها، سوف يستغرق التعرف على أنماط الاتصال والثقة الراسخة وتغييرها وقتاً طويلاً، فتعلم أن تعطي الشريك فرصة الشك، كما عليكَ/عليكِ أن تفترض أن الطرف الآخر يتصرف بإخلاص.
لا تتعجل هذه العملية.. لأن المغفرة والثقة هي قضايا حميمة جداً، تختلف من شخص لآخر والسماح للشريك بالوقت الذي يحتاجه لتطوير هذه الصفات في شخصيته، كذلك السماح لنفسك بالشيء نفسه.
انتبه لا داعي للذعر إذا لم تتطور العلاقة على الفور، فإذا وجدت نفسك تشعر بالغضب أو الإحباط، خذ بعض الوقت بعيداً عن بعضكما البعض للتهدئة.
اتبع بعض الخطوات لإصلاح عادات خاطئة في الحياة الزوجية
- اعثر على منظور بسيط: ركّز على سبب تعاملك مع شريكك وما تريده أن تصبح حياتك معه باتجاه الأفضل، أخبر شريكك هذا دون أي توقعات؛ بأن يفعل نفس الشيء.
- البدء في إصلاح الضرر: اعتذر عن أي سوء فهم تسببت به، لا تدافع عن سبب قيامك بهذا أو ذاك.
- لا تقاتل من أجل الفوز: قدّم اعتذاراً بسيطاً وصادقاً دون أن يتوقع الشريك ذلك أو يطالبك به، حيث أن أخذ هذا الحل على محمل الجد يمكن أن يصنع العجائب.
- كن شجاعاً بما يكفي لتبادر أولاً: كن على استعداد للاعتذار لشريكك أولاً؛ بدلاً من انتظاره للقيام بالخطوة الأولى.
- التوقف عن شن الخلافات والشجار: توقف عن فعل أي شيء يتسبب في ضرر لشريكك أو يجرح شعوره، قد يعني هذا ببساطة إظهار المزيد من الصبر والحنان واللطف.
في الختام.. لا أحد يتقصد إنهاء زواجه... لكن تراكم الخلافات دون إيجاد حلول جذرية لمسبباتها وللحيلولة دون تكرارها؛ ينتهي بانتهاء العلاقة والتسبب بتشريد أولادك وظلم زوجتك ونفسك أيضاً، كما أنكِ لن تحفري بيدكِ مقبرة لعلاقة؛ بدأت على خير ما يُرام ثم انتهت بالطلاق أو زواج شريك حياتك بامرأة أخرى، فليحاول كل منكما تخفيف حدة غضبه ومعرفة مكامن الخلل أولاً، إن لم ينفع اطلبا نصيحة الكبار من الأحباب والأصدقاء، كما أن مستشاري موقع حلّوها على استعداد دائم لسماعكم وإيجاد الحلول المناسبة معكم، شاركونا نقاش هذا الموضوع من خلال التعليقات.. نحن معكم وبانتظاركم.